المسلمون والعالم
الترسانة العسكرية الإسرائيلية خطر يهدد المنطقة العربية والعالم
د. عز الدين المفلح [*]
تدّعي واشنطن أن العراق قد طور أخيراً جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل،
وذلك منذ انتهاء مهمة لجان التفتيش «يونسكوم» في كانون الأول عام 1998م،
علماً بأن رئيس مفتشي هذه اللجان «جميس ريتر» صرح أمام مجلس الشيوخ
الأمريكي ومجلس العموم البريطاني بأن هذه اللجان دمرت 95% من أسلحة العراق
ووسائل إنتاجها، فلم يعد بإمكانه تطوير أي قدرات بهذا الاتجاه.
وفي الوقت الذي تمتلك إسرائيل ترسانة رهيبة من أسلحة الدمار الشامل وهي
الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم توقع على اتفاقات حظر الأسلحة النووية، ولا
تخضع للتفتيش الدوري للوكالة الدولية للطاقة الذرية توجه أمريكا إلى سوريا تحذيراً
من مغبة امتلاك الأسلحة النووية وتطويرها! ومهما انطوى عليه موقف أمريكا هذا
من غباء أو تغاب، أو عزة بالإثم، وغطرسة القوة؛ فلم تعد الحقائق خافية على
العالم.
وفيما يلي غيض من فيض مكنون الترسانة الإسرائيلية من أسلحة الدمار
الشامل، كما أوردتها مصادر مختصة عالمية:
* الأسلحة النووية الإسرائيلية:
يفيد تقرير عسكري أمريكي صدر أخيراً [1] أن إسرائيل تمتلك أكثر من 400
قنبلة نووية؛ بينها قنابل هيدروجينية، وأن حجم الترسانة النووية الإسرائيلية يبلغ
ضعف حجم التقديرات الاستخباراتية الشائعة التي كانت تتحدث عن مئتي قنبلة
نووية إسرائيلية، ويتحدث التقرير عن أنه كان لدى إسرائيل عام 1967م خمس
عشرة قنبلة نووية، وأنها امتلكت عام 1980م نحو مئتي قنبلة، ولكن إسرائيل
تمكنت من تجميع أكثر من 400 قنبلة نووية حتى عام 1997م، غير أن أهمية
التقرير تتمثل حقيقة في توصيف نوعية هذه القنابل، كما أنه في عام 1973م
امتلكت الدولة اليهودية عشرين صاروخاً نووياً، وطورت «القنبلة الحقيبة» .
وأشار التقرير إلى أنه في عام 1974م أقامت (إسرائيل) ثلاث وحدات
مدفعية نووية تحوي كل منها اثنتي عشرة فوهة من عيار 175 ملم و 230 ملم.
وأوضح التقرير أنه في عام 1984م امتلكت إسرائيل 31 قنبلة بلوتونيوم،
وأنتجت عشر قنابل يورانيوم أخرى، وفي عام 1986م كان لدى إسرائيل ما بين
مئة إلى مئتي قنبلة منشطرة، وعدد من القنابل المنصهرة، وفي عام 1994م
صنعت ما بين 64 - 112 قنبلة برأس حربي صغير، وكان لديها خمسون
صاروخاً نووياً من طراز «يريحو» [2] .
وأنجزت إسرائيل كل ما تبغيه من مشروعها النووي عام 1995م عندما
أنجزت إنتاج قنابل نيوترونية، وألغام نووية، وقنابل الحقيبة، وصواريخ تطلق
من الغواصات.
ويشير التقرير إلى امتلاك إسرائيل لنحو 50 - 100 صاروخ (يريحو -
1) ، و 30 - 50 صاروخاً (يريحو - 2) [3] .
وامتلاك إسرائيل للقنابل الهيدروجينية يتضمن بعداً نوعياً؛ إذ قوة كل قنبلة
هيدروجينية تزيد مئة إلى ألف مرة عن القنبلة النووية الاعتيادية، والقنبلة
الهيدروجينية تعد قنبلة معقدة باهظة التكلفة ومعقدة التطوير، وتملك مثل هذه القنبلة
كل من الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين.
ويرى التقرير الأمريكي الآنف الذكر أن أخطر ما في الموضوع النووي
الإسرائيلي هو أن إسرائيل طورت قنابل نيوترونية تكتيكية قادرة على تدمير القوات
المعادية بأقل قدر ممكن من الخسائر والأضرار في الممتلكات، ويذكر التقرير
توصية جنرال إسرائيلي في حرب الخليج في عام 1990م للأمريكيين باستخدام
«أسلحة نووية تكتيكية غير إشعاعية» ضد العراق. وأشار إلى التقديرات
بأن إسرائيل توجهت نحو «القنابل النووية الصغيرة» ، والتي تعد مفيدة لصد
هجوم موضعي، أو لاستخدامها كألغام.
وأشار التقرير أيضاً إلى وصول غواصات «دولفين» الألمانية الصنع
لإسرائيل، والتي تمكن إسرائيل من امتلاك القدرة على توجيه الضربة النووية
الثانية، وأوضح أن إسرائيل عملت على تطوير صواريخ تطلق من البحر منذ
الستينيات.
وجاء في التقرير أن الطبيعة السرية للمشروع النووي الإسرائيلي قد أخفت
المشكلات المتزايدة للمفاعل النووي الإسرائيلي العجوز في ديمونة، وربط بين هذه
المشكلات واستمرار المفاعل في إنتاج التريتيوم لتعزيز قوة الرؤوس الحربية
للقذائف المضادة للدروع والمضادة للطائرات.
ورأى التقرير أن للأسلحة النووية الإسرائيلية غرضاً آخر هو استخدام هذه
الأسلحة للضغط على الولايات المتحدة، كما أن الدولة اليهودية تستخدم وجود هذا
السلاح لضمان استمرار تدفق الأسلحة التقليدية الأمريكية إليها.
وخلص التقرير إلى أنه بصرف النظر عن أنواع الأسلحة النووية الإسرائيلية
وأعدادها؛ فإن الإسرائيليين طوروا منظومة معقدة، وغدوا قوة يعتد بها.
وقد خدم الغموض النووي سياسة إسرائيل، لكنها تدخل الآن مرحلة الشفافية
التي ليست في مصلحة الولايات المتحدة؛ لأن الكثيرين يتنبؤون بأن الترسانة
النووية الإسرائيلية ستغدو أقل أهمية إذا خرجت من القبو؛ لأنها ستفجر سباقاً على
التسلح.
وأما وسائط توصيل القدرات النووية فهي:
أولاً: إف - 16، وإف - 15 تاندر، وإف - 15 إيغل.
ثانياً: صواريخ «أريحا - 1 و 2 و 3» .
ثالثاً: غواصات «دولفين» الألمانية.
* الأسلحة الكيميائية والبيولوجية:
ترى إسرائيل أنه إذا لم يتحقق مسعاها لإجبارها الدول العربية على التوقيع
على معاهدة حظر إنتاج الأسلحة الكيميائية والنووية وتخزينها؛ لكي يتم لها الانفراد
بالرادع النووي من دون منافس، فإن تكرار ما وقع عام 1981م حينما أغارت
المقاتلات الإسرائيلية على المفاعل النووي العراقي ودمرته هو أمر وارد بالنسبة
للمنشآت الكيمياوية والبيولوجية العربية.
وقد قامت إسرائيل، في السنوات الأخيرة، بتطوير ترسانتها من الأسلحة
الكيميائية والبيولوجية حتى أصبحت كما يأتي [4] :
- السلاح الكيميائي الثنائي (المزدوج) : وقد اهتمت به إسرائيل منذ اكتشافه،
وهو يتكون من عاملين منفصلين، يكوِّن اتحادهما معاً عند الاستخدام فقط خليطاً
له صفات مهلكة. وقد أمدت أمريكا إسرائيل أخيراً بهذا السلاح.
- غاز الكلور (CI) : وهو يسبب تهيجاً في الجلد، وتدهوراً في وظائف
الشُّعب الهوائية، ويؤدي إلى الموت.
- غاز البروم.
- غاز التابون (Gصلى الله عليه وسلم) : وقد تم تهريب 1600 طن منه لإسرائيل من ألمانيا.
- أكسيد الإثيليين: استخدمته إسرائيل في غاراتها على لبنان.
- غاز الفوسيجين (CG) : يؤدي لإيقاف الدورة الدموية، وتخثير الدم،
وحدوث الجلطات والموت.
- غاز الخردل (Hعز وجل) : يسبب التهاب العيون، وزيغان البصر، والعمى،
والتقرحات، وتسمم الجلد، والحروق.
- غاز السومان (Gعز وجل) : ورائحته تشبه الكافور، ويؤدي لارتخاء
العضلات وصعوبة التنفس ثم الموت.
- غاز في إكس (VX) : وهو غاز شديد السمية، وتماسه مع الجلد يؤدي
إلى الموت.
- الجمرة الخبيثة (الإنثراكس) .
- حامض الهيدروسيانيد (صلى الله عليه وسلمC) : ويسبب ضيق التنفس والاختناق
والغيبوبة ثم الموت.
- غازات الشرطة، وغازات العقل مثل الـ (عز وجل.S.L) (عقار الهلوسة)
وغيرها.
- هناك مصنعان يزودان الجيش الإسرائيلي بغاز (CS) وهما مصنع
«يشيرا» و «المعمل الفيدرالي» ، وغاز (CS) هو تركيب كيميائي له
رائحة الفلفل، وهو يحدث إحساساً حارقاً وقارصاً في الجلد، وسعالاً، وسيلان
دموع، وضيقاً في الصدر، ودواراً مع غثيان يصحبه قيء [5] .
- قنابل النابالم: وهو من أقدم العوامل الكيميائية التي تستخدمها إسرائيل،
والنابالم هو خليط من مادة بترولية وبعض أملاح الأمنيوم، مثل حمض الأوليك،
وحامض البالمتيك، وحامض النفثاليك، ويؤدي خلط هذه المواد إلى إنتاج تركيبة
شديدة الاحتراق تعبأ في قنابل، وعند انفجارها تتناثر مكوناتها الحارقة لتلتصق
بجسم الضحية مسببة حروقاً بالغة وتشويهاً شديداً للشكل ولوظيفة الأعضاء المصابة
[6] .
- الترميذ أو الترميت: وهو مركب معدني يتكون من الألمنيوم وأكسيد الحديد
ومشتقات معدنية أخرى، وهو شديد الاحتراق حتى بمعزل عن الهواء.
- الإلكترون: وهو خليط من الماغنيسوم والألمينيوم مع معادن أخرى، وهو
شديد التأثير؛ إذ تصل درجة احتراقه إلى 2800 درجة مئوية.
- الفوسفور الأبيض: وهو شديد الحساسية للأكسجين؛ حيث يشتعل فور
ملامسته له في الجو منتجاً درجة حرارة تبلغ 250 درجة مئوية، وينتج عن
احتراقه غاز شديد السمية، وسقوطه على الجلد يؤدي إلى تلفه وإحداث تقرحات
وفقاعات قشرية سوداء.
- أكسيد الإثيلين: وهو عامل حارق استخدمته إسرائيل ضد المنشآت في
لبنان قبل الاجتياح وخلاله في عام 1982م [7] .
وتخطط إسرائيل لتحقيق مجموعة من التحديثات لتطور الأسلحة الكيميائية
والبيولوجية، وهي تغطي المجالات التالية:
- تطوير الاستخدام المشترك للسموم الفطرية والغازات الحربية المستمرة
لإضعاف القدرة الوقائية لوسائل الوقاية المباشرة للقوات المسلحة للعدو.
- تغليظ بعض الغازات شبه المستمرة مثل الزومان والزارين لزيادة مدة
استمرارها.
- إنتاج جيل جديد من الذخائر الثنائية لغازات الأعصاب المستمرة في إطار
خفض تكلفة الإنتاج وأمان التداول.
- خلط أكثر من نوع من الغاز الحربي في الدانات، أو الاستخدام الميداني،
كحالة خلط غاز اللويزيت مع غاز الزارين؛ حتى لا تصلح حقن الأترومين
للإسعاف الأولي من غازات الأعصاب.
- تطوير مضادات الثروة النباتية بالاستفادة من بحوث الهندسة الوراثية.
- الاهتمام ببحوث الكشف والإنذار الآلي عن الغازات الحربية، وأيروسولات
غازات الأعصاب المستمرة بوجه خاص، والإسعاف الأولي منها.
- إجراء التجارب على استخدام الحوامات المسلحة في تحميل مولدات الغاز
الحربي، وإطلاق سحب الغازات الحربية في إطار التكتيكات ضد القوات المسلحة
للعدو، إلى جانب استخدام الصواريخ (جو أرض) الكيميائية الموجهة بالأشعة
تحت الحمراء.
- استمرار بحوث اللايزر الكيميائي على المستوى العملي، ودراسة
التأثيرات التدميرية لأشعة اللايزر (ثاني أكسيد الكربون، أشعة أكس) .
- إدخال الهجمات والضربات الكيميائية في نظام لتحليل واختبار الأهداف
المعادية والسيطرة عليها، واستخدام الذخائر الذكية والصواريخ ذات التوجيه الذاتي
ضد الأهداف التكتيكية المعادية [8] .
هذا وتخزن إسرائيل أسلحتها الكيميائية والبيولوجية في مصانع للغازات
الحربية والسموم قرب الناصرة، وبتاح تكفا، ومصنع «مختيتيم» قرب تل
أبيب، كما تخزن الذخائر الكيميائية في بئر السبع، وتجهز المصانع التي تنتج
المبيدات الكيميائية والحشرية ومصانع الأدوية؛ لكي تتحول عند الحاجة إلى مراكز
لإنتاج الأسلحة الحربية الكيميائية والبيولوجية.
* الصواريخ الباليستية الإسرائيلية:
هناك نوعان من الصواريخ:
1 - الصواريخ الباليستية، وهي المعروفة بصواريخ (أرض أرض) التي
تطلق من منصات أرضية ثابتة نحو أهداف بعيدة عن مركز إطلاق.
2 - الصواريخ الجوالة التي يمكن حملها وإطلاقها من عربات خاصة قادرة
على نقلها من مكان إلى آخر.
ولدى إسرائيل ثلاثة أنواع من الصواريخ الباليستية التكتيكية:
- صواريخ لانس «إم جي إم 52 سي لانس» ، وهي أمريكية التصميم
والصنع، وقادرة على حمل رأس تقليدي ورأس نووي صغير. ومدى هذا النوع
من الصواريخ يتراوح بين 72 - 130 كلم.
- صاروخ «أريحا - 1» وهو (إسرائيلي فرنسي) التصميم والصنع،
وهو قادر على حمل رأس تقليدي أو نووي، يتراوح مداه بين 482 و 563 كلم.
- صاروخ «أريحا - 2» ، وهو نموذج إسرائيلي مطور ومحسن لصاروخ
«أريحا - 1» .
ولدى إسرائيل عدد تتفاوت التقديرات حوله بين 12 و 18 منصة إطلاق
متحركة للصواريخ التكتيكية الأمريكية الصنع من طراز «لانس» ، وعدد غير
معروف من منصات إطلاق صواريخ متوسطة المدى من طراز «أريحا - 1،
2، 3» .
بالإضافة إلى هذا، لدى إسرائيل الأنواع التالية من الصواريخ المضادة
للصواريخ الباليستية مثل صاروخ «سكود» :
1 - صاروخ «حيتس» (السهم: أرو) : لقد تم تطوير هذا الصاروخ
مؤخراً؛ وذلك بالتعاون مع الولايات المتحدة، وبإمكانه اعتراض صاروخ (أرض
- أرض) ، ويزن 52 طناً، وبإمكانه أن يحمل مواد غير تقليدية مثل المواد
النووية والجرثومية.
2 - صاروخ «باتريوت» : وهو أمريكي الصنع، قامت واشنطن بتزويد
إسرائيل بهذا الصاروخ منذ حرب الخليج في عام 1990م؛ وذلك لمواجهة
صواريخ سكود العراقية. ويزن صاروخ باتريوت عند الإطلاق نحو 1000 كلج،
وأقصى مدى له نحو 144 كلم [9] .
هذا وقد زودت الولايات المتحدة إسرائيل بصاروخ «نوتيلوس» الذي يعمل
على الليزر لمواجهة صواريخ كاتيوشا التي يستعملها «حزب الله» ضد
الإسرائيليين.
* السوبر كمبيوتر (2 - Gray) وأسلحة الدمار:
زودت مؤخراً الولايات المتحدة إسرائيل بعشرة أنظمة سوبر كمبيوتر من
طراز (2 - Gray) التي ستقوم بتطوير الجيل الثاني من الأسلحة الإسرائيلية،
وخاصة أسلحة الدمار الشامل؛ إذ بإمكان هذا النوع من أنظمة الكمبيوتر تطوير
قنابل نووية صغيرة ذات الأوزان 1 كلج، 2 كلج و 5 كلج 10 كلج، و 15 كج.
وفي هذا الصدد يقول مدير معهد «مشروع ويسكونس للحد من الأسلحة
النووية» «جاري ميلهولين» : «إن الكمبيوتر (2 - Gray) سيسرع بشكل
ملموس اتجاه إسرائيل لبناء المزيد من أسلحة الدمار الشامل ومن ضمنها الصواريخ
الباليستية العابرة للقارات والأسلحة النووية» .
ويضيف «ميلهولين» قائلاً: «إذا استطاع الإسرائيليون الاستفادة من
طاقات السوبر كمبيوتر؛ فإن مخاطر ذلك ستتمثل في خفض النفقات، وفي الوقت
نفسه تسريع برنامج الصواريخ الباليستية، كما أنه سيساعد في بناء الجيل الثاني
من أسلحتها النووية التي تتضمن قنابل هيدروجينية وقنابل نيوترونية، وهذا يعني
أن واشنطن تعمل على تعزيز انتشار أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط»
[10] .
وأخيراً: من أسلحة الدمار الشامل الأسلحة الكهرومغناطيسية التي تحدث
دماراً يفوق الدمار الذي تحدثه الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية مع أن تكلفتها
هي دون ثمن الأسلحة الأخيرة.