مجله البيان (صفحة 532)

كنت قدوة وستبقى (رحمك الله) عبد الله الخاطر

كنت قدوة وستبقى رحمك الله

خالد عبد الله أحمد

كان للأخ الفاضل الكريم عبد الله بن مبارك الخاطر رحمه الله تعالى جوانب

مشرقة في حياته، وستبقى مضيئة بل أكثر إضاءة بعدما جاءه الأجل وانتقل إلى

خير مما كان عليه. فرحمه الله رحمة واسعة ونور عليه في قبره، ونعَّمه في

برزخه ويوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وبحكم قربي من الأخ رحمه الله تعالى، فإنه وبحق قد كان في محل من

يصلح للاقتداء به، وهذه جوانب قد رأيتها في حياة الأخ، واستفدت منها وستبقى

إن شاء الله موضع استفادة لكل طالب حق.

أولاً: الشعور بواجب الفرد تجاه أمته ودينه، فلقد كان رحمه الله ذا همة

عالية في تسهيل أمر المصلحة العامة والتي كانت مقدمة على المصلحة الخاصة،

وهذه خصلة عظيمة يحتاجها كل داعية حتى يسير إلى بر الأمان، ويصدق عليه

قول صاحب الظلال في الصحابة: إنهم قد خلصوا نفوسهم من حظ نفوسهم.

ثانياً: إثبات شمولية هذا الدين الرباني العظيم، فلقد تخصص رحمه الله

تعالى في دراسة الطب النفسي حتى استطاع أن يحصل على الزمالة (ما تعادل

درجة الدكتوراه) فكان أن سخر هذه الدراسة لخدمة المسلمين فجاءتني مقالاته في

هذه المجلة (مجلة البيان) عن مشاهداته في بريطانيا، وسجلت له محاضرات قيمة

تربوية لها صبغتها الشرعية وهي كالآتي:

1 - مداخل الشيطان على الصالحين.

2 -كيف أستفيد من الطب النفسي؟

3 - ماذا يحصل إذا التزمت بديني؟

4 - الهزيمة النفسية عند المسلمين.

5-الحزن والاكتئاب

6- فن التعامل مع الإنسان.

7 - المخدرات.

وكأنه كان يهيب بأصحاب التخصصات غير الشرعية: إنه بالإمكان

خدمة دينكم ومنهجكم من خلال تخصصاتكم.

ثالثاً: الواقعية التي نلمسها جميعاً من عناوين محاضراته رحمه الله، حيث

كانت منطلقة من واقع الناس واحتياجاتهم وهكذا الإيجابية فيما ننقله إلى الناس

ونطرحه بين أيديهم، فإلى الخطباء والوعاظ والكتاب والمحاضرين، إلى كل أولئك

وغيرهم لتكن منطلقاتكم واقعية لتصيب الهدف وتقترب منه.

رابعاً: صبره وتحمله لما يريد أن يصل إليه، فقد كان يأخذ بما يسمى بسياسة

النفس الطويل، فالأعداء يكيدون، ووعد الله قائم لا محالة، والمستقبل لهذا الدين

كما وعد الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فكيف يمكن لداعية أن يبقى على ما

هو عليه إن كان ممن يستعجل الثمرة؟

خامساً: حين شُيِّعت جنازة الأخ رحمه الله، ورأيت الجمع الغفير من صغير

وكبير بين باك مشدوهٍ أيقنت قول القائل: (إنك لن تسع الناس بمالك ولكن بحسن

خلقك) فلقد كان والحق يقال سمحاً طيب المعشر مع أهله، وأبنائه، ومن يكبره

ويصغره سناً، ففاز بحب الناس، فكانت بشرى خير لمن عرفه، وذلك لأن الله

يقول: [إنَّ الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وداً] وكما جاء في

السنة في بيان أن أهل الصلاح يوضع لهم القبول في الأرض.

وفى الختام، أسأل الله العلي القدير والمحي المميت أن يرزق الأخ درجات

الأنبياء والصديقين والشهداء، وأن لا يحرمنا من أن نجتمع به وأمثاله من أهل

الخير والصلاح في ظلال على سرر متقابلين، آمين.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه

وسلم-: «يقول عز وجل ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل

الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» . رواه البخاري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015