السلام العام وتدافع عنه وتنضح، وذلك لا لشيء سوى أن تترك آمنة هادئة لا تعني بغير الإثراء وجمع المال والتنعم بالغنى والوفر والثروة، ولتمسك عليها الثلاثمائة مليون من الريالات التي تنفقها على جيشها وبحريتها، فهي من ثم تعرض بنفسها لخطر عظيم ليس مقصوراًَ على احتمال نشوب حرب بينها وبين إنجلترا أو اليابان بل لأنها تحاول أن تمنع كل فرصة تسنح لحرب بينها وبين أقرانها ولداتها في القوة والبأس، وبذلك تقطع عليها تيار الوجدانات الأهلية السياسية الكبرى التي لا يكون هناك تطور أدبي في الخلق الأهلي إلا بها، وإن جرت في تلك الطريق أشواطاً أخر فهي ولا ريب دافعة عن هذه السياسية ثمناً غالياً.
مؤتمرات السلام
وجملة القول إن المجهودات المصروفة إلى إزهاق روح الحرب لا ينبغي أن توصف فقط بأنها مجهودات نزقة طائشة حمقاء بل مفسدة كذلك للآداب الإنسانية مناقضة، ينبغي أن تنعت بأنها نقيصه لا تحسن بالجنس البشري ولا تليق، لأنها تريد أن تحرم الناس حق تضحية النشب والمادة والحياة فدى للمبادئ الكمالية السامية وتحقيقاً لأسمي ضروب الانكارية الأدبية إنها تريد أن تمنع المشاحنات الكبرى بين الأمم بمؤتمرات السلام، أي بالمفاوضات والتوسطات والترضيات، أي تريد أن تقيم قانوناً سخيفاً باطلاً صورياً مكان أحكام التاريخ وأقضيته، تريد أن تعطي الأمة الضعيفة حق البقاء والحياة مثل الأمة القوية المنتعشة الفارعة، فهي لا تمثل إلا اعتداء متطرفاً باطلاً على النواميس الطبيعية للتطور، ولا يكون من ذلك إلا أشد النتائج وخامة وويلاًَ على الإنسانية جمعاء، فهي بتعطيلها التنافس الحر المسرح المباح الذي لا يعتمد إلا على القوة والسلاح والقتال، ستعمل على تعطيل التقدم الحق والارتقاء الحي الصادق، يتبع ذلك الركود الأخلاقي والجمود الفكري، ويجرى في آثار هذين الانحطاط والتدهور والانقراض، يقول تريتشكي: يرعى الله الحرب ويجعلها أبداً لا تجيء إلا لتكون للإنسانية دواء ناجعاً قوياً.
ومن ثم يجب أن نستعدى كل الوسائل على القضاء على هذه المذاهب الخيالية الواهمة ويجب أن نشهرها أمام الناس ونفضح أمرها ونعلن حقيقتها وهي أنها فكرة خيالية ضعيفة عليلة طائشة، بل ثوب من أثواب الرياء السياسي وحجاب من حجبه، ينبغي أن يعلم قومنا