د. يوسف الصغير
أثبتت الأحداث التي مرت بالشيشان أن أصلان مسخادوف ـ رحمه الله ـ كان شخصية جديرة بالاحترام؛ فقد وصل للرئاسة عن طريق الانتخابات، وحاول منذ البداية أن يتجنب الصدام مع الروس الذين كانوا يعدون العدة للانقضاض على الجمهورية الإسلامية الوليدة، ولكنه تصرف مع الأحداث التي تلت دخول المجاهدين إلى (داغستان) على أساس أنها عامل تسريع للغزو الروسي الذي لا شك في وقوعه، وانحاز الى صف الجهاد، وكان هذا عاملاً مهماً في رص صفوف الشيشانيين، وثباتهم البطولي، ويصدق عليه بحق وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- لكل مجاهد بقوله: «لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية؛ فإذا لقيتموهم فاصبروا» (?) ، وكان ـ رحمه الله ـ حريصاً على بيان موقفه المبدئي الذي اعلنه قبل مقتله بأيام ويتلخص أنه على استعداد للقاء الرئيس الروسي بوتين والوصول إلى حل لقضية الشيشان خلال نصف ساعة مع قدرته على الصمود وتوسيع الحرب لتشمل شمال القوقاز.
لقد مد يده للتفاوض والسلام، ولكن الروس قاموا بقتله أعزل في ظروف غامضة؛ وذلك إما أثناء الاتصالات السابقة للمباحثات، أو أثناء اجتماع تفاوضي؛ حيث صرحت زوجته أنه خرج قبل مقتله بثلاثة أيام مع ثلاثة من مرافقيه للتفاوض مع الروس، وقد قام الروس بتدمير البيت الذي ادعوا انهم قتلوه فيه مما يلقي بظلال من الريبة على الرواية الرسمية للروس. والذي يهمنا أن الرئيس (مسخادوف) قتل غدراً أثناء التفاوض مع الروس كما قُتِل الرئيس جوهر دوداييف ـ رحمه الله ـ في ظروف مشابهة؛ حيث قتل أثناء إجراء اتصالات من أجل التفاوض مع الروس. وما نرجوه من الله أن يمن على المجاهدين بالنصر والتمكين، وأنهم كما دخلوا جروزني مظفرين بعد الغدر بدوداييف أن يدخلوها من جديد رافعين راية الإسلام؛ فعدوهم مخذول؛ لأن الغدر عاقبته وخيمة، وكما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه لكل غادر لواء يوم القيامة (?) ، ولا شك أنه لواء شؤم، ووبال على صاحبه.