يتمثل:

بلد خلعت به عذار شبيبتي ... ولبست ثوب اللهو وهو جديد

فإذا تمثل في الضمير رأيته ... وعليه أغصان الشباب تميد

نعم لقد كان يذكر أمه وأخوته وعمه حتى تدمع عيناه وطالما أمل أن يعود إليهم ويقرعينه بمنظر ليسوى وظلالها الخضر:

أحب بلاد الله طراً لمهجتي ... وأول أرض مس جلدي ترابها

وقبل أن يمكنه الله من تحقيق رجائه ماتت أمه وعمه كونتريني وأخوه هنري فأصبح لا فائدة له في العودة.

ومكث جولد سميث يتلقى علوم الطب في جامعة أدنبرج عاماً ونصفاً كان يستعين أثناءها على النفقة بالتدريس ونظم الأغاني وربما طلب المعونة من العم كونتريني. وكان آخر مطالبه إلى ذلك الرجل الكريم في شتاء 1753 فأرسل اليه عشرين جنيهاً زوده بها للرحلة التي كان أزمعها إلى باريز ليتم الدراسة الطبية.

وإذ كان مقصده باريز نزل بطبيعة الأمر أولاً بمدينة ليدن من أعمال هولاندة وقد قارن بين هولاندة وبين واسكوتلاندة في رسالة له فقال: البلدان على طرفي نقيض فأينما طرحت البصر في اسكوتلاندة عرضت هضاب واشمخرت أطواد. وتسرح طرفك من هولاندة في سهل منفسح الرقعة منبسط الأديم وفي الأولى قد تبصر الأميرة في الخز والديباج تبرز من بيت قذر حقير وفي الثانية يتلقاك الرجل القذر من القصر المنمق وبعد أن أقام ببلدة ليدن عشرة أشهر تركها ومبضى يضرب في آفاق أوربا ترفعه نجاد وتحفظه وهاد:

أخا سفر جواب أرض تقاذفت ... به فلوات فهو أشعث أغبر

وكان قبل وصوله بلدة ليدن مات بها البارون هولبرج الكاتب الدنماركي الكبير وكانت الناس تتحدث بسيرته الغريبة وما كابد من الأهوال والمشاق وكان من أهالي نرويج تركها غلاماً بعد أن قاسى في بلاده آلام الفقر إلى عاصمة الدنيمارك مدينة كوبنهاجن وما زال يكافح الدهر حتى بلغ من زمنه مشتهاه قال جولد سميث وكان ذلك الكاتب صارم العزيمة ينجرد في الأمر فلا يقف أو يبلغ الغاية منهوماً بالعلم لم يكفه دون السياحة في جميع البقاع شيء فتكلف أن يطوف على القدم جميع الأمطار الأوربية بلا مال وولا رفقة ولا وصية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015