مجله البيان (صفحة 4309)

قضايا دعوية

الأوليات.. وضوابط تحديدها

د. عادل بن محمد السليم [*]

** تعريف وتمهيد:

أ - التعريف اللغوي:

الأوّل هو: نقيض الآخر ... تقول: هذا أوّل بَيّن الأوليّة [1] . ومنه تكون

النسبة: (أوَّلِيَّات) . ومؤنث الأول: الأُولى، مثل أفعل وفُعلى، وجمع الأُولى:

أُولَيَات مثل الأخرى [2] .

وأوْلى اسم تفضيل، يقال: فلان أوْلى بهذا الأمر من فلان: أي أحق به،

وفلان أوْلى بكذا أي: أحرى به وأجدر [3] . ومنه تكون النسبة: (أوْلَويّات) ،

يقال: له الأوْلوية في هذا العمل: أي له الأحقية [4] .

ب - التعريف الاصطلاحي:

الأوليات: هي الأعمال والأنشطة التي حقها التقديم على غيرها.

وتقديم الأهم على المهم والفاضل على المفضول حقيقة شرعية، وبدهية

عقلية.

أما كونها بدهية عقلية: فلأن العقول السليمة أجمعت على تقديم ما منفعته

غالبة، أو ما مصلحته راجحة على ما منفعته ضعيفة أو مصلحته مرجوحة.

أما كونها حقيقة شرعية: فلأن نصوص الكتاب والسنَّة قد دلت على ذلك،

ومن هذا ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتي

قوماً أهل كتاب؛ فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً

رسول الله؛ فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات

في كل يوم وليلة؛ فإن هم أطاعوا لك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ

من أغنيائهم فترد على فقرائهم؛ فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم،

واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» [5] .

ومراتب الأعمال متفاوتة؛ فمنها ما يكون من الأركان، ودونها الواجبات، ثم

دونها السنن ... وهكذا، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «الإيمان

بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة؛ فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة

الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» [6] .

كما صح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

سئل: أي العمل أفضل؟ فقال: «إيمان بالله ورسوله» . قيل: ثم ماذا؟ قال:

«الجهاد في سبيل الله» . قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» [7] .

وكذلك مصالح العباد متفاوتة؛ فقد بيَّن الأصوليون أنها ثلاث مراتب:

فأعلاها الضروريات، تليها الحاجيات، ثم التحسينيات.

فإذا تعارضت الأعمال أو المصالح، أو تعسَّر الجمع بينهما؛ فإن الواجب

تقديم الأوْلى فالأوْلى؛ فلا يجوز تقديم الواجب على الركن؛ كما لا يجوز تقديم

النفل على الواجب.

** مفاسد غياب فقه الأوليات:

غياب فقه الأوليات باب من أبواب الانحراف والاضطراب، ويؤدي إلى

مفاسد عظيمة على مستوى الأفراد والمؤسسات [8] ، ومن هذه المفاسد:

1 - سوء فهم الشريعة:

حيث تُنَزَّل الشريعة في غير منازلها المأمور بها؛ وذلك «يؤدي إلى فوضى

فكرية عارمة تشوِّه الشريعة وتخل بتوازنها، ولقد أرسى الشرع بين المأمورات

والمنهيات توازناً لا يجوز الإخلال به؛ تماماً كنسب الدواء الواحد، قد يؤدي

تغيرها إلى إفساده وإلغاء خصائصه، إن لم ينقلب إلى سم قاتل» [9] .

2 - ضياع الأجر:

فالجاهل بمراتب الأعمال يهتم بالعمل قليل الأجر على حساب كثير الأجر،

ويضيع الجهد الكبير للحصول على حسنات قليلة [10] .

3 - الاضطراب الدعوي:

إن المتابع للواقع الدعوي اليوم يلمس قصوراً بيناً في معرفة مقاصد الشريعة

وأصولها وأولياتها؛ مما أدى إلى اضطراب واسع في كثير من البرامج والأنشطة،

واستهلاك كبير لكثير من الطاقات البشرية والموارد المادية في أمور غيرها أوْلى

منها، وكثيراً ما نرى استغراق المؤسسات الدعوية أو الأفراد في الأعمال المفضولة

على حساب الأعمال الفاضلة، وينعكس ذلك بوضوح على نتائجها التي تبدو ضعيفة.

قال الدكتور سعد الدين العثماني: «فسوء فهم الشريعة واختلاط مراتب

أحكامها يؤدي إلى عجز الدعاة عن البدء بما يجب البدء به؛ فإذا كان في أحكام

الدين واجب ومستحب، وفاضل ومفضول؛ فإن الدعوة إلى الواجب والفاضل مقدم

على الدعوة إلى ما دونها، لكننا نرى من بين شباب الصحوة الإسلامية ودعاتها من

ينشغل بالمسائل المرجوحة والأحكام الخلافية، وتُبَدَّد الجهود والطاقات فيها.

والأوْلى البدء بالدعوة إلى أصول العقيدة والشريعة، وبذل الجهد في معالجة القضايا

المصيرية الكبرى للأمة. وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد من اعتبار

درجة المعروف ودرجة المنكر، حتى لا يُفسِد الإنسان بدلَ أن يُصلح، وحتى لا

يُنفِّر بدل أن يُبشِّر» [11] .

4 - تشتيت جهود الدعاة والمؤسسات الإسلامية:

إن اتفاق الدعاة والمؤسسات الإسلامية على تحديد الأوليات يقوي ثمراتها،

ويرسخ جذورها، ويجعلها بإذن الله تعالى متراصة متماسكة تتعاون في تحقيق

أولياتها بيسر وسهولة. أما اختلاف الدعاة والمؤسسات الإسلامية في تحديد الأوليات

فإنه يضعف من أنشطتها، ويفرق من ثمراتها، ويجعلها تسير في طرق متباينة

متباعدة ... !

5 - إهدار الأوقات:

إن تقديم المهم على الأهم، والمفضول على الفاضل يطيل الطريق على الدعاة

والمؤسسات الإسلامية، ويهدر أوقاتاً كثيرة كان يمكن أن تستثمر في الأصلح

والأنفع للأمة.

ولهذا كان من فضل الله على العبد أن يبصِّره بأفضل الأعمال، ويثبِّته عليها. وإذا

أدركنا ضخامة الواجبات والأعباء التي يجب أن يتبناها الدعاة والمصلحون وتتبناها

المؤسسات الإسلامية؛ تبيَّن أهمية استثمار الوقت، وشغله بالأوْلى فالأوْلى.

والتميز في إدارة الوقت واستثماره من التحديات الكبيرة التي تواجه الدعاة

والمؤسسات الإسلامية الجادة.

6 - البعد عن مدارج الكمال:

فكلما اشتغل المرء بالمفضول على حساب الفاضل، وبالمهم على حساب

الأهم؛ ابتعد عن مدارج الكمال، ومنازل العلو والرفعة.

قال الإمام أبو عبيدة: «من شغل نفسه بغير المهم أضرَّ بالمهم» [12] .

وللإمام ابن القيم كلام متين جامع في بيان العقبات التي يسعى الشيطان للظفر

بها من العبد، وذكر العقبة السادسة وهي: «عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة

من الطاعات، فأمره [الشيطان] بها، وحسنها في عينه، وزينها له، وأراه ما

فيها من الفضل والربح ليشغله بها عما هو أفضل منها، وأعظم كسباً وربحاً؛ لأنَّه

لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمع في تخسيره كماله وفضله، ودرجاته

العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله

عن الأحب إليه، وبالمرضي عن الأرضى له. ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟!

فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأُوَل. فإن نجا منها بفقهٍ

في الأعمال ومراتبها عند الله، ومنازلها في الفضل، ومعرفة مقاديرها، والتمييز

بين عاليها وسافلها، ومفضولها وفاضلها، ورئيسها ومرؤوسها، وسيدها ومسودها؛

فإن في الأعمال والأقوال سيداً ومسوداً، ورئيساً ومرؤوساً، وذروة وما دونها ...

ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولي العلم، السائرين على جادة

التوفيق، قد أنزلوا الأعمال منازلها، وأعطوا كل ذي حق حقه» [13] .

** ضوابط تحديد الأوليات:

1 - الاعتماد على المصادر الأصيلة في الاستدلال والتلقي:

لقد بليت الأمة الإسلامية بألوان وألوان من التفرق والاختلاف، وأصابها ما

أصابها من الانحراف والبعد عن دين الله تعالى، ولم يسلم من ذلك بعض الدعاة

والمصلحين؛ حيث راح بعضهم يُشرّق ويغرب، ويتقلب في متاهات علمية وعملية،

بلا ضابط علمي أو منهجي، وأصبحت الأوليات الدعوية تُحدَّد في كثير من

الأحيان بناء على الاجتهادات والأهواء الشخصية، أو بناء على تجارب ورؤى

قاصرة ضيقة الأفق، فرأينا من يقدم ما حقه التأخير، ويؤخر ما حقه التقديم،

وانعكس ذلك على كثير من الأنشطة والبرامج ... !

ولا مخرج للأمة من هذه الكبوة إلا بالعودة الصادقة إلى المصادر الأصيلة

للاستدلال والتلقي، وهي الكتاب والسنة، أو ما دلَّ عليه الكتاب والسنة كالإجماع

والقياس ونحوهما، ومن ثَمَّ تحدّد الأوليات الدعوية بالرجوع إلى هذه المنابع

الكريمة التي لم تكدرها شوائب البدع والضلالات والأهواء. قال الله تعالى: [وَمَن

يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ] (آل عمران: 101) ، وقال: [وَأَنَّ هَذَا

صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ

وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] (الأنعام: 153) .

2 - النظرة الشمولية للإسلام:

إن من فضل الله تعالى على أمة الإسلام أن جعل هذا الدين ديناً شاملاً لجميع

شؤون الحياة، ولا يجوز بحال قصر الدين على شعبة من شعبه وإهمال شعبه

الأخرى؛ ولذا قال الله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً]

(البقرة: 208) ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: «يقول الله تعالى

آمراً عباده المؤمنين به المصدقين برسوله أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه،

والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك» [14] .

ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الدعاة في هذا الباب:

أ - وضع الجزئيات في موضع الكليات، والاشتغال بها على حساب الكليات؛

فمن الناس من لا يعرف من الإسلام علماً وعملاً ودعوة إلا مجموعة من الفروع،

مع إهمال مفرط لأصول الدين وأركانه ... !

ب - التهوين من شأن السنن، بل والواجبات أحياناً؛ بحجة أنها من

الجزئيات الفرعية التي لا ينبغي الانشغال بها، وإهدار الوقت في تحصيلها ... !

وكلا هذين الأمرين خطأ بلا شك؛ فكل ما ثبت في الشرع فحقه التقدير، ووضعه

في مكانه اللائق به شرعاً؛ فكما أنه لا يجوز الاشتغال بالجزئيات على حساب

الكليات، أو تقديم التحسينيات على الحاجيات أو الضروريات، فكذلك لا يجوز

الإعراض عن الجزئيات استخفافاً بها، وتهويناً من قدرها؛ فإن في ذلك قدحاً في

الشارع الحكيم الذي سنَّها وحثَّ على فعلها. والتوازن مطلوب في إعطاء النصوص

حقها علماً وعملاً ودعوة، ومن الشواهد المفيدة التي تدل على عظيم فقه الصحابة

رضي الله عنهم ورسوخهم في العلم والعمل: أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي

الله عنه كان ينتظر أخبار فتوح الشام، فقدم عليه عقبة بن عامر الجهني رضي الله

عنه يبشره بفتح الشام، وعليه خفان غليظان، فنظر إليهما عمر، فقال: (كم لك

منذ لم تنزعهما؟ فقال عقبة: لبستهما يوم الجمعة، واليوم يوم الجمعة ثمان. فقال:

أصبت السنة) [15] .

فحِرْصُ عمر بن الخطاب على أخبار الجهاد في سبيل الله وفتح الديار، لم

يمنعه من سؤال عقبة عن مسألة علمية ربما يتهاون في شأنها بعض الناس ... !

3 - تقديم ما قدَّمه الشارع الحكيم:

إنَّ من الأصول المقررة عند علماء الإسلام قديماً وحديثاً: وجوب تقديم ما

قدمه الشارع الحكيم علماً وعملاًً، وإعطاء كل أمر شرعي حقه من التعظيم

والإجلال. فالدعوة إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة، ونبذ الشرك والبراءة منه

ومن أهله هي المنطلق والأساس الذي بدأ به جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

قال الله تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا

فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء: 25) ، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى

اليمن قال له: «إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن

لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض

عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ... الحديث» [16] . فبدأ بالدعوة إلى

التوحيد الذي هو أول واجب على العبد، ثم ثنَّى بعد ذلك بالدعوة إلى بقية الأركان.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في شرح الحديث:

«وفيه دليل على أن التوحيد هو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وترك

عبادة ما سواه هو أول واجب؛ فلهذا كان أول ما دعت إليه الرسل عليهم السلام؛ كما

قال تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا

فَاعْبُدُونِ] (الأنبياء: 25) ، وقال: [وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ

وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت] (النحل: 36) » [17] .

إنَّ الشرك والخرافة والبدع والضلالات تنتشر في العالم الإسلامي اليوم

انتشاراً عظيماً، حتى أصبح التوحيد الخالص غريباً في كثير من الديار نسأل الله

تعالى السلامة؛ ولهذا كان الواجب على العلماء والدعاة والمؤسسات الإسلامية أن

يتصدروا الدعوة إلى الإيمان والتوحيد علماً وعملاً وتقديم ذلك على كل معروف،

ويحذروا من الشرك وأهله قديمه وحديثه، ويجعلوا ذلك مقدماً على التحذير من كل

منكر؛ فصلاح التوحيد سبب لكل صلاح بإذن الله تعالى، كما أن الشرك سبب لكل

فساد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في

الأرض سببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل شر في

العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة الرسول صلى الله

عليه وسلم والدعوة إلى غير الله» [18] ، وقال أيضاً: «التوحيد أصل كل خير

وجماعه، والشرك أصل كل شر وجماعه» [19] .

ومع تفوق الحضارة الغربية المادية المعاصرة واغترارها بتفوقها الصناعي

غزت العالم كله المذاهب الإلحادية والمبادئ المادية التي كفرت بالله تعالى، وراحت

تقدس الأهواء وتعبد المادة وتنفلت من قيود الفضيلة. ومسخت هذه المذاهب الكفرية

بعض العقول المريضة في العالم الإسلامي التي انسلخت من دينها وهويتها،

وسقطت مسلوبة القوى تحت أعتاب الغرب..!

ويحزن المرء أشد الحزن عندما يرى بعض المؤسسات أو المراكز الإسلامية

أو الدعاة يقصرون في الدعوة إلى التوحيد الخالص، ويفرطون في الرد على

التيارات الإلحادية المعاصرة، ويشتغلون في المفضول على حساب الفاضل، وهذا

بلا شك من نقص العلم وقلّة الفقه في دين الله تعالى.

4 - معالجة حاجات البيئة:

تختلف البيئات من حيث احتياجاتها الدعوية، ومن حيث الانحرافات السائدة

فيها، ولهذا يجب أن تحدد الأوليات الدعوية التي تتصدر لها المؤسسات والمراكز

الإسلامية بناء على حاجات كل بيئة. فما يجب تقديمه في البيئة العربية قد يختلف

عن البيئة في أوروبا الشرقية أو الغربية أو أفريقيا ... وهكذا.

نعم هناك قواسم مشتركة بين جميع البيئات يجب مراعاتها، ولكن هناك

اختلافات لا ينبغي إغفالها، وهذا يؤكد ضرورة إدراك بيئة العمل التي تتحرك فيها

المؤسسة أو الداعية، والفقه الدقيق في واقع الناس واحتياجاتهم؛ ولهذا كانت وصية

النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن:

«إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله

وأن محمداً رسول الله ... الحديث» [20] .

فبصَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالواقع الذي سيبلغ فيه دين الله عز

وجل؛ ليكون على بينة من أمره، ولهذا قال ابن حجر: (قوله: «ستأتي قوماً

أهل كتاب» هي كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها؛ لكون أهل الكتاب أهل

علم في الجملة، فلا تكون العناية في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان) .

إن توافر المعلومات الصحيحة محور أساس لسلامة التصور واستقامة

التخطيط، ولهذا لا بد من حرص الدعاة والمؤسسات الإسلامية على توفير

المعلومات الصحيحة عن بيئة العمل والبرامج المنفذة والمستجدات الحادثة..

ونحوها، ثم يتم تبادل هذه المعلومات وتوظيفها التوظيف الأمثل.

5 - الموازنة بين المصالح والمفاسد:

من المسائل الدقيقة المهمة التي تعين في تحديد الأوليات: الموازنة بين

المصالح والمفاسد؛ فبعض الأعمال والبرامج قد يترتب على فعلها مصالح شرعية

أكثر من بعض، والواجب الجمع بينها لتحقيق جميع المصالح قدر الإمكان، وإذا

تعذّر الجمع بينها أو تعسر؛ فإن الحكمة تقتضي تقديم الأعمال الراجحة التي يترتب

عليها مصلحة أكبر، وتأخير الأعمال المرجوحة التي يترتب عليها مصلحة أقل.

وهكذا عندما يقترن ببعض الأعمال والبرامج شيء من المفاسد؛ فإنها تقدر

بقدرها وتدرأ قدر الإمكان.

قال الإمام العز بن عبد السلام: « ... لا يخفى على عاقل قبل ورود الشرع

أن تحصيل المصالح المحضة، ودرء المفاسد المحضة عن نفس الإنسان وعن غيره

محمود حسن، وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحها محمود حسن، وأنَّ درء أفسد

المفاسد فأفسدها محمود حسن، وأن تقديم المصالح الراجحة على المفاسد المرجوحة

محمود حسن، وأن درء المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن،

واتفق الحكماء على ذلك ... » إلى أن قال: «واعلم أن تقديم الأصلح فالأصلح،

ودرء الأفسد فالأفسد، مركوز في طبائع العباد نظراً لهم من رب الأرباب ... ولا

يقدم الصالح على الأصلح إلا جاهل بفضل الأصلح، أو شقي متجاهل لا ينظر إلا

ما بين المرتبتين من التفاوت» [21] .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «الشريعة مبناها على تحصيل المصالح

وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، ومعرفة خير الخيرين وشر

الشرين، حتى يقدَّم عند التزاحم خير الخيرين ويدفع شر الشرين» [22] .

وقال الإمام ابن القيم: « ... وإذا تأملت شرائع دينه التي وضعها بين عباده،

وجدتها لا تخرج عن تحصيل المصالح الخالصة أو الراجحة بحسب الإمكان، وإن

تزاحمت قدَّم أهمها وأجلَّها، وإن فاتت أدناها. وتعطيل المفاسد الخالصة أو

الراجحة بحسب الإمكان، وإن تزاحمت عطل أعظمها فساداً باحتمال أدناهما،

وعلى هذا وضع أحكم الحاكمين شرائع دينه دالّة عليه، وشاهدة له بكمال علمه

وحكمته، ولطفه بعباده، وإحسانه إليهم، وهذه الجملة لا يستريب فيها من له ذوق

من الشريعة، وارتضع من ثديها، وورد من صفو حوضها، وكلما كان تضلعه فيها

أعظم كان شهوده لمحاسنها ومصالحها أكمل، ولا يمكن أحد من الفقهاء أن يتكلَّم في

مآخذ الأحكام وعللها، والأوصاف المؤثرة فيها إلحاقاً وفرقاً إلا على هذه الطريقة»

[23] . وقال أيضاً: «إن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح بحسب الإمكان،

وأن لا يفوت منها شيء، فإن أمكن تحصيلها كلها حصلت، وإن تزاحمت ولم يمكن

تحصيل بعضها إلا بتفويت البعض، قُدِّم أكملها وأهمها وأشدها طلباً للشرع» [24] .

إنّ من السهل على أكثر الدعاة والمؤسسات الإسلامية أن يفرقوا بين الحسن

والرديء، ولكن التفريق بين الحسن والأحسن يحتاج إلى فقه راسخ، وأفق واسع،

وبصر عميق.

والموازنة بين المصالح والمفاسد من المسائل الاجتهادية التي قد تختلف فيها

الأنظار والآراء، وتقديرها يتطلب أموراً في غاية الأهمية [25] ، منها:

أ - فقه دقيق بالأحكام الشرعية وأدلتها ومقاصدها ومراميها.

ب - تجرّد تام وورع صادق في الترجيح بين المصالح، ونبذ الأهواء والشهوات

الشخصية.

ج - معرفة جيدة بالواقع الذي سوف تنزل فيه تلك الأعمال.

د - تجارب واسعة في العمل الميداني لمعرفة مآلات الأمور ونتائجها.

هـ - أفق واسع، وقدرة على استيعاب الاجتهادات المختلفة وتمييزها.

6 - تقديم العناية بالأعمال التي يبنى عليها غيرها:

إن من دلائل الحكمة والرشد والفقه في دين الله تعالى، تقديم العناية بالأعمال

والبرامج التي تبنى عليها أعمال كثيرة، ولا يحسن قيامها إلا بإتقانها وإحكامها،

والأمثلة التي توضح هذا كثيرة جداً، أذكر منها ما يأتي:

أ - العناية بالبناء المؤسسي المحكم:

البرامج والأنشطة الدعوية المختلفة تحتاج إلى تخطيط وتنظيم، كما تحتاج

إلى متابعة دائمة وتقويم مستمر من شتى النواحي المنهجية والعلمية والإدارية

والمالية ... وهكذا.

فإذا كان البناء المؤسسي محكماً باستيفاء جميع الآليات والأدوات العلمية؛

كانت إدارة جميع البرامج والأنشطة - بإذن الله تعالى - محكمة. أما إذا كان البناء

المؤسسي ضعيفاً فإن إدارة البرامج والأنشطة ستكون في الغالب ضعيفة.

ولهذا كان من الأوليات المهمة التي يجب الاعتناء بها: العناية بالبناء

المؤسسي المحكم، فعلوّ البنيان وقوته مرتبطة بقوة الأساس وتماسكه.

ب - العناية بإعداد الدعاة:

لا يخفى أنَّ لإعداد الدعاة أهمية كبيرة جداً في النجاح الدعوي؛ فالداعية هو

عماد العملية الدعوية، وبناؤه المحكم هو البداية الصحيحة لعمل سليم متين.

ومهما صح المنهج وتوافرت الإمكانات المادية فإنه لا مضاء للدعوة نحو الأمام

ما لم يعط بناء الدعاة أولية مطلقة.

وهناك أصول علمية ودعوية عامة يحتاجها جميع الدعاة لا يصح التقصير

فيها، وهناك أصول خاصة يحتاج إليها الداعية تختلف باختلاف التخصص

وباختلاف البيئة التي ينشط فيها الداعية.

فالداعية الذي يخاطب الخاصة يختلف عن الداعية الذي يخاطب العامة،

والداعية الذي يخاطب المسلمين يختلف عن الداعية الذي يخاطب النصارى أو

الوثنيين، والداعية الذي يعمل في وسط الصوفية الغلاة المتعصبة يختلف عن

الداعية الذي يعمل في أوساط أخرى ... وهكذا.

ولهذا فإن العناية بإعداد الدعاة وصقل قدراتهم وتدريبهم كل ذلك من الأوليات

المهمة التي تفتح أبواباً من الخير كثيرة جداً.

ج - العناية بالعلم الشرعي:

العلم هو الطريق الصحيح للبصيرة والفقه في دين الله تعالى، وعليه تبنى كل

الأعمال والأنشطة؛ فكلما رسخ العلم استقام العبد على جادة الصراط المستقيم،

وسلم من الزيغ والانحراف. فالعلم مقدم على كل عمل، ولهذا قال الإمام البخاري

في كتاب العلم من صحيحه: «باب العلم قبل القول والعمل؛ لقول الله تعالى:

[فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ] (محمد: 19) » [26] .

والعلم هو طريق الإيمان بالله تعالى. قال الله عز وجل: [وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا

العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُم] (الحج: 54) ؛ فالعلم يبني

الإيمان، والإيمان يبني الإخبات، ولهذا رفع الله عز وجل أقدار العلماء وفضَّلهم

على غيرهم. قال الله تعالى: [يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ

دَرَجَاتٍ] (المجادلة: 11) .

إنَّ من الظواهر اللافتة للنظر في حقل العمل الإسلامي تقصير كثير من

المؤسسات الإسلامية في نشر العلم الشرعي؛ مما أدى إلى خلل عريض وشرخ

واسع في كثير من الأنشطة والبرامج، وأوْلى الناس بالعلم والفقه في دين الله تعالى

هم الدعاة والمصلحون؛ لأنهم حملة رسالة عظيمة. قال الله تعالى: [قُلْ هَذِهِ

سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ]

(يوسف: 108) .

7 - تقديم الأعمال ذات النفع المتعدي إلى الآخرين على النفع الخاص:

من تمام الفقه والبصيرة في دين الله تعالى تقديم الأعمال ذات النفع المتعدي

على الأعمال ذات النفع الخاص؛ لأن فوائدها أكثر نفعاً للناس؛ فالذي يتقرب إلى

الله تعالى بالعبادة الخاصة مأجور إن شاء الله؛ لكن الذي يتقرب إلى الله تعالى

بالجهاد في سبيل الله والسعي في حاجات الناس أفضل عند الله تعالى. قال الله عز

وجل: [أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ

وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا

وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ

الفَائِزُونَ] (التوبة: 19-20) .

فسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام من أعمال البر المحمودة؛ لكن الإيمان

بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيل الله أعظم درجة عند الله تعالى لأن نفعها أعظم

للأمة، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم،

وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة،

أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة

أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً» [27] .

8 - مراعاة قدرات الأشخاص:

تختلف قدرات الناس وملكاتهم باختلاف أشخاصهم؛ فما يصلح لبعضهم قد لا

يصلح للآخرين؛ ولهذا كان من الفقه أن يقدم المرء ما يستطيع أن يبدع فيه وينفع

به الأمة على الأعمال الأخرى التي نفعه فيها أقل؛ فمن وهبه الله تعالى قوة في

الفهم والحفظ وقوة في العقل والبصيرة فالمقدم في حقه طلب العلم. ومن وهبه الله

تعالى شجاعة وقوة في القلب فالمقدم في حقه الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر ... وهكذا بقية الأعمال، وبهذا يحدث التآلف والتكامل بين

أعمال الناس.

ولهذا تنوعت إجابات الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه لمَّا كان يُسأل

عن أفضل الأعمال، وفسر الحافظ ابن حجر سبب ذلك بقوله: «اختلف لاختلاف

أحوال السائلين؛ بأن أعلم صلى الله عليه وسلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما

لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون

العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره» [28] .

ويحسن التأكيد هنا إلى خللين يقع فيهما بعض الناس:

أ - بعض المربين يريد أن يربي تلاميذه على هيئة رجل واحد دون مراعاة

للقدرات والميول الفردية؛ ممَّا يؤدي إلى ضعف ظاهر في التربية.

ب - بعض الدعاة قد يضخم من أهمية العمل الذي يقوم به بسبب استغراقه

فيه وحرصه عليه، وقد يؤدي ذلك أحياناً إلى ازدراء الأعمال والتخصصات

الأخرى والتهوين من شأنها، دون نظر فقهي وبصر علمي، وربما يكون بعض

تلك الأعمال المهوَّن من شأنها أوْلى من العمل الذي يقوم به..!!

والواجب أن يعطى كل عمل ما يستحقه، وكل عامل ما يتقنه ليحدث التكامل

بين العاملين والأعمال.

وقد كان الإمام مالك فقيهاً فطناً، فعندما كتب إليه عبد الله العمري يحضه على

الانفراد والعمل، ردَّ عليه قائلاً: «إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب

رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له بالصوم، وآخر فتح له بالصدقة ولم يفتح له

بالصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت

بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على

خير» [29] .

9 - الإعراض عن المسائل التي لا ينبني عليها عمل جاد:

الاشتغال بالمسائل النظرية التي لا ينبني عليها عمل جاد سبيل من سبل

البطالين العجزة الذين يهدرون أوقاتهم وأوقات مؤسساتهم فيما لا نفع فيه للأمة،

وكثيراً ما رأينا من يهدر أوقاته في قيل وقال وجدل عقيم لا فائدة من ورائه على

الإطلاق.

قال الإمام الشاطبي: «كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض

فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل: عمل القلب وعمل

الجوارح من حيث هو مطلوب شرعاً؛ والدليل على ذلك استقراء الشريعة؛ فإنا

رأينا الشارع يعرض عما لا يفيد عملاً مكلفاً به؛ ففي القرآن الكريم: [يَسْأَلُونَكَ

عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ] (البقرة: 189) ، فوقع الجواب بما

يتعلق به العمل، إعراضاً عما قصده السائل من السؤال عن الهلال....» . ثم قال

الشاطبي كلاماً عظيماً يجب الاعتناء به، وهو قوله: « ... ومنها أن الشرع قد

جاء ببيان ما تصلح به أحوال العبد في الدنيا والآخرة على أتم الوجوه وأكملها؛ فما

خرج عن ذلك قد يظن أنه على خلاف ذلك، وهو مشاهد في التجربة العادية: فإنَّ

عامة المشتغلين بالعلوم التي لا تتعلق بها ثمرة تكليفية تدخل عليهم فيها الفتنة

والخروج عن الصراط المستقيم، ويثور بينهم الخلاف والنزاع المؤدي إلى التقاطع

والتدابر والتعصب، حتى تفرقوا شيعاً، وإذا فعلوا ذلك خرجوا عن السنة، ولم

يكن أصل التفرق إلا بهذا السبب؛ حيث تركوا الاقتصار من العلم على ما يعني،

وخرجوا إلى ما لا يعني؛ فذلك فتنة على المتعلم والعالم. وإعراض الشارع مع

حصول السؤال عن الجواب: من أوضح الأدلة على أن اتباع مثله من العلم فتنة أو

تعطيل للزمان في غير تحصيل ... » [30] .

ونحسب أن المؤسسات الإسلامية لو اشتغلت بالمسائل الجليلة التي ينبني عليها

عمل مثمر، وتركت الخوض في المسائل النظرية والشكلية، لكانت ثمراتها أكثر

نضجاً، وأرسخ جذوراً، وأعظم بركة بإذن الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015