كلمة صغيرة
كانت الحقبة التي أعقبت عصر الاحتلال الصليبي الأخير؛ هي حقبة
الأحزاب العلمانية والقومية، والتي كانت صنيعة للاحتلال الصليبي نفسه، حيث
جذَّر لها جذوراً في الأمة الإسلامية، فهيمنت على مواقع القيادة، ومنابر الإعلام
والثقافة، وعلا صوتها، وفرضت مبادئها فرضاً.. ولم تكن النتيجة والثمرة التي
جنتها الأمة من وراء تلك الأحزاب والتيارات، خلال تلك الحقبة ولا تزال، إلا
المر والحنظل.
هذه الحقبة التي لا تزال فصول ذلها وهوانها تعصف بالأمة؛ يجب أن تقف
منها الشعوب الإسلامية موقف الجد، وأن تعمل بكل إصرار وجهد على إنهائها
لترمي بها في مزبلة التاريخ، وتقول لرعاتها وأتباعها:
- كفاكم ذلاً وهواناً، ولعباً بمقدرات الأمة ومصالحها، وعودوا إلى مصدر
العزة والنصر والتقدم!
- كفاكم تبعية وعمالة؛ وارجعوا إلى هوية الأمة الحقيقية الأصيلة!
- كفاكم خيبة وإخفاقاً؛ فقد ذقتم من ولائكم للغرب وأذقتم الأمة معكم الخذلان
والخسران!
كفوا أيديكم عن أمة الإسلام، ودعوا الشعوب الإسلامية تحيا وتسير بدينها
وعقيدتها.
إن من أهم واجبات الشعوب الإسلامية اليوم، في هذه المرحلة العصيبة،
رفض تلك الأحزاب والتيارات العلمانية والقومية جملة وتفصيلاً، والاستمساك
بالإسلام جملة وتفصيلاً.
وإذا كانت مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية واجبة، وحققت فيها
الشعوب الإسلامية قدراً كبيراً من التجاوب والنجاح؛ فإن مقاطعة تلك الأحزاب
والتيارات لا تقل وجوباً؛ لأن مواجهة العدو الداخلي لا تقل أهمية عن مواجهة
العدو الخارجي، فيجب نشر الوعي، بين الخاصة والعامة حتى رجل الشارع،
بضرر تلك التيارات والأحزاب القومية والعلمانية على الأمة، ومخالفتها للإسلام
عقيدة وشريعة، ومقاطعة أنشطتها السياسية والثقافية والإعلامية، والتنفير من
المشاركة فيها وترشيحها ودعمها، وكشف زيفها وبيان عوارها وما أسهل ذلك،
لتقول لهم الشعوب الإسلامية إن الأمة تعرف طريقها ولن تحيد عنه، وتملك مصدر
عزتها ولن تفرط فيه، وإن من يخالف ويضاد ويقف ضد إرادة الشعوب الإسلامية؛
فلن يرى منها إلا الرفض والإنكار.
وليعلم الغرب وأتباعه بعد أن تلك الأحزاب والتيارات لن تجد لها في أمة
الإسلام أرضاً تنبت فيها، ولا مياهاً تسقيها، [وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ] (المنافقون: 8) .