ما أهون الخلق على الله حينما يبارزونه بالمعاصي، ولذلك توعدهم
بالعذاب الأليم حينما يخالفون سننه ويجترئون على حرماته. وقد حكى القرآن الكريم صوراً من العذاب بالريح العقيم والزلازل والأعاصير، وهي بلا شك من غضب الله وليست كما يقول الجاهلون «غضب الطبيعة» وهي وعيدٌ للعباد لعلهم يعتبرون وليس، وآخرها إعصار كاترينا الذي ضرب أمريكا فتهدمت البيوت، وأحدث من الخسائر بالبلايين، ومات آلاف من الناس والدواب وأصبحوا لا يُرى إلا آثارهم، وتشرد الكثيرون، ونزل الجيش لإجلاء الناجين ولمحاولة السيطرة على الأمن المتفلت في «أورليانز» فأُجلي أول ما أُجلي البيضُ وتُرك السود والملونون كما ذكرت ذلك الأنباء، فأحدث ردود فعل عنيفة من التدمير المتعمد والسرقات مما أوقع حكومة بوش في مأزقٍ أضطرها راغمة إلى شن حملة علاقات عامة لتلافي آثار الإعصار، وطالبت دول العالم بإعانتها لأول مرةٍ في تاريخها بعد أن عاشت سنين طوالاً تختال بغطرستها وقوتها، ويأبى الله إلا أن يذيقها ما أذاقت غيرها من العذاب. ومما يؤسف له أن بعض سفهاء الكُتَّاب شنوا حملة ساخرة ضد من قال إن هذه الكارثة عقوبة إلهية. وهذا يدل على جهلٍ وسفاهة لأمرين:
1 ـ تناسيهم غطرسة أمريكا وظلمها وإذلالها لكل من خالفها.
2 ـ ولجهلهم أن المحافظين الجدد الذين يحكمون أمريكا برؤى توراتية؛ حيث سيَّسوا الدين، وحكموا بنبوءات دينية خرافية بأنهم سادة العالم وأن الله اختارهم لقيادة هذا العالم.
وهذا ما كشفه كُتَّابٌ أمريكيون منهم (نعوم تشومسكي) و (وليم بلوم) ويكفي لفضح أولئك المتظاهرين بالموضوعية المزيفة أنهم يكذبون الوحي الإلهي كما جاء في قصة عادٍ قوم هود: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف: 24 ـ 25] ، فالريح هي الريح ولن تدمر شيئاً إلا بأمر ربها، فهي سنَّةٌ جارية وقدر واقع مستمر يعاقب به الله الظالمين من كل البشر عندما يستحقون ذلك؛ فهل نعي العبرة من هذه الآية الربانية، أم على قلوبٍ أقفالها؟