المسلمون والعالم
ماجد الحمد الماجد
لي أمٌّ.. مثلها مثل كثير من أمهات المسلمين.. أَمَضَّ فؤادها، وأجرى
مدامعها ما تراه من ذلة المسلمين وهوانهم على الناس، وتسلط أهل الكفر والنفاق
عليهم بالتقتيل والتشريد وسَوْمهم المسلمين سوء العذاب، فلنا في كل قُطْر دم زكي
مراق لا بواكي له، وهي لا تملك حيال هذا الواقع المأزوم إلا أن ترفع كفيها
بتضرع وإلحاح؛ تسأل رباً كريماً أن ينصر المسلمين على أعدائهم عبَّاد الصليب
وإخوان القردة والخنازير.. هذا غاية ما تستطيع.
فهي لم تألف الذل وإن طال الزمان به، وما استكانت لقتامة الوضع وإن يئس
الكثير من انقشاعها؛ لذا فهي توقن يقيناً لا يخالطه شك أن النصر في النهاية
للإسلام وأهله؛ وإن حاول الطواغيت وعبيد الطواغيت أن يحولوا بين الأمة وبين
موعود الله لها؛ بتمكينها في الأرض، وضرب الذلة والصغار على من ناوأها.
فكانت تتسقط أخبار المسلمين في كل مكان علَّها تسمع خبراً يُفرحها؛ يكون
سلوى لنفسها المكلومة؛ بيد أنها ما كانت تعرف السياسة الدولية وما يجري في
دهاليزها المظلمة، ولا ما يدور في أروقة مجلس الأمن، ولكن ثمة سياسة واحدة
عَرَفَتْها، استقتها من كتاب ربها: أنها لا يمكن بحال أن تحب مَنْ غَضِبَ الله عليه
ولعنه، ولا أن توالي مَنْ ضل عن الطريق المستقيم، فإذا نزلت قارعة بقوم كان
إسلامهم الفيصل بين أن تبتسم أو تبكي عليهم.
رَأَتْ مرة جلسة مفاوضات بين اليهود والعرب، تأملَتْ في وجوه الجالسين
خلف طاولة المفاوضات فهالها ما رأت!! نظرت ذات اليمين فما عرفَتْهم، فنظرَتْ
ذات الشمال فأنكرَتْهم، فأرجعَتْ بصرها تتأمل في ملبسهم علَّها تهتدي بسببه إلى
التفريق بينهم؛ فوجدَتْه زياً واحداً لا أثر للعروبة فيه، ثم أرجعَتْ بصرها كرة
أخرى تبحث في وجوههم عن شعيرة من شعائر الإسلام فما وجدَتْها، فانقلب
بصرها حسيراً كسيراً، عندها اغرورقت عيناها بالدموع، فصرخت تسألني: أيهم
اليهود؟ .. إي والله! أيهم اليهود؟!
أمَّاه.. أولئك الشامخون بأنوفهم، الباسطو أيديهم.. يسألون ما لا يستحقون،
ويقولون فيفعلون، ويفعلون أكثر مما يقولون، وإن هددوا أوفوا وأجزلوا الوفاء..
هم اليهود.. إخوان القردة والخنازير.
أما المطأطئو رؤوسهم ذلة وانكساراً، الباسطو أيديهم.. يعطون ما لا يملكون،
ويقولون ما لا يفعلون، ويفعلون غير ما يقولون، يهددون فلا يوفون.. أولئك هم
العرب المسالمون.
ومن عجيب أمرها أطال الله عمرها في طاعته أنها لا تفرق بين «الأمم
المتحدة» و «الولايات المتحدة» ؛ فهما سيّان عندها؛ تحسبهما شيئاً واحداً، فإذا
سمعَتْ مثلاً أن «الأمم المتحدة» أرسلت قوة حفظ سلام حسبَتْها قوة أمريكية،
فكنتُ أضحك في نفسي من جهلها بالفرق بينهما، وألتمس لها عذراً بتشابه الاسمين،
لكن رجعت إلى نفسي أتأمل كلامها فما وجدت كبير فرق بينهما؛ فهما إن اجتمعا
افترقا، وإن افترقا اجتمعا؛ فما تقرره «الولايات المتحدة» تنفذه «الأمم
المتحدة» ، ولا يمكن أن يتخيل فضلاً عن أن يتصور حدوثه أن تقرر «الأمم
المتحدة» خلاف ما تريد «الولايات المتحدة» ، عندها علمتُ أنها أصابتْ من
حيث أخطأتُ في عدم التفريق بينهما.