في يد بني رزين وكانت طليطلة في يد بني ذي النون. وكانت قرطبة في يد أبناء جهور. وكانت اشبيلية في يد بني عباد. وكانت ملقة والجزيرة الخضراء وغرناطة في يد بني برزال من البربر - وأما المرية فكانت في يد زهير العامري الخادم ثم خيران العامري الخادم. ثم أبن صمادح. وكانت دانية وأعمالها والجزائر الشرقية (الباليار) في يد مجاهد العامري. وكانت بطليوس ويابرة وشنترين والاشبونة في يد بني الأفطس. فلا عجب إذا كثر الوزراء في تلك الأيام، ولاعجب إذا كثر أيضاً ذوو الوزارتين. فالناس على دين ملوكهم. فكان كل من امتلك مائة كيلو متراً مربعاً في مثلها يعد نفسه سلطاناً كبيراً، ويتخذ من الحاشية ما يضارع به أبهة الخلافة - وقد كان عهدهم بها قريباً_فكثر عندهم الوزراء. وكثر بينهم الذين يسمون أنفسهم بذي الوزارتين.

ومن الطبيعي أن الرئاسة إذا انحطت عن جلالتها تبعها المرؤوس في السقوط. فلما تدلت الخلافة في الانحلال، صارت الوزارة أيضاً في درجات الهوان. فإن المستعين الذي ذكرناه قال بعد أن جلس على عرش الخلافة للناس أجمعين: ارتعوا كيف شئتم وارتسموا بما أحببتم من الخطط فتسمى بالوزارة في أيامه مفردة ومثناة أراذل الدائرة، وأخابث النظار. فضلاً عن زعانف الكتاب والخدمة (عن ابن بسام).

وصارت هذه الرتبة تنحط مع انحطاط الدول، حتى نزلت في أواسط القرن الثامن للهجرة إلى الدرجة التي وصفها لنا ابن فضل الله العمري حيث قال:

سألت الشيخ العلامة ركن الدين أبا عبد الله بن القويع عن رتبة الوزير بالمغرب فقال: ليست بطائل، ولا لصاحبها شيء من الأمر. بل هو كالجاويش يخرج قدام السلطان يوم الجمعة: حقيقة دون السمعة

وقد استبد هؤلاء الرؤساء بتدبير ما تقلبوا عليه من الجهات. وانقطعت الدعوة للخلافة. فلم يبق لخليفة هاشمي أو أموي ذكر على منابر الأندلس خلا أيام يسيرة دعى فيها باشبيلية لهشام المؤيد بن الحكم (أو لشخص شبه لهم) حسبما اقتضته الحيلة، واضطر إليه التدبير. ثم انقطع ذلك. فأشبهت حال ملوك الأندلس بعد الفتنة حال ملوك الطوائف من الفرس بعد قتل دارا. وحال قواد الاسكندر بعد وفاته. ولم يزل هؤلاء الرؤساء في اقتتال وتخاذل. ويستعينون بعدوهم جميعاً فيميل تارة إلى هذا وطوراً إلى ذاك حتى اختلت الأحوال إلى أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015