كان الثالث وكان أكبرهم سناً، مرتدياً لباس الحرب وإن لم تبد عليه سمات الحربيين، وكان قصير القامة لا يكاد يبلغ أكتاف رفيقه يحمل في يده عصاً لا سيفاً.

فبعد أن نظر من خلال منظاره إلى مرسى ثم إلى السرير دار بعينه في الحجرة والتفت إلى الضابط البروسي فقال هذه امرأة طريحة فوق السرير وامرأة أخرى بجانبها وليس في الحجرة أحدٌ غيرهما، فهل من ضرورة يا سيدي الضابط إلى وضع الحراس؟

فقال هذا لا ضرورة إلى ذلك. ودار على عقبه فغادر المكان إلى المطبخ أما رفيقه فتقدم قليلاً وكأنما قادته غريزة صناعته فعمد إلى السرير. وأما الشاب الإنكليزي فنظر إلى مرسى نظرة الإعجاب وخاطبها بكل تأدب بالفرنسوية. أتسمحين لي بأن أسأل هل أنا في حضرة سيدة فرنسية؟

فأجابت مرسى كلا. أنا إنجليزية الجنس. وبلغ الجواب أذن الجراح فوقف مشيراً إلى الجثة الطريحة فوق السرير وقال مخاطباً مرسى بالإنكليزية الفصحى وهل يحتاج إلى مساعدتي؟.

وكان صوته خشناً فظاً يشعر الإشمئزاز والنفور فلم يسع مرسى إلا أن قالت لا حاجة يا سيدي إلى عونك. فإن السيدة قد سقطت قتيلاً تحت قنبلة من قنابل جنودكم. فارتجف الشاب الإنكليزي ونظر نظرة حزن وأسى نحو السرير وأدنى الشيخ عطاسه من أنفه وعاد يسأل وهل فحص أحد الأطباء الجثة؟.

فلم تستطع مرسى أن تقول إلا كلمة واحدة وهي نعم ولم يكن الجراح يحفل بغضب امرأة أو برضاها فاسترسل في أسئلته قال ومن الذي فحصها؟.

فأجابت مرسى قد فحصها الطبيب الملتحق بالفرقة الفرنسوية.

فتسخط الشيخ وانتهز الشاب الإنكليزي سكوت الجراح فقال مخاطباً مرسى في رفق ولطف وهل السيدة من أهل بلادنا؟

ففكرت مرسى قبل أن تجيب ثم أجابت أظن ذلك. . . لقد التقينا هنا صدفةً ولا أعلم عنها شيئاً؟.

فانبرى الشيخ الجراح يسأل حتى ولا اسمها؟. فترددت مرسى ثم اعتصمت بالتجاهل. فقالت ولا اسمها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015