حاوره: أحمد فهمي
مع تصاعد الأحداث في العراق بصورة غير مسبوقة وعلى كافة الأصعدة، بات كثير من المراقبين يلمح معالم مشروع جديد في العراق يرتكز ـ في الأساس ـ على مزيد من التهميش للعرب السنّة من خلال استبعاد من لا يؤيدون العملية السياسية، وكانت الخطوة الأولى إصدار قرار توقيف للشيخ (حارث الضاري) ، تمهيداً لمزيد من الحصار لنشاط هيئة علماء المسلمين في العراق، وربما تؤول الأوضاع إلى أن يصبح رموز السنّة الرافضين للعملية السياسية قادة للمعارضة من الخارج.
وعلى الجانب المقابل كان واضحاً التصعيد ـ أو التلميع ـ السياسي لدور المجلس الأعلى الشيعي للثورة بزعامة عبد العزيز الحكيم، الذي حظي باستقبال حار في البيت الأبيض، ثم في لندن، حيث التقى بأعضاء مجلس العموم البريطاني، بينما يتم الإعداد لبلورة دور جديد للتيار الصدري باعتباره (ميلشيا للإيجار) أو لتنفيذ المهام الصعبة في العراق.
وعلى ضوء النتائج الإيجابية للتيار الإصلاحي الإيراني في انتخابات الخبراء والمجالس البلدية، هل يمكن اعتبار ذلك مؤشراً على تغيرات مرتقبة في السياسة الإيرانية في المرحلة المقبلة؟ وماذا تريد طهران تحديداً من العراق؟ وهل يسعى رجال الدين الإيرانيون إلى إقامة دولة شيعية في الجنوب؟ وإذا كانت إيران رافضة لأهل السنّة فهل هي قابلة للاحتلال الأمريكي؟
هذه القضايا وغيرها طرحتها البيان على الشيخ (محمد بشار الفيضي) الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في العراق.
^: توجد إشكالية حول ما الذي تريده إيران بالضبط من العراق؟ بعضهم يرى أنها تريد دولة شيعية مستقلة، وهناك من يقول: إن إيران لا تريد دولة شيعية منافسة لها بل تريد فيدرالية، وآخرون يرون أن طهران تسعى إلى عراق موحد خاضع لها، هناك خلط بين التكتيكي والاستراتيجي في تحليل الرؤية الإيرانية؛ فما رأيكم؟
| بسم الله الرحمن الرحيم، في ضوء ما يجري الآن في العراق، من دون شك هناك تدخل إيراني كبير بلغ حدَّ النخاع، كما عبّر عن ذلك الأمين العام لهيئة علماء المسلمين. قد يكون في التصور أن وراء ذلك هدفاً هو إبعاد وجود الأمريكان في المنطقة؛ وهذا يشكل تهديداً مباشراً على إيران، لكن الذي يُلاحِظ طبيعة السياسة الإيرانية في العراق يبدو له أن هناك هدفاً آخر يتجاوز مسألة دفع الخطر الأمريكي؛ لأن المليشيات التي تدرّبت في إيران تمارس أعمالاً يصعب حصر تفسيرها بدفع أمريكا، فهي من جانب داعمة للوجود الأمريكي، ومن جانب تعمل على تصفية المقاومة العراقية وتصفية الرموز السنّية؛ حتى الكفاءات العلمية. وهذا يجعلك تشعر بالقلق، ويساورك الشك أن هناك هدفاً آخر وهو الهيمنة على المنطقة. لا أظن إيران من السذاجة بحيث تريد أن تستولي على العراق بحكم مباشر، يعني: أن تدخل العراق كما دخل صدام الكويت، لا أظن، لكنها تريد أن يكون لها نفوذ في المنطقة بحيث يكون الحكام الذين يديرون شؤون العراق قابعين تحت طوع يديها، كما هو الحال الآن، إنها تريد أن يمتد هذا بشكل دائم.
^: ما النظام السياسي الذي يناسبها لتحقيق هذا الهدف؟
| من دون شك لو كانت واثقة أن الحكومة ستبقى بيد حلفائها فمن مصلحتها أن يبقى العراق واحداً ويكون كله طوع يديها، ولكن يبدو هذا لم يعد ممكناً، لو تلاحظ أن هناك توجهات نحو الفيدرالية، هذا نفهمه من خلال إلحاح عبد العزيز الحكيم؛ وهو الذي ترعرع في إيران ويعمل لها بشكل واضح.
^: إذاً؛ هل الفيدرالية هدف إيران في هذه المرحلة؟
| نعم؛ ومتى ما حدثت الفيدرالية فاعتبرْ الجنوب كأنه ملحق لإيران إذا حكمه أمثال هؤلاء الساسة.
^: ما التوقيت المناسب لإيران كي ينسحب الاحتلال الأمريكي؟
| حينما تهيمن تماماً على الأوضاع في العراق، حينما تقضي على المقاومة، حينما تمسك بكل الخيوط، حينئذٍ لن تكون ثمّة حاجة لبقاء الأمريكان.
^: هل تسعى إيران لإقامة علاقات مع بعض فصائل المقاومة؟
| إيران لاعب ذكي جداً، هي الآن تمد أحياناً بعض فصائل المقاومة، وهذه حقائق ولم تعد خافية ... هذا بشهادات الإيرانيين أنفسهم؛ حيث إن (قاسم سليماني) (1) ذكر في جامعة الحسين في ندوة مغلقة في كلية الدراسات الاستراتيجية والدفاعية أن إيران تقدم تسهيلات لبعض فصائل المقاومة. (زلماي) ذكر ذلك أيضاً. هذه التنظيمات قد تتقبل المساعدة على أنها غنيمة من عدو وتضرب بها عدواً آخر، لكن لإيران حساباتها، إيران بهذا الدعم ـ إذا ثبت ـ تضرب أمريكا من خلال المقاومة وتضعف المقاومة في الوقت ذاته.
^: هل يمكن القول ـ إذاً ـ: إن إيران هي صاحبة الرؤية السياسية المتكاملة الوحيدة في المنطقة مقارنة بالاحتلال والعرب السنّة؟
| نعم؛ لأن إيران ـ إذا جاز التعبير ـ امتطت ظهر (البعير) الأمريكي.
^: التيارات المتصارعة الرئيسة داخل إيران: إصلاحيون، محافظون معتدلون، أو محافظون متشددون، هل تملك هذه التيارات أجندة واحدة للعراق؟
| نعم؛ إن إيران في علاقتها الخارجية هي هي، سواء كان حكّامها إصلاحيين ومحافظين، هي نفسها زمن الشاه، وهي نفسها الآن.. الاستراتيجية نفسها، وإن المصالح القومية لديهم مقدَّمة على كل الاعتبارات.
^: هل كانت الأحوال أفضل في فترة رئاسة الزعيم الإصلاحي (محمد خاتمي) ؟
| في رأيي الشخصي، ما كنا نعانيه في زمن خاتمي لا يختلف في شيء كبير عمّا نعانيه الآن، سُرق العراق في زمن خاتمي، ونقلت خيراته إلى إيران في زمن خاتمي، وهكذا.. إذاً؛ الاختلاف في الخارجية ليس اختلافاً كبيراً.. السياسة الخارجية لإيران واحدة، وحينما تتعاقب الكتل السياسية على الحكم فإنها لا تخرج عن هذه السياسة.
^: هل يمكن أن يؤثر غياب المرشد الإيراني علي خامنئي ـ لأي سبب ـ على السياسة الإيرانية؟
| الطموحات نفسها تبقى، لكن درجة السعي في تحقيقها تختلف باختلاف القادة.. وإن التطور الذي حصل في تحقيق الأجندة الإيرانية خلال السنوات الثلاث الماضية كان مذهلاً.
^: هل كل الشيعة في العراق يؤيدون المشروع الإيراني الصفوي؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي، فأين هي دلالات المعارضة الشيعية للسياسة الإيرانية؟
| نحن أبناء الميدان لدينا تقييم للعراق، ونعرف أن الشيعة في الجنوب يتعرضون للاضطهاد أيضاً من قِبَل المليشيات، قُتل منهم الكثير وهذا موثّق، حيث إن أكثر من عشرين شيخ عشيرة شيعي قُتل على يد المليشيات الشيعية، والجنوب الآن هو هو فقيرٌ كما كان؛ بل ربما يكون الآن أكثر فقراً، مع أن الحكومة شيعية، ومن ثم فإن الزعم بأن الشيعة كلهم في خندق واحد ضد السنة ليس دقيقاً.
^: يعني ذلك يمكن اعتبار تيار الحسني وتيار الخالصي منهم؟
| نعم؛ تيارا الحسني والخالصي توجّهاتهما وطنية ومع وحدة العراق وضد التدخل الإيراني، لكن يبقى هو شيعياً، لا أستطيع تغيير مذهبه كما أنني سنّي لن أغير مذهبي.
^: لكن هناك من يقول: إن المعارضة الشيعية لإيران لا تعني الاصطفاف مع السنّة، بل تعني: وجود مشروع شيعي آخر مختلف، يعني: من الممكن أن يكون لهم مشروع استقلال ومشروع فيدرالية أيضاً؟
| لا لا.. أبداً، هذه العناصر التي نتكلم عنها لديها مشروع الوحدة الوطنية، وترفض الفيدرالية، والشيخ جواد معروفة أطروحاته، وكذا الشيخ البغدادي وحسين المؤيد، وهذا يعني أن الذين يرفضون الفيدرالية كُثر.
^: هذه التيارات المعارضة لإيران كم تمثل نسبتها من إجمالي شيعة العراق؟
| من الصعب ـ اليوم ـ أن تزن الشعب بهذه التيارات، حيث إن ظهور التيارات السياسية في العراق حديث، نحن في السابق لم نكن نعرف سوى سلطة الرجل الواحد والحزب الواحد، ولا يوجد مجهود شعبي في مجال التكتلات السياسية، لكن أنا أتكلم عن الطبقة العامة، الطبقة العامة حسب دراستنا لها: شيعية، أو سنية، أو كردية هي مع الوحدة الوطنية، هي مع وحدة العراق، مع عدم تدخل الأجنبي حتى إن كان إيرانياً، هذا الشكل عام؛ لكن يوجد أناس ولاؤهم لإيران، يوجد أناس ولاؤهم لتركيا مثل: التركمان، هذا موجود، لكن نحن نتكلم عن الشريحة العامة كونها مع عراق واحد يتعايش أهله سلمياً.
^: هل يمكن أن يحقق مطلب الانتخابات المبكرة الذي تبنّته جبهة التوافق السنّية في لقاء رئيسها مع (جورج بوش) مؤخراً هدفَ العراق الموحد؟
| نحن نعتبر أي عملية سياسية في ظل الاحتلال فاشلة حتى لو تمَّ إعادة الانتخابات.
^: حتى لو تمّت بإشراف دولي؟
| الإشراف الدولي يقلِّل من نسبة الخطأ دون شك، لكن ستبقى المشكلات قائمة بسبب الطعون في العملية السياسية في ظل الاحتلال، يعني: لماذا لا نُعطى حقنا؟ حقُّنا أن يخرج الاحتلال، وأن تتم عملية انتخابية بإشراف دولي، وآنذاك من ينجح سيدينُ له الجميع.
البيان: هناك تقديرات بأن انسحاب الاحتلال سيشعل حرباً أهلية؟
| لا؛ الاحتلال هو الذي يدعم المليشيات، وإن لدينا وثائق تدل على ذلك، الاحتلال هو الذي يسهل الطريق للمليشيات للذبح.
^: إذاً؛ لماذا يبدو الاحتلال في الفترة الأخيرة وكأنه ضد ميلشيات جيش المهدي؟
| هذا كلام يدخل في باب المساومات مع إيران والضغط عليها، إنما الخط الثابت لا يزال على الميدان، الجيش الأمريكي يطهر تطهيراً طائفياً، وسبق أن قلت هذا قبل سبعة أشهر في مؤتمر صحفي موثق في مواقع الإنترنت، هناك قادة أمريكان من حقهم أن يقفوا مكان (سلوبودان ميلوسيفيتش) ؛ لأنهم يرتكبون الجرم نفسه.
^: كيف هو قبول الشارع السنّي للعملية السياسية؟
| الآن هناك شبهُ إجماع على رفضها في تقييمنا نحن؛ لأنهم وجدوا أن لا ضوء في نهاية النفق.
^: لماذا يحرص الأمريكيون على وجود مشاركة سنّية سياسية؟
| لأنها تعطي شرعية للحكومة وشرعية لنجاح العملية السياسية، الأمريكان لا يهمهم حقوق الناس ولا يهمهم حقيقة الأمور. هناك مَثَلٌ أستشهد به دائماً يقول: إن الأمريكيين يقولون: ليس المهم ما هي الحقيقة، إنما المهم كيف تقنع الناس أن هذه هي الحقيقة. هذه مشكلتهم، المهم أن يقتنع الناس أن هناك انتخابات. وتذكر بعد مرور أربع سنوات على الاحتلال ظهر بوش وتكلم عن الحرية في العراق والانتصار، والناس مذبوحة وجائعة، فهذه مشكلة، إلى أن صدر تقرير (بيكر) والذي كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فهو الآن لا يستطيع أن يخرج مرة أخرى ويقول فيه كلمة (الحرية) ؛ لأن ذاك التقرير قد كشف المستور.
^: ما مواطن الاتفاق بين هيئة علماء المسلمين والحزب الإسلامي؟
| بعيداً عن العملية السياسية فموقفنا لا يختلف عن موقفهم. هم طبعاً يختلفون عن غيرهم. هم لم يأتوا على الدبابة الأمريكية، هم يسمون الاحتلال احتلالاً، لا ينكرون المقاومة، هذه كلها نقاط التقاء، لكن اختلافنا قائم في العملية السياسية، نحن نعتقد أن الدخول في العملية السياسية هو إنجاح للمشروع الأمريكي وإضاعة للحق العراقي، وهم كانوا يرون الدخول في العملية السياسية ضرورة للحصول على ما يمكن الحصول عليه تحت شعار: (شيء خيرٌ من لا شيء) ، نحن كنا نقول: هذا الشيء سيضيع كل شيء.
^: يثير قرار توقيف الشيخ (حارث الضاري) مخاوف من احتمال بقائه خارج العراق بصورة دائمة، أي: يصبح معارضاً من الخارج؟
| ممكن، هذا وارد، الدكتور (حارث) أمين عام الهيئة، لكنَّ الهيئة كلها في العراق، لا يوجد في الخارج سوى الدكتور؛ وأنا بسبب أني ناطق رسمي، وأصبح الإعلام في العراق شبه محرّم، فلذلك الهيئة انتدبتني للإقامة في عمّان في هذه الفترة، وهناك من يقول: إن المذكّرة هي بغرض إضعاف رمزية فضيلته.
^: لماذا اقتحمت هيئة علماء المسلمين ميدان السياسة وهي مؤسسة علمية شرعية في الأساس؟
| هذا صحيح، الهيئة أُسِّست على أساس أن تكون مرجعية شرعية، ونحن في بداية الاحتلال لم نكن ندخل في الموضوع السياسي، ونقول: لكلٍّ اختصاصه، لكن حين شُكّل مجلس الحكم خلت الساحة من موقف ضد الاحتلال؛ فهل يعقل هذا؟ فكان لا بد للهيئة أن تمارس دوراً سياسياً، لكن هذا لا يعني أننا حركة سياسية، نحن حتى اللحظة لسنا حركة سياسية، لسنا حزباً سياسياً، ليس لدينا طموح في السلطة، هذه عندنا ثوابت، نحن هيئة شرعية، لكن لها مواقف سياسية بحسب مقتضيات الواقع، نحن لسنا علمانيين، السياسة جزء من الدين، بل الدين هو سياسة الناس، ولو وجدنا أن هناك أحزاباً سياسية تقوم مقامنا لم نقترب هذا الميدان؛ لأن ميداننا الطبيعي هو المساجد والدعوة، بصراحة نحن دائماً نقول: هذه جنّتنا، لكن لما خلت الساحة فجأة من أي صوت معارض للاحتلال شعرنا بالرعب، وهذه أمانة تاريخية، فاضطررنا أن نقوم بالمهمة.
^: تواجه فصائل المقاومة حالياً ضغوطاً هائلة لدفعها إلى التمثيل السياسي والتفاوض؛ هل ترون ذلك يناسب دور المقاومة العراقية؟
| رأي الهيئة بشكل عام أن المقاومة يجب أن تبقى في الميدان، إذا استُدرجت للسياسية فستضعف، النهاية علمها عند الله. نحن لا ننصح المقاومة بالتورّط، وبالفعل تورّطت بعض الفصائل، وتمَّ اختراقها، وتمَّ استهدافها واستهداف قادتها ممن فتحوا قنوات اتصال مع الأمريكيين، المقاوم تنتهي مهمته يوم يحقق هدفه وهو خروج الاحتلال، والسياسة يمارسها آخرون، وفي تقديري الشخصي الجزء الأعظم من المقاومة هو في ميدانها، لكن هناك بعض الفصائل تحاول أن تجرب خطاً آخر.
^: التفجيرات التي تحدث وسط تجّمعات شيعية مدنية مثل تجمّعات العمّال؛ هل هي من أعمال المقاومة في تقديركم؟
| إن هذه الأعمال في رأيي الشخصي إنما هي أعمال مخابرات دولية تتناوب عليها المخابرات التابعة لـ (السي آي إيه) والموساد ومخابرات بعض دول الجوار، وهذا لم أقله أنا، بل قاله وزير الداخلية في حكومة (إياد علاوي) (فلاح النقيب) ، فعندما سألوه عن المفخخات قال: لدينا ملف كامل عن المفخخات مسؤولة عنها إحدى دول الجوار، أو الجزء الأعظم منه مسؤولة عنه إحدى دول الجوار.
^: لكن في بعضها يقوم أشخاص بتفجير أنفسهم؟
| ممكن، ففي إيران توجد كتائب (استشهادية) فيها أربعون ألف متطوع ومتطوعة، هذا نقله مركز (زاد) للدراسات الإيراني المعروف، حيث ذكر أن هناك عناصر من كتائب خاصة تنفذ العمليات في العراق.
الساحة مفتوحة، وكل شيء وارد، أنا لا أنكر أن يكون هناك بعض (المتشددين) يفعلون هذا، ربما، لكن هناك عمليات غير منطقية، كالتي تقع في الأسواق مثلاً، أو في أماكن تجمّع العمّال البسطاء. وأريد أن ألفت الانتباه إلى ملاحظة هامة، وهي أن كثيراً من العمليات ليس فيها استشهاديون أو انتحاريون؛ إنما القنوات الإعلامية تأخذالمعلومات من الشرطة، والشرطة بدورها إنما هي ميليشيات كلها، فهي على الفور تبث لوسائل الإعلام أنها عمليات انتحارية؛ لكي تتهم بها المقاومة، وقد سألت خبراء متخصصين في التفجيرات حتى نكتشف هذه العملية: أكانت استشهادية أم انتحارية؟ فأجابوني: حتى يأتي الخبير، والخبير يتراوح زمن قدومه بين ثلاثة أرباع الساعة إلى الساعة. ولو لاحظنا زمن إعلان خبر التفجير، فإنه يكون خلال دقائق معدودة نبأ بأنها عملية انتحارية.
ولو سألت قناة الجزيرة أو العربية: من أين عرفتم أنها انتحارية؟ فسيقولون لك: إنها كانت مصادر الشرطة. وإن مصادر الشرطة ليست مصادر مؤسساتية مستقلة حتى تعطيك معلومات صحيحة.
البيان: بخلاف الجنوب؛ ما أكثر المناطق التي يتعرض أهل السنّة فيها للذبح؟
| بغداد وضواحي بغداد، كل هدفهم بغداد؛ لأنه من يملك بغداد يملك العراق. إيران همّها بغداد، والحكومة همّها بغداد، والأمريكان همّهم بغداد، والمقاومة همّها بغداد، والمعركة الفاصلة ستكون في بغداد.
^: هل فعلاً يتم تهجير السنة قسراً في بعض الأحياء؟
| إي والله، إنهم يهجّرون ويقتلون ويذبحون بأبشع مجزرة في التاريخ (القديم والحديث) .
^: كم كانت نسبة السنة في بغداد في بداية الاحتلال؟
| نسبة السنة تقدّر النصف تقريباً (50%) إن لم يكن أكثر! في تقديري الآن انخفضت النسبة إلى الربع. هذا مخطط أمريكي مرسوم. إن الهدف القائم الآن من قِبَل الحكومة والمليشيات الإنهاء على الوجود السنّي في بغداد، عنذ ذلك تملك بغداد ثم تملك العراق.
^: هل يمكن أن تنجح إيران في إقامة الفيدرالية؟
| لا أعتقد أن هذا سيحدث، هذا ليس من مصلحة الدول، وأنا قلت هذا منذ وقت مبكر، سيضطر الأمريكيون أن يعيدوا الحكم الموحد القوي للعراق.. الفيدرالية لو أُقيمت فإنها تعني: أن إيران ستضع الخليج ودوله بين فكّيها.
^: ما مكاسب الصفويين من السيطرة على بغداد؟
| سيسيطرون على الجنوب كله، وعلى كل منابع النفط، وربما يمتدون إلى سامراء، وهذا مخططهم، ويأخذون الوسط والجنوب، ويصير السنة في الأنبار وصلاح الدين والموصل، وهذا هو المخطط.
^: والموصل ينازع عليها الأكراد؟
الأكراد نعم. وإذا لم تتحسن الأمور فإننا من الممكن أن ندخل في نفق مظلم لا نهاية له.