أبو موسى المكي
إن الأنظار -إلى الداعية أسرع، والآذان إليه أسمع، والخطأ منه أوقع،
والنقد عليه أشد وأوجع ودعوته يجب أن تكون بحاله قبل مقاله، لذلك فتخلقه بالخلق
الكريم أوجب وألزم قياماً بحق ما جعل الله على كاهله من الأعباء الجسام، وحماية
للدعوة وأهلها من ألسنة المغرضين وأقلام الخصوم الشانئين وأوهام الغفل المتعجلين.
فنحن بحاجة إلى دعاة يتجملون بالخلق الكريم، حتى إذا أبصر الناس منهم
هذا هتفوا: هذه أخلاق الأنبياء.
فنحن نحتاج إلى نمط من الدعاة آثروا الصدق في أقوالهم وأفعالهم حتى أصبح
الصدق سجية تجري في عروقهم وتطل من طلعات وجوههم، إن صدقنا في حمل
دعوتنا هو الذي يجعل الناس يتقبلون ديننا، يقول عبد الرحمن بن مهدي: (لا
يكون الرجل إماماً يقتدى به حتى يمسك عن بعض ما سمع) فليس ما سمعه الفرد
المسلم كله حقاً، بل لا بد من أن يتخلله بعض من الروايات الواهية، فإذا ما حدث
بكل ما سمع أصبح ولا بد كاذباً، فعلى الداعية أن يجنب نفسه مواطن الشبه بترك
بعض ما سمعه وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «دع ما يريبك إلى ما
لا يريبك» ومن ترك ما يريب ترك نشر الشائعات وترك كل خبر إن لم يثبت
مأخوذ من وكالة (يقولون) فكم بهم من شائعة قُصِدَ أن يكون مروجوها الشباب
الموسوم بالصلاح، حتى إذا بان زيفها قالوا: (هؤلاء مروجوها هؤلاء يريدون
إثارة البلبلة) ، فعلى الداعية ترك ذلك وعدم نشر ما سمع إلا بتيقن وجزم. والداعية
لابد أن يكون صادق الكلمة واضح المعنى متجنباً للغموض والتلبيس.