محمد الحسناوي
يا همومَ الحياةِ فُكّي إساري
ورمتْني بأخبثِ الأوزارِ
واتركيني لِحَومتي ونِفاري
زينتْ لِيَ الحياةَ خفضَ جناحٍ
اتركيني لِواغلٍ غدّارِ
تستبيحُ العرينَ بيضاً وحُمْراً
أحرقَ الدارَ واصطلى بالنارِ
للثعابين، للذئاب الضواري
اتركيني لِقاعدٍ مِهذارِ
واللئيمُ، اللئيمُ حامي الذِّمارِ
أطربتْه معازفُ التيَّارِ
وأخٍ سادرٍ يعدُّ الدَّراري
أعينَ البومِ أو قلوبَ الفارِ
في عيونِ المها، وحبِّ النُّضارِ
اتركيني لِواغلٍ غدّارِ
خلبتْهُ بهارجُ الأنوارِ
اتركيني؛ فما لِخلعِ العِذارِ
عن سرابِ المُنى وراءَ الخِمارِ
أتصبَّى، ولا لِكَرْعِ العُقارِ
أشرعَ السورَ للضيوفِ أُلوفاً
أنا لو تَسبُرينَ غورَ قراري
ورفوفُ العلومِ أمستْ دُفوفاً
أو تَشيمينَ بارِقاً من ثاري
رقصتْ أختُهُ، وطافَ بنوهُ
لَفَككتِ الإسار بعدَ الإسارِ
لو بكى سيفُ (خالدٍ) أو (صلاحٍ)
وطلبتِ النجاةَ قبلَ البوارِ
فغدا السورُ يلفظُ الجرْذَ خِزياً
ربًّ غيظٍ وأدتُه يتلظَّى
كرماً سابغاً، وحُسنَ جِوارِ
أنا كالنسرِ أرقبُ الجرْذَ تلهو
أين منها عرائسُ الأفكارِ!
تبتني جُحرَها بِمفرقِ رأسي
بِشرابٍ مصفَّقٍ بالعارِ
أطمعتْها سكينتي ووقاري
أخرسوهُ بِضجة المِزمارِ
من فُضولٍ تعلَّقتْ بِإزاري
بعدَ حفزِ الأباةِ والأبرارِ
بِفراخي، تعضُّ من أظفاري
يا همومَ الحياةِ شُدّي إساري
وتذودُ الهواءَ عن مِنقاري
لستُ أرجو ولا عليكِ انتصاري
فاستحمَّتْ بِدمعيَ المِدرارِ
إنّ قلباً سما إلى الجبَّارِ
أتلفتْ ما ابتنيتُهُ من فخارِ
لَمُطيحٌ بِغارة الأخطارِ