محمد سليمان
كثيرة هي هموم المواطن العربي، فرياح التغيير لم تصله بعد، حتى يتنسم
نسائم الكرامة والإنسانية، في أوربا يستعدون لعام 1992، وهم الآن يتنقلون
بالبطاقة الشخصية، عند الحدود يبرز البطاقة من بعيد، فيهز الموظف المسؤول
رأسه بالموافقة ودون حاجة للتأكد، منظر مؤلم لنفس العربي المسلم الذي لا يرى
هذه المعاملة من موظفي (الحدود) ، فالشك هو الأصل، والحسابات والهواجس تأكل
رأسه قبل دخوله، وحتى ينتهي من الإجراءات.
في أحد المطارات العربية كان أصحاب الشارات الأجنبية يدخلون دون
صعوبات، ولكن العربي (ينظر في أمره) ، وتذكرت قول شاعرنا الكبير المتنبي:
ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان
وفي مطار آخر انتظر ركاب الطائرة ثلاث ساعات ونصف بالتمام والكمال،
حتى جاء دورهم ليتخذ الموظف المسؤول إجراءات الدخول، هذه الشعوب التي
كانت بالانتظار ليس لها أهمية عند الموظف لأنهم غير (مواطنين) .
ألا يشعر هؤلاء أن هذه المعاملة تغرس في القلوب الأحقاد والضغائن، وأنه
لا أحد يستفيد من هذه التصرفات؟ لقد كان المسنون من المنتظرين يجلسون على
الأرض من التعب، وبعد كل هذا يأتي زميل الموظف المكلف ويقول له:
إذا لم ينتظموا في الدور فاتركهم حتى الصباح..! مرحى مرحى لهذه
الإنسانية ولهذه الأخلاق.
في الصورة المقابلة وفي المطار نفسه كانت هناك أشياء إيجابية يرتاح لها
المسلم، ففي رحلة العودة، وبعد إجراءات الخروج حانت الصلاة، فجاء عدد كبير
من الموظفين للصلاة معنا، وكان سمتهم يدل على أنهم اختاروا الإسلام عن رضاً
وقناعة، وأن بعضهم عاد إلى الله من قريب ووجد الطمأنينة والراحة في كنف
الإسلام. صور متناقضة لعلها تزول قريباً ويعود الانسجام، وتتوحد مظاهر السلوك
في الشخصية المسلمة.