مجلاتنا أو صحفنا نشرت فصلاً في الذباب ومضاره وأن نجيباً لا بد أن يكون قد تشرب من أفكارها فقلت كالممتحن له ولم كل هذا الخوف يا بني من الذباب ولو كان من الضرر بمثل ما يقول هؤلاء العلماء لما يبقى على ظهر الأرض حي!.
فاحتدم وقال (وهل تشك أيها الوالد في صدق ما يقال عن الأضرار للذباب وهو أعدى عدو للإنسان لأنه ينقل إليه كثيراً من الأمراض سواء بالحط عليه أو على طعامه بأرجله التي قد تكون ملوثة بجراثيم الأرض أو بسرعة إبرازه بذوره على ما يحط عليه من الأجسام فتتحول دوراً في بعضها خصوصاً أجسام القذرين المهملين لنظافة أبدانهم فلقد ثبت أن الذباب لا يهاب الدخول في أفواه النائمين وإلقاء بذوره فيها فقد شوهدت هذه الديدان في مبرزاتهم كما شوهدت في قروح بعض المرضى وعيون بعض الصبية على قدر الإمكان في تنظيف أبداننا وأفنية دورنا وأماكن أقواتنا حتى لا يتكاثر عندنا هذا العدد الجم من الذباب).
فلما سمعت أخته هذا الكلام انسلت من الغرفة بلطف ثم عادت إلينا وقد طرحت الحلوى وغسلت يديها ووجهها وجلست إلى جانبنا وهي تبتسم كأنها تقول ها أنا ذي قد صرت نظيفة لا يمكن الذباب أن يحوم بكثرة حولي أو يحط عليّ طويلاً فقال أخوها وهو يقهقه لقد أحسنت يا أختي واعلمي أنك لسماعك النصح وإطاعتك والديك تصيرين زينة أبويك بين بنات مصر اللائي سينهضن نهضة شريفة يصلحن بها حال الأمة المصرية ويرقيها إن شاء الله تعالى كما رقت بنات الغرب هيئته حتى قامت فيهن اليوم فكرة الرغبة في الحصول على حق الاشتراك مع الرجل في الحقوق العامة لتولي الأحكام فحصلن ذلك في بعض بلاد أمريكا وأوروبا ويسعى إليه الآن جهدهن النساء الإنجليزيات على أننا في مصر لا تطمع النساء عندنا في ذلك بل لا يحب المصريون أن يروا نساءهم طامعات فيه وغاية ما يتمنى لهن أن يتعلمن ويتهذبن ويدرن البيوت وبعض الأعمال الحيوية اللائقة بهن وأن ينلن احترام الرجال لهن ومحبتهم بتلك الوسائل الجليلة لا بالحمق والرعونة والزينة الكاذبة وإنّا في كل نزداد قرباً من الوقت الذي ستعرف فيه نساؤنا وهيئتنا قيمة ذلك وتقدره قدره ما دام الشباب راغبين فيه.
وأحب أن يطيل في هذا الموضوع فاعترضته قائلاً: