على أن تصوير الوحي على أنه مكاشفات ومشاهدات على النحو المذكور، قول على الله بغير علم، وغض من قيمة الوحي، وتشكيك في كيفية تلقي القرآن، خاصة إذا علم القارئ أن هذه الألفاظ (المكاشفة والمشاهدة) انتقلت عند المتصوفة والفلاسفة عن وضعها اللغوي إلى وضع اصطلاحي، وعندهم أن المكاشفة تقع بزعمهم للولي فهي دون الوحي.. وإن زعم بعضهم أن مقام الولاية أعلى من مقام النبوة والرسالة، وعبر عن هذا التلبيس بقوله:

مقام النبوة في برزخ

فويق الرسول ودون الولي

عاشرا: تأويل الفجر بتفجر الماء:

حول قول الله تبارك وتعالى: {وَالفَجْرِ وَليَالٍ عَشْرٍ} (1، 2: الفجر) ، أورد المفسرون أقوالا حول معنى الفجر.

وكان من أغرب هذه الآراء رأي أورده الفخر الرازي في تفسيره [78] وهو: "..أو عنى بالفجر العيون التي تنفجر منها المياه وفيها حياة الخلق"، وقد ذكر الرازي هذا التأويل بين جملة أقوال أخرى في تفسير الآية.

وهذا التأويل يجد له عونا وظهيرا من بعض المعاني اللغوية للكلمة، فابن فارس في معجم المقاييس [79] يقول: "الفاء والجيم والراء: أصل واحد وهو التفتح في الشيء، من ذلك الفجر: انفجار الظلمة من الصبح، ومنه انفجر الماء انفجارا: تفتح، والفجرة موضع تفتح الماء، ثم كثر هذا حتى صار الانبعاث والتفتح في المعاصي فجورا، ثم كثر هذا حتى سمي كل مائل عن الحق فاجرا.. ومن الباب: المفاجر: لانفجار الماء فيها.. ويوم الفجار: يوم للعرب استحلت فيه الحرمة"اه..

وإلى معنى الشق والتفجر أشار الراغب بقوله [80] : (ومنه تفجير الأرض عيونا وأنهارا، ومنه قيل للصبح فجرا لكونه فجر الليل، والفجور شق في ستر الديانة) .

ومع ما ذكرناه من معاضدة بعض معاني الكلمة لما ذكره الرازي، فهل يعني هذا أن ذلكم التأويل لا يجافي الصواب؟.

الحق أن المراجع التي رجعنا إليها من كتب التفسير ذكرت للفجر معاني هي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015