د. محمد الأنصاري
تمهيد:
للقرآن الكريم مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة عند المسلمين؛ فهو كلام الله ووحيه المنزَّل على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو كتاب الرسالة السماوية الخاتمة لخير أمة أخرجت للناس، وهو أيضاً مصدر الدين والتشريع والتقنين. قال ـ تعالى ـ: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13] ، وقال ـ سبحانه ـ: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] ؛ فالقرآن هو أصل الأصول وأساسها، منه تنطلق وإليه تعود، وهو أصل حياة الأمة، وسبيل رشدها وعزتها وتحقيق شهادتها على الناس، ولهذا فقد وصفه الله ـ تعالى ـ بأوصاف عدة تبين طبيعته ووظيفته، وتثبت أهميته ومكانته العظيمة، منها:
أـ أنه روح. قال ـ تعالى ـ: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] ، والروح هي سر الحياة، ولا حياة للمسلمين في أي زمان ومكان بدون هذه الروح.
ب ـ وأنه شفاء ورحمة للمؤمنين به العاملين بهداه. قال ـ تعالى ـ: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] .
ج ـ وأنه هدى للمتقين. قال ـ تعالى ـ: {الم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1 ـ 2] ، به تتحقق الهداية للتي هي أقوم في كل أمر من أمور المسلمين. قال ـ تعالى ـ: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] .
د ـ وأنه بصائر تبصِّر المتحقق المتخلق بها، فيكون بذلك من المبصرين للحق العاملين به. قال ـ تعالى ـ: {قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} [الأنعام: 104] .
هـ ـ وأنه نور وضياء؛ به تستضيء العقول وتستنير القلوب. قال ـ سبحانه ـ: {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} . [الشورى: 52]
إذن فما السر في كتابٍ هذا شأنه، وهذه وظائفه وطبيعته، لم يحيَ به المسلمون اليوم كما كانوا أحياء به زمن النبوة والخلافة الراشدة، وفي أزمان متفرقة من حياة المسلمين؟
إن العاقل لَيدرك أن عدم حياة الأمة بالقرآن اليوم ـ وهو هو الذي حييت به من قبل ـ إنما يرجع إلى إخلالها الكبير بما يجب عليها نحوه؛ فأكثر المسلمين اليوم أعرضوا عن القرآن إعراضاً وهجروه هجراً؛ فلم يتخذوه هدى يهتدون به، ولا نوراً يستنيرون به، ولا بصائر يستبصرون بها، حتى إنهم لينطبق عليهم قوله ـ تعالى ـ: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30] .
فإذا كان حال السلف الصالح من هذه الأمة مع القرآن يتمثل في صدق الإقبال عليه بالقراءة والتدبر والفهم، والتبصر والاهتداء، فإن حال الخلف اليوم كحال المخلَّفين من الأعراب حينذاك. ومن هنا فإن عودة الحياة الحقة للمسلمين، حياة العزة والكرامة، ومن ثم قيامهم بالوظائف والأمانات المنوطة بهم، وفي مقدمتها أمانة الاستخلاف والشهادة على الناس أجمعين، وأمانة الترشيد والتوجيه للعاملين..، إن عودة هذه الحياة وأداء هذه الأمانات العظيمة لن تتم عِلماً وعملاً ومنهاجاً إلا بعودة المسلمين عودة نصوحاً للقرآن الكريم؛ فهذه العودة وحدها فقط هي الكفيلة ببعث الحياة من جديد في جسم الأمة المسلمة، وأي عودة لأي شيء آخر غير القرآن فإنما هي عودة إلى الحياة الميتة؛ حياة الضياع والتيه والضلال.
وحتى تكون عودة المسلمين في هذا الزمان إلى القرآن عودة راشدة، فإن السبيل إلى ذلك هو أن نعرف ما يجب علينا في حق الكتاب المسطور (القرآن) والكتاب المنظور (الكون) . وفي هذه الورقات سأتناول ما يجب علينا ـ نحن المسلمين ـ نحو كتاب الله المسطور؛ لأنّ القيام بهذه الواجبات والتخلق بها هو السبيل الذي يبصِّرنا بواجبنا نحو الكون وعمارة الأرض بالخير والصلاح.
فأما ما يجب علينا نحو القرآن الكريم فيمكن اختصاره في الواجبات التالية:
أولاً: واجب القراءة: لقوله ـ تعالى ـ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] ، فعلى المسلمين اليوم، أفراداً وأسراً ومجتمعات، أن يخصصوا أوقاتاً بالليل والنهار سراً وعلانية لقراءة القرآن وتلاوته، قراءة تكون على منهاج قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - له، كما هو واضح في قوله ـ عز وجل ـ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً} [الإسراء: 106] .
ثانياً: واجب الاستماع والإنصات: فالواجب أن يكون استماعنا للقرآن وإنصاتنا له مقدماً على استماعنا لأيِّ كلام آخر دونه؛ فعلى قدر استماع الآذان وإنصات العقول والقلوب الواعية للقرآن يكون استحقاق الرحمة للمستمع المنصت. قال ـ تعالى ـ: {وَإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] ، فالحرص على الاستماع والإنصات لكلام الله ـ تعالى ـ بصدق وإخلاص يثمر في قلب المستمع محبة القرآن، وهذه المحبة هي مفتاح الإقبال على القرآن بالقراءة والتدبر والفهم والعمل، وهذه الأمور هي طريق الاستبصار ببصائر القرآن والاهتداء بهدايته.
ثالثاً: واجب الترتيل: فالله ـ تعالى ـ أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بترتيل القرآن الكريم، وهو أمر للأمة أيضاً؛ فقال ـ سبحانه ـ: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} [المزمل: 4] ، والمراد هنا بالترتيل: قراءة القرآن على تؤدة وتمهل وتبين حروف (?) . والقصد من قراءة القرآن بمنهج الترتيل هو التمكن من تأمل المقروء وفهمه؛ يقول ابن كثير في هذا المعنى: «أي: اقرأ على تمهل، فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبّره» (?) .
والمطلوب في القراءة بالترتيل أن تكون بمنهج التلقي؛ حتى تثمر التبصُّر في فكر القارئ المرتل وفي فهمه، وتثمر ثمرة الخشوع القلبي؛ فالترتيل يقتضي استحضار ثقل آيات المرتَّل وعظمة بصائره وكأنها تنزل عليه غضة طرية، تماماً كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقرأ ويرتل استجابةً لأمر ربه: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: 4 ـ 5] ، وكما في قوله ـ تعالى ـ أيضاً: {وَإنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6] .
رابعاً: واجب التدبر: والأصل فيه قوله ـ تعالى ـ: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] ؛ فالتدبر وسيلة لاستثمار القرآن واستقامة الفكر وصحة الفهم عن الله تعالى، وهو مفتاح خشوع القلب واستحضار عظمة الله تعالى، وبلوغ أعلى درجات المعرفة واليقين. ولأهمية التدبر هذه فقد حذر الحق ـ سبحانه ـ من غفلة القلوب عن الخشوع لذكر الله؛ فقال: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] .
إن الخشوع خصيصة من خصائص هذا القرآن؛ فطبيعته التأثير في الأنفس والمخلوقات كلها حتى الجامدة منها كالجبال. قال ـ تعالى ـ: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21] ، وقال ـ سبحانه ـ: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23] .
خامساً: واجب التعلم والتعليم: فتعلم القرآن وتعليمه واجب على كل مسلم مكلَّف، فهو الواجب الشرعي الذي يحصل به الفقه في الدين؛ فالله ـ تعالى ـ علّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن، إذ به تعلّم الإيمانَ وتعلم الإسلامَ وتعلَّم الشرعةَ والمنهاج، وبه علَّم أصحابه ذلك كله، فصاروا علماء بالقرآن.
والأصل في هذا الواجب قوله - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» (?) ، وقوله أيضاً: «تعلَّموا القرآن والفرائض وعلِّموا الناس فإني مقبوض» (?) .
إن قضية تعلم القرآن وتعليمه مسألة ينبغي العناية بها قبل العناية بتعلم وتعليم أي شيء آخر، عملاً بمنهاج تعليم الله ـ تعالى ـ لرسوله وتعليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه، ولهذا كانت هذه القضية هي أساس انطلاق الأمة المسلمة كمّاً وكيفاً إذا ما أُدِّيت وأُتقِن أداؤها، أما إذا أهملت ـ كما هو واقع الحال اليوم ـ وقُدِّم عليها غيرها من العلوم والمعارف كيفما كانت؛ فإن ذلك هو أساس التيه والضلال، والتخلف والانحدار، والتبعية والانجرار، تماماً كما هو حال الأمة في هذا الزمان. وعلى هذا الأساس فإن واجب تعلُّم القرآن وتعليمه ينبغي أن يكون هم المسلمين جميعاً؛ فتعطى له الأولوية في البيت، وفي مؤسسات التربية والتعليم، وفي وسائل الإعلام كلها؛ مقروءة ومسموعة ومرئية، وفي المؤسسات الاجتماعية والثقافية؛ المدنية والعسكرية، الخاصة والعامة.
وإلى جانب هذه العناية العامة بهذا الواجب من قبل المسلمين أفراداً وأسراً ومجتمعات ودولاً؛ فإنه ينبغي أن تخصص له مؤسسات خاصة تعنى بتعليم القرآن للناس الكبار منهم والصغار، الذكور والإناث على حد سواء.
سادساً: واجب الدعوة إليه والدعوة به: والأصل في هذا الواجب قوله ـ تعالى ـ: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52] ، وقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «بلِّغوا عني ولو آية» (?) .
إنّ من أولى الأولويات الدعوية اليوم أنْ تعطى الأولوية للقرآن الكريم بالدعوة به وبمنهاجه وأسلوبه؛ فهو كلام الله الذي تقشعر منه الجلود، وتتأثر به جميع المخلوقات، يتأثر به الإنس والجن، ويتأثر به الحيوان والحجر والشجر، لِِما أودعه الله ـ تعالى ـ فيه من أسرار وبراهين وحجج، ويكفي أن الحق ـ سبحانه وتعالى ـ جعله روحاً، والروح هي سر الحياة في كل شيء؛ فإذا فُقِدَت حلّ الموت محلها في كل شيء، ولهذا قيل في تفسير قوله ـ تعالى ـ: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 52] : أي: جاهدهم بالقرآن واتلُ عليهم ما فيه من القوارع والزواجر، والأوامر والنواهي (?) .
والمتأمل في واقع المسلمين اليوم يرى خطورة ما آل إليه أمر الدعوة بالقرآن وإليه، من إهمال وضياع، حتى إن مؤسسات الدعوة والدعاة أهملت هذا الواجب بإهمال الأمة له، وأصبحت تعنى بغيره في دعوتها إلى الإسلام، إلى درجة أن الكثير من أبنائها أصبح يتحرّج من ذلك خشيةً من الناس، هذا مع أن الدعوة إلى القرآن وبه هي أحسن دعوة على الإطلاق؛ فهي منهج النبوة وسر نجاح الدعوة في عصر الرسالة والخلافة الراشدة.
سابعاً: واجب تعظيمه وتقديسه: فهو كلام الله المقدس، وتقديسه وتعظيمه تقديس وتعظيم لله تعالى؛ فهو ـ سبحانه ـ القدوس، ومن ثم فلا يجوز الاستهانة به أو العبث أو الإهمال، إذ كل ذلك وما يدخل في معناه دليل على النفاق وعدم الإيمان الحق بالقرآن. أما تعظيمه فدليل على التصديق به، ويكون بالقلب واللسان والجوارح والحال، ولعل سبب إهمال المسلمين لما يجب عليهم نحو القرآن الكريم هو إهمالهم لواجب تعظيمه وإجلاله؛ قلباً وقالباً، تحقُّقاً وتخلُّقاً.
ثامناً: واجب البحث والدراسة العلمية الأكاديمية: فالأبحاث العلمية العميقة والدراسات الرصينة، التي تنطلق من النص القرآني، من أوجب الواجبات على المسلمين في كل زمان نحو كتاب الله تعالى؛ لأنه مصدر كل شيء وأساسه؛ فهو كتاب إعجاز وتشريع وهداية؛ إعجاز علمي بالمعنى العام للعلم، وإعجاز تشريعي بالمعنى العام للتشريع، وإعجاز هداية بالمعنى العام للهدى المنهاجي. واكتشاف هذا الإعجاز أو استنباطه يحتاج إلى بحوث علمية متخصصة تتولى مهمتها الجامعات والمعاهد العليا ومراكز الأبحاث الخاصة، ويشرف عليها علماء من أهل الخبرة والاختصاص حتى تثمر وتنتج، كلٌّ في مجالها.
فالبحوث المتخصصة في علوم الشريعة تستنبط التشريعات والقوانين والأحكام الشرعية وغيرها، وتكتشف الإعجاز التشريعي في القرآن. والبحوث المتخصصة في العلوم المادية والإنسانية تكتشف الإعجاز العلمي المادي والإنساني المبثوث في ثنايا الوحي، واكتشافه يحتاج إلى باحثين متخصصين في هذه العلوم، مؤمنين بالرسالة القرآنية المعجزة.
فأداء هذا الواجب الرسالي العلمي نحو القرآن الكريم ييَّسر سبيل العودة إلى الدين كما ييسر سبل الدعوة إليه وبه؛ لأن اكتشاف هذه الأنواع من الإعجاز العلمي في القرآن يؤكد أنه وحي من الله تعالى، وأنه معجز بلفظه ومعناه وبراهينه العلمية، معجز بهداياته وبصائره، معجز غاية الإعجاز بأحكامه وتشريعاته، فيزداد المؤمن بذلك إيماناً، ويقتنع الكافر فيؤمن، وتقام الحجة على من جحد وأصر على الكفر والضلال.
تاسعاً: واجب العمل بالقرآن والاحتكام إليه في أمور الدين والدنيا: فالمسلمون اليوم ضلوا السبيل بسبب انفراط هذا الواجب في حياتهم؛ فاتبعوا الأهواء والأعداء، وحكّموا في أمورهم القوانين الوضعية المستوردة والمحلية، فصار التدين فيهم مغشوشاً، والتشريعات والقوانين التربوية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية غيرَ مؤسسة على الوحي، ولا مراعية لأحكامه ومقاصده، ولا مهتدية بهداه. والقرآن إنما أنزل للعمل به وتحكيم شريعته؛ فضاعت الأمة بإضاعتها لشريعته وتبعيتها العمياء لقوانين الأعداء وتشريعاتهم التي يحكمها العجز والقصور والضلال، والله ـ تعالى ـ يقول: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] .
عاشراً: واجب الدراسة بمنهج التدارس: وهو ما يصطلح عليه عند العلماء الربانيين بواجب (المدارسة القرآنية) ، هذا الواجب الذي ضمر في الأمة ضموراً خطيراً، فحلت محلّه أمور أخرى لا تخلو من فائدة، إلا أنها أقل منه كثيراً.
إن المدارسة القرآنية هي أم الواجبات المتقدمة وأساسها؛ ففي إطارها يتم واجب القراءة بمنهج الترتيل، ويتم الاستماع والإنصات للقرآن، ويتم التعلم والتدبر، ولهذا فإن الحديث عنها يقتضي تفصيل الكلام في معناها، ومشروعيتها، ومنهجها، وثمارها وفضائلها.
1 ـ معناها: المدارسة مشتقة من مادة (درس) ، يقال: درسَ الكتابَ يدرُسه دَرْساً ودراسةً، أي: ذلّله بكثرة القراءة حتى انقاد لحفظه. ودرس الكتاب: تَعَلَّمَهُ. ويقال: درست السورة، أي: حفظتها. والمُدارِسُ: الذي قرأ الكتب ودرسها، والمِدْراس: البيت الذي يُدْرَسُ فيه القرآن، وفي الحديث: «تدارسوا القرآن» (?) ؛ أي اقرؤوه وتعهدوه لئلا تنسوه. وأصل الدراسة: الرياضة والتعهد للشيء (?) ، والمدارسة من هذا القبيل. يقال: تدارس القوم القرآن، أي: قرؤوه وتدبروا معانيه، وقلبوا النظر في فهمه واستخلاص هداه؛ فالمدارَسة على صيغة مُفَاعَلة، والتدارُس على وزن التفاعُل، والمراد بها المشاركة الجماعية في فهم القرآن وإدراك أسراره واستنباط بصائره وهداياته.
2 ـ مشروعيتها: المدارسة القرآنية مشروعة بالقرآن والسنة؛ فأما القرآن فقوله ـ تعالى ـ: {وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79] ؛ وأما السنة فحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن؛ فلَرَسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة» (?) . وحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ، وفيه: « ... ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ... » (?) .
3 ـ منهجها: إن الاهتداء في المنهج للتي هي أقوم هو أساس النجاح في كل شيء، إذ بقدر التفقه في المنهج والرشد فيه يكون مستوى النجاح كمّاً وكيفاً.
ومن هنا فإن نجاح المدارسة يتوقف على مدى النجاح في اتباع منهجها الخاص؛ فالقرآن الكريم وظيفته الأساس هداية الناس إلى صراط الله المستقيم، ولعل هذا هو السر في تكرار الفاتحة في كل الصلوات المفروضة والمسنونة لتضمنها دعاء خاصاً في بيان القصد من القرآن ووظيفته الأساس: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] . إنها وظيفة الهداية للتي هي أقوم وأرشد في التفكير والتعبير والتدبير، وهي المشار إليها في قوله ـ تعالى ـ: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] ، فبلوغ مرتبة الأقوم في الهداية يتوقف على اتباع المنهج الأقوم في تدارس القرآن الكريم. والمدارسة القرآنية لها منهجها الخاص الذي به تتم، وهو منهج يقوم على قاعدتين:
| القاعدة الأولى: قاعدة: «اقرأ وتدبر ثم أبصر» ، وهذه القاعدة تهم الدارس للقرآن بمفرده، وتهم المجتمعين لمدارسته؛ فهي السبيل لاستخلاص الهدى المنهاجي من القرآن الكريم، وبيانها في حقيقتين:
أـ حقيقة واجب التحقق بالقرآن: والمراد بها: التحقق بالقرآن فهماً وإدراكاً وعلماً، إذ بهذا التحقق يستقيم الفكر ويصح الفهم عن الله تعالى، ولا يتم هذا إلا بالقراءة أولاً ثم التدبر ثانياً؛ القراءة بمعنى التلاوة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ... » ، والتدبر بمعنى التأمل والتفكر في المقروء، لقوله ـ تعالى ـ: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] . إنه تدبُّر يتجاوز مرتبة دائرة التدبر بالعقول إلى مرتبة التدبر بالقلوب ليتحقق بذلك الإبصار، وهو إبصار يتجاوز الإبصار الفردي إلى الإبصار الجماعي للبصائر القرآنية وهداياته المنهاجية.
ب ـ حقيقة واجب التخلُّق بعد التحقُّق: وهي حقيقة تخص الفرد الدارس والجماعة، وسبيلها التبصر بعد القراءة والتدبر والإبصار. والإبصار هنا:
ـ إبصار العقول الواعية والقلوب الحية للطريق المستقيم والمنهاج القويم. قال ـ تعالى ـ: {قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا} [الأنعام: 104] .
ـ وإبصار للنور القرآني والهدى الرباني وتبصر بهما: {وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52] .
ـ إبصار للميزان الذي به يعرف الحق من الباطل، والهدى من الضلال، والنور من الظلام: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية: 20] .
ـ وإبصار لمنهج القراءة العام: {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] ، سواء أتعلق الأمر بقراءة الوحي أم بقراءة الأكوان والمخلوقات؛ فالمقروءات كلها ينبغي أن تقرأ باسم الله حتى يتحقق المقصود منها وتعرف أسرارها.
ـ وإبصار لحقيقة الله ـ تعالى ـ خالق كل شيء، وحقيقة غيره من المخلوقات، وذلك بالرحيل من الأكوان المخلوقة إلى عظمة المكون الخالق سبحانه وتعالى.
ـ وإبصار للأولويات وتبصّر بالعمل بها، وإبصار لمنهج العدل القرآني ولمنهج تسخير السنن الكونية وعمارة الأرض بما ينفع الناس؛ فإرسال الرسل وإنزال الكتب إنما كان القصد منهما ذلك. قال ـ تعالى ـ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25] .
وخلاصة الأمر، فإن المراد بحقيقة التخلُّق: التخلق بالهدى المنهاجي المستنبط من الوحي، وذلك بالاهتداء بهدايات القرآن، واتباع منهجه والاستقامة عليه، {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا} [هود: 112] . فالاتباع والاستقامة هما سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة، قال ـ تعالى ـ: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157] .
| القاعدة الثانية: قاعدة: «أخذ القرآن بمنهج التلقي» (?) ، فالواجب على الدارس للقرآن فرداً كان أو جماعة يجتمعون في مجلس للمدارسة..، الواجب عليهم جميعاً أن يتعاملوا مع القرآن بهذه القاعدة المنهجية في تلقّي القرآن، فالتلقي هنا تلقٍّ خاص، المراد به: استقبال القلب للوحي، وهو على ضربين:
ـ استقبال على سبيل النبوة؛ وهو خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، لقوله ـ تعالى ـ: {وَإنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6] ، فهو تلقٍّ لرسالة الوحي من الله تعالى، اقتضته طبيعته: {إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً} [المزمل: 5] .
ـ واستقبال قلبي للوحي على سبيل الذكر؛ وهو عام في كل مؤمن أخذ القرآن بمنهج التلقي وقصد به التذكر: {إنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} [المزمل: 19] .
فالمتدارسون للقرآن في مجالس المدارسة ينبغي أن يستقبلوا القرآن بهذه الكيفية وكأنه ينزل عليهم في تلك اللحظات غضاً طرياً، إنه استقبال بمعنى الإنصات الكامل للقلب والعقل إلى كلام الحق ـ سبحانه وتعالى ـ وهو يخاطبهم، ثم يتدبروه بتقليب النظر وإجالة الفكر فيه، ليتحقق بذلك الإبصار ثم التبصر والاهتداء بهداه.
4ـ ثمارها وفضائلها: للمدارسة القرآنية ثمار جليلة وفضائل عظيمة وكثيرة؛ فالمدارسة خير كلها وبركة كلها، فالله ـ تعالى ـ يبارك فيها فيفيض بنوره على المجتمعين لمدارسة قرآنه، فيثمر ذلك ثماراً نافعة وفضائل عديدة، منها:
أـ أن المدارسة سبيل التعلم والتعليم: فالعلم الحق هو علم القرآن، والمدارسة هي السبيل إلى تحصيل هذا العلم؛ العلم بأحكام القرآن ومعرفة أسراره وحكمه، واكتشاف بصائره المبثوثة في سوره وآياته، قال ـ تعالى ـ: {وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ (?) الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79] . فالرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما تعلَّم القرآن وفهِمَ معانيه ومقاصده وأسراره وطريقة تنزيله، بالتدارس؛ فقد كان جبريل ـ كما جاء في حديث ابن عباس المتقدم ـ يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن. والصحابة الكرام إنما تعلموا القرآن وعلّموه بمنهج مدارسة الرسول - صلى الله عليه وسلم - القرآن لهم، وبمجالسهم الخاصة بتدارسه فيما بينهم.
ب ـ أن المدارسة سبيل تزكية الأنفس: فالتزكية إحدى الوظائف الأساسية للقرآن، وحصولها يتم بالمجاهدة الفردية والجماعية كما هو الحال في مجالس المدارسة القرآنية، لقوله ـ تعالى ـ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [الجمعة: 2] . ففي هذه المجالس يتعلم الجلساء علم القرآن، ويتربون على معاني الخير وقيم الصلاح التي تزكو بها النفوس وتتطهر القلوب، وهذا ليس غريباً في مجلس قرآني تحف أهله الملائكة الأطهار.
ج ـ أن السكينة تتنزل على المتدارسين للوحي وتحفهم الملائكة، وتغشاهم الرحمة، ويذكرهم الله فيمن عنده.
والشرط في تحقق هذه الفضائل العظيمة: المدارسة الجماعية للقرآن المعبر عنها في الحديث بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه ... » .
د ـ أنها سبيل التذكر والتبصر: فالحاضرون لها إنما يدفعهم للحضور رغبتهم في فهم القرآن والاستفادة منه، فيوفقهم الله ـ تعالى ـ وييسر لهم سبل التذكر، قال ـ تعالى ـ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [القمر: 17] .
هـ ـ أن القلوب تطمئن فيها بذكر الله، لقوله ـ تعالى ـ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] .
وـ بها تتحقق النذارة والخشية من الله في الدنيا ومن عذابه في الآخرة؛ لأنّ مادتها هي القرآن، ووظيفته الإنذار، لقوله ـ تعالى ـ: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 51] .
ز ـ أن القلوب تخشع فيها لذكر الله؛ لأنَّ المجتمعين اختاروا التعامل مع القرآن وآمنوا بأنه الحق المنزّل من الله، فخشعت قلوبهم له. قال ـ تعالى ـ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16] ، فالمتدارسون للقرآن بصدق وجد وإخلاص آنَ لقلوبهم أنْ تخشع لذكر الله.
ح ـ أن المدارَسَة والتدبر الجماعي للقرآن تتكشف بهما حقائقه ومعانيه وأسراره وحكمه، فيكون ذلك أدعى لاستخلاص الهدى المنهاجي منه.
وخلاصة الأمر، فإن غاية المدارسة الأساس هي استخلاص هذه الثمرة؛ ثمرة الهدى المنهاجي وتجميعه في برنامج عملي يضم أهم العناصر التربوية والدعوية، النظرية والعملية التي يجب الاشتغال بها، تحققاً وتخلقاً، علماً وعملاً، سلوكاً وحالاً؛ تفكيراً وتعبيراً وتدبيراً.
وهكذا يمكننا القول: إن جميع الواجبات التي تجب على المسلمين نحو القرآن الكريم تخدم الواجب الأم؛ واجب المدارسة. والمطلوب أن تكون كذلك حتى يتحقق الغرض الأساس منها كلها ومن التدارس خاصة؛ وهو استخلاص الهدى المنهاجي العام والخاص؛ إذ عودة الأمة إلى مرتبة الخيرية التي أخرجها الله من أجلها تتوقف على الرشد المنهجي في التعامل مع الوحي فهماً وتنزيلاً؛ فالغرض الأول من القرآن هو الهداية إلى هذا الأمر، {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9] .
بهذا الأمر وحده يمكن اختصار الطريق لعودة الأمة إلى التوحد والقوة بدل التفرق والضعف، وإلى السيادة والإمامة بدل التبعية، وإلى العمران البشري الحضاري المادي والمعنوي بدل الخراب والتخلف والوهن، كل ذلك وغيره إنما يتم بالانطلاقة من الوحي والعودة إليه في كل قضايا الدين والحياة، ليستبين سبيل الهداية، وليستقيم ويرشد السير، فتتمكن الأمة بإذن الله ـ تعالى ـ وتوفيقه من أداء الرسالة المنوطة بها، لإنقاذ نفسها وإنقاذ العالم معها من التيه والضياع؛ فتخرجه من ظلام جاهليته إلى نور الإسلام، ومن جور دياناته إلى عدل القرآن، ومن عبادة المادة والأوثان إلى عبادة خالق الأكوان سبحانه وتعالى.
وبهذه العودة المنهاجية النصوح للوحي تتحقق للأمة الخيرية وترتفع إلى مستوى أداء رسالة الشهادة المنوطة بها على الناس أجمعين.