كلمة صغيرة
منذ أن بدأ الصراع مع اليهود والنخب العلمانية المتنفذة سياسياً وفكرياً
وإعلامياً تسعى لطمس معالم الصراع الحقيقية، وتغييب وعي جماهير الناس.
وإذا كانت انتفاضة الأقصى أحيت من جديد شعلة الجهاد في سبيل الله،
ورفعت لواء المواجهة الجادة مع اليهود؛ إلا أن لؤم التطبيع العلماني ما زال كامناً
في بعض النفوس المريضة؛ فقد ذكرت وكالات الأنباء أن الاتصالات بين الأجهزة
الأمنية الفلسطينية والحكومة اليهودية لم تنقطع على الإطلاق حتى في ظل الجبروت
اليهودي والقصف العشوائي على الأراضي الفلسطينية، بل زادت حدتها للسيطرة
على الانتفاضة ووأدها، أو تغيير مسارها وقطف ثمارها.
ولمَّا أُعلن عن هذه الاتصالات في وسائل الإعلام اليهودية صرَّح زعماء
السلطة بأن اللقاءات مع اليهود لم تصل إلى حد المفاوضات وإنما هي في مرحلة
المشاورات! وكأن جراحات الأمة ودماءها لا قيمة لها على الإطلاق، ولا تستحق
ولو قليلاً من الحياء..! !
لقد حدد (مردخاي إلياهو) الحاخام الشرقي الأكبر لـ (إسرائيل) حقيقة
الصراع، فقال في خطاب له أمام عدد من الدارسين في الدينية العسكرية
على وشك الالتحاق بالجيش اليهودي: (لنا أعداء كثيرون وهناك من
يتربص بنا وينتظر الفرصة للانقضاض علينا، وهؤلاء بإمكاننا عبر الإجراءات
العسكرية أن نواجههم. لكن ما لا نستطيع مواجهته هو ذلك الكتاب الذي يسمونه
القرآن، هذا عدوُّنا الأوحد، هذا العدو لا تستطيع وسائلنا العسكرية المباشرة
مواجهته!) .
ثم يتساءل قائلاً: (كيف يمكن أن يكون هناك سلام في الوقت الذي يقدس فيه
المسلمون العرب كتاباً يتحدث عنا بكل هذه السلبية؟ ! على قادة الدولة عندنا أن
يبلِّغوا قادة الأنظمة الحاكمة في الدول العربية أن يختاروا بين السلام معنا أو
القرآن! !) .
هذه هي حقيقة المعركة التي يتربى عليها الجيش اليهودي.. ألا فلتنكسر كل
الأقلام الهزيلة التي ما زالت تزين السلام الموهوم بزينة كالحة.. ولتسكت كل
الأصوات النشاز التي تريد أن تخدع الأمة وتبعدها عن حياضها الكريمة ومنابعها
العذبة الأصيلة، وإن دماء الصالحين لن تثمر بإذن الله إلا نفوساً أبيَّة لن ترضى
الدنية في دينها.