المسيحيين أقل مراعاة لقداسة الرابطة الزوجية وعناية واحتراماً لروحانية الزواج من المسلمين.

فالزواج عند الهنود لا يمكن أن تحل رابطته وتنفصم عراه، لأنهم ينظرون إليه نظراً روحانياً، على حين تجحده بين الكاثوليك الرومان لا يحل إلا بشق النفسي، وبالمشقة الكبرى، على أنه يحزنني أن أقول وأعترف بأنني قد عشت بين ظهراني المسلمين واختلطت سنين طوالاً بهم فلم أشهد على فرط ما يتهمهم به المسيحيون من سهولة الطلاق عندهم وفسحة حدوده، واتساع مداه من حوادث الطلاق عند المسلمين ما يعد أكثر منها بين المسيحيين ثم إنني لا أتردد في القول بأن المسلمين من ناحية صلة أرحامهم والعطف على عشائرهم واحترام علمائهم وشيوخهم وتوقير الكهول والمتقدمين في السن، والغرباء والحيوان الأعجم والبهيمة والنعم الخرساء أسمى بكثير من المسيحيين وهم مثال حسن لهم وقدوة كبرى خليقة بالاحتذاء.

ثم لا أدع هذه الحلقة من البحث دون أن أقول بضع كلمات عن ذلك الموضوع الذي كثر ما أساء فيه أهل الأديان الأخرى، وأعني به موضوع تعدد الزوجات في الإسلام، فأقول أنه بصرف النظر عن أن تعدد الزوجات يكفل العيش للألوف من النسوة اللواتي يزيد عددهن عن الحاجة، في الممالك المكثرة من عدد الإناث فيها، وأنه وقاء من الإثم، وعاصم من الفساد، وحمى من الخنا، وما ينجم عنه من مضاره اللاحقة به، وأذاه الفارع عنه، وحائل دون النغولة وفساد انسابن وصحة المواريث لا نستطيع أن ننكر أن السواد الأعظم من المسلمين قانعون بزوجة واحدة وهذا بفضل مبادئ الإسلام.

وقد نشأ محمد بين قوم كانوا يعدون الرجل الذي يرزقه الله بالإناث امرئ منكود الحط منكوباً، ويرون في البنات سوءات وهوناً لهم، وكانوا يئدون البنات في طفولتهن ويدسونهن في التراب فراراً من انتسابهن لهم واحتفاظاً بشرفهم وأعراضهم، ولم يكن ثمت حد لعدد النسوة التي يستطيع الرجل أن يتزوج بهن، وكن جميعاً متاعاً من أمتعته يقتسمه ورثته بعد موته، فلم يكن من محمد إزاء هذه الزيجات المتعددة التي لا حد لها ولا نظام ولا نهاية إلا أن كبح جماحها، وحال دونها، ووضع الحد المقرر لها، فاستن للناس سنة تبيح للرجل أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع إذا استطاع أن يعدل بينهن ويقسم حبه وعاطفته عليهن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015