المنتدى الإسلامي
محمد اللعبون
اليوميات، المذكرات، السير الذاتية، نماذج من طرائق تدوين التاريخ،
ونقل التجارب، وتبادل الخبرات؛ لها كثير من المزايا والخصائص، والآثار
العلمية والنفسية.
إلا أن الملاحظ قلة وجود تلك النماذج في كتابات العلماء والدعاة المسلمين
المعاصرين مقارنة بغيرهم رغم ما تحفل به حياتهم من تجارب، وما في أعمالهم
من إنجازات وإخفاقات، وما عاصروه من أحداث وأشخاص، ورغم حاجة الأجيال
اللاحقة لتراكم الخبرات.
وهنا نتساءل عن السبب في العزوف عن الكتابة في هذا المجال، والذي أدى
إلى قلة الإنتاج:
ألم يذكر الله لنا في كتابه الكريم نماذج نستفيد منها من أعمال الرسل وحياتهم
عليهم الصلاة والسلام وبعض الصالحين؟
ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدِّث أصحابه كثيراً: «كان فيمَنْ
قبلكم» ؟
بل ألم يحدِّثهم صلى الله عليه وسلم عن الأحداث التي مرت به قبل البعثة؟
ألم يحدِّثنا الصدِّيق رضي الله عنه عن الهجرة، وما فيها من الأحداث
والعظات؟
ألم نأخذ عشرات الفوائد والدروس والعبر من رواية كعب بن مالك رضي الله
عنه لقصة تخلُّفه عن غزوة تبوك؟
وكذا رواية سلمان الفارسي رضي الله عنه وقصة رحلته من الضلال إلى
الهدى؟
وبمراجعة سريعة لكتب المناقب والسير والتراجم والرحلات نقف على شواهد
كثيرة.
إذن لماذا نحجم عن هذا الميدان؟
لا شك أن كتابة المذكرات أو السيرة الذاتية، ونحوها تحفُّ بها بعض
الملابسات والإشكاليات الشرعية والذاتية والاجتماعية؛ إلا أن هناك مخارج كثيرة
وحلولاً عديدة، لكل تلك الإشكاليات. وإذا وصلنا إلى قناعة بأن التدوين حق من
حقوق الأمة، وعمل من أعمال الدعوة والإصلاح، وسهم في ترشيد المسيرة
وتطويرها، وعلم ينتفع به؛ فلا ريب أننا سنرى نتائج مشجعة ومبهجة في التنفيذ،
وفي الأسلوب والمضمون. ولكن متى ذلك؟