صالح حسن - أبها
غلب على كثير من الناس أن يصلوا السنن في المساجد سواء قبل الفريضة أو
بعدها ولو علم أحدهم أن بيته يفتقر إلى مثل هاتين الركعتين لتبرع بجزء صغير من
إحدى حجرات بيته ليتخذه مصلى يذكر الله فيه ويناجيه ويتفقد أحوال قلبه في ذلك
المصلى بعد كل فريضة يقضيها في المسجد، وفي الحديث عن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - أنه قال: «أيها الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء
في بيته إلا المكتوبة» . رواه البخاري ومسلم.
ويستثنى من الأفضلية ما يختص بالمسجد من السنة كركعتي تحية المسجد
مثلاً، ومن أغنى الثمار المرجوة من اتباع هذه السنة التبرك بها لنزول الرحمة
عليك وعلى أهل بيتك، فإن المسلم أحوج ما يكون لذلك وقد يستطيع ترويض نفسه
على موازنة صلاته ظاهراً وباطناً بين بيته والمسجد ليكون ذلك أبعد عن الرياء،
وقد يكون هذا باب خير في أن يتفقد نفسه في جميع العبادات ليكون حريصاً ألا
يداخله الرياء، وكذلك ليخلو مع نفسه قليلاً متجهاً إلى الله في خلوته ملتجئاً إليه -
سبحانه وتعالى- يشكو همومه وأحزانه لفاطر السموات والأرض، منكسراً بين يديه
معترفاً بذنوبه وتقصيره، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت كان النبي - صلى
الله عليه وسلم - «يصلي في بيته قبل الظهر أربعاً ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم
يدخل فيصل ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين
ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصل ركعتين.» رواه مسلم.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل
عامة السنن والتطوع الذي لا سبب له في بيته، لا سيما سنة المغرب فإنه لم ينقل
عنه أنه صلاها في المسجد.
فحرص المسلم على اتباع السنة يزيد من قوة إيمانه ووضوح اتصاله بحياة
الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فتجده متميزاً عن الناس وقد تفتحت مداركه
وقويت فراسته، وعظم قدره عند الله ببركة تطبيقه واتباعه وحرصه على سنة
محمد - صلى الله عليه وسلم -.