إبراهيم بن سليمان الحيدري
مجرد أن يتلمس بعضنا جيب ثوبه أو يتذكر منزله ومقر عمله يدرك أنه بحاجة إلى آلية حازمة للنجاة من أمواج الورق الهادرة، وإلا غرقنا في بحر من مادة رخيصة تتسابق المصانع لإنتاجها بأشكال مختلفة وأحجام متباينة.
لقد غلف الورق حياتنا كلها؛ فهي تبدأ بورقة (شهادة الميلاد) وتنتهي أيضاً بورقة أخرى (شهادة الوفاة) وبين هاتين الورقتين أطنان من الورق تعيش معنا.
جانب من أهمية الورق أنه مثّل ويمثّل ذاكرة خارجية للإنسان؛ وهذا حق لا شك فيه، إلا أن هذه الأهمية ولَّدت ما يمكن أن نسميه بالشخصية الورقية التي لا تفكر إلا على ورقة، ولا تحفظ أو تنقل المعلومات إلا على ورقة.
- نقطة الانطلاق:
تبدأ عملية التعامل الإيجابي مع الورق من هندرة (?) نظامنا العقلي تجاه الورق وتغيير بعض قناعاتنا المخطئة في التعامل معه، وأول خطوة في رحلة التغيير تبدأ من ذواتنا؛ فلا تكن شخصية ورقية!
- اتخذ قراراً حيال كل ورقة:
هذه خطوة مهمة في النجاة من الورق؛ فكثير من الفوضى الورقية في حياتنا تعود إلى تأخر أو عدم اتخاذنا لقرار مناسب حيالها. هناك ثلاثة قرارات يحبذ أن تتخذها لكل ورقة تحل في ضيافتك:
1 ـ أتلف: كثير من الأوراق التي تأتي إلينا لا نحتاج إليها أصلاً، أو تفقد أهميتها باطِّلاعنا عليها، أو تتوفر في مكان آخر قريب منا؛ ولذا فإن إتلافها بشكل سريع هو أفضل حل. ومع بساطة هذا القرار إلا أني أدعوك لتتذكر كميات الإعلانات والجرائد والمصورات التي تغص بها بيوتنا مع إدراكنا بأنها تفقد أهميتها فور الاطلاع عليها.
المشكلة أننا نميل بطريقة لا إرادية لتأجيل قرار الإتلاف، خذ هذه الوصفة:
إذا كنت تشك في أهمية الورقة، فتخلص منها فوراً.
2 ـ مرِّر: كثيرة هي الأوراق التي لا تعنينا وقد تكون ذات أهمية لغيرنا، الحل: هو تمريرها إليه ليتخذ هو بدوره أحد القرارات المناسبة.
3 ـ احفظ: فن تنظيم الأوراق لا يعني بالضرورة التخلص منها أو تمريرها، بل إن بعض أوراقك يجب أن تحتفظ بجسمها، إلا أن الحفظ المطلوب ليس تحريك الأوراق أو تجميعها في ملفات وإلا لعشنا فوضى مغلفة. يجب أن ندرك أن قرار الحفظ يختلف عن طريقة الحفظ؛ لذا فلا بد أن نفكر ملياً بطريقة فعالة لحفظ أوراقنا قبل أن نتخذ قراراً بحفظها.
افعله الآن:
افعله الآن: اسم لسلة أو مكان قريب منك سواء كان ذلك في المنزل أو المكتب لذلك النوع من الأوراق التي تحتاج إلى تأمل أو يتطلب القرار فيها إلى متطلبات أخرى، إلا أن المهم فيها أن لا تكون هذه السلة مقبرة للأوراق.
- تعامل مع محتوى الأوراق لا مع أجسامها:
ثمة فرق شاسع بين الورقة والمعلومة التي عليها، وأهمية المعلومة لا تعني بالضرورة قراراً بحفظ الورقة. والسؤال: لماذا نحتفظ بورقة بحجم صلى الله عليه وسلم4 من أجل بضعة كلمات مهمة فيها أو نثقل جيوبنا بقصاصات كثيرة تحمل سبعة أرقام لهاتف صديق أو زميل؟
إن استخدامك لنظام مفكرات الجيب أو المكتب، الورقية أو الآلية هو من أفضل الوسائل للتعامل مع المعلومات بلا أوراق.
- عش بلا أوراق:
محزنة نتيجة الدراسة التالية: يقضي موظفو المكاتب في المتوسط 50% من حياتهم العملية وهم يحاولون السيطرة على الورق. محزن أن نعمل من أجل الورق بدلاً من أن يعمل من أجلنا.
تعوَّد أن يكون جيبك خالياً دائماً من الأوراق والقصاصات، وحافظ على سيارتك خالية من الأوراق، ولا تسمح بأن تغطي الأوراق سطح مكتبك.
- اجعلها غزوة:
لكي تشعر بنقلة نوعية في حياتك مع الأوراق ابدأ برنامج تعاملك الإيجابي معها بغزوة، وتشرَّب كل ما تعنيه كلمة غزوة من معنى: الشجاعة والحزم والإرهاق، غنائمك في هذه الغزوة قد تكون كومة أوراق قررت التخلص منها، وربما نظام تصنيف موضوعي يناسبك ويناسب طبيعة أوراقك، وقبل ذلك كله قناعات ذهنية لا تقبل التنازل عنها.
(ملاحظة: يعالج هذا المقال الجانب الشخصي في التعامل مع الأوراق ولا يعالج الجانب المؤسسي) .