والشرف إلى الطليعة تلعب دورها.
عرف فردريك الكبير هذا التأثير النبيل العظيم الذي تحدثه الحرب فقال: إن الحرب تفتح الميدان الخصيب، الشاسع العريض للفضائل كلها، لأن في كل لحظة من أيام الحرب يتجلى الثبات والعطف والعظمة والبطولة والرحمة والإحسان وكل لحظة من أوقات الحرب تقدم الفرصة السانحة لإظهار فضيلة من هذه الفضائل.
يقول تريتشكي يجب أن يتلاشى حب الذات وتتوارى الحزازات وتختفي الأحن والعداوات، إذا جاءت الساعة التي تصيح فيها الجمعية أن حياتها في خطر، يجب أن ينسى الفرد إذ ذاك ذاتيته، ويشعر بأنه شلو من جسم الأمة، ينبغي أن يعرف أن حياته ليست شيئاً مذكوراً بجانب حياة الجمعية، إن الحرب مهذبة رافعة سامية، لأن الفرد يختفي فيها حيال فكرة الأمة الكبرى، وإن إخلاص أفراد الجمعية بعضهم لبعض لا يتجلى أسمى جلاله إلا في الحرب. . . أية آداب فاسدة تريد أن تمحو البطولة من صدور الرجال؟. .
بل قد يكون حتى في الهزيمة نفسها ثمرات غالية سامية، فهي وإن ساقت غالباً الضعف والبؤس والشقاء، مؤدية كذلك أحياناً أخرى إلى إحياء جديد وانتعاش قوي لا سمة للفتور أو العلة فيه وهي كذلك واضعة أساس أنظمة حيوية جديدة، يقول ويلهام همبولدت إني لأرى في تأثير الحرب على الخلق الأهلي عنصراً من أسمى العناصر في تكوين الجنس البشري وصوغه وتهذيبه.
وهل هناك عمل أسمى للفرد من أن يبذل حياته لفكرته، ويضحي وجوده للمبدأ الذي يجاهد له، وكذلك الأمم والحكومات لا تستطيع أن تؤدي واجباً أربع مكاناً من بذلها كل قوتها في سبيل الاحتفاظ باستقلالها وشرفها وسمعتها وذكرها.
وهذه الوجدانات والمشاعر لا تجد لها عملاً إلا في الحرب، ولذلك كان توقع الحرب ضرورياً لإيقاظ الخلق الأهلي وتنبيهه، ولا تستطيع الأمم أن تقوم للمدنية بأصدق الواجبات إلا بترقية الخلق الأهلي بين قومها ومن ثم كانت المجهودات التي تبذل في استتباب السلم هي من أكبر العوامل على قتل الصحة الأهلية، وناهيك إذا أصبحت فرعاً من فروع سياستها، والحكومات المتلببة لصرف هذه المجهودات إنما تمتص عصارة قوتها بنفسها، إليك مثلاً الولايات المتحدة فقد قامت لغرض من أغراضها في يونيه عام 1911 تدعو إلى