تزال فيهما بقية رمق من الاستقلال تمكنهما من استجماع القوة. والتأهب للدفاع عند الحاجة.

ولكن أي نصيحة لديهم يدخرونها لتلك الأمم التي سبق عليها حكم القضاء وطال عليها الأمد في الأسر؟؟

لا والله ما غلب علينا الغرب إلا بتفكك عصبيتنا وصغر معنى الحياة في أذهاننا. إن في الأمم الشرقية المستعمرة من السكان والجنود أهل البلاد أضعاف ما في الأمم التي تستعمرها فكيف يتصور العقل أن الغرب إنما سادوا على تلك البلاد بالسلاح وكثرة العدد.

ليس للشرق إلا أملان في النجاة من آفة الاستعمار، أحدهما منوط برقي العالم عامة، والثاني منوط برقي الشرق خاصة.

العالم اليوم مستغرق في عبادة الدينار. ولكنه دور سينقضي كما انقضى ما قبله من الأدوار. فإن للإنسانية في كل فترة من الزمن روحاً تتشبع بها، فلا تصدر أعمال الأمم والأفراد إلا عنها. فانقضى دور الغزو. ثم انقضى دور الفتح. ثم انقضى دور الحروب الدينية. ونحن اليوم في دور المال.

أفنقول إذن أن هذا الدور باقٍ أبداً؟؟ وهل هذا نتيجة تعاقب الأجيال على الإنسان، وغايته التي ليس وراءها غاية؟؟ ألا يمكن أن تكون هذه النتيجة مقدمة لنتيجة غيرها أجل منها وأحسن عقبى.

إن كل ما نراه ونحسه يشير إلى أننا في دور انتقال وشيك الزوال. وأن العالم سيصل إلى ما يرجو من السعادة ولكن من طريق المال.

فالأمم الكبرى تستكثر من السلاح والجنود لتحمي متاجرها ومصنوعاتها ولكن التباري بين الأمم الصناعية شديد في إتقان تلك المصنوعات. وسيأتي يوم لا يغني عن السلعة في سوق التجارة إلا جودتها وإتقانها. فلا تستطيع كل أساطيل البحر ومدافع البر أن تروج سلعة رديئة أو تبخس سلعة جيدة. ويومئذٍ يكون التزاحم بين مصنع ومصنع. لا بين حكومة وحكومة، يستعين كل منهما بعساكره على ترويج سلعة.

إن حماية الحكومات لمتاجرها هي التي تصبغ المنافسات التجارية بصبغة دولية. فإذا تخلت الحكومة عن التجارة قام كل مصنع بذاته ينافس في السوق العامة، وأصبح سواء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015