وكذلك كان هذا العمل التافه هو الذي مهد لها الطريق إلى حياتها المقبلة.
الفصل الرابع
التجربة
كان أول ما أخذ عينها من أوراق المحفظة عدة رسائل مربوطة بشرائط حريرية وكان المداد الذي كتبت به قد جف وذبل وكان بعض الرسائل معنوناً باسم الكولونيل روزبري والبعض الآخر بعنوان مسر روزبري زوجته، رسائل دارت بينهما يوم كان الزوج يغيب عن زوجته في أسفاره الحربية، فأعادت مرسى الرسائل إلى رباطها وتناولت الأوراق التي تليها. فوجدت بضعة أوراق مشبكة بعضها في أذيل بعض وفي رأسها مكتوب بقلم امرأة مذكراتي في رومة فتصفحتها فعلمت أن هذه المذكرات كتبتها من روزبري لنفسها دونت فيها حوادث الأيام الأخيرة من حياة والدها.
فبعد أن أعادت الرسائل والمذكرات إلى المحفظة لم يبق إلا خطاب واحد وكان الغلاف مغلقاً قد كتب عليه إلى اللادي جانيت روى، دارمابلثورب بلندن فأخرجت مرسى الخطاب من غلافه ولم تكد تقرأ السطور الأولى منه حتى علمت أنه خطاب التوصية الذي كتبه والد الفتاة إلى السيدة المقيمة بلندن.
فقرأت مرسى الخطاب إلى آخره وقد وصفه الكاتب بأنه آخر مجهود رجل يجود بنفسه على سرير الموت، وقد كتب الكولونيل بحرارة عن ابنته، ثم ختم رسالته بهذه الكلمات إني الآن أقضي نحبي هادئ البال من أمر مستقبل ابنتي العزيزة - إلى حمايتك وكنفك وظلك أدفع بكنزي الوحيد الذي خلفته في هذه الأرض.
كذلك كان ختام الوصية.
فوضعت مرسى الرسالة بقلب محزون. أشد ما فقدت تلك الفتاة المسكينة امرأة من أهل النبل والثراء كانت ترتقب قدومها. امرأة حنوناً كريمة يطيب الوالد نفساً من ثقته بعطفها وهو على فراش الموت. والآن هذه هي الفتاة طريحة هامدة الأنفاس دون منال اللادي جانت وعطفها. ولم يبق بها حاجة إلى حنانها أو برها!
وكانت أدوات الكتابة التي كان يكتب بها القائد لا تزال فوق المائدة فعمدت إلى صفحة بيضاء لتكتب فيها خبر وفاة الفتاة، وبينما هي تفكر في العبارات التي تثبتها في خطابها إذ