المأخذ الرابع: اعترافه صراحة بأنه اتخذ التأويل سلما للإنكار، وذلك حين قال في خاتمة رده [57] : "هل يزيد ما قلته على أني أنكر نزول المائدة؟ وهل يعيبني عند ربي أن أنتظم في صف مجاهد والحسن؟ ".
المأخذ الخامس: مع أننا لا نأخذ في هذه المسألة برأي مجاهد والحسن رحمهما الله وغفر لهما، إلا أن تأويل الشيخ النجار يختلف تماما عن صنيعهما.
المأخذ السادس: نقله بعض المسطور في كتب التفسير، دون الإشارة إلى أن أصحاب هذه التفاسير ينقلون ما يوافقهم وما يخالفهم، وقد سبق أن نقلنا لقارئ هذه الأسطر عن الطبري وابن كثير ما يبين إيمانهما بنزول المائدة، ولكن الشيخ كان يوهم القارئ بترجيح المفسرين لما ليس براجح عندهم.
المأخذ السابع: قوله إن كلمة (الإنزال) في القرآن وردت لعديد من المعاني غير معناها الأول، وهو الإنزال من السماء إلى الأرض، ليكون هذا التلبيس عونا له على تأويله.
المأخذ الثامن: يظهر للمتمعن لآراء الشيخ أنه ينكر نزول المائدة؛ اتباعا لمذهب عقلي جامح يحاول أن يخضع الأخبار الغيبية في القرآن للمنطق المادي.
6- نسيج الخيال حول المائدة:
لم يقف خيال الروائيين عند محتويات المائدة كما سبق أن أسلفنا، بل امتد ليصور أن واحدا من الحواريين وهو (شمعون) سأل المسيح عليه السلام عن طعامها أهو من طعام الدنيا أم من طعام الآخرة؟ وأن المسيح عليه السلام أجاب: بأنه ليس منهما، وإنما اخترعه الله سبحانه وتعالى بقدرته.
ونحن لا نحاكم هذه الرواية إلى العقل لو صحت، وإنما نحاكمها لأنها هجمة على الغيب بالخيال والهوى.
وتصور رواية ثانية: أن الحواريين سألوا المسيح عليه السلام أن يحدث لهم من آية المائدة آية أخرى، فنادى سمكة أن تحيا بإذن الله تعالى فاضطربت، ثم قال لها: عودي كما كنت، فعادت مشوية.