إن بقاء السلم لن يكون غرض سياستنا، بل يجب أن نكرر ونسهب في فضيلة الحرب ونعماها ووجوب وقوعها ولمثل الأعلى الذي تنطوي عليه، ينبغي أن نلقي إلى رسل فكرة السلم ودعاتها بيت شاعرنا جوت.

أأحلام بالسلام وعهوده، ألا فليحلم به من يشاء، وأما نحن فليكن صراخنا الحرب. . الحرب وهلموا إلى النصر!.

الفصل الثالث

روح الغرور عند الألمان

تتطور الأمم بالأكاذيب تطورها بالحقائق، وقد يكون للفكرة الطائشة من الأثر في أخلاق الأمة ما تعجز عنه الفكرة الصالحة، وما كان تطور الأمم ليقاس بصواب العوامل ورجاحة البواعث وصحة الأسباب، وإنما بمبلغ التأثير الذي تجدثه هذه العوامل ومقدار الغاية التي تنتهي عندها.

ظل الألمان هذه السنين يعيشون على الزهو، ويغتذون من مادته، ويتطورون تحت تأثيره، فكان الزهو عندهم ولا ريب عاملاً من عوامل التقدم، وسبباً من أسباب الحياة والنهوض، إذ كان كتابهم وشعراؤهم، وفلاسفتهم وصحفيوهم، وسياسيوهم وحربيوهم يلقون إليهم أن الألمان هم خلاصة الجنس البشري كله وصفوة الإنسانية جمعاء، وإن العنصر الألماني هو العنصر الفذ الذي سيسود فوق العالم بأسره، وإن الشعب الألماني لم يعد شعب الجعة والمراقص والمواخير، لا بل شعب الشعراء والكتَّاب والمفكرين، وإن كلمة ألمانيا لا يراد بها اليوم الأمة النازلة بين نهري الرين والفستولا، بل يدب أن يفهم الآن منها ذلك الأوقيانوس العظيم من الشعوب المتكلمة باللغات التيوتونية، أو من الشعوب التي لا تتكلم اليوم بها، وهي أحق بأن تتخذها لسانها وبها أوجب وأخلق، يدخل في الأولى السويديون والنرويجيون والدانمركيون والهولنديون، وينطوي تحت الأخرى البلجيكيون والسويسريون والنمسويون وبعض قبائل الروس والمجر، بل تجاوزوا إلى أبعد من ذلك فقالوا إن الصقالبة من روس وبولونيين وبوهيميين وصربيين وكرواتيين ليسوا في الحقيقة إلا فروعاً من العنصر الألماني، ولذلك ترى مئات من علمائهم وكتابهم وألوفاً من خطبائهم وصحفييهم يلقون في أسماع الشعب أن هذه الأمم جميعاً جرمانية ولذلك يجب أن تدخل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015