مجله البيان (صفحة 4096)

أمريكا بعد الكارثة بين أخذ الدروس وبداية السقوط

المسلمون والعالم

أمريكا بعد الكارثة

بين أخذ الدروس وبداية السقوط

إبراهيم بن محمد الحقيل

لم يخطر على بال أحد من البشر أن أجل مركز التجارة العالمي في نيويورك

قد حددت نهايته بيوم الثلاثاء 23/6/1422هـ 11/9/2001م، وأن ذلك المبنى

الشاهق الذي يدل على قوة البشر وشدة بأسهم سيكون حطاماً بعد كان عمراناً، كما

لا أظن أن أحداً من الناس مهما بلغت قوة تحليله للأحداث كان يتوقع أن عملية

ضخمة كهذه العملية الانتحارية تنجح، وأين؟ ! في بلد الأقمار الاصطناعية،

والمخابرات المركزية، ومصدرة الأجهزة التجسسية الدقيقة! !

لا يكاد أحد أن يصدق أن بلداً مثل نيويورك، ودولة كأمريكا ستتوقف فيها

حركة الطيران، وتغلق الأجواء، وهي البلد التي طائراتها إقلاعاً وهبوطاً كسيارات

الأجرة في بلد يزدحم بالسواح، وفي نيويورك تقلع طائرة وتهبط أخرى كل دقيقة

تقريباً.

كما لا يصدق أحد أن المبنى الذي تصدر منه الأوامر العسكرية للتحرك إلى

أي بلد لضربها أو حصارها أو تخويفها قد غزي في عقر داره، وضرب في محله،

ولم يستطع الدفع عن نفسه في لحظة من اللحظات.

كل ذلك كان عند الناس ضرباً من الخيال، وأعجوبة من العجائب؛ حتى إن

شخصاً لو تنبأ بنصفه أو ربعه لوصف بالجنون؛ ولكن ذلك وقع وأدهش العالم،

وصرف اهتمامهم إلى قضيته دون غيرها، واستحوذ على اهتمام وسائل الإعلام من

مقروء ومسموع ومشاهد حتى إنك لا تسمع ولا تقرأ إلا عن هذا الحدث.

وهذه المقالة تستخلص بعض الدروس والعبر التي قد يغفل عنها كثير من

الناس في خضم أحداث هذه الفاجعة التي فجعت الأمة الأمريكية بخاصة، والغربية

بعامة، والله أسأل التسديد والتوفيق.

الكبرياء لله تعالى وحده:

اتصف ربنا جل جلاله بالكبرياء والعظمة والملك والجبروت كما قال سبحانه:

[فَلِلَّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ العَالَمِينَ * وَلَهُ الكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ

وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] (الجاثية: 36-37) .

ومن نازع الله تعالى في الكبرياء والعظمة والملك والجبروت كان حقيقاً

بالعذاب، جديراً بالعقوبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه

تبارك وتعالى أنه قال: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري؛ فمن نازعني واحداً

منهما قذفته في النار» ، وفي رواية: «فمن ينازعني عذبته» [1] .

وجاء في حديث آخر عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه

وسلم قال: «ستة لَعَنتُهم ولَعَنَهم الله، وكل نبي مجاب» ، وذكر منهم: «والمسلَّط

بالجبروت ليُذل بذلك من أعز الله، وليعز به من أذل الله» [2] ، وفي حديث آخر

عن فضالة بن عبيد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

«ثلاثة لا تسأل عنهم ... » ، وذكر منهم: «رجل نازع الله عز وجل رداءه؛

فإن رداءه الكبرياء وإزاره العز» [3] .

وهذه الأربعة التي هي من خصائص الرب تبارك وتعالى قد نازعه بعض

البشر فيها [4] ، فتجبروا وتعاظموا وتكبروا، وعبّدوا الناس لهم لمّا كان لهم الملك

والقوة والقدرة عليهم؛ ولذا فإن الله تعالى يذكرها يوم القيامة إذا نفخ في الصور،

وهلك خلقه، ولم يبق سواه سبحانه وتعالى لبيان أنه المتفرد بها، والمستحق لها كما

جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم

يقول:أنا الملك، أين ملوك الأرض؟» [5] وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يطوي الله عز وجل السموات يوم

القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين

المتكبرون؟ ثم يطوي الأرض بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين

المتكبرون؟» [6] ، وفي رواية قال ابن عمر رضي الله عنهما يحكي صفة النبي

صلى الله عليه وسلم وهو يحدث بهذا الحديث على المنبر: «حتى نظرت إلى

المنبر يتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله صلى الله

عليه وسلم؟ !» [7] .

وهذه الصفة التي ذكرها ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول

هذا الحديث تدل على تعظيمه لله تعالى؛ حتى إنه يهتز على المنبر وينتفض

انتفاضاً شديداً خشي معه ابن عمر رضي الله عنهما أن يسقط المنبر برسول الله

صلى الله عليه وسلم.

وكان عليه الصلاة والسلام يقول في ركوعه: «سبحان ذي الجبروت

والملكوت والكبرياء والعظمة» [8] .

من ينازع الله فيما يختص به؟ !

منازعة الله تعالى في الملك والجبروت والكبرياء والعظمة قد تصدر من

شخص، وقد تصدر من جماعة أو من أمة، ومن صدرت منه هذه المنازعة فهو

مستحق للعقوبة فرداً كان أم جماعة أم أمة، والعذاب قد يؤجل إلى الآخرة كما في

رواية أبي داود: «فمن نازعني واحداً منها قذفته في النار» ، وقد يعجل في الدنيا

فيكون سبباً لتوبة هذا المنازع، وقد يجمع الله تعالى له العذاب في الدنيا والآخرة،

وقد جاء في رواية مسلم: «فمن ينازعني عذبته» ، وهذا يحتمل الدنيا كما يحتمل

الآخرة ويحتمل الجمع بين العذابين؛ إذ الأصل بقاء المطلق على إطلاقه إذا كان

المعنى يحتمله، وهو هنا يحتمله كما هو معضد بتاريخ البشر ومصير المنازعين لله

تعالى في كبريائه في القديم والحديث الذين عذبوا في الدنيا قبل الآخرة.

فهذا فرعون رفض دعوة موسى عليه السلام زاعماً أن قصد هذه الدعوة سلب

الكبرياء والجبروت من فرعون وجنده، لتكون لموسى ومن معه كما قال الله سبحانه:

[قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الكِبْرِيَاءُ فِي الأَرْضِ وَمَا

نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ] (يونس: 78) . فاستحق عقوبة الله تعالى، فأهلكه الله تعالى

بالغرق.

وغالب الذين رفضوا دعوات الأنبياء عليهم السلام ويرفضون دعوة

المصلحين في كل عصر ويحاربونها إنما هو لأجل الكبرياء والجبروت واستعباد

الناس وتسخيرهم لهم. وهذا ما فعلته أمريكا منذ أن قامت إلى يومنا هذا؛ فهي ما

قامت إلا على أجساد أكثر من ستين مليون أفريقي أسود كانوا يُجلبون من إفريقيا في

سفن يحشرون فيها حشراً، فيموت أكثرهم، ومن يصل منهم يسخر لخدمتهم؛

ناهيك عما فعلته بأهل البلاد الأصليين الهنود الحمر الذين كانوا يعاملون بالحديد

والنار.

وهذه النظرة الاستعلائية لساسة أمريكا لازمتهم رغم التقدم والتكنولوجيا،

ورغم تطور مفاهيم حقوق الإنسان والحرية وسيادة النظام الديمقراطي الذي يدعون

إليه، ورأى ساستها عقب سقوط المنافس الشيوعي أن نظامهم هو أصلح ما يكون

للبشر؛ ولذلك سعوا لفرضه باستعلاء وكبرياء وبمنتهى الغرور والاعتداد بالنفس

وبحضارة الرجل الأبيض، فأعلنوا عن النظام العالمي الجديد على لسان بوش الأب

عقب انتصار الحلفاء على العراق في حرب الخليج الثانية حينما ألقى خطاباً في

إحدى القواعد العسكرية في 13/4/1991م فقال: «إن النظام العالمي الجديد لا

يعني تنازلاً عن سيادتنا الوطنية، أو تخلياً عن مصالحنا، إنه ينم عن مسؤولية

أملتها علينا نجاحاتنا» ، ثم صرح في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في

23/9/1991م أن أمريكا ستقود العالم [9] .

وهذه القيادة التي أعلن عنها بوش الأب في نظام عالمي لم تكن على الطريقة

الديمقراطية الأمريكية، ولم يكن للآخرين اختيار حيالها؛ بل هي مفروضة على

الجميع، ولذا قال بوش الأب مخاطباً مجلس الشيوخ الأمريكي: «كانت الولايات

المتحدة على مدى قرنين من الزمان هي مثل العالم الأعلى في الحرية والديمقراطية،

وقد حملت أجيال متعددة راية النضال للحفاظ على الحرية وتعظيم المكاسب التي

حققتها ... واليوم وفي عالم يتحول بسرعة شديدة فإن زعامة الولايات المتحدة لا

غنى عنها» [10] .

وهذه الزعامة تنطلق من الشعور الأمريكي بالتفوق على الآخرين، والتميز

عن باقي البشر؛ وهو ما حدا ببوش الأب أن يقول: «لقد أنقذنا أوروبا، وتغلبنا

على الشلل، ووصلنا إلى القمر، وأضأنا العالم بثقافتنا.. والآن ونحن على

مشارف قرن جديد نسأل: لمن سينسب هذا العصر؟ ! إنني أؤكد أنه سيكون

عصراً أمريكياً آخر» [11] .

وهذا الشعور بالفوقية والاستعلاء جعلهم ينظرون إلى نظمهم وثقافتهم العلمانية

الإلحادية المادية نظرة كمال مطلق، قرروا بموجبها تعميمها على العالم بأجمعه،

وليس تعميمها سيكون عن طريق التبشير بها، والدعوة إليها، وإقناع غيرهم

بصلاحيتها لهم كما كان يحدث في السابق قبل سقوط الشيوعية وإنما سيكون

بفرضها بالقوة على اعتبار أنهم أدرى بمصالح البشر، دون اعتبار لثقافات الآخرين

وأديانهم وأعرافهم، وهذا الفرض تم ربطه بمؤسسات أممية ليكتسب الشرعية

خاضعة للأمريكان، تحت شعار العولمة أو الأمركة أي عولمة الاقتصاد والثقافة

والنظام الاجتماعي؛ ليصبح في كل العالم على النمط الأمريكي أو خاضعاً له،

وهذا جعل جموعاً من الغربيين يناهضون العولمة ويتظاهرون ضدها أثناء

اجتماعات قادتها في سياتل ثم في جوتنبرج ثم في جنوا، منادين بتجارة عادلة

وليس بتجارة حرة كما تريد أمريكا.

ولا شك في أن العولمة أو الأمركة الثقافية والاجتماعية أخطر من الاقتصادية

والسياسية؛ لأنها مسخ كامل للأمم، وتحويل لها من أصل دينها وثقافتها ومنظومتها

الاجتماعية إلى ثقافة أخرى ودين آخر ونظام اجتماعي آخر، ولو نجحوا في

مخططهم ووصلوا إلى ما يريدون فإن ذلك يعني: انتقال المسلمين من الإسلام إلى

العلمانية، لتكون الأسرة المسلمة مثل الأسرة الغربية في تفككها وشذوذها وكثرة

اللقطاء، والزواج المثلي الرجال بالرجال والنساء بالنساء. والخلاصة: إلغاء دين

الإسلام وإقصاء هيمنته على حياة المسلمين في الاقتصاد والسياسة والأسرة، وهذا

من أعظم أوجه منازعة الرب جل جلاله في كبريائه وعظمته وأمره وشرعه الذي

ارتضاه لعباده المؤمنين. فلم يكتف أرباب العولمة أو الأمركة بكفرهم الظاهر،

وإلحادهم الصارخ، وإنما يريدون فرضه بالقوة على جميع البشر بمن فيهم من

يدينون بدين الله تعالى الذي شرعه وأمر به عباده على طريقة فرعون حينما قال:

[مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ] (غافر: 29) .

الظلم مبيد الأمم ومقوض الحضارات:

من طبيعة البشر أنهم إذا تكبروا تجبروا، وإذا تجبروا ظلموا، ومن المعلوم

في الأخلاق أن العلو والاستكبار يقود إلى الظلم والعسف، وقلَّ أن تجد عالياً

مستكبراً يقيم العدل في الناس وينصفهم من نفسه، وكيف يكون منه ذلك وهو يرى

أنه أعلى منهم، ويتميز عليهم؟ !

ومن السنن الكونية التي أخبر عنها القرآن، وتكررت في البشر: هلاك

الأفراد، وزوال الأمم والحضارات بسبب الظلم.

والقرآن مليء بأخبار الغابرين المعذبين الذين أرداهم ظلمهم، وأهلكهم علوُّهم،

كما كان الحال مع قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وقوم شعيب،

وفرعون وهامان وقارون وغيرهم من أمم الأرض؛ فأين هم؟ ! وأين ممالكهم،

وأين عمرانهم؟ أنزل الله تعالى بهم ألواناً من العذاب، وأحلَّ بهم أنواعاً من

العقوبات، [وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ]

(الرعد: 11) .

وحضارات أخرى سلط الله تعالى عليها جنداً أولي بأس شديد، لا يخافون الله

فيها ولا يرحمونها؛ فاستباحوا ديارها، وأبادوا خضراءها كما حصل لليونان حينما

طغوا وظلموا واستعبدوا غيرهم حتى قال فيلسوفهم أرسطاطاليس: «إن اليونانيين

ينبغي لهم أن يعاملوا الأجانب بما يعاملون به البهائم» [12] ؛ فسلط الله تعالى عليهم

الرومان فغزوهم وذبحوا رجالهم وباعوا نساءهم وأطفالهم وغنموا ثرواتهم [13] ، ولم

تقم للأمة اليونانية بعدها قائمة، وأصبحت آثارها المنقولة في الفلسفات والعقليات

شاهدة على وجودها يوماً من الدهر.

ولم يكن الرومان أحسن حالاً من اليونان؛ إذ سلكوا مسلكهم في الاستكبار

والظلم، فوردوا موردهم في العذاب والهلاك، فسلط الله بعضهم على بعض

فأنهكتهم الحروب والثارات، وسلط الله عليهم الفُرس، ثم سلط الله المسلمين على

الأمتين الفارسية والرومانية في الشرق فأنهوا هاتين المملكتين الظالمتين، ودخلت

شعوبهم في دين الإسلام.

إنها سنة كونية، وآية ربانية جعلها الله تعالى لمن يعتبر من البشر، وذكرها

القرآن العظيم في قصص كثيرة ليستفيد المسلمون من ذلك؛ ففي سورة هود عليه

السلام ذكر الله تعالى قصص الأنبياء، نوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب

وموسى عليهم السلام، ثم في آخر السورة عقب انتهاء قصص هؤلاء الأنبياء وما

جرى لأقوامهم قال سبحانه وتعالى: [ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ

وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَتِي يَدْعُونَ مِن

دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوَهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا

أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ] (هود: 100-102) .

لقد غدا الظلم سنَّة من سنن الله تعالى في إهلاك الأجيال، وتقرر سبباً في

سقوط الحضارات، وإبادة المدنيات، وإزالة الدول والحكومات؛ حتى قال الله

تعالى: [وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ] (هود: 117) ،

وقال سبحانه: [وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ

آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ] (القصص: 59) .

من ألوان الظلم الأمريكي:

1 - الظلم السياسي: فرغم أن أمريكا اختارت النظام الديمقراطي منهجاً

سياسياً على ما فيه من خلل وانتقائية فإن هذا النظام ينعدم في سياستها الخارجية

التي تكرس الظلم والاستبداد، وتقدم مصلحتها على أية قيمة تهتف بها وتدعو إليها،

وكم من نظام مستبد مكنت له وأيدته؛ لأنه ضمن لها مصلحتها ولو كان ذلك على

حساب الديمقراطية، كما فعلت في تشيلي حينما أسقطت النظام الديمقراطي لصالح

نظام (بينوشيه) العسكري الذي جاء على جثث عشرات الآلاف من البشر الذين

يتم اكتشاف بقاياهم حتى اليوم في حفر منتشرة في أنحاء تشيلي. ولقد قال قائل

الأمريكان: «إن دكتاتوراً يرعى مصالحنا خير ألف مرة من نظام ديمقراطي لا

يرعى مصالحنا» ؛ ولو قامت الديمقراطية في العالم الثالث لزالت كثير من

المصالح الأمريكية؛ فهم أعداؤها في البلاد التي ينهبونها.

لسنا من دعاة الديمقراطية، ولا نحفل بها؛ لأنها نظام كفري انتقائي؛ ولكن

نحاول تذكير المنبهرين برعاة البقر أنهم هم أول من يخالف ديمقراطيتهم،

وأخريات ذلك انسحاب أمريكا من مؤتمر (ديربان) حول مناهضة العنصرية؛

لأنه يدين إسرائيل وعنصريتها، مع أن أمريكا من أكثر الدول تشدقاً بالمساواة ونبذ

العنصرية.

وأكثر أمة عانت من ظلمها وعسفها هي الأمة المسلمة، وأكثر شعب اكتوى

بظلمها هو الشعب الفلسطيني؛ إذ وقفت منحازة كل الانحياز مع إسرائيل،

واستخدمت حق النقض (الفيتو) في كل قرار ضد إسرائيل، حتى القرارات التي

تدينها مجرد إدانة، إضافة إلي سياسة التهديد الدائم بمقاطعة هذا ومحاربة ذاك،

وإثارة القلاقل والمشكلات في كل دولة حاولت الاستقلال والخروج عن طاعتها

لإدخالها إلى بيت الطاعة.

2 - الظلم الاقتصادي: أمريكا قارة أنعم الله تعالى عليها بخيرات وفيرة،

وثروات طائلة وأراض خصبة فلم تكتف بذلك حتى مدت ذراعها الاقتصادي لينهب

ثروات الشعوب الأخرى، وكان من المفترض وهي زعيمة العالم أن تنفق على

الدول الفقيرة لا أن تنهب ثرواتها، وترمي فائض زراعاتها وصناعاتها في البحار

حفاظاً على ثبات الأسعار في الوقت الذي يموت فيه أمم بجوارها في المكسيك

وسائر أمريكا اللاتينية من الجوع؛ فضلاً عمن يموتون في إفريقيا؛ وهذا من أعظم

الظلم والبغي والفساد الذي يمارسه الغرب عموماً وأمريكا على وجه الخصوص؛

إضافة إلى تعميمها النظام الرأسمالي القائم على الربا والاحتكار والحرية المطلقة في

الأموال، مما أدى إلى تفشي الربا، وانتشار الفساد المالي، والظلم الاجتماعي،

وازدياد فقر الفقراء، وأضحى 25% من سكان العالم يتمتعون بـ 80% من ثرواته،

و75% من البشر لا يملكون سوى 20% من خيرات بلادهم، والإحصائيات

تذكر أن مليار نسمة من بينهم مئة مليون طفل يعيشون في حالة نقص تغذية ومجاعة

مزمنة، وهم يعيشون لأنهم غير قادرين على الموت طوعاً حسب قول أحد العاملين

في منظمات الإغاثة، ويعترف رئيس البنك الدولي (باربركونابل) بأن البؤس

الذي يسود كوكبنا فضيحة أخلاقية وعار، لا من الزاوية الإنسانية فحسب، بل من

الزاوية الاقتصادية أيضاً [14] .

3 - الظلم العسكري: فأمريكا تملأ مستودعات إسرائيل بكل أنواع الأسلحة

الفتاكة بما فيها الأسلحة النووية، وتمنع جيرانها من امتلاك عُشر ما تمتلكه إسرائيل،

وتلزم الدول بالتوقيع على معاهدة نزع أسلحة الدمار الشامل والتخلص منها وهي

ترفض التوقيع على ذلك، وتحمي إسرائيل من إلزامها بالتوقيع عليها، بل إن

باكستان لما امتلكت السلاح النووي عوقبت بالحصار والتجويع، حتى صار حلالاً

لها ولربيبتها إسرائيل ما هو حرام على سائر البشر! ! وهذا من أبين الظلم،

ناهيك عن الاستفراد بالقرار دون الرجوع إلى المنظمات الدولية التي ارتضتها،

وعينت أمناءها، كما حصل في ضرب مصنع الشفاء في الخرطوم وضرب

أفغانستان، والضرب الدائم للعراق الذي يتضرر من جرائه الشعب المقهور، ولا

يضر صدَّام وحزبه البعثي الكافر.

4 - الظلم الاجتماعي والأخلاقي: لم تترك أمريكا للناس حياتهم الاجتماعية

التي اختاروها؛ فهي تضغط على الدول الإسلامية لإفساد الأسرة وإخراج المرأة من

بيتها، وإقحامها في الميادين السياسية. وجمعياتُها الماسونية المشبوهة تدعم

المنحرفات من النساء في الأقطار العربية بكل سبل الدعم، ورغم أن نظام أمريكا

الديمقراطي يأبى هذه السياسة الظالمة فإنها تمارسها بقوة في البلاد الإسلامية، حتى

رأينا نساءً لا قيمة لهن من الناحية الثقافية والاجتماعية والشعبية يتصدرن المنابر

الإعلامية والثقافية بل والسياسية في كثير من دول الإسلام. ومن الظلم العظيم الذي

تمارسه أمريكا ربط خطوات إفساد المرأة والأسرة في بلاد المسلمين بما تقدمه من

مساعدات اقتصادية، ودعم سياسي؛ مما جعل أكثر أصحاب القرار في دول

الإسلام يصادرون اختيار شعوبهم نظام الإسلام في سبيل إرضاء شرذمة قليلة من

المنحرفين؛ لأن في إرضائهم إرضاءً للعم سام الذي تأتي منه المعونات المنهوبة في

الأصل من بلادهم.

أمريكا لم تحفظ الوصية:

كان المؤسسون للإمبراطورية الأمريكية يعلمون خطر اليهود على المجتمعات،

ويدركون مدى إفسادهم في الأرض التي يسكنونها؛ ولذلك حذروا من اليهود ومن

تغلغلهم في الأمة الأمريكية، يجسد ذلك خطاب بنجامين فرانكلين في المؤتمر المنعقد

لإعلان دستور الولايات المتحدة الأمريكية عام 1789م، فقال في خطابه: «هناك

خطر عظيم يتهدد الولايات المتحدة الأمريكية؛ وذلك الخطر العظيم هو خطر اليهود

أيها السادة: في كل أرض حلَّ بها اليهود أطاحوا بالمستوى الخلقي، وأفسدوا

الذمة التجارية فيها، ولم يزالوا منعزلين لا يندمجون بغيرهم، وقد أدى بهم

الاضطهاد إلى العمل على خنق الشعوب مالياً كما هي الحال في البرتغال وأسبانيا» .

وقال: «إنني أحذركم أيها السادة إنكم إن لم تبعدوا اليهود نهائياً فلسوف

يعلنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم، إن اليهود لن يتخذوا مثلنا العليا ولو عاشوا بين

ظهرانينا عشرة أجيال، فإن الفهد لا يستطيع إبدال جلده الأرقط ... إن اليهود خطر

على هذه البلاد إذا ما سُمح لهم بحرية الدخول، إنهم سيقضون على مؤسساتنا،

وعلى ذلك لا بد أن يستبعدوا بنص الدستور» [15] .

لم يحفظ الأمريكان وصية فرانكلين، وسمحوا لليهود بالهجرة إلى أمريكا [16] ؛

حتى تغلغلوا فيها وسيطروا على الاقتصاد والإعلام، وهذا قادهم إلى السيطرة

على السياسة أيضاً.

والكارثة التي حلت بأمريكا المرجح أن المتسبب فيها اليهود؛ فقد ذكرت

بعض التقارير والتحليلات أن احتمال أن يكون وراءها الموساد اليهودي وارد. فإن

كان المنفدون لها مسلمين، أو عرباً حسبما تناقلته الوكالات الإخبارية وذلك ما لم

يتبين فضلاً عن ثبوته إلى ساعة كتابة هذه المقالة؛ فإن المترجح أنهم ما قاموا بها

إلا انتقاماً من أمريكا على سياستها المنحازة لليهود في فلسطين رغم المجازر التي

ارتكبها شارون وعصبته، ورغم الدمار الذي حلَّ بالفلسطينيين من هدم ديارهم،

وغصب أراضيهم، وإتلاف زروعهم، وقصفهم بالدبابات والطائرات، وتنفيذ

عمليات اغتيال واسعة بالقادة والنشطاء في مقاومة الاحتلال اليهودي، فعلى كلا

الاحتمالين فاليهود سبب رئيس في تلك الكارثة [17] .

فأمريكا بهذا الاعتبار بدأت تجني نتائج احتضانها لليهود ودعمهم رغم ظلمهم

وعلوهم، والمعين للظالم على ظلمه ظالم، وهو مستوجب لغضب الله تعالى ونقمته

وعقوبته؛ مع قدرة أمريكا على إقامة العدل بين الناس ولاسيما أن أمم الأرض

وحكوماتها خاضعة لها، وقد آتاها الله تعالى قوة سياسية وعسكرية واقتصادية،

وليست محتاجة لليهود حتى تنساق وراء ظلمهم، وتدمر قوتها بنفسها.

لا يُقَدّر الله تعالى شراً محضاً:

يرى كثير من المحللين السياسيين والإعلاميين وغيرهم ممن أبدوا رأياً حول

كارثة أمريكا أن الخاسر الأكبر منها المسلمون، ولا سيما أنها نسبت إلى أسامة بن

لادن وتنظيمه، وأن الرابح منها هم اليهود الذين سخروا الإعلام العالمي لتأليب

شتى الأمم ضد المسلمين، وظهرت آثار ذلك على الجاليات المسلمة في أمريكا

وأوروبا، وما واجهته من مضايقات وإيذاء بسبب إسلامها.

وهذه الكارثة تخص أمريكا، وهي التي تتضرر من جرائها، لكن نسبتها إلى

المسلمين جعلهم مشاركين للأمريكان في الضرر الذي حاق بهم، بل أصبح ضرر

المسلمين أعظم كما يراه بعضهم، حتى إن بعض الدول الإسلامية خافت سطوة

أمريكا وشدة انتقامها، وسارعت بالتحالف معها قبل أن تتبين حقيقة الفاعلين.

ورغم هذا الضرر العظيم الذي أصاب المسلمين من جراء نسبة تلك الحادثة

لهم فإن في ثناياهم خيراً كثيراً للمسلمين، ومعتقد أهل السنة والجماعة أن الله تعالى

لا يقِّدر شراً محضاً، وكل ما يقدره لا بد أن يكون فيه خير بوجه من الوجوه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وأما السيئة فهو إنما يخلقها

بحكمة، وهي باعتبار تلك الحكمة من إحسانه؛ فإن الرب لا يفعل سيئة قط؛ بل

فعله كله حسن وحسنات، وفعله كله خير؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم

يقول في دعاء الاستفتاح:» والخير بيديك، والشر ليس إليك « [18] ، فإنه لا

يخلق شراً محضاً، بل كل ما يخلقه ففيه حكمة هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون

فيه شر لبعض الناس، وهو شر جزئي إضافي، فأما شر كلي، أو شر مطلق،

فالرب منزه عنه، وهذا هو الشر الذي ليس إليه، وأما الشر الجزئي الإضافي فهو

خير باعتبار حكمته؛ ولهذا لا يضاف الشر إليه مفرداً قط» [19] .

ومن المنافع التي ظهرت لي ما يلي:

1 - أخذ العبرة والعظة؛ فكثير من المسلمين قد لا يتعظ بما في القرآن

والسنَّة من مواعظ بسبب الغفلة ومقارفة الشهوات المباح منها والمحرم، فتوقظه

مثل هذه الحوادث الكبرى.

2 - عدم التعويل على متاع الدنيا مهما كان الإنسان يملك منها؛ إذ قد تزول

في لحظة واحدة كما تهدم بيت المال العالمي.

3 - إظهار حقيقة أمريكا ومدى قوتها للمغترين بها؛ فكثير من مرضى

القلوب قد اقتنعوا بأن أمريكا تدير شؤون الناس، وتدبر الكون، وحاولوا إقناع

الناس بذلك عبر المنابر الإعلامية المختلفة، ودعوهم إلى لزوم الانضواء تحت

لوائها، والقبول بمشاريعها في العولمة، وأنه لا مفر من ذلك، وقد أسهمت

الصناعة السينمائية الأمريكية في تهويل قوتها وقدرتها، وبطولات أفرادها، فإذا

هذه الأسطورة تُضرب في عقر دارها ضربة مؤلمة، إن نجت من تداعياتها فقد لا

تنجو من غيرها.

4 - ما أصاب المسلمين نتيجة إلصاق هذه الحادثة بهم سبَّب ضرراً كبيراً

عليهم خاصة من كانوا في أمريكا وأوروبا لكن في ثنايا ذلك رحمة ومنافع قد لا

ينتبه إليها كثير من الناس، ومن هذه المنافع:

أ - إقبال الغربيين على شراء الكتب الإسلامية، وكتب صِدام الحضارات،

ونحوها، وهذا سيعرِّف على الإسلام الذين لا يعرفونه منهم، ولعلهم يدخلون في

دين الله أفواجاً إذا عرفوا حقيقة الإسلام، وقد نشرت الصحف أن الكتب التي

تتحدث عن الإسلام نفذت من مكتبات أمريكا اللاتينية، وصار عليها إقبال شديد في

أوروبا، وارتفعت نسبة مبيعات ترجمات القرآن الكريم إلى 30% [20] .

وامتلأت المراكز الإسلامية بالذين يسألون عن الإسلام، ويودون التعرف

عليه، وعقدت دروس ودورات يحضرها آلاف للتعريف بالإسلام، واستضافت

كبريات المحطات التلفازية والإذاعية الأمريكية عدداً من رؤوساء المراكز الإسلامية

لعرض سماحة الإسلام وحقيقته لو أنفق المسلمون الملايين لما استطاعوا النفوذ

إلى هذه الوسائل الإعلامية وتأثر الشعب الأمريكي بذلك كثيراً، وتكررت

الحوادث التي يبكي فيها أمريكان من قراءة القرآن ... إلخ.

ب - كثير من المسلمين قد صدَّقوا العلمانيين في مقولتهم بخرافة العداء

الغربي للإسلام والمسلمين، وأظهرت هذه الحادثة حقيقة الغربيين وما يكنونه في

صدورهم من بغضاء، مما نفَّسوا عنها من خلال أقوالهم وكتاباتهم بل ومن خلال

أفعالهم بحرق المساجد والمراكز الإسلامية والاعتداءات المتكررة على المسلمين،

وسقطت المقولة العلمانية.

ج - كثير من المسلمين المقيمين في الغرب قد عزموا على الإقامة الدائمة بين

ظهراني الكفار، مع عدم الضرورة الملجئة لهم، ورغم حرمة ذلك شرعاً، ورأوا

أنهم في بحبوحة من العيش ويقيمون دينهم مما يجعل عودتهم إلى بلادهم أمراً

مستبعداً، حتى انصهر أولادهم في الحضارة الغربية، وتفلتوا من الإسلام شيئاً

فشيئاً، وكثير من المسلمين في البلاد الفقيرة ليس لهم أمنية إلا أن يجدوا سبيلاً إلى

الهجرة إلى أوروبا للتنعم بما فيها من حريات وفرص عمل، حتى إن كثيراً منهم

يغرق في البحر في هجرات غير نظامية من بلاد المغرب العربي، بغية الوصول

إلى الشواطئ الأوروبية، وحُرِمت البلاد الإسلامية من خدمات كثير من أبنائها

المتخصصين في علوم الطب والهندسة والحاسب، وغيرها من العلوم التجريبية؛

لأنهم وجدوا ما يغريهم في بلاد الغرب، وقد ألفت كتبٌ في الأدمغة العربية

التي ساعدت في تسيير الحضارة الغربية وأسهمت في نموها وازدهارها.

أولئك صاروا يعيدون النظر في إقامتهم في أوروبا وأمريكا بعد الإيذاء الذي

تعرضوا له، وأيقنوا أن الأمن دائم والخوف ساعة، وأن القوانين الغربية والنظم

الديمقراطية لن تستطيع حمايتهم على الدوام من كراهية الغربيين لدينهم ولونهم

وجنسهم، وكثير ممن كانوا يفكرون في الهجرة إلى الدول الغربية صرفوا النظر

عن ذلك أو على الأقل أجّلوا ذلك إلى هدوء موجة العداء.

وكل ذلك فيه خير عظيم للإسلام والمسلمين، وحفظ لدينهم من الضياع،

والاستفادة من عقول المتخصصين الذين نفعوا الغرب طيلة السنوات الماضية.

5 - أن العداء للإسلام والمسلمين عقب هذه الحادثة من الغرب عموماً وأمريكا

خصوصاً سيكون سبباً في عودة كثير من الناس إلى دينهم؛ لأنه حينئذ سيصبح

تحدياً بين الحق والباطل، وهذا سيؤدي إلى هزيمة المشاريع العلمانية والتغربية في

بلاد المسلمين؛ لأنه في حال الهدوء والسلم يستطيع العلمانيون خداع الناس وجرهم

إلى مشاريعهم التغريبية، تحت مسميات الإنسانية، وتلاقح الأفكار، وقبول الآخر،

أما في حالة إعلان الغرب العداء السافر للإسلام والمسلمين ولو على المستوى

الشعبي فقط، فإن كل دعوة إلى التآخي والمحبة والإنسانية ونحو هذه الشعارات لن

تجد آذاناً صاغية في أوساط المسلمين، وهذا من أعظم النعم العظيمة من هذه

المحنة الكبيرة، لأن الأمة المسلمة قد عانت من منافقيها أكثر من معاناتها من اليهود

والنصارى.

6 - لو استمر العداء الغربي للإسلام والمسلمين على النحو الذي نشهده هذه

الأيام فإن ذلك كفيل بإحياء شعيرة الجهاد للذود عن حياض الدين، ودفع شر

النصارى واليهود الحاقدين، تلك الشعيرة التي أميتت منذ اتفاقية (سايكس بيكو)

ونشوء عصبة الأمم المتحدة ثم هيئة الأمم المتحدة، وإحياء تلك الشعيرة العظيمة من

أعظم المنافع، وهو كفيل برفع الذلة عن المسلمين؛ لأن الذلة ما ضربت على

المسلمين إلا بعد تعطيل الجهاد في سبيل الله تعالى، كما دلت على ذلك النصوص

الشرعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015