مجله البيان (صفحة 5080)

دعاء

د. عبد الغني التميمي

رباه يا رب العبادِ

وناصر المستضعفينْ

يا قاصم المتجبرين

ويا أمان الخائفينْ

يا من يقول إذا أراد

الشيء «كن» فوراً يكونْ

يا واهب البدر الجمالَ

وواهب الليل السكونْ

يا عالماً ما تُسقط الأشجار

من ورق الغصونْ

يا مودع البحر المحيط

مَحارَه المكنونْ

يا حافظاً فيه الجوار

ومجرياً فيه السفينْ

أنا عبدك الخطَّاءُ يا مولاي

ذو العمل المشينْ

قد جئت بابك بعدما

حَطَمَتْ حناياي السنونْ

أنا ذو الذنوب وللذنوب

هنا كرام كاتبونْ

قد جئت بابك طالب

الغفران من ذنبي المهينْ

أنا لست أسأل عن ذنوب

الناس أو ما يكسِبونْ

الناس أنت خلقتهم

وعلمت ماذا يفعلونْ

أنت المثيبُ الطائعينَ

معذبُ المستكبرينْ

أنا قد حزمت حقائبي

متأهباً للقا المنونْ

وتركت خلفي الناس

أحراراً بما قد يصنعونْ

من كان يسلك لليسار

فشأنه أو لليمينْ

أو كان يصلب في

المبادئ كالحجارة أو يلينْ

أو كان يصمد في لقاء

عدوه أو يستكينْ

رباه يا أمل الضِّعاف

ويا رجاء التائبينْ

قد جئت في ذلٍ إليك

يقودني القلب الحزينْ

من بعد ما ضعفت قواي

وخانني العزم الخؤونْ

هانت لدي مطالبٌ

من قبل ما كانت تهونْ

وشممت رائحة التراب

على المناخر والعيونْ

ورأيتُي متوسداً

في حفرتي ما يحفرونْ

والأهل قد حزنوا

عليَّ وبعضهم لا يأبهونْ

سألوا: أمات؟ ورجَّعوا

ومضوْا سراعاً يلعبونْ

وكأنهم لم يسألوا

عني ولا هم يحزنونْ

ها قد مضيت إلى المصير

بما اكتسبت غداً رهينْ

كم خلت نفسي عارفاً

جمع المعارف والفنونْ

وجلست فوق الناس

أفتي ما أشاء ويسألونْ

وتوهَّموا فيَّ التقى

وتركتهم يتوهمونْ

حسبوا صلاحاً هذه

الشعرات والسمتَ الرزينْ

رباه لا تكتب عليَّ

خطيئةً ما يحسِبونْ

لو أنهم عرفوا انتَهوْا

لكنهم لا يعرفونْ

هذا أنا في الجهل مغموساً

وهم بي جاهلونْ

ونسيت نفسي في غرورٍ

وافتخار من أكونْ

وجهلت أصلي أنني

والناسَ من ماء مهينْ

طين وماذا يَدَّعي من

كان من طين لطينْ؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015