إعداد: نجوى محمد الدمياطي
الأُخوة.. والاختبار الحق
يقول - سبحانه وتعالى -: [إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ] [الحجرات: 10] ...
والأخوة من أجمل المعاني التي يمكن أن يتحدث عنها الإنسان! شفيفة لطيفة كالنور! ندية محببة إلى القلوب ... ولكن ما الأخوة التى وردت الإشارة إليها في كتاب الله؟ يستطيع اثنان من البشر وهما يسيران في الطريق الواسع - في الأمن والسلامة
- أن يتاخيا! أن يسيرا معاً وقد لف كل منهما ذراعه حول أخيه من الحب.. ولكن
انظر إليهما وقد ضاق الطريق، فلا يتسع إلا لواحد منهما يسير وراء الآخر.. فمَن
أقدم؟ أقدم نفسي أم أقدم أخي وأتبعه؟
ثم انظر إلى الطريق وقد ضاق اكثر.. فلم يعد يتسع إلا لواحد فقط دون
الآخر! إنها فرصة واحدة.. إما لي وإما لأخي.. فمن أقدم؟ أقول: هذه فرصتي
وليبحث هو لنفسه عن فرصة؟ أم أقول لأخي: خذ هذه الفرصة أنت، وأنا أبحث
لنفسي؟ ! هذا هو (المحك) .
إن الأخوة في الأمن والسلامة لا تكلف شيئاً! ولا تتعارض مع رغائب النفس
.. بل هى ذاتها رغبة من تلك الرغائب يسعى الإنسان لتحقيقها مقابل الراحة النفسية
التى يجدها في تحقيقها ... أما في الشدة - أو في الطمع - فهنا تختبر الأخوة
الاختبار الحق، الذي يتميز فيه الإيثار وحب الآخرين.. من الأثرة وحب الذات،
التي قد تخفى على صاحبها نفسه في السلام والأمن، فيظن نفسه (أخاً) محققاً لكل مستلزمات الأخوة!
محمد قطب - واقعنا المعاصر
جهاد النفس
جهاد النفس أربع مراتب:
أحدها أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في
معاشها ومعادها إلا به متى فاتها علمه شقيت في الدارين.
الثانية: أن يجاهدها على العمل به بعد علمه وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم
يضرها لم ينفعها ...
الثالثة: أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من
الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات، ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب
الله.
الرابعة: أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق،
ويتحمل ذلك كله لله. فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين، فإن
السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانياً حتى يعرف الحق ويعمل
به ويعلّمه، فمن علِم وعلّم وعمل فذاك يدعى عظيماً في ملكوت السماء.
ابن قيِّم الجوزية - زاد المعاد 2/39