أحمد بن سعيد الزهراني
يجلس القائد عامر ثم يقوم يتحرك يميناً وشمالاً ...
يدخل خالد على فسطاط القائد عامر ليبادره مسرعاً:
ـ ما لك أيها القائد! كأنك تترقب شيئاً من بعيد؟
ـ نعم، سيأتي إن شاء الله تعالى.
ـ ما الذي سيأتي أيها القائد؟
ـ النصر، النصر إن شاء الله.
ـ النصر! كيف ونحن اليوم ننهي شهراً في حصار هذا الحصن النصراني المنيع، والجيش في عنت شديد؟
ـ سيأتي النصر إن شاء الله. لتكن ثقتك بالله عالية، فالله مولانا، ولا مولى لهم.
ـ نعم. نِعْم المولى ونعم النصير.
بعد لحظات يدخل أحد الجنود مسرعاً إلى فسطاط القائد:
ـ سيدي! سيدي!
ـ ما عندك يا منصور؟!
ـ سيدي، لقد ظهر أحد العلوج من فوق الحصن يَسبُّ رسول الله # بأشنع الشتائم، وأقذع السباب!
ـ (القائد في غيظ) : قاتلهم الله! كيف يتجرؤون على رسول الله؟ وأيم الله، لأسحقنَّهم تحت أقدامي، ولن أغادر أرضهم حتى أراهم مجندلين على الأرض أمواتاً ... أَوَ يُطعن في رسول الله ونحن أحياء؟
يتدخل الشيخ حامد في لطف قائلاً: هدِّئ من روعك أيها القائد، فوالله ما هو إلا النصر قد اقترب، فمع غيظنا على شتمهم لرسول الله # إلا أننا لنستبشر بانتقام الله لرسوله، وهزيمته لهؤلاء الأوغاد.
ـ ولكن ... ما حال الجنود يا منصور؟
ـ ثارت حميتهم لرسول الله #، وهم الآن مستبسلون في فتح الحصن، وقد صاروا قاب قوسين أو أدنى من فتحه.
بعد فترة قصيرة يسمع القائد تكبيراً عالياً، فيخرج ليرى أحد الجنود مقبلاً ينادي:
ـ أبشر أيها القائد! لقد فُتح الحصن على أيدي الجنود البواسل.
ـ (القائد في ابتسامة) : الحمد الله، الحمد لله.
ـ (الشيخ حامد) : ألم أقل لك أيها القائد: أنّ الله يغار على رسول الله #؛ فينتقم له منهم؟
ـ صدقت، صدقت. فالله يقول: {إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} [الأحزاب: 57] .