بل يجب أن لا يذعن إلا إلى روح تلك القوانين ولبها وصميمها. ومن ذلك كانت صدقتنا وعقائدنا وسنننا وشرائعنا الصلبة السريعة الخشنة تباين تلك الشرائع الشخصية الفردية المحسوسة والسنن العملية الكمالية الحليلة التي تمتاز بها العقائد الشرقية، ولو كانت الجماعات في الغرب قد أسست على قواعد الإسلام لما احتاج الأمور في أوروبا إلى وجود عدميين وفوضويين واشتراكيين، لأن الفرد في الإسلام لا يلقن السخط، كما ترى في الغرب إذ تجد غرض حضارتنا وقصدها ونتيجتها وغايتها الكبرى أن تثير السخط في روح الأفراد.

وهنا أنتقل إلى موضوع الزواج في الإسلام فأقول أن عقد الزيجة لا بد فيه من شهادة شاهدين اثنين، وهو قانون ديني ولكن لا تقييد فيه ولا عل ولا إسار كما هي الحال في المسيحية ودين الهنود، بل للزوج أن ينعم بعشرة زوجه ولكنه لا يستطيع أن يكرهها على مرافقته إلى مملكة أخرى غير موطنها، وإن أرادها على ذلك وتأبت، فعليه أن يكفل لها نفقتها وهو عنها بعيد، فإذا وقع بين الزوجين خصام ويبست الثرى بين الرجل وبعله، فإنه يجمل إذ ذاك توسط المصلحين، واختيار حكم من أهله وحكم من أهلا، لعلهم مستطيعون توفيقاً فإذا لم يستطع الزوجان أن يعيشا لبعضهما مع البعض في وئام فلا سبيل إلا الطلاق، ومن هذا ترون أن التشريع الإسلامي في الزواج لا يستحق ذلك النقد الفاضح الذي اعتاد كتاب المسيحية أن يحشدوه على الإسلام، وهذا الاعتقاد الساري في الغرب وهو أنه يوجد بين المسلمين زواج لا حد له ولا قيد وطلاق مثله لا مدى له ولا حائل دونه ولا مانع يقف في سبيله، لا يزال اعتقاداً مخطئاً لا أساس له من الصواب، فإن الطلاق ليس من السهولة في الإسلام بحيث يتوهم المسيحيون، لأنه لا يمكن أن يتحقق إلا بعد تحكيم الوسطاء ورسل السلام والسعاة بالصلح والتوفيق، ثم لا تنس أن هناك صداقاً مؤجلاً لا بد من أن يدفع إلى الزوجة عند الطلاق وكثيرات من النساء يحددن مقداراً باهظاً من المال لمؤخر صداقهن ولا سبيل للزوج إلى دفعه إذا أراد طلاقاً، وهذا لكي يأمن النساء مضرة الطلاق وخطره وبلاءه.

ولا ريب ولا نكران في أن نظر المسيحي أو الهندي إلى الزواج أكثر روحانية من نظر المسلم إليه، على أنما نراه من الممالك المسيحية عامة من معاملة الزواج يدلنا على أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015