مجله البيان (صفحة 5556)

آداب مزاولة مهنة الطب من منظور إسلامي

أ. د. عبد الفتاح محمود إدريس

إن للطب آداباً يجب على من يمارس أعماله أن يترسمها، وأن لا يتنكب عنها، حتى لا يتعرض للمساءلة من الجهات التي تراقب مدى التزامه بآداب مهنته، والتي قد تؤاخذه على تقصيره في مراعاة هذه الآداب، بحرمانه من ممارسة عمله، وإلغاء ترخيصه بمزاولة هذه المهنة، وإغلاق عيادته أو المشفى الذي تم الترخيص له به، وقد تحيله هذه الجهات إلى المحاكم الجنائية، إذا كان إخلاله بهذه الآداب يمثل جريمة يعاقب عليها القانون.

وقد كانت الشريعة الإسلامية سباقة في بيان الآداب الشرعية، التي ينبغي على من يعمل في مجال الطب أن ينهجها، وإلا كان آثماً شرعاً، وهذه الآداب يمكن حصرها في الاتجاهات التالية:

1 ـ آداب عامة يراعيها الأطباء في سلوكهم وعند مزاولة مهنتهم.

2 ـ آداب يراعيها الطبيب نحو المريض الذي يعالجه.

3 ـ آداب يراعيها الطبيب نحو المجتمع الذي يمارس فيه مهنته.

4 ـ آداب يراعيها الطبيب نحو زملائه في المهنة.

- أولاً: الآداب العامة:

وتتمثل هذه الآداب فيما يلي:

1 ـ أن يحافظ الطبيب على السلوك السوي لمهنته، وأن تكون حياته الخاصة والعامة بعيدة عن الشبهات، ويتأتى هذا بعدم مشاركته في الأنشطة التي لا تتفق وآداب مهنته، وأن يلتزم بالمبادئ العامة للأخلاق كما دعا إليها الإسلام إن كان مسلماً، أو كما دعت إليها الشرائع السماوية؛ فقد روى النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام» (?) .

2 ـ أن يتخذ الطبيب لنفسه غاية في ممارسته لمهنته، وهي واجب المحافظة على الحياة الإنسانية، والدفاع عنها، وعلاج المرضى وتخفيف الألم عنهم، وذلك كله بقدر الاستطاعة، وأن يبذل جهده في تحقيق هذه الغاية، ولا ينبغي أن يكون دافعه من ممارستها تحقيق المنفعة الشخصية أو الكسب المادي. قال ـ تعالى ـ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268] ، وينبغي عليه أن يؤمن بأنه لن يحصل من سعيه إلا ما قدره الله له، وأنه لن يموت حتى يستوفي ذلك كله؛ فقد روي عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن رُوح القُدُس نفث في رُوعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها؛ فاتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ خذوا ما حل، ودعوا ما حرم» (?) .

3 ـ أن لا يوجه الطبيب إمكاناته وخبراته للأذى أو التدمير، أو إلحاق الضرر البدني أو النفسي بالإنسان، مهما كانت الاعتبارات السياسية أو العسكرية؛ فقد نهى الشارع عن الضرر ومضارَّة المسلم؛ إذ روي عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» (?) ، وروي عن أبي صرمة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من ضارَّ مسلماً ضارَّه الله» (?) .

4 ـ أن يعمل على تنمية خبرته في الطب؛ وذلك بالاطلاع على الأبحاث المتخصصة في مجال عمله، وحضور الندوات والمؤتمرات التي تناقش فيها الأعمال الطبية، والوقوف على ما قد يرد على النظريات المختلفة في التشخيص والعلاج من تعديل أو إضافة، وعلى الجديد في وسائل المداواة والمعالجة وغيرها من المجالات الطبية؛ فقد رغب الشارع في طلب العلم والتزود منه في نصوص كثيرة، منها: قول الله ـ تعالى ـ: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] .

5 ـ للطبيب أن يقوم بإجراء البحوث العلمية في مجال تخصصه، على ألا تشتمل حريته في البحث العلمي على قهر الإنسان أو قتله أو الإضرار به، أو تعريضه لضرر محتمل، أو التدليس عليه أو استغلال حاجاته المادية، ولا ينبغي أن تشتمل خطوات البحث العلمي أو تطبيقاته على أمر يعد من المحرمات التي حرمها الإسلام كالزنا، أو اختلاط الأنساب، أو التشويه والعبث بمقومات الشخصية الإنسانية عن طريق الهندسة الوراثية، لنهي الشارع عن ذلك كله، ومن الأدلة الدالة على تحريم ذلك قول الله ـ تعالى ـ في تحريم الزنا: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء: 32] ، وقد ورد في تحريم انتساب الإنسان إلى غير أبيه ما رواه سعد بن أبي وقاص وأبو بكرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من ادعى أباً في الإسلام غير أبيه؛ وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام» (?) ، كما ورد في تحريم إلحاق نسب مولود بمن ليس منهم ما روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يُدخِلها الله جنته» (?) . وورد في تحريم العبث بمقومات الشخصية الإنسانية عن طريق استعمال الهندسة الوراثية، واتباع الشيطان في غوايته إلى تغيير خلق الله ـ تعالى ـ قول الله ـ سبحانه ـ عن محاولة إبليس إيقاع الإنسان في هذه المعصية: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} (?) [النساء: 119] ، ثم قال ـ سبحانه ـ محذراً من اتباع الشيطان في ذلك: {وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} [النساء: 119] ، وروى علقمة عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلِّجات للحسن المغيِّرات خلق الله، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنتَ الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيِّرات خلق الله؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله ـ عز وجل ـ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7] » (?) ، فهذه الأدلة وغيرها دليل على حرمة تغيير خلق الله ـ تعالى ـ والعبث في الصورة الإنسانية التي فطر الله ـ تعالى ـ الناس عليها، عن طريق إجراء التجارب التي يقصد منها هذا العبث.

- ثانياً: الآداب المتعلقة بالمريض:

وتتمثل هذه الآداب فيما يلي:

1 ـ أن يبذل الطبيب لمريضه النصح، وأن يفيده إفادة تامة عن كل ما يتعلق بمرضه؛ فقد روي عن تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الدين النصيحه ـ ثلاثاً ـ قلنا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم» (?) .

2 ـ أن يصارح الطبيب مريضه بعلته إن كان في ذلك ما يفيده، وأن يختار الطريقة المناسبة لإنهاء حقيقة مرضه إليه، وليتلطف معه، وأن يعمل على إذكاء إيمان المريض وإنزال السكينة في نفسه، وتوثيق رباطه بالله ثقة يهون بها ما سواه؛ فقد روي عن عبد الملك بن عمير «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما زار أم العلاء الأنصارية وهي تتوجع، قال لها: أبشري يا أم العلاء! فإن مرض المسلم يحط الله به عنه خطاياه، كما يحط عن الشجرة أوراقها في الخريف» ، وفي رواية أخرى بلفظ: «فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه، كما تذهب النار خبث الذهب والفضة» (?) .

3 ـ أن يؤنس الطبيب مريضه ببشاشته وطلاقة وجهه؛ فقد روي عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» (?) ، وروي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنكم لا تَسَعون الناس بأموالكم، ولكن لِيسَعْهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق» (?) . وينبغي على الطبيب أن يهوِّن عن المريض ما هو فيه من مرض، وإن رأى في مرضه ضرراً عليه تلطف في إبعاده عنه، واعداً إياه بذلك تطييباً لنفسه؛ فقد روي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يسِّروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا» (?) .

4 ـ أن يكون عمل الطبيب مجرداً عن العوامل النفسية التي قد تؤثر في أدائه؛ فليس له أن يفرق بين المرضى بحسب الدين أو العقيدة، أو الفكر أو الجنس أو اللون أو نحو ذلك؛ فقد قال الحق ـ سبحانه ـ في النهي عن اتباع الهوى فيما يقوم به المرء: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135] .

5 ـ أن يعالج الطبيبُ العدوَّ كما يعالج الصديق؛ فليس له أن يغير من طريقة علاجه مع أعدائه، وعلى الأطباء في المجتمع الإسلامي ـ بوصفهم أعضاء في المجتمع الطبي الدولي ـ أن يتعاونوا على الصعيد العالمي للدفاع عن الحياة ومعالجة المرضى؛ بحيث تؤدي هذه الغاية إلى تحقيق رسالة الطبيب في الحياة بالنسبة لجميع المرضى. قال الله ـ تعالى ـ: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} . [المائدة: 8] (?)

6 ـ أن يحافظ الطبيب على أسرار مريضه، سواء وصلت إليه عن طريق القول من المريض أو من ذويه، أو عن طريق الفحص أو التحليل، أو رآها الطبيب أو استنتجها من حالة المريض، وأن يحيطها بسياج من الكتمان، احتراماً للثقة الموضوعة فيه، بحسبان هذه الأسرار أمانة أودعها المريض أو ذووه عنده، أو أُودِعت عنده بمقتضى عمله، وقد أمر الله ـ تعالى ـ بحفظ الأمانات ورعايتها وعدم الخيانة فيها، فقال ـ سبحانه ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27] ، وقال ـ سبحانه ـ في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8] ، وقد اعتبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيانة الأمانة إحدى خصال النفاق؛ إذ روى عنه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» (?) ، ولا يخلُق بمسلم أن يتصف بصفة من صفات المنافقين.

7 ـ أن يجند الطبيب كل علمه وخبرته في أن يجتاز المريض ما بقي له من العمر في حسن رعاية، من غير ألم ولا عذاب، وذلك بما تهيأ له من أسباب العلاج والرعاية، وأن يبذل جهده في تحقيق ذلك؛ إذ أمر الله ـ تعالى ـ بالوفاء بما ألزم الإنسان نفسه به بمقتضى العقود، فقال ـ سبحانه ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ، ونهى عن الخيانة فيما يؤديه الإنسان من عمل، وذلك بأدائه على الوجه الذي يؤدي إلى النتيجة المرجوة من أدائه، فقال ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} [الأنفال: 27] .

8 ـ أن لا يصف الطبيب دواء يقتل المريض أو يضر به، أو دواء يسقط الأجنة أو يؤدي إلى العقم من غير ضرورة إليه، أو أن يفعل بالمريض ما يضر به، لنهي الشارع عن الإضرار بالغير أو التسبب فيه.

9 ـ أن يستشير الطبيبُ غيرَه من الأطباء الذين لهم خبرة بالمرض الذي يعالجه، إن كان يجهل كيفية تشخيصه أو طريقة معالجته، لقول الحق ـ سبحانه ـ: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] ، وعليه أن يتنحى عن معالجة المريض، ليتركها لمن يكون أقدر عليها من الأطباء، إن كان لا يأنس من نفسه القدرة على ذلك؛ فقد روي عن زيد ابن أسلم «أن رجلاً في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصابه جرح، فاحتقن الدم، وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار فنظرا إليه، فزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لهما: أيكما أطبُّ؟ فقالا: أوَ في الطب خير يا رسول الله؟ فزعم زيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أنزل الدواءَ الذي أنزل الأدواء» (?) .

10 ـ أن لا يُنهي الطبيب حياة مريض ميئوس من برئه متعذب من آلامه، بل ينبغي عليه أن يخفف من آلامه بقدر الاستطاعة حتى يأتي أجله المحتوم؛ لأن إنهاء حياته قتل له بغير حق، وقد جاءت نصوص كثيرة تنهى عن ذلك، منها قول الحق ـ سبحانه ـ: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالْحَقِّ} [الإسراء: 33] ، وما روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «اجتنبوا السبع الموبقات! قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» (?) .

- ثالثاً: الآداب المتعلقة بالمجتمع:

وتتمثل هذه الآداب فيما يلي:

1 ـ يجب على الطبيب في المجتمع المسلم أن يكون على علم بأحكام الإسلام التي تتعلق بمهنته، وأن يلتزم بها، حتى لا يكون منه فعل أو وصف مخالف لهذه الأحكام، ومن ذلك: الأحكام المتعلقة بما تشتمل عليه الأدوية من مفردات مباحة أو محرمة، والأحكام المتعلقة بالإجهاض والتلقيح الصناعي، وتنظيم النسل، والتعقيم، ومداواة أحد الجنسين للجنس الآخر، وما يتعلق بذلك من أحكام الخلوة، والنظر إلى ما يعد عورة، ومس ذلك من المريض أو المريضة، ونحو ذلك.

2 ـ أن يراعي طبيعة المجتمع وما جرت عليه عادات أفراده في الأمور المباحة، وذلك لتقرير ما يأخذ وما يدع من السياسات الطبية، حتى لا يكون فيما يتبعه من ذلك شذوذ، قد يضر بأفراد المجتمع الذي يمارس فيه مهنته، ولا يأتي بأفعال فيها مجافاة لما درج عليه المجتمع من عادات، لا تتعارض مع أحكام الشريعة.

3 ـ أن لا يقتصر دور الطبيب على مداواة المرضى، بل يجب أن يمتد ليشمل التنبيه على أساليب الوقاية من الأمراض المختلفة، وأن يهتم بمكافحة العادات التي تضر بأفراد المجتمع، كشرب المسكرات أو المخدرات، وأن يبين الأضرار التي تنشأ عن ذلك، أو عن عدم التمسك بالفضيلة والعفة أو بآداب الشرع الحنيف؛ لأن هذا من قبيل النصح الذي هو أحد ركائز الدين الحنيف.

4 ـ أن يستعين الطبيبُ بفقهاء الشريعة في إصدار الفتاوى ومساعدته بالرأي في المسائل التي يعتبر الترخص فيها بسبب المرض متوقفاً على رأي أهل الخبرة من الأطباء، وتلك التي يتوقف الحكم الشرعي فيها على قولهم، باعتبار ذلك شهادة منه فيما يتوقف الحكم الشرعي على قوله فيه؛ وقد نهى الحق ـ سبحانه ـ عن كتمان الشهادة، فقال ـ تعالى ـ: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] ، كما أنه يعد تعاوناً على البر الذي أمر الله ـ تعالى ـ به بقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] .

- رابعاً: الآداب المتعلقة بزملاء العمل:

ينبغي على الطبيب أن يعامل زملاءه بما يحب أن يعاملوه به، وأن يحافظ على علاقته الطيبة بهم، وأن لا يقلل من علمهم أو خبرتهم أو مهارتهم؛ فقد روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تنافسوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً» (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015