فهيد عبد الله المطيري
قد تكون الأحداث التي تعصف بالمنطقة فرصة مواتية لخروج بعض
الإفرازات المتوقعة في المستقبل القريب.
والسبب الذي يدفعني لهذا الظن هو أن مشكلة الخليج حدث خارج عن حدود
التوقعات المحلية في بدايتها، وكذلك خارج حدود التوقعات في نهايتها، لا أشك في
أنها ستنتهي طال الزمان أو قصر. لكنها لن تنتهي إلا وقد أفرزت أحداثاً غير
متوقعة أيضاً. ربما بقانون (النتيجة تتبع المقدمات) ، وربما لأن هذه الإفرازات
فيها بُعد عن الواقع السياسي إلى حد مما يستدعي الغفلة عنها.
إن هذه المشكلة لم تنشئ هذه الإفرازات ابتداءً، لكنها قد تهيئ لها ظرفاً مناسباً
للبروز على السطح من خلال الدعوات المعروفة والمتعلقة بالديمقراطية، والمرأة،
والعلمانية، وغيرها.
وعلى ذلك فإني أوجه دعوة للعلماء والدعاة الإسلاميين ألا يكونوا بعيدين عن
تفاصيل الأحداث، أثناء هذه المشكلة وبعدها، بل عليهم أن يقتربوا منها أكثر مما
عداها وذلك لأمور:
الأول: أن الأحداث قد تفرض بعض النظم الإدارية، وهذا النظام لابد له من
دراسة وتمحيص وبكل دقة. ولابد من التروي في استيعاب هذا العمل استيعاباً تاماً
وعميقاً.
الثاني: أن هذه النظم إذا أثبتت صلاحيتها شرعاً لابد لمن ينخرط فيها من
رؤية شرعية واضحة، وحكمة سلوكية تبعث على الثقة والانشراح.
الثالث: قد تُستغل هذه الأمور من قبل بعض الانتهازيين والوصوليين،
فيبدأون بطرح أفكارهم المشوشة، وهم - كما عهدناهم - لا تعجزهم الحيلة من
التذرع بأي فكرة أو موقف ليبرروا تلك الأفكار بما يضفي عليها شيئاً من الشرعية
المقبولة.
على أية حال يجب ألا يشغلنا هذا الواقع عن دراسة مشكلة الخليج برؤيتنا
نحن، وعقولنا نحن، بعد تجميع أطرافها ومراجعة أصولها القديمة وإفرازاتها
المستقبلة. فلابد من ربطها بما يشاهد سياسياً وإدارياً وفكرياً؛ لكي نعلم مدى ارتباط
هذه الأفكار بالمشكلة، ثم لنجيب على هذا السؤال: هل أُريِدَ من وراء هذه المشكلة
خلق جو مناسب لهذه الأفكار؟
في الحقيقة سنتساءل وسنجد حلاً ولو ساذجاً مؤقتاً، ولكن يجب ألا نقول: (هذا واقع اتفاقاً، وهذا كان صدفة) .