ومن في كفه منهم قناة ... كمنفي كفه منهم خضاب

قُتل العلج الذي فت في عضده الترف وأفسد إنسانيته النعيم. قُتل الظالم الغشوم فقُتل بقتله الجهل والظلم، واستأصل شأفة الضلال والإثم، وأراح على عباد الله حقهم الضائع، واستنقذهم من بين أنياب الحية وفي أنيابها السم ناقع، وهل يكون رذريق ومن يشبه رذريقاً إلا مصدر شقاء لأمته، وجالب عناء إلى رعيته، ومتى كان الظلم إلا طالع نحس وشؤم، والترف إلا رائد كرب وهم.

أي رذريق أحسبت حين كنت تعبث ببنات الناس وتفض إغلاق ما ختم الله، أن الله لا يبعث بك ويفض إغلاق ملكك ويؤتيه من هو خير منك. وقد ما لعمري كان الفسوق بالدمار نذيراً، وقد قال ربك وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا - وليت شعري ماذا ظننت إذ تريد أن تذود عن بلادك، وتنضح عن ملكك، وتقاتل أبناء الصحراء، أولئك الذين تسير المنايا حيث سارت منهم الركاب، وتغتبط بحروبهم جياع الطير وخمص الذئاب، إذ هي ضامنة أن ترتع إذ ذاك في لحوم الأعداء، وكذلك ضريت بلحوم الناس حتى تراها تهم أن تختطف منهم الأحياء، فذهبت إلى لقائهم محمولاً على السرير، رافلاً في الدمقس والحرير، كأنك عروس تُجلى إلى الرجال، لا فارس تراد على الطعان والنزال. فلما رأى القوط مصرع صاحبهم التحم الجيشان فهزم الله القوط ونقل للمسلمين أموالهم ورقابهم وكتب طارق إلى موسى بن نصير بالفتح والغنائم فحركته الغيرة وكتب إلى طارق يتوعده أن توغل بغير أذنه ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتى يلحق به وحتى يتمم هذا العمل العظيم عظيم مثله. وإن كان طارق كذلك عظيماً، بيد أن فوق كل ذي علم عليماً، وليت شعري كيف يلومون ابن نصير على ذلك ويقرفونه بالحقد والحسد، وهل يكون رئيس حازم، ليس بالحاقد ولا الناقم، وهل رأيت صفقة أخسر من غفلة رئيس أحقده غيره فنسى ذلك أو تناساه وعدوه لا يغفل عنه، وحاسده لا يكفيه إلا الراحة منه، ولستُ عمرك الله ممن يقول وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا ولكني أقول:

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندى

ومن الحزم كما قيل أن يكون الرأي ميزاناً لا يزن الوافي لناقص ولا يزن الناقص لواف فاستخلف موسى على القيروان ولده عبد الله وخرج ومعه حبيب بن مندة الفهري ونهض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015