مجله البيان (صفحة 4162)

تأملات دعوية

حاجتنا إلى تفعيل الطاقات

محمد بن عبد الله الدويش

www. dweesh. com

تحتاج الدعوة الإسلامية والمشروع الإصلاحي إلى طاقات وإمكانات تتناسب

مع حجم المهمة المناطة بها.

إننا حين نعقد مقارنة بين الطاقات الفاعلة المنتجة، وبين من يملكون القدرة

على العمل والعطاء نلمس فجوة هائلة بين القدرات والإنتاج، وأنه لا تزال هناك

إمكانات واسعة لم تستثمر، والإنتاج أقل بكثير من الإمكانات المتاحة.

وهذه الفجوة تبدو في الجانب الكمِّي؛ فالأعداد العاملة في الميادين الدعوية لا

تزال دون القدر المطلوب، وثمة أعداد ليست بالقليلة ممن يمكن استثمارهم في

الميادين الدعوية لا يزالون لا يحركون ساكناً، ومن هؤلاء:

* فئة من طلبة العلم الشرعي؛ فهم يملكون قدراً من العلم يفتقر إليه الناس

وخاصة في هذا العصر الذي انتشر فيه الجهل، كما أنهم يحظون باحترام الناس

وتقديرهم ويستمعون لهم ويتقبلون منهم.

* فئة ممن كان لهم نشاط وهمة وتقدم بهم السن قليلاً فلم تعد المؤسسات

الدعوية قادرة على استيعابهم، إضافة إلى أن بعضاً منهم لم يَسْتوعِب التغيرات

الجديدة التي أملاها الواقع المعاصر والنضج لدى المؤسسات الدعوية [1] ؛ كل ذلك

أدى إلى أن يبقوا بعيدين عن الميدان بأبدانهم، وإن كانوا معه بقلوبهم ومشاعرهم.

* فئة ممن تلقوا التربية في المؤسسات الدعوية، ولا يزالون على طريق

الاستقامة ويحملون مشاعر إصلاحية صادقة وجادة لكنهم لا يحركون ساكناً.

* فئة من المسلمين الخيِّرين غير المحسوبين على المتدينين، ويملكون

إمكانات يمكن أن توظف للدعوة، كالمال والتخصص النادر والوجاهة الاجتماعية

وغير ذلك.

* فئات عدة من عامة المسلمين ممن لديهم تقصير ومخالفات ظاهرة، لكنهم

يملكون قدراً من التعاطف مع الدعوة وأهلها ومشروعاتها، ويمكن أن يستثمر هذا

التعاطف ويحوَّل إلى طاقة منتجة..

كما تبدو هذه الفجوة من جهة أخرى في الجانب الكيفي؛ فكثير من العاملين

في الميادين الدعوية يعملون بأقل من طاقاتهم الفعلية، أو أن جزءاً كبيراً من جهدهم

ينصرف لمجالات لا تتناسب مع ما يُتطلع إليه من أمثالهم، ولا تزال هناك إمكانية

لأن تتضاعف طاقات هؤلاء وأداؤهم.

وثمة مجالات من الأعمال والتخصصات تعاني من جفاف وفقر من العاملين.

وهذا يدعو الدعاة والمصلحين إلى التفكير الجاد في استثمار الطاقات المهدرة،

والبحث عن وسائل وبرامج تسهم في تضييق هذه الفجوة الهائلة.

ومع الشعور اليوم بهذه المشكلة إلا أن التعامل معها لا يزال دون القدر الذي

يتناسب مع أهميتها وحجمها.

ويكاد يتركز الجهد المبذول في التعامل مع هذه المشكلة على توجيه اللوم

والتأنيب إلى القاعدين والمتخاذلين والساكتين، وعلى الحديث عن أهمية المشاركة

الدعوية وضرورتها، إضافة إلى أنه لا يتعامل إلا مع شرائح محدودة من الطاقات

المهدرة.

إن الدعاة اليوم بحاجة إلى التعامل الجاد مع هذه المشكلة، وإعطائها حجمها

الذي يتناسب مع أهميتها، وبحاجة إلى التفكير الجاد في الحلول والمقترحات العملية

لتفعيل أكبر قدر ممكن، وتضييق الفجوة قدر الاستطاعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015