كأني لم أشهد لدى عين شهدة ... نزال عتاب كان آخره الفتحا
وقائع جانيها التجني فإن مشى ... سفير خضوع بيننا، أكد الصلحا
وأيام وصل بالعقيق اقتضيته ... فا لا يكن ميعاده العيد، فالفصحا
وآصال لهو في مسناة مالك ... معاطاة ندمان إذا شئت أو سبحا
لدى راكد تصيبك من صفحاته ... قوارير خضر خلتها مردت صرحا
معاهد لذات وأوطان صبوة ... أجلت المعلى في الأماني بها قدحا
مقاصر ملك أشرقت جنباتها، ... فخلنا العشاء الجون أثناءها صبحاً
يمثل قرطيها لي الوهم جهرة ... فقبتها فالكوكب الرحب فالسطحا
هناك الحمام الزرق تندى خفافها ... ظلال عهدت الدهر فيها فتى سمحا
محل ارتياح يذكر الخلد طيبه ... إذا عزّ أن يصدى الفى فيه أو يصحا
تعوضت من شدو القيان خلالها، ... صدى فلوات قد أطار الكرى صبحا
ومن حملى الكاس المفدى مديرها، ... تقحم أهوال حملت لها الرمحا
فلما وصل اشبيلية، نزل على كنف المعتضد، وأصبح من خواصه وصحابته يجالسه في خلواته، ويرسله في مهم رسائله. وولاه الوزارة، وحفظ له لقبه ذا الوزارتين.
كان المعتضد جعل مجلسه منحطاً عن مجلس ابنه وولي عهده المعتمد بن عباد. فكتب المعتمد لابن زيدون:
أيها المنحط عني مجلساً! ... وله في النفس أعلى مجلس!
بفؤادي لك حب يقتضي ... أن تري تحمل فوق الأرؤس!
فأجابه ابن زيدون يشكره:
اسقيط الطل فوق النرجس ... أم نسيم الروض تحت الحندس
أم قريض جاءني من ملك ... مالك بالبر رق الأنفس؟
يا جمال الموكب الغادي إذا ... سار فيه، يا بهاء المجلس!
شرفت بكر المعالي خطبة ... بك، فانعم بسرور المعرس!
وارتشفت معسول ثغر أشنب ... تجنيه من مجاج ألعس!
واغتبق بالسعد في جفن المنى ... يصبح الصنع دهاق الاكؤس!