مصطلحات إسلامية
إعداد: عادل التل
المعنى اللغوي:
التاء والواو والباء في أصل اللغة، كلمة واحدة، تدل على الرجوع. قال في
اللسان: التوبة: الرجوع عن الذنب، والتوب مثله. قال ابن منظور: أصل تاب
عاد إلى الله ورجع. ومعنى تاب الله عليه: أي عاد عليه بالمغفرة.
التواب بالنسبة لله تعالى تعني: كثرة قبوله توبة العباد حال بعد حال، أما
بالنسبة للعبد: العبد الكثير التوبة، ومن الألفاظ التي تشارك هذا اللفظ بالمعنى:
ثاب، وأناب، وآب.
المعنى الاصطلاحي:
يجتمع الاستغفار والتوبة في كثير من الدعاء، وطلب المغفرة يعني طلب
الستر، ففي اجتماع ذلك مع التوبة يكون المعنى متكاملاً لذلك كان رسول الله-صلى
الله عليه وسلم- يكثر من الدعاء: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم
أكثر من سبعين مرة» رواه البخاري.
شرائط التوبة:
1 - ترك الذنب لقبحه: أي بالإقلاع عن المعصية سواء كانت من الكبائر أو
من الصغائر، والأصل أن يكون ترك الذنب قد جرى بإرادة حرة وإلا لم تعتبر توبة
إذا كانت بطريق القهر أو العجز.
2 - الندم على ما فرط: وهو أن يندم المذنب على فعلته التي تركها ويشعر
بالحزن والأسف كلما ذكرها وهو مهتم بذلك لشعوره بعظم الذنب وقبحه وإدراكه
مبلغ التفريط الذي صدر منه.
3 - العزيمة على ترك المعاودة: وهي النية التي تنشأ في قلب التائب تحقق
صدقه بالتوبة وهي بمثابة العهد الذي يقطعه بعدم الرجوع إلى الذنب وتحول الإرادة
من المعصية إلى الطاعة.
4 - تدارك ما أمكنه من الأعمال: إذا كانت التوبة من معصية كانت بين
العبد وربه، فإن كانت متعلقة بتقصير في صيام أو زكاة أو غير ذلك، فلا بد من
تأدية العمل موضوع التقصير حسب المطلوب شرعاً. وأما إذا كان الذنب متعلق
بحق الناس، فلا بد من التحلل منهم وطلب الصفح أو إرجاع الحق إلى أصحابه إذا
كان مادياً. وتكون التوبة تامة إذا تحقق معها الاتجاه نحو الطاعة والعمل الصالح،
قال تعالى: [ومَن تَابَ وعَمِلَ صَالِحاً فَإنَّهُ يَتُوبُ إلَى اللَّهِ مَتَاباً] .
موضوع التوبة:
تشمل التوبة جميع الذنوب الصغيرة والكبيرة، وقد روى أنس بن مالك قال:
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: قال الله تبارك وتعالى: «يا ابن آدم إنك
ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت
ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني
بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة» صحيح
رواه الترمذي.
ولا بد من التساؤل إلى متى تصح التوبة؟ قال تعالى: [إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ
لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وكَانَ اللَّهُ
عَلِيماً حَكِيماً، ولَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ
قَالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ ولا الَذِينَ يَمُوتُونَ وهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً]
[النساء: 17-18] .
روى ابن ماجه والترمذي بإسناد حسن قال: رسول الله-صلى الله عليه
وسلم-: «إن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر» .
أما الجهالة فقد روى ابن جرير عن قتادة عن أبي العالية أنه كان يحدث أن
أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو
جهالة. وقال مجاهد وغير واحد: كل من عصى الله تعالى خطأ أو عمداً فهو جاهل
حتى ينزع عن الذنب. وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلَى اللَّهِ تَوْبَةً
نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ويُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ]
ذكر القرطبي في التفسير أقوالاً للعلماء في معنى التوبة النصوح:
1 - هي التي لا عودة بعدها كما لا يعود اللبن إلى الضرع، وروي عن ابن
مسعود بسند صحيح (كما ذكر ابن حجر) مثل ذلك. وعن عمر وأبي معاذ أيضاً.
2 - قال قتادة النصوح: الصادقة الناصحة، وقيل الخالصة، يقال: نصح
أي أخلص له القول.
3 - قال الحسن: النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر إذا ذكره.
من أحكام المصطلح:
إن الإسلام لا يغلق الأبواب في وجه الخاطئين ولا يطردهم من الجماعة إن
أرادوا أن يعودوا إليه متطهرين، بل يفسح المجال لهم ويبين لهم الطريق ويشجعهم
على سلوكه، فلا حرمان من رحمة الله لمن لجأ إليه، وذلك كما يفعل أصحاب
الديانات الأخرى حيث يقوم رجال الدين بطرد بعض الأفراد من الرحمة.
والتوبة واجبة على الفور ولا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أو
كبيرة، والتوبة من مهمات الإسلام وقواعده المتأكدة..
يقول تعالى ذكره: [وتُوبُوا إلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ]
وقال أيضاً: [إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ويُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ] ويقول رسول الله-صلى
الله عليه وسلم-: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت
خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما
صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا
أنت» رواه البخاري وابن ماجه والنسائي.