فارتضى دعاة العقلانية هذه القراءة لأنها أقرب إلى التصورات المادية، ولقد سمعت منذ عشرين عاما محاضرا يقرأ هذه الآية الكريمة ويفسر دابة الأرض بأنها حشرات الزرع، وخص دودة القطن من بين هذه الحشرات؛ لأنها كلمت القوم وآذتهم بإتيانها على محصول القطن، وكانت مصر وقتها تمر بمحنة زراعية من جراء إتلاف هذه الدودة البغيضة للقطن، وما أظن هذا المحاضر بهذا التأويل إلا آثِرا له عن غيره، وليس آتيا به من عند نفسه، وغاب عنه أنها من أمارات الساعة، وأن القطن لا يزرع في كل بلدان العالم.

6- تأويل الدابة بالمذياع:

وجاء مؤول آخر [123] آمن بأن الدابة تكلم الناس، ولكن تفسيرها لكلامها كان تفسيرا هازلا كسابقه، فقد قال: إن الدابة هي المذياع، وإن كلامها هو هذه الأصوات التي تتردد عبر الأثير وأجهزة الاستقبال إلى آذان المستمعين.

7- تأويل الدابة بسفينة الفضاء:

وعندما أطلقت أول سفينة فضاء في الجو في خمسينيات هذا لبقرن سمعنا من يقول: إن سفينة الفضاء هذه هي الدابة التي حدثنا الله عنها في سورة النمل، وهو تأويل لا سند له من اللغة، ولا مسوغ له من السياق، وإنما هو تأويل متعسف وممجوج.

8- الدابة والإسرائيليات:

وكما كثرت هذه التأويلات الممجوجة حول الدابة، كذلك كثرت الروايات الإسرائيلية [124] حولها فجاءت روايات تصفها بأن رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن أيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير.. إلى غير ذلك من الأوصاف المتناقضة المتضاربة المتنافرة، التي تضحك الثكالى.

وجاءت روايات تصف مكان خروجها من تحت صخرة من صخور مكة.

وجاءت روايات تحدثنا عن أفعالها مع المؤمن والكافر، وعن عصا موسى عليه السلام التي تحملها.. إلى غير ذلك من الروايات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015