صالح بن فريح البهلال
إن الله ـ جل في علاه ـ خلق الإنسان، مدنياً بالطبع، يُوْثِر الاجتماع على العزلة، فتراه يمر في أطوار حياته بين أبوين وإخوان، وأقاربَ وجيران، ومعارفَ وخِلان، وزوجٍ وولدان، وقد حتَّم عليه الشارع حضور بعض العبادات جماعةً؛ وكل هذا يلزم بها أن يتقن فقه التعامل مع الناس؛ حتى يسلمَ من نزَق الطبع، وطيش الحِلم؛ لأنه ـ غالباً ـ لا يسلم من أن يَجْهلَ، أو يُجْهَلَ عليه.
وإن مُنْعِم النظر في أحوال بعض الناس في هذا الزمان لَيجد أنهم يعانون من انشقاق العصا بينهم، ويلقوْن في ذلك نصَباً ناصباً؛ وذلك جرَّاءَ أمور مَهينة، انتهز الشيطان فيها فُرصة، واهتبل فيها غِرة، فصعَّد فيها وصوَّب، فانجلت عن شقاق، وسوء أخلاق.
وإليك أمثلةً ليست من نسج الخيال، وإنما هي من واقع الحال.
فهذا قد شاكس أباه على منعه حقاً له؛ لا يساوي معشار كد والده عليه.
وهذا قد قطَّع أخاه؛ لأجل اختلاف في قسمة ميراث.
وهذا قد فارق زوجه؛ إثر سوء تفاهم بينهما يَرِد مثله في الحياة الزوجية كثيراً.
وهذا قد ترك حلقته التي يتعلم فيها القرآن؛ لأن أستاذه فيها قسا عليه ـ مرة ـ.
وهذا قد سخط على فلان ـ من جماعة مسجدهم ـ لأنه ـ بزعمه ـ قد ابتلاهم بفتح أجهزة التكييف في المسجد.
وهذا قد هجر جاره؛ لأن ولد جاره خاصم ابنه مرة.
وهذا قد قطع صلة قريبه؛ لأنه تذرَّع به في شفاعة، فلم يشفع، ولم يرفع.
وهذا شكاكٌ مرتاب تكاد مرارته تنفطر من الغيظ، على فلان وفلان، لا لشيء؛ وإنما لأنه كلَّف نفسه ما لم تُكلَّف، فاشتغل بتفسير المقاصد، فهو ثائرٌ على فلان؛ لأنه قال كلمة في مجلس، يظن أنه لا يقصد غيره بها، وهو ساخطٌ على فلان؛ لأنه ـ بزعمه ـ متكبر، وافقه مرة فلم ينظر إليه إلا بطرْف فاتر، وهو منقبض عن فلان؛ لأنه فيما يظهر له ـ يتلظى صدره علىه من الحسد.
وتلك امرأة، تزوي ما بين عينيها ـ دوماً ـ على امرأة ابنها؛ لأنها لم تقم بحقها ـ زعمت ـ.
وأخرى صرمت حبال الوصل مع شقيقتها؛ وذلك لأجل خصومة أولادهما المتكررة.
إلى غير تلك الأحوال التي تنقبض لها الصدور، وتشمئز منها النفوس، وتُحدِث فيها لوعة مؤلمة، ومسّاً موجعاً.
وهذا بعض الإشارات في فقه التعامل مع الناس، علَّها أن تنظم شملاً قد تمزق، وتجمع شتاتاً قد تفرق.
فإلى المقصود، والله المستعان، وعليه التكلان؛ فما أحرانا بضرورة مراجعة نفوسنا وحسن الظن بإخواننا والتزام ما يلي:
1 ـ توطين النفس على معاملة الناس بمحاسن الأخلاق، وجميل الخِلال، وهذا من مسلَّمات الدين، ولأجله بُعث سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم -؛ إذ يقول: «إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق» (?) ، والآيات والأحاديث التي تحث على التحلي بمكارم الأخلاق، وتنهى عن سفسافها وافرة معلومة.
وهي من أعظم ما يجلب الودَّ، ويُحِلُّ الوفاق، وينفي الفُرقة، ويزيل الشقاق.
وإنك لترى الرجلَ الذي يذكر بِغلَظ الطباع، وفظاظة الأخلاق، ما إن تتطلقْ في وجهه، وتَهَشَّ له بكلام لين، إلا وتجد أثر ذلك فيه.
والكلام في الخُلُق الحسن، وأثره على صاحبه، وعلى الناس، يطول جداً، والخلاصة فيه: أنه لا يخيب صاحب أخلاق حسان أبداً، ولا يعنو كمداً؛ لأنه لا يحمل حسداً، ولا يؤذي أحداً.
وما الإشارات الآتية إلا وتتفيأ ظلال هذه الإشارة، وتمتد إليها بسبب متين، وتأوي فيها إلى ركن شديد؛ فهي خلاصتها، وعصارتها.
2 ـ معاملة الناس حسب طبائعهم التي أعطاهم الله إياها؛ فإن الله ـ سبحانه ـ كما قسم الأرزاق قسم الأخلاق؛ فمن الناس من هو حُرُّ الخلال، أَرْيَحِيُّ الطباع، يترقرق في وجهه ماء البِشْر.
ومنهم من هو فظ الأخلاق، صعب المراس، كأنما قُدَّ من صخر.
ومنهم من هو مبتغٍ بين ذلك سبيلاً، وقد أبان الرسول -صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقال: «إن الله ـ عز وجل ـ خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود، وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزْن، وبين ذلك» أخرجه أحمد (?) وأبو داود (?) والترمذي (?) .
وقد تمثل بعض الشعراء بهذا المعنى، فقال:
الناس كالأرض، ومنها هُمُ فمن خشن الطبع، ومن ليِّنِ
فجنْدلٌ تدْمى به أرجلٌ وإثْمِدٌ يوضع في الأعينِ
وبهذا يعلم أن معاملة الناس، ينبغي ألا تكون على وتيرة واحدة، بل يعامَل كلٌ منهم حسب طبعه، كما ـ تعالى ـ: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] .
قال العلامة الشنقيطي: « ... العفو معروف في كلام العرب، تقول لك: «خذ العفو مني» أي؛ خذ ما تسهَّل لك من أخلاق الناس، ووجدت منهم طِيباً بلا كلفة فخذ، وما جاءك من غير ذلك فاصفح عنه وتجاوزه ... » (?) .
وقال العلاَّمة السعدي: «الذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم» (?) .
وقد حفظت لنا عائشة ـ رضي الله عنها ـ موقفاً من المواقف النبوية التي تدل على حِذْقه -صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع الناس، تقول عائشة: «إن رجلاً استأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم - فلما رآه قال: «بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلَّق النبي -صلى الله عليه وسلم - في وجهه، وانبسط إليه. فلما انطلق الرجل، قالت عائشة: يا رسول الله! حين رأيتَ الرجلَ قلتَ له كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه، وانبسطت إليه؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «يا عائشة! متى عهدتِّني فحَّاشاً؟ إن شرَّ الناس عند الله منزلةً يوم القيامة من تركه الناس اتقاءَ فحشِه» أخرجه البخاري (?) ومسلم (?) .
قال القرطبي: «في الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش ونحو ذلك، من الجور في الحكم، والدعاء إلى البدعة، مع جواز مداراتهم؛ اتقاء شرهم ما لم يؤدِّ ذلك إلى المداهنة في دين الله ـ تعالى ـ» (?) .
كما يرى المسْوَر بن مَخْرَمة ـ رضي الله عنه ـ موقفاً في ذلك، فيقول: «قَدِمَتْ على النبي -صلى الله عليه وسلم - أقبيةٌ من ديباج، مزررة بالذهب، فقسمها في أناس من أصحابه، وعزل منها واحداً لمخْرَمة، فلما جاء مَخْرَمة، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم -: «خبأت هذا لك» أخرجه البخاري (?) من طريق أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن المسور. وقال أيوب بثوبه، وكان في خلقه شيء، قال الحافظ ابن حجر: «والمعنى أشار أيوب بثوبه ليُري الحاضرين كيفية ما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم - عند كلامه مع مَخْرَمة، ولفظ القول يطلق ويراد به الفعل؛ وإنما قيل في مخرمة ما قيل؛ لِمَا كان في خُلُقه من الشدة، فكان لذلك في لسانه بذاءة» (?) .
وبهذا يعلم أن سبب كثير من الشقاق، وسوء الوفاق، بين ابن وأبيه، أو زوج وامرأته، أو إمام وبعض جماعة مسجده، أو نحو ذلك؛ إنما هو بسبب الجهل بالطبائع ونوع الأنفس.
3 ـ معاملة الناس حسب منازلهم التي أنزلهم الله إياها؛ فالناس فيهم العالم والجاهل، والملك والسُّوقَة، والسائد والمسود، والغني والفقير، والكبير والصغير، والعاقل والمجنون، وغيرهم، فيعامل كلٌ حسب منزلته لا وكس ولا شطط.
قال السعدي: «فلا يتكبر على الصغير لصغره، ولا ناقص العقل لنقصه، ولا الفقير لفقره، بل يعامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال، وتنشرح له صدورهم» (?) .
وفيما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قولُه: «أنزِلوا الناس منازلهم» أخرجه أبو داود (?) ، وهو وإن كان حديثاً ضعيفاً، إلا أن في السنة شواهد كثيرةً تدل على معناه، ومنها:
ـ قوله -صلى الله عليه وسلم -: «يؤم القومَ أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سناً ... » أخرجه مسلم (?) .
ـ وقوله -صلى الله عليه وسلم -: «أراني في المنام أتسوَّك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواكَ الأصغرَ، فقيل لي: كبِّر، فدفعته إلى الأكبر منهما» أخرجه مسلم (?) .
ـ وقوله -صلى الله عليه وسلم -: إن من إجلال الله ـ تعالى ـ إكرامَ ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» إخرجه أبو داود (?) .
ـ وقوله -صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا» أخرجه أبو داود (?) والترمذي (?) .
ـ بل انظر إلى مَلَكَة الحكمة التي أوتيها الرسول -صلى الله عليه وسلم - حين دخل مكة فاتحاً، فجاء أبو سفيان فأسلم، فأراد الرسول -صلى الله عليه وسلم - تثبيت إسلامه، فقال: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» (?) فأبو سفيان من سادات قريش، ومثله يحب الفخر، فأشبع الرسول -صلى الله عليه وسلم - مشاعره بهذه الجملة.
وهكذا فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم - مع أولئك الرجال السادة في أقوامهم، الذين كانوا حدثاء عهد بكفر؛ فكان يعطيهم ما لا يعطي غيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يتألف قوماً، ويهجر آخرين، كما أن الثلاثة الذين خُلِّفوا كانوا خيراً من أكثر المؤلفة قلوبهم، لما كان أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم، فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم، وهؤلاء كانوا مؤمنين، والمؤمنون سواهم كثير، فكان في هجرهم عز الدين، وتطهير من ذنوبهم ... » (?) .
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم - في كتابه الذي أرسله إلى هرقل: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ، عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم..» أخرجه البخاري (?) ومسلم (?) .
فتأمل قوله -صلى الله عليه وسلم -: «عظيم الروم» .
إلى غير لك من الأحاديث الوافرة في هذا الجانب، التي تحتِّم أن يُعطَى كلُّ ذي منزلةٍ حقَّه اللائق بحاله؛ فللأمير حق، وللعالم حق، وللوجيه حق، وللوالد حق، وللولد حق، وللزوج حق، وللزوجة حق، وللكبير حق، وللصغير حق، وللتلميذ حق، ولإمام المسجد حق، ولناقص العقل حق، وكلّ له حق بحسبه، وليس المجالُ مجالَ بسط لهذه الحقوق؛ ولكن القصد هو الإشارة بأن إنزال الناس منازلهم سبب متين؛ لتقوية آصرة الألفة والمودة، ونبذ الشقاق وسوء الأخلاق.
4 ـ معاملة الناس حسب ظواهرهم، فلا يُشتغل بتفسير المقاصد؛ فمن الناس من تجده شكاكاً في الناس، مرتاباً في تعاملهم معه، تتجاذبه فيهم الظنون، وتتوارد عليه الرِّيب؛ فلسان حاله: فلان قد رابني أمره، ولست على يقين من فلان، وإني لفي مرية من فلان.
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدَّق ما يعتادُه من توهُّمِ
وعادى محبيه بقول عُداته وأصبح في ليل من الشك مظلم
فلا يزال هذا المسكين يعاني في هذا الأمر صعَداً، ويقاسي منه نَصَباً، حتى يخلد إلى الانزواء، فيتفرق شمله، وينتثر نظمه.
وإن في هذا الفعل مُجافاةً لقوله ـ تعالى ـ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ} [الحجرات: 12] .
وقوله -صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث» أخرجه البخاري (?) ومسلم (12) .
وقد ورد في السنة ما يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان يتعامل مع الناس حسب ظواهرهم، دون إيغال في النيات، أو تحسس في المقاصد، فمن ذلك:
ما رواه أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ قال: «بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فصبَّحنا الحُرُقات من جهينةَ، فأدركت رجلاً، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي -صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «أقال: لا إله إلا الله وقتلته؟» قال: قلت: يا رسول الله! إنما قال خوفاً من السلاح، قال: أفلا شققت عن قلبه، حتى تعلم أقالها أم لا؟! فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ» أخرجه البخاري (13) ومسلم (14) .
وما رواه أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ في قصة الرجل الذي قال للرسول -صلى الله عليه وسلم -: اتق الله ـ لمَّا قسم الرسول -صلى الله عليه وسلم - تلك الذُّهَيْبة التي بعث بها علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ من اليمن على المؤلفة قلوبهم ـ فقال خالد: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «إني لم أُومَر أن أنقِّب عن قلوب الناس، ولا أشقَّ بطونهم» أخرجه البخاري (15) ومسلم (16) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن المنافقين الذي قالوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] هم في الظاهر مؤمنون يصلُّون مع الناس ويصومون ويحجون ويغزون، والمسلمون يناكحونهم ويوارثونهم، كما كان المنافقون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ولم يحكم النبي -صلى الله عليه وسلم - في المنافقين بحكم الكفار المظهرين للكفر، لا في مناكحتهم، ولا موارثتهم، ولا نحو ذلك، بل لما مات عبد الله بن أبي سلول ـ وهو من أشهر الناس بالنفاق ـ ورثه ابنه عبد الله، وهو من خيار المؤمنين، وكذلك سائر من كان يموت منهم يرثه ورثته المؤمنون، وإذا مات لأحدهم وارث ورثوه مع المسلمين» (?) .
وقد أخرج البخاري (?) عن الخليفة المحدَّث، عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قوله: «إن أناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم؛ فمن أظهر لنا خيراً أمنَّاه وقرَّبناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنْه ولم نصدقْه، وإن قال إن سريرته حسنة» .
فكل هذه الأدلة تبين بجلاء أنه يتحتم على المسلم أن يعامل أخاه بما يظهر منه، ويكل سريرته إلى الله؛ وبذلك تقوى صِلاته، وتطمئن نفسه، وتنجلي عنه مزعجات التفكير، ودوامات القلق.
5 ـ استحضار أن الخطأ من طبيعة الإنسان، وأنه لم يسلم منه إلا من عصمه الله من أنبيائه ورسله، وقد قرر النبي -صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون» أخرجه الترمذي (?) ، وابن ماجه (?) .
ومن لك بالمهذب بالندب الذي لا يجد العيب إليه مختطى
فمن الخطأ أن يتصور امرؤٌ مثاليةً في شخص، سواء كان امرأة سينكحها، أو عالماً سيتتلمذ عليه، أو رجلاً سيخالطه ويعاشره، أو غير ذلك، ثم يحاسبه بناء على ذلك، وربما انتبذ عنه مكاناً قصياً؛ بل عليه أن يعامله معاملةً واقعيةً، نابعةً عن معرفة بطبيعة البشر التي يعتريها الجهل والخطأ والنسيان.
وانظر إلى فعل حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ وهو من البدريين الذين قال الله فيهم: «اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم!» حيث أرسل إلى كفار قريش كتاباً يخبرهم فيه بعزم الرسول -صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في التوجه لفتحها، فأنزل الله فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] الآية (?) .
قال الحافظ ابن حجر: «وفي هذا الحديث من الفوائد، أن المؤمن ولو بلغ بالصلاح أن يُقْطَع له بالجنة لا يُعصَم من الوقوع في الذنب؛ لأن حاطباً دخل فيمن أوجب الله لهم الجنة، ووقع منه ما وقع» (?) .
وتأمل في جواب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لما قال له راويته مهنَّا: كان غُنْدَر (?) يغلظ؟ قال: «أليس هو من الناس؟!» (?) .
وأمعِن النظر في قول شيخ الإسلام ابن تيمية هذا:
يقول ـ رحمه الله ـ: «وليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأ مغفوراً لهم، بل ولا من شرطهم ترك الصغائر مطلقاً، بل ولا من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه التوبة» (?) .
6 ـ التغافل؛ فبناء على ما هو مقررٌ من لزوم الخطأ لبني الإنسان، فإنه يحسن بالنابه الفطن أن يتغافل عن الأخطاء التي لا يترتب عليها مفسدة.
وقد أخرج البخاري (?) ومسلم (?) عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «دخل رهط من اليهود على رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: السامُ عليك، ففهمتها، فقلت: عليكم السامُ واللعنة، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم -: «مهلاً يا عائشة! فإن الله يحب الرفق في الأمر كله» فقلت: يا رسول الله! أوَ لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: «قد قلتُ: وعليكم» .
قال العلاَّمة ابن مفلح: «استُنبط منه استحباب تغافل أهل الفضل عن سَفَه المبطلين، إذا لم يترتب عليه مفسدة» (12) .
فإذا كان هذه التغافل في مثل هؤلاء الكفار، فإنه يتأكد على المسلم أن يتغافل عما يجري من أخيه المسلم من الأخطاء المعتادة؛ فالكمال عزيز، ولن تجد زوجةً، أو ولداً، أو أخاً، أو معلماً، أو صديقاً، أو إماماً لمسجد، أو نحوه إلا وفيه ما يصفو وما يتكدر، فلا ترجُ خالصاً نفعه؛ فانهل من صفو صاحبك، وتعامَ عن كدره، كأنك ما سمعتَ ولا دريتَ. ولقد أجاد أبو تمام حين قال:
ليس الغبيُّ بسيد في قومه لكنَّ سيدَ قومه المتغابي
قال الإمام الشافعي: «الكيِّس العاقل هو الفطن المتغافل» (13) .
وقال عثمان بن زائدة: «قلت للإمام أحمد: العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل، فقال: العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل» (14) .
فأَجْمِلْ بالأب في بيته، والمعلم في فصله، والمدير في دائرته، وإمام المسجد مع جماعته، وكل مسؤول مع من تحت يده، أَجْمِلْ بهؤلاء كلهم أن يتحلوا بالإغماض عن الهفوات التي لا تمس ديناً، ولا تورث شراً، وإنما هو حقوقٌ شخصية.
ويتأكد التغافل عن الخطأ في حق من اشتدت مودته، وطالت صحبته، كما قال أبو فراس الحمداني:
لم أواخذْك بالجفاء لأني واثق منك بالوداد الصريحِ
وجميل العدو غير جميل وقبيح الصديق غير قبيحِ
7 ـ قبول أعذار الناس؛ فبما أن الإنسان لا يزال في حيِّز البشرية، يَرِدُ عليه الخطأ في تعامله مع الناس؛ فإن كفارة ذلك الذنب هو اعتذار ممن أخطأ معه.
ويتأكد في حق من اعتذر منه أن يقبل عذره، ويكل سريرته إلى الله، تأسياً بالنبي -صلى الله عليه وسلم -؛ فإنه لما جاءه المخلَّفون عام تبوك، وطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، قَبِلَ علانيتهم، ووكل سرائرهم إلى الله، وهو مع ذلك لا يصدِّق أحداً منهم؛ بدليل أنه لما جاءه كعب بن مالك، وأخبره بحقيقة أمره، قال: «أما هذا فقد صدق» كما عند البخاري (?) ومسلم (?) .
قال الإمام ابن القيم: «من أساء إليك ثم جاء يعتذر من إساءته؛ فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته، حقاً كانت أو باطلاً، وتكل سريرته إلى الله ... » .
ثم قال: «وعلامة الكرم والتواضع أنك إذا رأيتَ الخلل في عذره لا توقفْه عليه ولا تحاجَّه، وقل: يمكن أن يكون الأمر كما تقول، ولو قضي شيء لكان، والمقدور لا مدفع له، ونحو ذلك» (?) .
قال الإمام الشافعي:
اقبلْ معاذير من يأتيك معتذراً إن برَّ عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من يرضيك ظاهره وقد أجلَّك من يعصيك مستترا
وقال المرُّوذي: قلت لأبي عبد الله: إن أبا موسى هارون بن عبد الله قد جاء إلى رجل شتمه لعله يعتذر إليه، فلم يخرج إليه، وشق الباب في وجهه، فعجب، وقال: سبحان الله! أما إنه قد بغى عليه، سيُنصر عليه، ثم قال: رجل نقل قدمه ويجيء إليه يعتذر لا يخرج؟! (?) .
ومما يقوِّي المسلمَ في قبول عذر أخيه إذا اعتذر إليه، استشعارُه أنه ربما احتاج لمثل هذا الموقف الذي وقفه أخوه أمامه؛ فهل يسرُّه حينَها أن يُرَدَّ خاسئاً وهو حسير؟ فكما تدين تدان.
فما أجمل ذلك الأب الذي لما أتاه ابنه يلقي معاذيره، قبل عذره، وبرأه من الملام.
وأكرم بذاك الزوج الذي إذا اعتذرت إليه زوجه من التقصير، نفض عنها غبار اللوم، ووجد لها في ذلك عذراً بيناً.
ولله در ذاك الصديق الذي لما أتاه صاحبه معتذراً إليه من هفوة فرطت، أو سقطة بدت ـ هوَّن عليه، وقال: لا درَك عليك في ذلك ولا لَحق.
بل إنه ينبغي لمن أوتي شهامة في طباعه، وسخاوة في أخلاقه، أن يعذر أخاه إذا سمع عنه سوءاً، وهذا قد دعا إليه ربنا في كتابه، فقال: {لَوْلا إذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إفْكٌ مُّبِينٌ} [النور: 12] .
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: «لا تظنَّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً» (?) .
وقال أبو قلابة: «إذا بلغك عن أخيك شيءٌ تكرهه فالتمس له العذر جَهدك، فإن لم تجد له عذراً، فقل في نفسك: لعل لأخيك عذراً لا أعلمه» (?) .
{وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35] .
8 ـ الإعراض عن الجاهلين؛ كما قال ـ تعالى ـ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] وقال: {وَإذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا} [الفرقان: 63] وقال: {وَإذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55] .
فمن الناس من تجد في طبعه نزَقاً، وفي لسانه رهقاً، يغمز فيه ويلمز دون جريرة في الملموز، وإنما هو طيش الحلم، وسفه العقل.
وإن شفاء مثل هذا الداء يسيرٌ على من يسره الله عليه، بأن يكون من أوذي رحب الصدر، وقور النفس، رصيناً، رزيناً، لا يستخفه سفه، ولا يستثيره غضب، طوداً لا تقلقله العواصف.
وما أجمل ما فعل الخليفة الراشد، عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لما دخل عليه عيينة بن حصن، فقال: «هِي! يا ابن الخطاب! فوَ الله ما تعطينا الجزْل، ولا تحكم فينا بالعدل. فغضب عمر ـ رضي الله عنه ـ حتى هَمَّ أن يوقع به، فقال له الحر بن قيس: يا أمير المؤمنين! إن الله ـ تعالى ـ قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم -: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] وإن هذا من الجاهلين، والله ما جاوزها عمر حين تلاها، وكان وقَّافاً عند كتاب الله ـ تعالى ـ» أخرجه البخاري (?) .
9 ـ العفو عن أخطاء الناس، ومقابلتها بالإحسان؛ امتثالاً لقوله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] .
قال العلاَّمة السعدي: «أي؛ فإذا أساء إليك مسيء من الخلق، خصوصاً من له حق كبير عليك، كالأقارب والأصحاب ونحوهم، إساءة بالقول أو الفعل، فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فصِلْهُ، وإن ظلمك فاعفُ عنه، وعامله بالقول اللين، وإن هجرك وترك خطابك، فطيِّب له الكلام، وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان، حصل فائدة عظيمة» (?) .
وقال العلاَّمة الشنقيطي: «فإن ذلك الإحسان وذلك الحلم والصفح يقضي على إساءته ويذهبها حتى يضطر إلى أن يصير في آخر الأمر من أصدق الأصدقاء» (?) .
ثم قال ـ عز وجل ـ بعد تلك الآية: {وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35] .
قال السعدي: «أي: وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة إلا الذين صبروا نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحبه الله؛ فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته، وعدم العفو عنه؛ فكيف بالإحسان» (?) .
نعم! فإن هذه لخلة شديدة على النفس، لا يسْطيعها إلا رجلٌ موفقٌ، قد تَسَنَّمَ ذِرْوَةَ المجد، وأمَّ معالي الأمور، فكرمت خليقته، ونبُلت نفسه، وجزُلت مروءته؛ فهمَّته قصيَّة المرمى، رفيعة المناط، قد تخطى هذه الأقذاء، وجاوز هاتيك الحفر، فلم تلن قناته لغامز.
وإن المتأمل لحال الرسول -صلى الله عليه وسلم - ليجد هذا الخُلُق الكريم قد أخذ فيه -صلى الله عليه وسلم - بحظ وافر، وإليك شيئاً من ذلك:
تقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «ما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيء قط إلا أن تُنتهك حرمة الله، فينتقم بها لله» أخرجه البخاري (?) ومسلم (?) .
ويقول أنس ـ رضي الله عنه ـ: «كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وعليه رداءٌ نجرانيٌ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدةً، نظرت إلى صفحة عنق رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وقد أثرت بها حاشية الرداء، من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد! مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فضحك، ثم أمر له بعطاء» أخرجه البخاري (?) ومسلم (?) .
وفي رواية عند مسلم: «ثم جبذه إليه جبذةً، رجع نبيُّ الله ِ-صلى الله عليه وسلم - في نحر الأعرابي» .
وفي رواية أخرى عند مسلم: «فجاذبه، حتى انشق البُرْدُ، وحتى بقيت حاشيته في عنق رسول الله -صلى الله عليه وسلم -» .
سبحان الله! ما أعظم أخلاق هذا الرسول -صلى الله عليه وسلم - التي تملأ الصدور عظمة وإجلالاً، كيف قابل نزَقَ هذا الأعرابي وطيشَه، بهذه الأريحية، وهذا الندى؟! إنها رفعةٌ لا تُسامى، وعظمةٌ لا تُغالب.
وعلى هذا النهج النبوي سار شرفاء الناس وعظماؤهم، وسأذكر مثالاً واحداً فقط ـ والأمثلة كثيرة ـ على ذلك.
فهذا إمام أهل السنة، أحمد بن حنبل، الذي استبطن دخائل العلم، وخاض عُبابه، قد لاقى في فتنة القول بخلق القرآن الألاقي، من سَجْنٍ وأغلالٍ، وجَلْدٍ يصل إلى أن يفقد الإمام وعيه، وحَبْسٍ في بيته يُمنع فيه من الخروج للصلاة، ومع ذلك كان يقول: «كل من ذكرني ففي حِل إلا مبتدعاً، وقد جعلت أبا إسحاق ـ يعني: المعتصم ـ في حِل، ورأيت الله يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ... } [النور: 22] أمر النبي -صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بالعفو في قصة مسطح» ثم قال الإمام أحمد: «وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سببك؟» (?) .
الله أكبر، إنه التوفيق الإلهي، وإذا أراد الله بعبد خيراً غرس فيه طباع الخير، فيبذلها بلا كلفة أسلس من الماء.
وفي الختام أقول:
ينبغي على المسلم أن يحسِّن أخلاقه مع الناس، مراعياً طبائعهم ومنازلهم التي أعطاهم الله ـ سبحانه ـ غير مشتغل ببواطنهم، وما انطوت عليه صدورهم؛ فإن أصابه خطأ منهم، فليعلم أن الإنسان محل الخطأ والنسيان، فليتغافلْ، وإلا فليعذرْ، وإلا فليصفحْ ويتسامحْ، ويفوضْ أمره إلى الله، فبذلك يعيش سالماً، والقول فيه جميل.
وربما كان تطبيق بعض هذه الأخلاق عسراً شديداً على النفس، يحتاج إلى مجاهدة ومعالجة بالِغين، ولكنَّ الحِلْمَ بالتحلُّم، والنفسُ راغبة إذا رغَّبتها، وقد قال ـ سبحانه ـ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69] ، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم -: «ومن يتصبر يصبره الله ... » (?) .
وليسألْ كلٌ منا ربه من فضله، وليستوهبْهُ من جوده؛ فإنه ـ وحده ـ هو المانُّ المتفضل.
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم إنا نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء.
اللهم صلِّ على نبينا محمدٍٍ وعلى آله وصحبه وسلِّم.