قصة قصيرة
سامي بن محمد العبودي
تردد في بداية حياته وسوّف ... كان شاباً قوياً مفتول العضلات يمتلئ نضارة
وحيوية ... لكنه قال حينما عُرض عليه الموضوع: أنا مشغول بالدراسة
والاستذكار في الوقت الحاضر والعمر أمامي ... وبعد تخرجه وإنهائه للدراسة
الجامعية قال: ليس الآن، بل بعد الزواج ... وحينما تزوج لم يذهب؛ لأن زوجته
كانت حاملاً ولا يستطيع تركها وحدها على حد زعمه ... وبعد أن وضعت قال:
سأؤجل هذا الأمر حتى يكبر ابني قليلاً ويستغني عن أمه، وأستطيع اصطحابها
معي ... كبر ابنه وفُطم لكنه أجل الموعد؛ لأن الجو شديد الحرارة والشمس محرقة
هناك ...
مرت السنون وتوالت المواسم وصاحبنا يؤجل ويسوّف مع يسر حاله ...
اشتغل ببناء منزل جديد، واحتج به لتأخير هذا العمل ... وفي أحيان كثيرة كان
يعزم بشكل أكيد، وحينما يحين الموعد ويحل يتردد ويفتعل الأعذار والأسباب لعدم
قدرته في ذلك العام، وعندما يرى الناس قادمين إلى ديارهم يحزن ويتأثر أشد التأثر؛
لكن هذا الحزن والأسف لا يستمر طويلاً ولا يثمر تصميماً أكيداً، وفي سنوات
عديدة كان يحل هذا الموعد وهو مسافر خارج البلاد إما في سياحة أو لأجل عمل
دنيوي، فينشغل بهذا العمل ويتشاغل بهذا السفر، ويفوت الموعد وينتهي ...
أحس أن صحته وحيويته تتأخر من عام إلى آخر، وأن قوة الشباب وفتوته
أعقبها ضعف الكهولة ووهنها، فعزم ألا يفوّت هذه السنة بأي حال من الأحوال
وأخذ يستعد ويتهيأ، وقبل الموعد أصابته نوبة قلبية نقل على إثرها إلى المستشفى
ليبقى في غيبوبة مات بعدها ... مات وهو لم يحج ... مات وهو لم يحج ...
رحماك ربي!!