مما يؤسف له أن يقع بعض المتعلمين فيما تقع فيه العامة من الجرأة على الشريعة في التحليل والتحريم بلا خوف من الله ولا وازع من ضمير، والأشد أسفاً أن يحصل ذلك أحياناً من بعض المنتسبين إلى العلم والفكر الإسلامي، وهم الذين يعلمون أنهم الموقِّعون عن رب العالمين، وفيهم ألّف العلاَّمة ابن القيم كتابه الجليل (إعلام الموقعين عن رب العالمين) . ولخطورة الإفتاء بلا علم ولا فقه كان الصحابة يتدافعون الفتوى. ولقد لمسنا مؤخراً فتاوى مستنكرة مخالفة في ذلك الأدلة المحكمة والإجماع، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
ما نُقل عن بعضهم من طوامّ منها (تجويزه زواج المسلمة من الكتابي) ! و (جواز إمامة المرأة للرجال) و (مساواة شهاة المرأة بشهاة الرجل) ! ونحوها من الفتاوى التي أنكرها عليه علماء بلده وغيرهم.
وما نشر من عميد سابق لإحدى كليات الشريعة في دولة خليجية من دعاوى مثل (جواز الطواف حول القبور) !!
وما أفتى به أحد المفتين المشهورين من تجويزه للمسلم المقيم في الغرب بيع الخمر ولحم الخنزير لغير المسلمين!
ومن ذلك القبيل ما قاله أحد طلبة العلم المعممين من زعم أن حكم الردة تعزيري وهو مفوض للسلطة ولا يعني القتل بالضرورة.
أما صاحب كتاب (قراءة للإسلام من جديد) فهو يجمع سيئات المتساهلين؛ لزعمه أنَّ الإسلام هو القرآن فقط، أما السنة والإجماع والاجتهاد فهي بنظره مصادر ما أنزل الله بها من سلطان!!
ونحتار لتعليل تلك الفتاوى الباطلة والآراء الغريبة ولا نجد لها سبباً وجيهاً، وهي في نظرنا تعود لما يلي:
1 ـ الانهزامية أمام دعوات أعداء الإسلام الذين يطالبون بتطوير أحكام الدين حتى لا يوصَفوا بالتشدد والأصولية.
2 ـ تبنيهم لمنطلقات رموز مدرسة أهل الأهواء الذين لا يقيمون للأدلة الشرعية وزناً.
3 ـ عقدة المخالفة كما يقال (خالف تعرف) ليكونوا حديث الناس والإعلام.
4 ـ قلة الورع والمجاملة لبعض المنحرفين من العامة والخاصة.
ولا شك أن هؤلاء بإفتاءاتهم يشككون الناس بأمور دينهم، ويلبسون الحق بالباطل. نسأل الله العافية.
وما زلنا نحسن الظن بأولئك، بالرجوع عما زلوا فيه؛ لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، ونذكِّرهم والذكرى تنفع المؤمنين بقول الله ـ جل وعلا ـ: {آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} ؟ .
[يونس: 59]
اللهم يا مقلب القلوب ثبتنا وسددنا!