وقد أرجع النديم ما حدث إلى عدم تهذيب هذا الإبن وتأديبه من الصغر ونصح بالإبتعاد عن رفاق السوء حتى لا ينادي أحد لسان الفقر وختم قصته بقوله "خد من التل يختل" (?).
وهكذا تناول النديم الآفات الإجتماعية التي لحقت بالمجتمع المصري بأسلوب مؤلم استخدم فيه التبكيت الذي كان لازمًا للإيقاظ والإنهاض لأن الإصلاح لا يتأتى إِلا من فهم الناس لأخطائهم وإيضاح الأسباب المعينة على العلاج لهم فقد هاجم النديم عادات وتقاليد أبناء وطنه في محاولة منه لتهذيبها فكان المصري الصادق الذي لا يتملق أبناء وطنه أو يداهنهم بل بصرهم بعيوبهم وعرض عليهم مشاكلهم وشاركهم في البحث عن أقصر الطرق لعلاجها في أسلوب واقعي جذاب يحمل بين دفتيه التنكيت والتبكيت معًا.
وعن الموضوعات التي تعرضت إلى التعليم وضرورة الإهتمام بإنشاء المدارس، وغرس دروس الوطنية في نفوس التلاميذ حتى يرتفع شأن الوطن ويرقى إلى مشارف المدنية كتب النديم على صفحات التنكيت والتبكيت مناشدًا الأغنياء المساهمة في إنشاء المدارس فقال "ما بالنا لا نتعاون على تشييد المدارس في بلاد أوقعها الجهل في مواقع الخسران مع العلم بأن المدارس هي الأصل الذي نبني عليه نجاح المقاصد إذ أنها هي الواسطة العظمى في إكتساب الفضائل التي أقل ما فيها حسن تربية الأبناء التي نحن في حاجة إليها" (?) وندد بالبخلاء الذين يكنزون الأموال ولا ينفقونها فيما يعم على البلاد بالنفع فقال:
"لو كان عندي مليون من الجنيه، وأحكمت غلق الصناديق عليه، ولبست من الثياب أفخرها، وركبت من الخيل أشهرها، وكنت مع ذلك بلا لب أعقل به، ولا فكر به أنتبه، ولا خير يؤثر عني ولا صديق يقرب مني أيحسن بي أن أقول أنا إنسان وأنا بهذه الحالة أقل من الحيوان" (?) ثم أخذ يطوف البلاد فزار شبراخيت، وميت غمر والمنصورة وغيرها لحث الناس على إفتتاح