مجله البيان (صفحة 4346)

ملفات

الفرنكوفونية.. المفروضة والصبغة المرفوضة

(2 ـ 2)

الفرنكوفونية معركة قائمة.. ولكن!

لم تكن الفرنكوفونية نبتة اليوم أو الأمس، بل هي فروع شجرة خبيثة ممتدة

الجذور، تعود جذورها إلى الحروب الصليبية الأولى، ثم يمتد هذا العداء للإسلام

والمسلمين عبر التاريخ تاركاً صوراً كثيرة من العداء المستحكم حتى يومنا هذا:

- فبذور الحروب الصليبية جرى إلقاؤها في تربة فرنسية، والذي بشر بها

بابا من أصل فرنسي.

- لم يتوقف سيل المقاتلين والوافدين من فرنسا لإمداد الحملات الصليبية منذ

بدئها.

- المملكة التي أقامها الصليبيون بالشرق كانت في جوهرها مملكة فرنسية في

لغتها وعاداتها.

- كما كان لفرنسا دورها المستمر في الحملات الصليبية المتتابعة منذ الحملة

الأولى وحتى حملة لويس التاسع الفرنسي، إضافة إلى حملة الأطفال التي قادها

الفرنسي الراعي ستيفن.

- ثم حملة نابليون على مصر والشام.

- ثم احتلال فرنسا بعد ذلك ما يقرب من ثلث العالم الإسلامي؛ متمثلاً في

دول المغرب العربي، ودول الغرب الإفريقي، وجيبوتي، وجزر القمر،

وسوريا، ولبنان.

- ما نهبته من ثروات الأمة وما سفكته من دماء مئات الآلاف من المسلمين

خلال تلك الحروب، ولا سيما في الجزائر.

ثم ها هي ذي فرنسا تخرج علينا بوجهها الاستعماري الجديد، وتتسلل إلى

العالم الإسلامي تسلل الحية إلى فريستها، واللص إلى هدفه، ولكن لا لتسرق المتاع

فحسب بل لتسرق عقول أبناء الأمة، وتفترس دينها ولغتها وهويتها؛ محاولة بذلك

أن تحقق أطماعها وذاتها على مستوى السياسة الدولية بإيجاد بُعد ثقافي لها على

حساب ثقافة الشعوب التي احتلتها في السابق عسكرياً.

إن الفرنكوفونية معركة شرسة معاصرة تخوضها فرنسا ضد العالم الإسلامي

في دينه وهويته، أعدت لها عدتها، ورصدت لها الأموال، ونظمت لها المؤتمرات،

وأقامت لها المؤسسات، وجندت لها الجنود، ولكن للأسف الشديد ليس هناك من

يتصدى لها أو يوقفها عند حدها، إلا من رحم الله، وهم قليل، بل نجد من يفتح لها

الأبواب من المنافقين والضالين، ويساعدها على دق أوتادها في جسد الأمة

الإسلامية. فهل نترك عقول شبابنا ودين الأمة وعقيدتها وهويتها فريسة وغنيمة

للفرنكوفونية؟

لقد تضمن ملف الفرنكوفونية في العدد السابق عدداً من المقالات التي ألقت

الضوء على أهداف الفرنكوفونية وخطورتها؛ من الناحية الثقافية واللغوية والتربوية

والتعليمية، ومدى ما حققته في هذه الجوانب، ونكمل في هذا العدد الحديث عن

الفرنكوفونية، في عدد من المقالات التي تبين أهم الوسائط التي تتسلل عبرها إلى

الشعوب لتحقيق أهدافها؛ ألا وهي: اللغة، والإعلام، والعولمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015