مجله البيان (صفحة 4375)

ندوات

تداعيات سبتمبر.. التحدي والاستجابة

(2 ـ 2)

إعداد: وائل عبد الغني

في الحلقة السابقة رأى أحد المحاورين أن أي دولة مالكة للسلاح النووي

تتساوى مع الولايات المتحدة الأمريكية في مسألة الردع، وبين بعضهم أن الحاضر

الغائب في تداعيات ما بعد سبتمبر هو الإرهاب الإسلامي المزعوم.

ودارت الندوة في شؤون شتى نبهت إليها المواقف التي اتخذتها الولايات

المتحدة تجاه العالم الإسلامي خاصة، كما تطرقت إلى موقع العرب من

الاستراتيجية الأمريكية، وفي هذه الحلقة يتابع المحاورون محاور أخرى مهمة.

- البيان -

* ضيوفنا في هذه الندوة هم:

أ. د. أحمد الرشيدي:

أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

أ. د. حامد عبد الماجد:

أستاذ النظم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

أ. طلعت رميح:

رئيس تحرير جريدة الشعب المصرية.

أ. د. مصطفى منجود:

أستاذ النظرية السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.

البيان: فرضت أحداث سبتمبر عدداً من التحديات على المنطقة العربية؛

بينما سعرت من لظى مجموعة أخرى وضعت المنطقة على مفترق طرق.. كيف

ستكون التحديات، وبماذا ستكون الاستجابات؟

أ. طلعت: الحديث عن التحديات قد يمثل صورة من التحدي في حد ذاتها إذا

ما شكلت عنصر خصم من الوعي بالتحدي الذي يعد وسطاً بين التغافل والانهزامية،

وأعني ألا يصيب ذكر التحديات العصب المدرك في الجسد الإسلامي بحال من

الارتباك أو الوهن، ولهذا أرجو ألا يتحول الحديث حول التحديات في حس القارئ

إلى نوع أخطر من التحدي؛ لأن أكبر تحدٍّ هو التحدي النفسي الذي ينشأ عن

استعظام المخاطر، أو الوقوف على أطلال الحركة دون أن نطور ردود أفعال

تتناسب مع الأحداث إن لم تتفوق عليها.

الولايات المتحدة أدركت ذلك جيداً بعد الحادث مباشرة ووسعت من دائرة

الإرهاب النفسي الموجه نحو الشعوب العربية والإسلامية، وأخشى أن يوضع

كلامنا في هذه القضية لنوع من العون للجهود الأمريكية في هذا الباب، ربما

نجحت الولايات المتحدة في تحقيق بعض النجاحات على مستوى النخب؛ لكن

بالنسبة للشعوب العربية فإن الأمر كان قد تحول إلى موجة كراهية عارمة وربما

بوادر يقظة كان يمكن أن تستثمر لإحباط المخطط الأمريكي الصهيوني، وأخشى أن

تتسرب مع الوقت.

د. حامد: قبل أن أتحدث عن التحديات أطرح ثلاث برقيات عاجلة في هذا

الصدد:

الأولى: لدينا نوع من التحديات التي يمكن القول إنها تشكل مباراة صفرية؛

بمعنى أنه هو تحدٍّ حالّ وضروري وأساسي.. أو هو تحدي وجود!

وفي المقابل هناك نوع آخر من التحديات يمكن أن يقبل المساومة وأنصاف

الحلول التي تمثل هامش مناورة وهامش تبدلات سياسية.

الملاحظ أن مستوى التحديات من النوع الأول زادت معدلاته بعد أحداث

سبتمبر.

الثانية: أن التحدي يفترض أن نميز بين العدو الرئيسي في التحدي والعدو

الثانوي؛ أقصد مصدر التحدي.

الثالثة: أن التحدي لم يعد مقصوراً أو مقتصراً على النظم السياسية أو

المجتمعات، وإنما أصبح التحدي يواجه بنفس الدرجة وربما أعمق قوى التغيير

داخل المجتمعات العربية.

ومن هنا سأذكر بعض التحديات التي يمكن تصنيفها وفقاً لهذه المحكات

المنهجية الثلاثة: أنا أرى أن التحدي الأساسي الذي يواجه الدولة والمجتمع

والحركات عموماً هو تحدي غياب الرؤية، وغياب المشروع والهوية؛ فكل

الأنظمة تعاني من غياب الرؤية (ماذا تريد بالنسبة لشكل الدولة وصورة المجتمع

وهوية الكيان ... ما هو المجتمع الذي تريده؟) .

هناك أزمة قيادات سواء على مستوى الفكر والسياسية والتنظيم. هناك أزمة

مؤسسات، هناك أزمة تنموية وإصلاحية بكل الأبعاد.. هناك حالة من الشلل

والجمود السياسي المنتشر في الأقطار العربية؛ بحيث إن السياسة شاخت أو كما

يعبر البعض: «أنظمة أصابها الكِبَرُ والكِبْرُ في نفس التوقيت» .

د. أحمد: وفق تصوري لا يمكن الحديث عن التحديات الجديدة دون الأخذ

في الاعتبار التحديات القائمة فعلاً والتي يمكن تصورها على ثلاثة مستويات للتحليل:

المستوى الأول: تحديات نابعة من البيئة الداخلية لكل دولة عربية أو دولة

إسلامية على حدة (أو تحديات على المستوى الوطني) .

المستوى الثاني: تحديات على المستوى العربي.

المستوى الثالث: تحديات نابعة من البيئة الدولية العالمية.

فعلى المستوى الأول: هناك التحدي الأكبر وهو مسألة الحريات، وقد ألقت

الأحداث الأخيرة بظلال كئيبة عليه؛ فما لم يأمن الإنسان في بلادنا العربية على

حريته وعلى أمنه وعلى يومه وعلى غده، فهل يتوقع منه خير؟

أيضاً قضية بعض الدول العربية التي تُواجه بتهديدات تكاد تهدد وجود الدولة

ذاتها. مثلاً: حالة الدولة في الصومال، حالة الدولة في السودان مع اختلاف

الدرجة، حالة الدولة في العراق، العراق يكاد يكون الآن دولة لا تملك السيطرة

على فضائها؛ فهذا التهديد لوجود الدولة في ذاتها واستمراريتها كدولة أنا أتصور أن

هذا تهديد من نوع جديد لم نواجهه من قبل.

والقضية الأخرى هي قضية تفسخ التكامل الوطني داخل الدولة واستثمار

ورقة الأقليات، هذه القضية بدأت تمس وجود الدولة؛ وهذا ممكن أن نلمسه بشكل

أوضح في حالة السودان، ممكن أن نلمسه أيضاً في حالة العراق، ممكن أن نلمسه

في حالة الجزائر. هذا التحدي تعاظم بشدة بعد الأحداث الأمريكية.

هناك سياسات اقتصادية وتعليمية وثقافية أصبحت تنفذ وفق إملاءات ووفق

برامج محددة، وهذا يلفت الأنظار إلى فشل مشروعات التنمية في بلادنا العربية في

النهوض، وارتباطها بالاقتصاديات الدولية، وهو ما أدى إلى أزمات سيولة وبطالة

خانقة. بالنسبة للتعليم أصبحنا نرى اليوم نشراً للنموذج الأمريكي في التعليم في

مقابل إضعاف التعليم الوطني وتسطيح مستواه، وهذا يلقي بظلاله على مسألة

الهوية بأبعادها الدينية والثقافية والاجتماعية؛ بل حتى في التعليم الوطني أصبحنا

نرى توسعاً في التعليم باللغة الإنجليزية في مقابل خنق اللغة العربية.

أما على المستوى العربي فحالة التشرذم هي في ذاتها تحدٍّ، وضعف

المؤسسات الإقليمية وقصورها في تقليل النزاعات العربية والسعي نحو التكامل رغم

توافرالإمكانات والدواعي وطول الخبرة هو تحدٍّ آخر، والمشاريع الوافدة هو تحدّ

جديد قديم، نعم هذه التحديات ليست ناشئة تبعا لأحداث سبتمبر! لكن لا ينبغي

نسيانها؛ لأنها تولد تحديات جديدة مع تطور الأحداث، كما أنها تفرض قيوداً على

الاستجابات من جهة ثانية.

أما على مستوى البيئة العالمية: فإن اليمين الأمريكي في ظل أحداث سبتمبر،

وعسكرة السياسة الخارجية الأمريكية قد وجد الظرف المناسب لتحقيق خيار

الهيمنة الأمريكي على حساب الخيارين الآخرين وهو خيار المشاركة القطبية في

قيادة العالم، والانكفاء على الداخل تحت مسمى جديد هو حرب الإرهاب في ظل

صمت عالمي أو موافقة. واستثمر هذا الوضع لصالح فكر الهيمنة الذي بدوره

يفرض قيوداً وتحديات ومطالب على المنطقة لصالح الطرف الأمريكي وحلفائه

الدائمين، وأصبحت الولايات المتحدة كما يعبر البعض: «لقد اختُزلت الأمم

المتحدة في مجلس الأمن.. واختزل مجلس الأمن في الولايات المتحدة» . ولا شك

فإن التحركات الأمريكية على المستوى العالمي وحالات التقارب الروسي الأمريكي،

واكتمال أركان الحلف الإسرائيلي الهندي التركي تحت المظلة الأمريكية، والسعي

نحو آسيا الوسطى لتهميش دور المنطقة العربية اقتصادياً على المستوى العالمي؛

كل ذلك يلقي بتحديات جديدة.

د. مصطفى: في الحقيقة يمكن قراءة خريطة التحديات بأكثر من طريقة

والنظر إليها من أكثر من زاوية، وقد ركز الدكتور أحمد على الوجهة في التحديات

على أنها داخلية أو إقليمية أو دولية، أما أنا فسأركز قليلاً على الموضوع، وقد

رصدت من تلك التحديات عشر تحديات أساسية، والخطورة ليس في عرض تلك

التحديات، ولكن الخطورة في بعض المدركات المرتبطة بهذه التحديات. وأركز في

هذه التحديات على ما استجد بعد سبتمبر:

لدينا أولاً: التحدي الديني: ويرتبط هذا النوع بالفهم المغلوط للإسلام وربط

الإسلام بالإرهاب، ورسم إطار أمريكي لدورالمؤسسة الدينية، أيضاً في مسألة

التعليم الديني وتفريغه من مضمونه الأساسي. التحدي الديني في التضييق على

المؤسسات الدينية كدور تحفيظ القرآن، والمعاهد الدينية كما حدث في باكستان

مؤخراً وحدث من قبل في مصر واليمن. هذه التجربة ستعمق وتعمم على مستوى

دول المنطقة والعالم الإسلامي.

التحدي الثاني: التحدي الأمني: يتمثل في عدد من المقررات الأمريكية على

مستوى التعاون الأمني على مستوى العالم بالإضافة إلى تجاوز كل حدود

الخصوصية السياسية والأعراف الدولية والإقليمية الخاصة بممارسة كل دولة السيادة

على أراضيها، فقد أصبحنا كل يوم نسمع عن جديد في هذا الأمر: إثارة قلاقل في

دول قد تصل إلى حد التفتيت أو التقسيم، بالإضافة إلى الملاحقات الأمنية للعرب

والمسلمين على مستوى العالم، وكأنه قد أصبح مقرراً الآن أن الإسلام هو الوجه

الآخر للإرهاب.

أ. طلعت: تصريحات الساسة الأمريكيين في الفترة الأخيرة كلها تتواطأ

بالفعل على هذا المعنى بدءاً من بوش إلى تشيني ورامسفيلد ورايس وغيرهم.

د. مصطفى: أضف إلى ذلك ثورة قوانين الاشتباه والهجرة التي تمت على

مستوى العالم الغربي، وسلسلة الإجراءات الموسعة التي اتخذت بالفعل في هذا

الباب.

التحدي الثالث: التحدي السياسي: الدكتور أحمد أشار إلى مسألة الحريات،

وتوسع منطق الأقليات في المنطقة العربية والتخريب في الهوية. القرار السياسي

العربي على المستوى القطري وعلى المستوى الإقليمي أصيب بنوع من الترهل،

ولم يعد يملك زماماً للمبادرة بحيث إنه أصبح محاصراً بالاتهامات، وعليه أن يدافع،

وقد رأينا حالة الإخفاق العربي على مستوى القضية الفلسطينية.

التحدي الرابع: التحدي النفسي: وأقصد به تحدي التعامل النفسي في المنطقة

العربية، وهذا التحدي النفسي لا يقابل بحرب نفسية فقط، ولكن هناك حرب نفسية،

وهناك دعاية، وهناك تسميم سياسي، وهناك كل الكلام الذي تكلم عنه الدكتور

حامد ربيع - رحمه الله -.

التحدي الخامس: التحدي الإعلامي: وبراعة الإعلام الغربي في تسويق

الأخبار وإقناع الرأي العام بما يريد الساسة الغربيون، والتأثير على المستوى

العالمي، بينما إعلامنا نحن الآن في مناطق فراغ، وقد رأينا على سبيل المثال

كيف صورت N N C وغيرها من الفضائيات أحداث سبتمبر وكأن العالم كله

انجرح، والعالم كله ضرب وتصوير حالة الضرب والمآسي التي حدثت، وفي

نفس الوقت الذي تحدث فيه إسرائيل أكثر من ذلك، ولكنهم عندهم آلة إعلامية،

وهذه الآلة الإعلامية تعمي على ما قامت به إسرائيل، في الوقت الذي نملك فيه

عشرات القنوات الفضائية على المستوى العربي، ولا نملك استراتيحية إعلامية

موجهة لا نحو الداخل ولا نحو الخارج لتقول لهم ما هو الإسلام. كيف تخاطب

مثقفين؟ كيف تخاطب دوائر المعلومات؟ كيف تخاطب صُناع السياسات؟ كيف

تخاطب الناس هناك في الغرب؟

التحدي السادس: التحدي الاجتماعي: والتحدي الاجتماعي له أكثر من وجه:

المسلمون المسجونون لدى الولايات المتحدة، المضارون من الحروب الأمريكية،

آثار السياسات الأمنية والتعليمية والتشريعية.. مسألة الثقافة، مسألة القيم الجديدة

التي يحاولون أن يغزوا بها المنطقة وما يمكن أن ينجم عنها على المستوى

الاجتماعي. يمكن أن نلمح من وراء ذلك كله آثاراً خطيرة على المستوى

الاجتماعي في العالم العربي.

التحدي السابع: التحدي المؤسسي: فالمنطقة العربية تفتقر إلى العمل

المؤسسي المنظم سواء على مستوى العمل المشترك على المستوى القومي أو على

المستوى القطري ببعديه الأهلي والرسمي، المؤسسات الموجودة لا تفي

بالاستجابات المطلوبة والتحديات تفرض علينا عملاً مؤسسياً مكثفاً ومتخصصاً

ليواكب التحديات المفروضة، والاستجابات على هذا النحو ضعيفة للغاية، بل

يجري تكبيل مثل هذه المؤسسات على المستوى المدني عبر سن القوانين التي تحد

من حركتها وتجعلها تدور في إطار ضيق لا يتناسب مع حجم الأحداث، في حين

أنه تتاح الفرصة لكل مؤسسات المجتمع المدني الأمريكي أن تتكلم وتتفاعل مع

واقعها وقضاياها.

التحدي الثامن: التحدي التعليمي: أظن أننا كلنا متفقون على أن المطلوب

الآن هو نظام تعليمي مستأنس يُخرج مواطناً صالحاً بالمفهوم الأمريكي. والتحدي

التعليمي ليس بتفريغه من مضمونه الديني فقط، وإنما بمنهجية حشو الرأس؛

بحيث يتخرج من التعليم تسيطر عليه ثقافة السطحية.. ثقافة الهشاشة الموجودة في

عالمنا.. ثقافة الفيديو كليب.

التحدي التاسع: التحدي الاقتصادي: والأرقام عن التداعيات الاقتصادية التي

أصابت العالم العربي من جراء أحداث سبتمبر مهولة تكشف عن الخسائر في

معدلات النمو.. الخسائر في الصادرات، الخسائر في الاستثمارات، الخسائر في

حجم السياحة وفي حجم البطالة، في العملات الوطنية، في الدولار.. في أشياء

كثيرة جداً.

التحدي العاشر: التحدي التقني: والمشكلة ذات اتجاهين: الأول أن الولايات

المتحدة ويتبعها الغرب بدأت بفرض سياج من الحظر حول التقنيات الحديثة التي

تنقل إلى العالم الإسلامي والعربي؛ بحيث خفضت سقف المسموح به للتصدير

بالذات إلى العالم العربي والإسلامي مما يزيد من الهوة، ومن جهة ثانية فإن

التحديات تملي استنفاراً على المستوى التقني؛ لأن المواجهة عبر التقنيات الحديثة

زادت من تعقيد الأمور، وهو ما يصعب تحقيقه فعلاً.

أ. طلعت: لا شك أن المسألة التقنية بالغة الخطورة وبالذات على مستوى

قدرات الدول، ولكن تجربة الحركات الجهادية تجربة مبهرة ترينا كيف يتغلب

العامل العقيدي على الجانب التقني، وهذا يعيد لإنسان العقيدة اعتباره من جديد في

المواجهة، بالإضافة إلى محاولات الاستفادة من الخبرات المتاحة عربياً؛ وهو ما

أحدث قفزات نوعية في قدرات الانتفاضة على الاستمرار والمواجهة.

د. مصطفى: يقال الآن إن ضعف الإمكانيات التقنية يحد من قيام بعض

الدول القائدة بدورها القيادي، بل إن أثر الناحية الاقتصادية أو الناحية السياسية

يهون بجوار الجانب التقني.

أ. طلعت: أود أن أشير إلى بعض التحديات:

الأمر الأول: نظراً لأن المشروع الصهيوني في المنطقة في أخطر أزماته؛

فإن نقطة التوازن في المنطقة أصبحت في صالح العرب بفضل الانتفاضة، وهذا

ما يقلق الولايات المتحدة، ومن ثم يتوقع الخبراء بأن تتبنى الولايات المتحدة

ضربة عسكرية تعيد للكيان الصهيوني زمام المبادرة وتحقق له الردع من جديد،

والمرشح الأول لمثل هذه الضربة سوريا من أجل إيقاف الدول العربية عن دعم

فصائل المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة.

الأمر الثاني: أن الولايات المتحدة نشطت على المستوى الفكري والثقافي

والسياسي في تبني شخصيات واتجاهات داخل الدول العربية من أجل إيجاد عناصر

ضغط وتسميم سياسي، وتمدهم بالمال والدعم المعنوي والخبرات، وقد بدأت بالفعل

في تبني بعض فصائل اليسار سراً ومنهم التروتسكيون على وجه التحديد، وقد

بدؤوا بالفعل تنظيم صفوفهم من أجل العمل داخل الدول العربية بدعم مطلق من

أجهزة أمريكية وتمويل مفتوح لملء الفراغ الذي يتركه التضييق على القوى

الإسلامية والوطنية لصالح الرؤى الأمريكية.

الأمر الثالث: وهو تحدّ يكشف لنا عن منطق التراجعات العربية المستمرة،

وهو في منطق التعامل مع التحديات على المستوى العربي، وقد كشفت أحداث

سبتمبر إلى حد كبير أن التعامل العربي مع كثير من التحديات الاستراتيجية يتم

بمنطق التكتيك، وهو منطق لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج مرغوبة أو محمودة.

الأمر الرابع: أن التساهل الأمريكي مع روسيا في قضية الانضمام لحلف

الأطلنطي، وتوقيع الاتفاقيات الأخيرة حول خفض التسليح وغض الطرف عن

جرائمها في الشيشان، وكذلك التودد إلى الصين (الاستجابة لاعتراضها بشأن

القصف النووي في أفغانستان غض الطرف عن قضايا حقوق الإنسان داخلها ...

إلخ) ، ومحاولة تسوية النقاط الملتهبة مع أوروبا (قضايا الجمارك على الصلب

قضايا صناعة الطيران ... إلخ) وتوسيع وتيرة التحالف مع الهند وغيرها وغيرها

إلى كافة أنحاء العالم، كلها مؤشرات على تبديل الأولويات الاستراتيجية، باتجاه

عدو يحتل أولوية عاجلة على الأقل، ألا وهو العرب والمسلمون، والملاحظة الأهم

على هذه الاستراتيجية هو أنها تتبنى خيار الصراع المباشر والشامل مع الدول

العربية والإسلامية دفعة واحدة (لا يتعارض ذلك مع اختلاف الدرجات) باستخدام

القوة العسكرية أو التهديد بها، وهذا يعني أن التحدي هذه المرة شامل وضاغط على

العرب جميعاً ودفعة واحدة.

البيان: من خلال تجليات الأحداث بدا واضحاً أن التحديات بالأصالة أو

الوكالة كلها تصب في حصار الحركات الإسلامية باعتبارها العنصر الأهم في

المنطقة في مقاومة الهيمنة الأمريكية الصهيونية؛ فكيف يمكن قراءة التحديات

التي تواجه العمل الإسلامي بأشكاله المختلفة داخل المنطقة؟

د. حامد: في الواقع الحركة الإسلامية تأتي على رأس قوى التغيير الحقيقية

في المنطقة باعتبارها المؤهلة حقيقة لمجابهة المخاطر التي تواجه المنطقة.

بالفعل هناك تحديات موجهة إلى الظاهرة الإسلامية سواء في بُعدها الشعبي

(التدين الشعبي) أو في بُعدها المؤسسي (المؤسسات التي تعمل للإسلام) أو في

بُعدها الحركي (الحركات والجماعات الإسلامية) هذه التحديات يمكن ترتيبها في

ثلاثة مستويات:

مستوى تحديات نابعة من السياق العالمي وأبرزها أربعة تحديات:

1 - التحدي على مستوى الخضوع للهيمنة الأمريكية والغربية:

بحيث أضحى واضحاً وماثلاً للعيان أن القرار الاستراتيجي العربي والإسلامي

عامة تحدده الولايات المتحدة الأمريكية، أو يتم في إطار ضغوطها في معظم

القضايا المصيرية والقضايا الأساسية؛ وقضية الصراع مع الكيان الصهيوني مثال

بارز.. المبادرات الأخيرة تؤكد ذلك ولو جزئياً، وملف الظاهرة الإسلامية

واستراتيجية التعامل معها يعد أحد هذه الملفات الأساسية المدرجة في علاقة الظاهرة

الإسلامية في المنطقة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبرها إجمالاً من أقوى

التهديدات للهيمنة والمصالح الأمريكية في المنطقة خاصة بعد أحداث سبتمبر.

2 - التحدي على مستوى عملية التسوية السياسية مع الكيان الصهيوني:

والذي يمتلك رؤية واستراتيجية ثابتة للتعامل مع قضايا منطقة الخليج العربي،

وهو يدرك على نحو واضح أن عدوه الحقيقي هو الظاهرة الإسلامية ذات الامتداد

الشعبي والإدراك القيادي الصهيوني الذي يعكسه في أنصع صوره شارون في

الوقت الحالي يعتبر الظاهرة التي توصف بالإرهابية هي العدو المشترك لإسرائيل

والولايات المتحدة الأمريكية والأنظمة الحاكمة في المنطقة، والمثال الواضح

الموقف من حركات المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله.

3 - التحدي على المستوى السياسي الداخلي؛ أي موقف الأنظمة السياسية

الحاكمة من الظاهرة الإسلامية:

كانت معظم الأنظمة السياسية الحاكمة في المنطقة إلى ما قبل أحداث سبتمبر

وبتفاوت بينها في (الدرجة) تعتبر الظاهرة الإسلامية خطراً أمنياً، ولكن بعدها

وفي إطار الاستراتيجية والضغوط الأمريكية يمكن القول إنها ارتفعت بها لتصبح في

الوقت الحالي وإلى المدى المنظور مستقبلياً هي النقيض الأساسي و «العدو

الرئيسي» حالياً؛ ولذلك فإن وجودها الاجتماعي والسياسي يدور حول «السماح

الفعلي المحسوب» ..

4 - التحدي الفكري والمعلوماتي النابع من الإطار الدولي (ازدياد الدور

الأمني والمخابراتي والعسكري للأمن الغربي الأمريكي) :

يعتبر التنميط والأمركة أحد مظاهر العولمة وجوانبها والنقيض لفكرة الأمة

والعالمية ولو في أحد أهم مستوياتها وهي أحد مرتكزات ممارسات الظاهرة

الإسلامية، ومن آثارها إضافة إلى عملية التنميط تذويب الهوية الوطنية والقومية

وفي نفس الوقت إبراز منطق الأقليات العرقية والدينية وهو ما يمثل تحدياً من نوع

آخر للظاهرة الإسلامية في المنطقة العربية عموماً وفي منطقة الخليج على نحو

خاص وهو ما يتطلب نوعاً محدداً من الاستجابة.. كما أن الثورة الاتصالية تفرض

تحدياً من نوع آخر يتعلق بمدى إمكانية استفادة الظاهرة الإسلامية من الثورة

المعلوماتية، والتي تفرض تحدياً من نوع آخر يتعلق بـ «نوعية المعلومة»

وإمكانية السيطرة عليها أو احتكارها، وكذلك مضمون المعلومة ذاته ومن يحدده

ويمتلكه.. إلخ.

أما المستوى الثاني فعبارة عن التحديات النابعة من السياق المجتمعي الذي

تعمل فيه الظاهرة الإسلامية، ويمكن تقسيمها لأربعة كما يلي:

1 - حقيقة مدى انتشار وشعبية الظاهرة الإسلامية وتراجعها:

إذ لم يثبت حتى الآن بشكل علمي أن قطاعات واسعة من الرأي العام رغم

تدينه التقليدي ومحافظته في المنطقة العربية عموماً وفي منطقة الخليج العربي

كنموذج قد وصلت إلى قناعة فعلية باعتبار الظاهرة الإسلامية وما تقدمه هو البديل

المطلوب للاستجابة لاحتياجاتها، أو هو الممكن للإصلاح والتغيير، والمؤشرات

المتوفرة بهذا الصدد من خلال العمليات الانتخابية حتى الآن تدل على أن الحركة

تحوز في أحسن الأحوال من 20% - 25% في الكويت مثلاً من تعاطف قطاعات

الأمة، وعلى أية حال فإنه لا يمكن أن يتم إصلاح أو تغيير على أساس الاهتمام

والتعاطف فقط، كما أن المراهنة على مواقف ثابتة للرأي العام أو خصائص دائمة

أمر تعوزه الأدلة العلمية، الوضع بالنسبة لشعبية الظاهرة الإسلامية هناك لم توضع

على المحك؛ لأنه لم تجر انتخابات، وليست هناك معاهد أو مراكز لقياس الرأي

العام ومعرفة توجهاته الأساسية بالنسبة للحركة الإسلامية في المنطقة.

2 - نخبوية الظاهرة الإسلامية وتآكلها:

تعد الظاهرة الإسلامية قوة منظمة في مجتمعاتها إلا أنها بـ «مقاييس الكم

والوضع» ما تزال نخبة محدودة مركزة في طبقات اجتماعية وفئات اجتماعية،

وأوساط ثقافية محددة، وهذه ذات سمات معينة من حيث خصائصها وقدرتها على

التغيير، وأيضاً من حيث الإمكانات والفعالية، وقطاعات واسعة من هذه النخبة

مستوعبة وموظفة فعلياً لصالح مشاريع أخرى قد تكون منافسة أو مناقضة للظاهرة

الإسلامية، وكل ذلك ينبني عليه أنها بإجمال تعاني من ضعف حقيقي لا يمكنها من

الاستجابة المطلوبة.

3 - تغلغل الظاهرة الإسلامية:

وإن لم يكن بقدر كاف في مؤسسات الأمة الطبيعية كالمساجد والأوقاف،

والجامعات الدينية التقليدية الممثلة لرمزية الفكرة الإسلامية مثلاً، والتي ترتبط بها

جماهير الأمة تلقائياً، وإن كانت قد قدمت للأمة مشاريع تتواصل مع أبنيتها

الأصيلة والطبيعية لم تزل تحتاج إلى مزيد من الجهود. أما وجود الظاهرة في

القطاعات المحدّثة، والأبنية التحديثية من مؤسسات الدولة الحديثة فهي ما زالت

ضعيفة إلى حد ما.

4 - عدم قيام الظاهرة الإسلامية بالدور الريادي أو القائد في المجتمع:

قدمت الظاهرة الإسلامية نفسها في المنطقة العربية باعتبارها قيادة للإصلاح

وللتغيير في مجتمعاتها وفق شعارات عامة فضفاضة، وكانت هناك درجات من

القناعة بذلك في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، وقد بدأت الظاهرة تتبلور

في العقدين الأخيرين التي جربت فيها الظاهرة الإسلامية ولو جزئياً عبر درجات

مختلفة من المشاركة أو المغالبة لم تنجح الحركة فيها في تقديم نماذج واقعية حقيقية

للإصلاح وللتغيير المأمول منها، ولكن الظاهرة السياسية في منطقة الخليج العربي

قدمت جزئياً نماذج لنجاحات فعلية.

تلكم التحديات ماثلة أمامنا جاءت أحداث سبتمبر لترسخ وتعمق للتحدي وفق

السياقين العالمي والمحلي.

أما المستوى الثالث: فهو التحديات النابعة من داخل الظاهرة الإسلامية،

ويمكن إجمالها في سبعة محاور أساسية تعبر عن تأمل ومتابعة لأحوال هذه

الظاهرة وهي:

1 - غياب «الرؤية» وعدم تكامل المشروع الإصلاحي:

أو عدم بلورة الحالة الإسلامية لمشروعها التغييري وصياغته صياغة (تناسب

العصر) تقبل التنفيذ سواء كان المشروع السياسي أو حتى المشروع التربوي.. أو

كل مشاريعها الحقيقية. وهذه ملاحظة في الصميم لم تقدم حركة إسلامية حتى

الوقت الراهن مشروعاً إصلاحياً قابلاً للتطبيق. هناك جهود ولا أنكر ذلك؛ لكن لم

ينجز مشروع حتى الآن ولم يقدر لأي حركة أن تجدد أو تقدم مشروعاً.

وحتى يوضع كلامي في محله الصحيح أفرق بين أمرين:

أولهما: الفعل الإصلاحي من ناحية، والرؤية الحاكمة له والمحددة لمساراته

والمنظمة لاتجاهاته من ناحية أخرى؛ فلا يمكن أن ينكر محلل جاد أن هناك بدرجة

من الدرجات أفعالاً حضارية وإصلاحية تقوم بها الظاهرة الإسلامية؛ ولكن

الإشكالية أنها لا تنبع من رؤية محددة، ومن ثم فلا تصب في النهاية في خدمة

أهداف واضحة ومحددة، بل إن هذا الغياب يجعل من طاقاتها - للمفارقة - موظفة

في أهداف ومشاريع مناقضة، ولتسويغ سياسات قد تكون معادية للظاهرة الإسلامية

ذاتها.

وثانيهما: التمييز من الناحية العلمية بين المشروع الإصلاحي المتكامل من

ناحية، والبرامج المحددة على مستوى الأفراد والجماعات الصغيرة التي تحوزها

الظاهرة الإسلامية في معظم الأقطار التي تمارس فيها العمل.. لا يعني ذلك أنه

ليست هناك أفكار عامة حول الرؤية معظمها مستمد من التراث الإسلامي ويحتاج

مراجعة حقيقية. وبإجمال: الظاهرة الإسلامية لم تضع مشروعها الإصلاحي

والتغييري بلغة محددة وواضحة صالحة للاستجابة للتحديات.

2 - الأزمة القيادية داخل الظاهرة الإسلامية (التحدي القيادي) :

يلاحظ أن القيادات الحالية في معظم مستويات الظاهرة الإسلامية وإن كان

بدرجة أقل بالنسبة لمنطقة الخليج تعاني أزمات تتعلق بشرعية الإنجاز (الشرعية

وفق اصطلاح الفكر السياسي) الذي تحققه، وكفاءة الأداء في الأدوار؛ «فالإنجاز

الفعلي» للظاهرة الإسلامية يكمن في الالتزام ببناء مؤسسات شورية حقيقية وليست

شكلية وورقية على النمط الذي تقيمه الأنظمة الحاكمة في العالم العربي والإسلامي.

3 - الأزمة التنظيمية والإدارية داخل الظاهرة الإسلامية (التحدي المؤسسي) :

وهي أزمة حقيقية ساهمت في صنعها عوامل واقعية ليس هنا مجال التعرض

لتحليلها وهي ذات مستويات متعددة جوهرها تحول الظاهرة الإسلامية في معظم

البلدان والمناطق إلى حالة إدارية تنظيمية طغى الجانب التنظيمي على بقية الجوانب

الأساسية في ممارسات الظاهرة الإسلامية؛ فإذا أضفنا إلى ذلك وجود حالة من

«الجمود التنظيمي» في أبنيتها؛ مما أدى إلى ضعف حلقات الاتصال بين

المستويات المختلفة داخل إطارها التنظيمي، وكذلك ضعف عملية التماسك الداخلي

والمعاناة من أمراض المركزية المفرطة، بالإضافة إلى تقليدية أساليب العمل داخل

مؤسسات الظاهرة الإسلامية وعدم تطورها وفق التغييرات المعاشة.. إلخ؛ مما

يعني في التحليل الأخير عدم وجود «تقاليد مؤسسية» داخل الظاهرة الإسلامية

لصالح الفردية والشللية في بعض الأحيان؛ ناهيك عن عدم تحديد العلاقة بين حجم

المؤسسة وحجم العمل الفعلي ووظيفته في إطارها. هذا التحدي التنظيمي والإداري

بالغ الأهمية؛ لأن العامل التنظيمي والإداري أداة نقل المشروع عبر الظاهرة

الإسلامية إلى أرض الواقع العملي والفعلي.. ومن ثم فإن وضعيته هذه أضعفت إلى

حد كبير مقدرة الظاهرة الإسلامية على الاستجابة.

4 - تناقض الرؤى داخل الظاهرة الإسلامية بصدد أهدافها وأساليبها في

الإصلاح (التحدي التنموي والإصلاحي / التكامل القوي للهوية) :

ثمة مجموعة من التصورات المختلفة والرؤى المتناقضة وغير المتناسقة عن

ملامح الإصلاح، وكذلك الكثير من الرؤى المختلفة في تصور طبيعة الصراع

والتحديات التي تواجه الظاهرة الإسلامية، ومن ثم أساليب التعامل معها والاستجابة

لها، وهذا التحدي قد يخفت تحت ضغوط التحديات الخارجية الواقعة على جسد

الظاهرة الإسلامية، ولكنه موجود على كل الأحوال، ويمكن أن يظهر في لحظات

تاريخية، ويتفجر في سياقات معينة.

5 - انخفاض مستوى جودة في الأجيال الجديدة العاملة في إطار الظاهرة

الإسلامية (تحدي تهميش الأجيال الشابة) :

تعاني الأجيال الجديدة التي تم استيعابها للعمل في إطار الظاهرة الإسلامية في

سنوات العقد الأخير خاصة كما يظهر في العديد من المؤشرات من مشكلات حقيقية

لا تكمن فقط في تراجع الناحية الكمية الواضح ولكن إضافة إلى ذلك فإن نوعية

ومستوى العضوية الجديدة هو الآخر يشهد انخفاضاً وتراجعاً حقيقياً ربما يرجع ذلك

إلى عدم وضوح الأسس التي يتم عليها التجنيد، والتصعيد، وعدم تطور البرامج

التربوية والأنشطة وملاءمتها، وكذلك عدم فعالية الأشكال التنظيمية للظاهرة

الإسلامية التي يتم من خلالها تنفيذ هذه البرامج والأنشطة عملياً، والتي تحتاج

بشكل حاد إلى المراجعة والتجديد، وبالطبع فإن ذلك يتم في سياق مجتمعي في

المجتمعات العربية والإسلامية ويتجه نحو الانحدار العام.

6 - غياب أو عدم احترام التخصص داخل الظاهرة الإسلامية (تحدي

الجمود السياسي) :

تبدي الظاهرة الإسلامية في أدبياتها النظرية احتراماً كبيراً لقضية التخصص؛

إلا أن الممارسة داخلها في معظم مؤسساتها حتى في الأنشطة التي تعتبر بطابعها

تخصصية لا تحترمه في غالب الأحيان، ورغم أنها حفلت بالكفاءات المتميزة في

معظم المجالات الفكرية والعملية إلا أنها كما يبدو من عدم التجديد في خطابها

الإعلامي والتربوي، وكما يظهر في فقر الأدبيات الجادة الصادرة عنها تشهد

تراجعات ملحوظة على هذا الصعيد؛ فقد سيطر على معظم مؤسساتها العقل

الإجرائي والبيروقراطي المجدب، وأصبحت الظاهرة الإسلامية طاردة للكفاءات

الحقيقية من أبنائها تحت حجج وعناوين مختلفة، وفي ظل تسويغات فضفاضة

كثيرة، وهكذا تفقد الظاهرة الإسلامية بعضاً من أخلص أبنائها لصالح بقاء طبقات

من العملات الرديئة ومن ذوي الكفاءات المنخفضة مما يقعدها عن مواجهة التحديات

فتصبح مسؤولة عن إصلاح البيت من الداخل قبل المناداة بإصلاح المجتمع.

7 - غياب القيادات الفكرية المرجعية داخل الظاهرة الإسلامية:

تعاني الظاهرة الإسلامية نقصاً كبيراً من ذلك الجيل القائد على المستوى

الفكري والمرجعي وهو ما عبر عنه البعض بأنها أضحت جسداً كبيراً ليس له عقل

فكري قائد ناضج ومجمع على مستوى الجسد الكبير، وإن كنا نرى أنه قد فات زمن

المرجعيات الفردية الفذة المجتهدة، وأصبحت الحركات الإصلاحية توجده عبر

مؤسسات ومراكز متخصصة للبحث والتفكير المستقبلي وهو ما لم تعرفه،

والتجارب التي حاولتها لم تستطع أن تثبت جدارتها أو قدرتها على الصمود والبقاء

ناهيك عن الإنتاج والإبداع والحركة، ومن ثم أخذت عوامل التآكل تفعل فعلها في

الظاهرة الإسلامية دون أن تقوم بتعويض حقيقي لصالح الكيان.. تتفاعل هذه

التحديات وتتجلى في الكثير من المظاهر التي تلخصها حالة الظاهرة الإسلامية عامة.

فما هي الاستجابات التي تواجه بها التحديات، وإلى أي مدى تتناسب معها

ومع طبيعة الأهداف؟ وإلى أي مدى تعتبر الظاهرة الإسلامية مؤهلة لمجابهة هذه

التحديات؟

نذكِّر بأن الواقع الحالي كما ظهرت بعض مؤشراته متراجع، كما أن

الممارسات تشهد تخبطاً حقيقياً على معظم المستويات، ولعل نقطة البداية هي

التشخيص السليم للواقع، وإيجاد الوعي الحقيقي العلمي بطبيعة المنطق الصراعي

المواجه للظاهرة الإسلامية، والتحديات لكي تستجيب لها عملياً، وتحدد أشكال

الاستجابة ووسائلها المختلفة.

د. أحمد: هل هذا مرتبط بأحداث سبتمبر؟

د. حامد: قد يكون غير مباشر؛ لكن لا يمكن أن نغفل أنه زاد بعد سبتمبر،

زاد الانحدار. يعني كل المظاهر المرتبطة بالمشروع الأمريكي زادت بعد تلك

الأحداث وبدأت نغمته تزيد في المجتمع.

د. مصطفى: إذن بِمَ تفسر يا د. حامد صعود الانتفاضة بهذا الشكل،

وارتفاع التجاوب الشعبي معها على مستوى العالم في حدود الإمكانات المتاحة

ومسألة المقاطعة مثال لذلك؟

د. حامد: أنا أرصد ولا أفسر.. أنا معك، ولكن أنا أتكلم عن التيار العام

(ministry the) في كل الأقطار العربية تقريباً.

د. مصطفى: يظل التساؤل مطروحاً: هل هذا مرتبط بأحداث سبتمبر؟

د. حامد: لا، لا أقول مرتبط، ولكن ربما أسفرت عن زيادة وتيرة التراجع.

د. مصطفى: وربما العكس!

د. حامد: ربما العكس في المجتمعات الغربية؛ أما في المجتمعات التي تعد

ساحة الصراع؛ فلدي مؤشرات تقول إن الأمر يسير في الاتجاه الذي أتحدث عنه.

أنت لديك حزمة سياسات بدأت قبل أحداث سبتمبر؛ وتلك الحزمة طبختها

كثير من الأنظمة العربية، وبعد أحداث سبتمبر كثفت منها وزادت من وتيرة هذه

المظاهر، وأضرب مثالاً: مسألة تجفيف المنابع؛ وتلك بدأت منذ فترة، ولكن بعد

أحداث سبتمبر أنا لديَّ حالات تطبيقية تم التنسيق فيها، والنتيجة المباشرة لها

تنعكس على أولادك وأولادي؛ لأنهم يجففون هذه المرة من العمق، وفي نفس

الوقت يعمل على مستوى الشباب بالدعاية المضادة، والمتمردون جداً يتم التعامل

معهم أمنياً؛ فهو يملك بدائل للحركة في وقت تنزع هذه الأدوات منك، حتى لو أن

عندك الإرادة فليس عندك الأداة. أنا لست متشائماً أبداً ولكن أقول إن الناس التي

تدرس وتخطط دائماً ما ترى القوى المؤهلة للتغيير أو التي تحمل مشروعاً بديلاً أو

مشروعاً للتغيير وهي إما أن تخترقها.. والقوى الإسلامية عصِّية إلى حد ما عن

الاختراق، وليس كما في القوى اليسارية لأسباب ليس لي دخل بها. والأمر الآخر

هي أن تحرفها عن مسارها وتلك جُرّبت وممكن أن تصلح مع الأفراد، ولكن لا

تصلح مع الجسد الأساسي؛ ومن ثم أتصور أن هناك حزمة سياسات كما تشير

التقارير لا بد أن تُجرب وتطبق وتُقيَّم؛ بحيث تقود فترة من الفترات إلى أن تلك

قوى التغيير على الأقل تتكيف مع الوضع بأن تقبل أن تظل فيه: أن تظل تحت

السيطرة وحركتها مرصودة؛ بحيث لا تقدر على التغيير؛ فهنا هو يصادر على

المستقبل والتطور السياسي لتلك المنطقة.

أنا كنت مثلاً ألاحظ مجتمعاً كالمجتمع المصري يقدر أن يقوم بأشياء حتى في

ظل الانتفاضة؛ لكن هو في النهاية يرسم له حدود الحركة.. تحرك.. لكن تحرك

في الإطار الذي لا يخل بمعادلة التوازن القائمة والتي ترتبط بالنظام السياسي نفسه،

وترتبط بإسرائيل، وترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية، وأيضاً بمدى قبول الناس

تحركات منخفضة المستوى.

ومن هنا يجدر أن يطرح تساؤل: هل هي دخلت في إطار اللعبة؟ ومن هنا

أرى أن الذي تفعله حماس والجهاد هذا هو الاستثناء عن القاعدة (قاعدة الخضوع)

أنت الآن أمامك أمران في فلسطين: مشروع المقاومة، ومشروع للتسوية.

مشروع التسوية يسانده عرفات وتسانده الأنظمة، ومشروع المقاومة هناك

حركتان أو ثلاثة والباقي جميعاً ضده، ولكن الخطورة في تساؤل: هل تبلور

مشروع للمقاومة على مستوى العالم العربي؛ بحيث إنه يُساند مشروع المقاومة في

فلسطين؟ ربما المقاطعة جزء من هذا المشروع، لكن لا أعتقد أن هناك مشروع

مقاومة، والأنظمة تخشى، وأحد عناصر خشيتها من فكرة الاستشهاد ليس فقط أن

تكون منهجاً للتعامل، وأحد مظاهر تخوفها من المقاومة أن تنتقل عدوى المقاومة

إلى الداخل لديها ولو أحرزت حتى بعض النجاحات الجزئية، وفي سبيل ذلك لديها

استعداد للتحالف مع كل ...

فهنا مشكلة قوى التغيير في البلاد العربية في أنها لم ترتفع إلى مستوى الفهم

في مشروع المقاومة، وأن مشروع المقاومة كما يقولون إن قضية فلسطين هي

القضية المحورية التي تحدد حتى مستقبل الأنظمة العربية، يعني لننظر في 1948م

ماذا حدث؟ حدث تطور داخل الساحة الفلسطينية، ثم بعدها جاءت التغيرات،

وأخشى أن يقال إن سقف فهم الحركات الإسلامية سقف منخفض جداً، ولا يستطيع

الارتفاع إلى مرتبة فهم تلك الأحداث.

أ. طلعت: في رأيي أن التطور الذي حدث في فكر وحركة التوجهات

الجهادية نحو حروب التحرير بدلاً من التركيز على الأوضاع الداخلية والتحرك

الانقلابي يعد تطوراً إيجابياً للحركة الإسلامية عموماً.

د. مصطفى: قبل أن ندخل في الحديث حول الاستجابات أود أن أختم

ببعض المُدركات التي يجب أن نأخذها في اعتبارنا عندما ننظر إلى تلك التحديات:

أول أمر: أن هناك جبهات عديدة تفتح هذه التحديات بعد أحداث 11 سبتمبر.

هناك أكثر من جبهة فُتحت بعد أحداث سبتمبر بعضها يأتي من (إسرائيل) ،

وبعضها يأتي من أمريكا، وبعضها يأتي من تفاعلات وتداعيات أحداث سبتمبر

أيضاً.. هذه التحديات تتداعى معاً.

إن كل تحدٍّ من هذه التحديات كثيف ويلقي بظلال شديدة على عالمنا العربي.

إننا نفتقد وعي التحدي؛ ومعنى ذلك أن ندرك أن هناك تحدياً، وأن هذا التحدي

يجب أن يواجه بشكل أو بآخر.

أيضاً إننا نواجه هذه التحديات ونحن في حالتي حرب: حرب معلنة وسافرة

من إسرائيل، وحرب مؤجلة ربما من الولايات المتحدة الأمريكية.

أيضاً أنت تواجه هذه التحديات وأنت متهم، فتصبح قدرتك على الحركة في

مواجهة هذه التحديات جزءاً من هذه القدرة مسلوباً ومحشوداً أصلاً لمواجهة التهمة،

وربما يؤدي هذا خاصة في ضوء قلة الإمكانيات أو في ضوء عدم تحديد الأولويات

إلى تأجيل التعامل مع التحديات؛ وتأجيل التعامل مع التحديات قد يصل في بعض

الأحيان إلى عدم القدرة على مواجهاتها.

الاستجابات (كيف نواجه التحديات؟) .

د. أحمد: هناك اتفاق عام على أن هناك تحديات على المستويات كافة سواء

من حيث الجهة، أو من حيث النوعية، أو من حيث طريقة التناول.

أنا هنا أرى أنه لا ينبغي ادخار أي جهد أو إهمال أي سبيل يمكن أن يغتنم في

دفع هذه التحديات، أو تقديم نوع من الاستجابة لتداعيها بداية من إيصال صوتنا

إلى الرأي العام الدولي سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، عن طريق

البعثات الخاصة (البعثات الدبلوماسية) .. نتحرك على مستوى الحكومة الرسمي

وعلى مستوى الشعوب، وكلنا يعلم قدر القيود التي تمارس على الأوساط الرسمية،

والمفترض أن الحكومات تعي أننا جميعاً في مركب واحد، وليس هناك انفصام بين

الشعوب وبين حكوماتها.

هناك أيضاً القنوات الفضائية، يقال أيضاً إنه من بين المشكلات الأساسية

التي نواجهها أن الإعلام الصهيوني والغربي فعلاً نجح في تصوير الفلسطينيين على

أنهم هم القتلة وهم الإرهابيون: طبعاً لأنك أنت تركت له السلاح، ولا يوجد إعلام

عربي فعال.

د. مصطفى: حادثة محمد الدرة، كان يمكن أن تستثمر بشكل خطير، وإنما

هم في أي حادث صغير يقومون بتسليط الأضواء على طفل أو امرأة يهودية

أصيبت ويقولون هذا هو الإرهاب..!!

مخيم جنين كان ممكن أن يكون مادة إعلامية لا حصر لها في الحركة، ونحن

للأسف الشديد اعتمدنا على أن تأتي لجنة من الأمم المتحدة ثم حددوا شروطها

وانتهى الأمر.

د. حامد: كان ممكناً أن توظف حادثة جنين تلك دعائياً، وتوظف إعلامياً

وسياسياً، وكان فيها عناصر العمل الناجح:

أولاً: لديك جريمة ولديك قتلى متلفزون، أي أنهم تم تصويرهم بالستالايت

الأمريكي والفرنسي، والصور كلها موجودة وتقدر على شرائها من شركات تجارية

وتقدر أيضاً على شرائها من أمريكا.

ثانياً: لديك الفاعل، والمجرم الأصلي معروف ومصور أيضاً: شارون

وقواته.

ثالثاً: لديك الفاعل بالاشتراك (الأمريكي) علامات القذائف وعلامات

الأسلحة واضحة في الصورة.

رابعاً: لديك آثار الجريمة بداية من التترس بالدروع البشرية نهاية بالمقابر

الجماعية التي دفنوا فيها الناس أحياء.

لديك عناصر جريمة مكتملة الأركان، وليس لديك إلا أن توظفها، ولكن كما

قال الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله -: (نحن محامون فاشلون لقضايا عادلة) !

د. أحمد: نعود مرة أخرى لقضية الإصلاح المؤسسي والحريات والحقوق

التي كفلتها الشريعة للإنسان، هذه أنا شخصياً مقتنع بها على أنها مدخل أساسي

للإصلاح على أن تبدأ من الداخل؛ لأننا مهما تحدثنا عن أن هناك ضغوطاً خارجية

إلا أنه يبقى التحرك داخلياً هو الأساس.

نقطة أخرى التي هي قضية الاعتماد على الذات اقتصادياً وغذائياً حتى

نتخلص من أثر التبعية.

أيضاً قضية تنويع الأدوار، ويكون هناك نوع من أنواع العمل بروح الفريق

كدول عربية، ولكن علينا ألا نضع أوراقنا جميعاً في سلة واحدة.

ما المانع أن أنفتح على روسيا، وأن أنفتح على الصين، وأن أنفتح على

أوروبا أو بعض الدول الأوروبية؟

في تقديري أيضاً أن المحكمة الجنائية الدولية يمكن الاستفادة منها ولو مستقبلاً

إذا ما قدر لها أن تقوم كآلية.

د. مصطفى: استكمالاً لما ذكره الدكتور أحمد دعنا نقول إن مسالة توزيع

الأدوار مسألة مهمة، وتوزيع خطة التحرك وفق مبدأ توزيع الأدوار مسألة في غاية

الأهمية أيضاً، وأنا في ذهني مجموعة من المعايير ومجموعة من المبادئ لتوزيع

الأدوار.

دعني أتحدث أولاً عن مبادئ توزيع تلك الأدوار:

وأول مبدأ: هو أن تتوافر لدينا إرادة توزيع الأدوار بمعنى أن تكون الأدوار

مصنوعة من داخلك وليست مفروضة عليك وكما يقول الشاعر العربي:

إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها ... هواناً بها فهي على الناس أهون

لا بد أن تدرك أن لديك إمكانية، ولديك إرادة في تسخير هذه الإمكانية، وهذا

يعطيك القدرة على أن تحدد البدائل كما قلت في ضوء توازنات، ضرورات،

أولويات، هذه هي إرادة توزيع الأدوار، واستعادة هذه الإرادة هو أولاً بضغط

شعبي واعٍ.. ثم بإعادة مصالحة مع النخبة المثقفة.. وإحسان ظن النخبة السياسية

بالناس؛ وبهذه النخبة، ثم بعد ذلك شجاعة المبادرة وشجاعة الخروج من هذا

الطوق المفروض.

المبدأ الثاني: عدم إعفاء أحد من الأدوار.. على الأقل على المستوى الرسمي

ولكن في ضوء [لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا] (البقرة: 286) .

المبدأ الثالث: أنه لا تُعطى الأدوار إلا لمن يتحمل المسؤولية: أقصد إذا كان

المبدأ أن يشارك الجميع، وإذا كان هناك من يخذلنا فيجب أن يُستبعد.

المبدأ الرابع: أن يكون هناك نوع من أنواع التخصص في توزيع الأدوار في

ضوء المسؤولية المشتركة هنا، والتخصص في توزيع الأدوار هو تخصص تكاملي

في إطار منظومة تكاملية معروفة: من أين تبدأ، وإلى أين تنتهي؟!

المبدأ الخامس: أن تُوزع الأدوار لمن يكون له نفس طويل في مجابهة

التحديات.

المبدأ السادس: أن يتناسب الدور مع المكان والمكانة التاريخية والحضارية.

المبدأ الأخير: هو تحديد موقع المؤسسات الفاعلة في العالم العربي.

هل هذه المؤسسات تقود العمل العربي بتوزيع أدوار؟ أم هي تابعة لتوزيع

الأدوار في الواقع العربي؟

أنا أظن أنها وُجدت لكي تقود وليس لكي تُقاد، والوضع آل إلى أنها تُقاد وتقاد،

كما نرى كل تلك التداعيات وللأسف الشديد قبل أن نوجه الاتهامات للمؤسسات

العربية سواء قطرية أو القومية لا بد أن أبحث في الإمكانات المتاحة أمامها، وألا

ننسى الظروف التي تكونت على أساسها ومن ورائها والإرادات التي تحركها..

ليس عيباً أن نعيد النظر في مثل هذه المؤسسات، ونعيد النظر في دورها وتفريغ

هذا الدور في الواقع العربي.

هذه هي المبادئ؛ فما هي المعايير في توزيع الأدوار؟

المعيار الأول: أنه ليس مطلوباً مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن

في نفس الوقت ليس مطلوباً الاستجابة الضرورية لكل ما تريده الولايات المتحدة

الأمريكية. أنت في مرحلة الآن محتاجة لأن تُرتب البيت من الداخل.

الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أنى يُستجاب له وقد غُذّي من حرام،

ومطعمه حرام، وملبسه حرام..؟» لا أريد أن أقول إننا كذلك، ولكن قياساً على

ذلك الحديث هناك خلل كبير في كل شؤون حياتنا، وهذا الخلل متى تداركناه

فسنوفر السنَّة الإلهية [إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ] (محمد: 7) .

المعيار الثاني: لم يعد هناك مفر أو إمكان للحياد من آثار ما بعد سبتمبر؛

ولهذا فالظرف يتطلب عملاً عربياً إيجابياً.

المعيار الثالث: أنه يُسمح بدور للنخبة الفكرية العربية، وأنا أركز على هذه

المسألة؛ لأن القضية ليست قضية الأفراد، ولكن نحتاج هنا الخبرة العربية:

مراكز دراسات، ومراكز بحثية، مؤسسات ثقافية، ولكن دورها في منظومة

توزيع الأدوار يحتاج إلى حسن الظن من قبل الحكومات.

أيضاً أنا أريد أن أقول أخيراً إنه لا بد أن نستغل فرص وإمكانات الخارج،

والمتاح على الأقل لنا في كثير من دول العالم التي أظهرت تعاطفاً معنا، وقد

رصدت بوادر تغيير في المواقف الرسمية وقد لا تكون على مستوى الطموح، إنما

دعنا نشغل المتاح.

هناك تغير في بعض المواقف الشعبية، هناك نخب فكرية وهناك حوار بين

المؤسسات الإسلامية والحكومات الغربية، هناك إمكانات لبعض القيادات المسلمة

في كثير من دول المهجر بدأت تتكلم ويستضيفونها في الفضائيات.

هناك إمكانية الآن لاستغلال ما يقال عن تناقض النموذج الغربي. والأمر في

النهاية في مسألة بدائل واستراتيجيات الدفاع مرتبطة في كل هذه المبادئ، وكل هذه

المعايير التي تحدثت عنها لا تتحرك هذه المعايير وهذه المبادئ إلا من خلال تحديد

البوصلة.

تحديد البوصلة تقول: من أنت؟ ثم ما هو إدراكك للتحديات؟ ثم ما هو حجم

هذا الإدراك؟ وما هي وسائلك للتعامل مع هذا الإدراك؟ وما هي إمكاناتك؟ ما

الذي تريده من الآخر في التعامل مع هذه التحديات؟ ومن هو الآخر أصلاً؟ ثم في

النهاية: ما الذي يريده الآخر منك؟ وحدود ما تستطيع أن تتنازل، وحدود ما لا

يمكن أن تتنازل عنه؟

أ. طلعت: إن إبقاء بعض الحكومات العربية على بعض أوراق اللعبة داخل

الأراضي المحتلة في يدها يتيح لها قدراً من المناورة، والتملص من بعض الضغوط

الأمريكية، حيث تضطر الولايات المتحدة أمام انفلات الأمور داخل الأراضي

المحتلة لأن تستجدي هذه الحكومات من أجل أن تسكت الانتفاضة، ومن ثم تحقيق

بعض المكاسب والصلاحيات داخل المنطقة.

ومن هنا فإن مواصلة دعم حركات المقاومة بصورة من الصور أو حتى

السماح لبعض الهيئات الأهلية بدعمها بصورة أو بأخرى، أو لنقل مجرد السكوت

عن الدعم وعدم اعتراضه، يمثل مساحة جيدة للمناورة والتحرك ينبغي ألا تهدرها

الأنظمة من أجل إرضاء الولايات المتحدة؛ لأن إنهاء اللعبة معناه إنهاء جميع

اللاعبين لصالح التمدد الإسرائيلي في المنطقة العربية.

من ناحية ثانية يمكن للسياسة العربية أن تلعب على تناقض المصالح فيما بين

الولايات المتحدة ومنافسيها المتمثلين في الصين والاتحاد الأوروبي، ولدينا عدد من

التجارب، والتجربة الإيرانية خير شاهد على ذلك، شاهد على أن ثمة فجوة تتسع

بين المصالح الأمريكية (والحلف مع البريطانيين والصهاينة) والمصالح الكلية

لأوروبا، وقد قوض الأوروبيون بالفعل أي مفعول لقانون داماتو.

وتطور الموقف من قضية العراق شاهد آخر؛ فما بين عامي 1990م -

2002م حدث تغير مهم في الموقف الأوروبي من العراق وبشكل معاكس للموقف

الأمريكي.

إننا لا نقصد بطبيعة الحال أن ثمة تنافراً وصراعاً يستوجب الحرب، لكننا

نقصد أن الدور الأوروبي في ظل أوروبا الموحدة، يجعل من أوروبا قطباً صاعداً

في التوازن العالمي بقدرته الاقتصادية وملامح دوره العسكري، وخاصة إذا

تطورت القوة الأوروبية العسكرية باتجاه أعمق من تشكيل قوة تدخل سريع، وأن

هذا القطب يسعى إلى مصالحه الخاصة في العالم، بالصراع مع الولايات المتحدة،

دون خوف من قطب آخر تحميه منه الولايات المتحدة كما كان حال الاتحاد

السوفييتي سابقاً.

إن هذا الوضع لم تستفد منه فقط كلٌّ من إيران والعراق، بل ساهم في إعطاء

فرصة حركة لروسيا، لتصعيد موقفها ولو بقدر محسوب بالنسبة لإيران والعراق،

لتنمية مصالحها هناك.

وفيما يتعلق بالقطب الصيني الصاعد في التوازن الدولي، ثمة شواهد كثيرة

لمعالم الصراع مع الولايات المتحدة، جاءت نتائجها الاستراتيجية غالباً لصالح

تنامي قدرة هذا القطب.

هنا يجب الإشارة بداية إلى أن الصين بلد أو قطب لا تصلح معه استراتيجية

الحرب والحصار كذلك، بحكم الوزن الاستراتيجي السكاني والعسكري والاقتصادي،

أما شواهد التحسن التدريجي لوضع الصين في الموقف؛ فمنها أن الصين أبطلت

حقيقة الحلف الأمريكي الصهيوني في إحياء النزعة العسكرية اليابانية بدرجة تخلق

توازناً في المنطقة مع الصين تمكنت من تفعيل دورها من خلال تقويم الوضع

الاستراتيجي لحليفها باكستان بعد منحها القدرات النووية (أو كما يقال بأن القنبلة

النووية الباكستانية تتحدث اللغة الصينية) ، ونجحت في عقد عدد من الاتفاقيات مع

دول الجوار (الهند - روسيا) مما أفسد محاولة عزل وحصار الصين، كما أنها

نجحت ولا شك في معاركها الوطنية ذات الأبعاد الاستراتيجية بشأن المناطق السابقة

انتزاعها من جسدها الجغرافي والسياسي، والذي يجب أن يقال هنا، هو أن كل

تصاعد في قدرة الصين، أو أوروبا إنما يخصم من رصيد القطب الأمريكي في

محاولته فرض الهيمنة الوحيدة على العالم.

د. حامد: بالنسبة للاستجابات التي تتناسب مع حجم التحديات المذكورة لدي

بصورة تفصيلية اثنا عشر مشروعاً على المستوى الداخلي وعلى المستوى الخارجي

على المستوى الإقليمي وعلى المستوى الدولي.

وأقترح ما هو مضمون المشروع والجهة التي يُناط بها ويقع على عاتقها حمل

أمانة هذا المشروع والمدى الزمني الذي هو ممكن أن يتحقق فيه، وبدأت بالتحديات

الداخلية باعتبار أنك لا تستطيع أن تواجه على المستوى الإقليمي أو على المستوى

الدولي ما لم تصلح بيتك من الداخل، وبدأت بصيغة الرؤية نفسها والمشروع

الغائب.

وسأذكر طرفاً من هذه المشاريع بصورة إجمالية، ولعلها تتاح فرصة أخرى

للحديث حول هذه المشاريع تفصيلاً، وقد وزعت المشاريع على مستويات التحديات

الثلاثة التي أشرت إليها:

أولاً: الاستجابات على التحديات الداخلية التي تواجه الظاهرة الإسلامية:

اعتقادنا أن الأولوية التي يجب أن توجه إليها الاستجابة الفعلية «السريعة»

هي التحديات الداخلية النابعة من الظاهرة الإسلامية في المنطقة ذاتها دون أن يعني

ذلك إهمال التحديات النابعة من البيئة المحلية، أو الإقليمية، أو الدولية، ولكننا

نعتقد أن المقدرة على الاستجابة للتحديات «الثانية» مرتبط بالمقدرة على

الاستجابة للتحديات «الأولى» ؛ فالتحديات السبعة الداخلية تتطلب استجابات سبعاً

أيضاً محددة وهي:

أ - المشروع الأول: صياغة «الرؤية» و «المشروع» الإصلاحي: الذي تنطلق منه جهود العمل وهذا يتطلب الآتي:

أ - صياغة الرؤية الكلية الموجهة للعمل الإصلاحي. والرؤية منطق معين له

فلسفة وجوهر محدد مهيمن؛ واعتقادنا أن ما تم إنجازه يدخل في باب تحديد الرؤية

أكثر من كونه يقدم مشروعاً عاماً للإصلاح والتغيير، وهذا الأخير يحتاج المزيد من

الدراسات على مستوى المنطقة ككل حتى نتمكن من بلورته: ويشمل محورين

يحتاج كل منهما مزيداً من التعميق والتدقيق والبحوث والدراسات وهما:

أ - محور العلاقة بالدولة والتنسيق معها.

ب - محور المجتمع الأهلي أو المدني، ثم مناطق التفاعل والتلاقي بين

المحورين.

المشروع الثاني: مشروع التعامل في الأزمة القيادية الإشكالية التنظيمية في

الظاهرة الإسلامية:

وضع آليات لاختيار قيادات العمل، وتحويل الظاهرة الإسلامية إلى مجموعة

من المؤسسات المتخصصة؛ وذلك للتغلب على الأزمة القيادية ونعتقد أن هذه

الأزمة في منطقة الخليج العربي أقل من غيرها من المناطق، ومع ذلك تظل قضية

بالغة الأهمية بالنسبة لمستقبل الحركة ذاته، ومن ثم فإن هذا الملف ينبغي أو

يخضع لدراسة موضوعية ومحايدة تضع المعايير والقواعد وتشرف على آليات

التنفيذ. وسوف يسهم ذلك ولو جزئياً في خلق نوع من الاستجابة على التحدي

التنظيمي والإداري والذي بدوره ينبغي أن يخضع لدراسة فحواها ما يلي:

- الحفاظ على حجم أمثل للمؤسسات والنواحي الإدارية؛ بحيث لا تهيمن على

بقية الأنشطة، ومن ثم تقضي عليها.

- وضع سياسات تنظيمية تتفادى وتحل مشكلة الجمود.

المشروع الثالث: مشروع صياغة الرموز والقيادات الدعوية في الظاهرة الإسلامية:

وهو أحد أهم أجنحة نجاح استراتيجية العمل الإصلاحي والتغييري في

المرحلة المقبلة لمجابهة التحديات المستقبلية على المدى المتوسط والطويل.

والإعداد الخاص بتصور الموضوع على المستوى النظري يجب أن يعهد به

لمركز مختص في مثل هذه الدراسات المتعلقة بصناعة وتشكيل قادة الرأي العام.

المشروع الرابع: مشروع رفع الوعي السياسي في الأجيال الجديدة، وإيجاد

شخصيات متخصصة:

هناك أبجديات أساسية بالنسبة للظاهرة الإسلامية في المنطقة يجب أن يتم

تحديدها بداية، ثم إفراغها في صورة مشاريع أو بالأصح دورات إدارية وسياسية

تدريبية، وذلك لرفع إن لم يكن خلق الوعي الإداري والسياسي لدى الفئات أو

الشرائح المهمة في الأجيال الجديدة.

ومن جانب آخر ضرورة خلق مجموعات علمية متخصصة في كافة مجالات

وفروع الدراسات تكون بمثابة القيادات المرجعية العلمية في الموضوعات والقضايا

المختلفة في المجال الدعوي والسياسي والإعلامي.

ثانياً: الاستجابة على التحديات على المستوى الدولي والإقليمي:

رغم الأولوية التي أعطيناها منهجياً للاستجابات على التحديات التي يفرزها

المستوى الداخلي؛ فإن الاستجابة على التحديات التي يفرضها المستوى الدولي

والإقليمي هي الميدان الحقيقي لاختبار مدى النجاح في الاستجابة على هذا المستوى

الداخلي نتيجة لعمق وعنف هذه التحديات التي تتطلب استجابة مدروسة، ويمكن أن

نبلور هذه الاستجابات على هذا المستوى في أربعة مشاريع أساسية وهي:

أ - المشروع الخامس: مشروع كيفية التعامل مع الهيمنة الأمريكية والغربية

في المنطقة العربية:

- بدون شك فإنه بعد أحداث سبتمبر صارت الظاهرة الإسلامية في المنطقة

العربية عموماً ومنطقة الخليج العربي خاصة موضع تهديد حقيقي وشديد، وبالتالي

فإنه عليها أن تمتلك مشروعاً مستقبلياً للتعامل مع هذا التهديد بمنطق وروية،

وبشكل مرحلي والذي نراه في إطار هذا المشروع: دراسة حجم الوجود العسكري

والأمني الأمريكي في بلدان المنطقة وعدم الإعلام عن موقف صريح في الوقت

الراهن من هذا الوجود لأن الخسائر المترتبة سياسياً على إعلان مثل هذا الموقف

أكثر من المكاسب والمنافع المترتبة عليه.

- دراسة الرؤية الأمريكية والغربية للتعامل مع مناهج التعليم الديني وغير

الديني ومحاولة إبداع إسلام أمريكي يلتقي مع الحداثة الغربية والأمريكية، وإعداد

رؤية لكيفية التعامل مع هذا الوضع على مستوى الظاهرة الإسلامية في كل قطر من

الأقطار ثم على مستوى المنطقة ككل، ولا ننسى أن هذا التعليم بوضعه الحالي

يحتاج للتجديد ولكن من منطلقات شرعية واستجابة لمتطلبات واقعية وليس مجرد

استجابة لمطالبات خارجية.

- دراسة الرؤية الأمريكية والغربية لمحاولة حصار العمل الإغاثي والخيري

الإسلامي في مشاريعها المختلفة والتي تعتبر المجال الحيوي لأعمالها وأنشطتها.

- دراسة حجم ونوعية التسلل الأمريكي والغربي للنسيج الاجتماعي في

المنطقة ككل ولكل دولة من الدول على حدة وذلك لتفتيته، وإيجاد الميوعة والتحلل

فيه، وتقوية النزعة الاستهلاكية وذلك من خلال العديد من الأدوات والمسالك

والحفلات، والمهرجانات ...

- وباختصار في منطق مواجهة هذه الهيمنة والحصار الأمريكي، لا بد وأن

يكون يبدو ثقافياً حضارياً ذو عمق ديني إسلامي، وأن يبتعد عن منطق المواجهة

السياسية سواء المباشرة أو غير المباشرة (مع الأنظمة أو القوى التي تساندها

أمريكا والغرب) لأن مثل هذه المواجهة في ظل هذه الأجواء سوف تكون خاسرة

بالنسبة للظاهرة الإسلامية.

ب - المشروع السادس: مشروع كيفية التصدي للوجود الصهيوني في

المنطقة العربية:

وهذا المشروع نعتقد أنه يمكن أن يصلح إبرازه على أنه هو الخطر الأساس

على المنطقة ومهاجمة السياسة الأمريكية من خلاله، وتستطيع الحركة من خلال

التصدي لهذا الوجود في المنطقة أن تركز على عدة محاور:

1 - بيان خطر التغلغل الصهيوني الاقتصادي والتجاري في المنطقة؛ وذلك

بشكل رسمي أو غير رسمي.

2 - بيان الدعم الأمريكي لـ (إسرائيل) والصهيونية في المنطقة؛ والتكامل

في منطق سياسة الطرفين.

3 - بيان ضرورة دعم مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي،

وحشد التأييد الشعبي باستمرار وبكل صورة دعماً للانتفاضة الفلسطينية.

ج - المشروع السابع: الاستجابة على مستوى تحديد العلاقة مع النخب

الحاكمة في المنطقة:

ونلفت الانتباه إلى ضرورة رسم صور مستقبلية لفهم طبيعة كثير من النخب

السياسية والاقتصادية (الجديدة) المهيمنة في تلك الدول، وتحديد كيفية العلاقة

معهم؛ إذ إنه ثمة اعتقاد بأن هذه النخب بحكم طبيعة تكوينها، مصالحها،

وارتباطاتها سيكون لها في المستقبل سياسة مختلفة نوعاً عن السياسة السائدة في

الوقت الحالي تجاه الحالة والظاهرة الإسلامية في المنطقة، ومن ثم لا بد أن تكون

الاستجابة على مستوى تحديد العلاقة مختلفة نوعاً، وكمّاً، في مجموعة من

السياسات للاستجابة لهذه الأوضاع.

د - المشروع الثامن: الاستجابة على مستوى التهديد الفكري والمعلوماتي

لظاهرة العولمة.

ثالثاً: الاستجابة للتحديات النابعة من السياق المجتمعي الذي تعمل فيه

الظاهرة الإسلامية:

تشمل الاستجابة لهذه التحديات جعل الحركة متغلغلة في نسيج المجتمع،

وبلورة وجودها الفعلي والاجتماعي، ودفعها للقيام بأدوارها الفعلية.

ويمكن أن تتخذ الاستجابة صورة المشاريع الأربعة الآتية:

1 - المشروع التاسع: تجذير الظاهرة الإسلامية في الواقع الاجتماعي

والاقتصادي لبلدان المنطقة:

ويدور المشروع حول نقل الإيمان من كونه قناعة فردية إلى عمل جماعي إلى

حركة اجتماعية واسعة وواعية.

2 - المشروع العاشر: توسيع قاعدة النخبة داخل الظاهرة الإسلامية، وزيادة

كفاءة وفعالية هذه النخبة وإمكانيات داخلها:

أي عمل دعوي أو سياسي تقوم به الحركة في هذه المنطقة أو في غيرها لا

يتم إلا من خلال نخبة محددة الملامح والأبعاد؛ ويهدف هذا المشروع إلى:

أ - تحديد طبيعة وحجم النخبة القائدة في الحركة.

ب - تحديد خصائص هذه النخبة.

ج - تحديد إمكانيات وقدرات الفعل لدى هذه النخبة؛ ومن ثم وضع مجموعة

من الخطط والبرامج للقيام بالتالي:

1 - توسيع نطاق النخبة، وجعلها قدر الإمكان ممثلة لطبيعة المجتمع الذي

جاءت منه.

2 - معالجة السمات والخصائص السلبية والضارة، وتقوية الإيجابية.

3 - زيادة إمكانيات المقدرة على الفعل السياسي والحضاري لدى هذه النخبة.

4 - تحديد عدة مستويات متوازنة ومتراكبة للنخبة حسب أهميتها، وحسب

كل قضية من القضايا.

3 - المشروع الحادي عشر: ربط الحركة - قاعدة ونخبة - بالمجال الحيوي

للأمة العربية والإسلامية ككل:

يهدف هذا المشروع إلى وضع الظاهرة الإسلامية في المنطقة كما أسلفنا القول

في إطار فكري للأمة ككل بالتحديات التي تجابه هذه الأمة.

4 - المشروع الثاني عشر: مشروع دفع الظاهرة الإسلامية في المنطقة للقيام

بأدوار رائدة في التصدي لقضايا المنطقة ككل..

واعتقادنا أن النجاح في هذا لمشروع رهين بنجاح المشاريع السابقة الأخرى.

هذا تصور عملي لبعض الاستجابات، وتبقى الاستجابة الأهم هي التفاعل مع

هذه الأفكار تهذيباً وتقريباً، وإضافة وتصويباً ونقداً، وفق منهجية التسديد والمقاربة.

أشكركم على إتاحة هذه الفرصة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

البيان: تداعيات الحادي عشر من سبتمبر كثيرة، والحديث ذو شجون،

ويتطلب معالجته من زوايا مختلفة، ولولا خشية الإطالة على قرائنا الكرام

لانتقلنا إلى محاور مختلفة، لكن نرجو أن يسهم ضيوفنا الكرام بدراسات تفصيلية

في هذا الموضوع لنشرها بإذن الله في البيان. شكر الله لضيوفنا، ونفع الله

بعلمهم الجميع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015