مجله البيان (صفحة 371)

أدب وتاريخ

يوسف الخال (2)

من أصنام الحداثة.. يوسف الخال

-2-

د. وليد الطويرقي

يتابع الكاتب في هذه الحلقة كشف الدور المشبوه الذي يقوم به من يسمون أنفسهم بـ (الحداثيين) ، إنه دور الخونة الذين يريدون اقتحام قلعة (الإسلام) ويصبغون وجوههم مرة بصوفية ملحدة (الحلاج) ومرة بتقليد شعراء من الغرب كي يحوزوا إعجاب المتفرجين.

- التحرير -

مجلة (شعر) ودورها المشبوه:

بعد عودة يوسف الخال إلى لبنان من الولايات المتحدة الأمريكية أنشأ مجلة

(شعر) وتم التعارف بين منشئها وبين من تعاونوا معه مثل: نذير العظمة،

وأدونيس في منزل خليل الحاوي، وصدر العدد الأول عام 1957 وانتظم في

الكتابة فيها محمد الماغوط وأنسي الحاج، وخالدة سعيد، وعصام محفوظ، وحول

ولاء المجلة وانتمائها يقول نذير العظمة: إن بعض مؤسسيها كانوا منتمين (للحركة

القومية الاجتماعية [1] وقد تبينت حقائق أخرى من خلال دراسة مستقلة موضوعها

(مجلة شعر ودورها في حاضر الشعر العربي) أعدها الشاعر العراقي سامي مهدي،

ونشرت في مجلة (الأقلام) العراقية، وفي جريدة الرياض عدد 7115 ونشر جهاد

فاضل مقتطفات من الموضوع في مجلة (آفاق عربية) في العدد السادس 1987،

يقول عنها:

(حملت مجلة (شعر) منذ تأسيسها اتجاهين فكريين:

أولهما: اتجاه قومي حزبي.

وثانيهما: اتجاه إقليمي أو انعزالي لبناني. وهو الاتجاه الذي غلب عليها في

المرحلة الأخيرة من حياتها.

وينتمي إلى الاتجاه الأول: يوسف الخال، أدونيس، نذير العظمة، منير

بشور، محمد الماغوط، وآخرون، في حين ينتمي إلى الاتجاه الثاني كل من أنسي

الحاج وشوقي أبو شقرا، وعصام محفوظ، وأسعد رزق، وآخرون، وعلى الرغم

مما بين الاتجاهين (خارج المجلة) من خلافات فكرية عميقة، وخصومات سياسية

فقد تعاونا على إصدار المجلة، وكان هناك ما يجمع الاتجاهين على المستويين

السياسي والفكري، فعلى المستوى السياسي كان الاتجاهين يتفقان اتفاقاً تاماً على

معاداة فكرة (العروبة) وكل ما يمت إليها من أهداف وشعارات وقوى سياسية، ولا

يعترفان بوجود (أمة عربية) ، وينظران إلى تاريخها وتراثها نظرة مغرقة في

السلبية، أما على المستوى الفكري فقد جمع الطرفين اتجاههما ونزوعهما الشديد إلى

التغريب [2] ، ويذكر سامي مهدي أن جميع الأسماء التي شاركت في مجلة (شعر)

كانوا ينفرون من أية دعوة للعروبة ويتبنون الفكر الغربي بحجة وحدة الحضارة

الإنسانية.

ويذكر سامي مهدي مجمل الأنشطة التي مارستها مجلة (شعر) والتي تتمثل

فيما يلي:

1- طبع مجاميع قصيدة النشر والترويج لها.

2- القيام بحركة ترجمة مكثفة للنصوص الفرنسية المعبرة عن آرائهم.

3 - الاتصال ببعض الشعراء الفرنسيين وتقديم أنفسهم بطريقة توحي بأنهم ...

سفراء الشعر العربي لدى الأوساط الشعرية في العالم.

وهذه الأنشطة تدل بوضوح على هوية المجلة، وانتمائها وعدائها للتراث

العربي.

ويتحدث الباحث سامي مهدي عن الأزمة المميتة لمجلة (شعر) ومن ذلك ما

قيل عن علاقات يوسف الخال بالمنظمة العالمية لحرية الثقافة وهي منظمة مشبوهة

تمول مجلات تروج لفكر معين، وكان لمجلة (شعر) دور في عقد مؤتمر الأدب

العربي المعاصر في روما عام 1961 الذي مولته وأشرفت عليه (سيمون جارجي) ...

كما كان لمجلة (شعر) دور في ترويج ما تنشره مؤسسة (فرانكلين) الأمريكية، ...

وبعد هلاك يوسف الخال كتب عابد خزندار مقالاً في جريدة الرياض قال فيه: ... (يلوب في نفسي ريبة وشكوك حول اتجاهات المجلة واتجاهات صاحبها وهي

اتجاهات أقل ما يقال عنها إنها غير عربية) [3] .

موقفه من زملاء دربه:

في الوقت الذي يجتمع فيه زملاء يوسف الخال وشركائه في تحرير (شعر)

على عداء العربية والتنكر للتراث فإنهم يختلفون في كيفية تنفيذ ما يوكل إليهم، كما

أن المصالح الشخصية فرقتهم بعدئذ.

ويتضح هذا الخلاف في كتاب (دفتر الأيام) ليوسف الخال، الصادر في لندن، وهو مختار لمقالات كتبها يوسف الخال على مدى الثلاثين سنة الماضية، وفي

هذا الكتاب يوجه لوماً شديدًا إلى بدر شاكر السياب، وينعت سعيد عقل بأنه شاعر

فاشل، ورجاء النقاش بأنه (هِر) .

أدونيس:

شارك في البداية في تأسيس مجلة (شعر) ثم خرج منها لينشئ مجلة (مواقف)

يقول عنه يوسف الخال: (أدونيس لو كان صادقاً مع نفسه لاعترف من دون خجل

أو حياء بأنه إنما خرج من مجلة (شعر) وعليها لأنها لم تعد تفي بطموحاته وحبه

للبروز الاجتماعي، وميله إلى التفرد في العمل والرأي) [4] .

ثم ينعت أعمال أدونيس بعد تركه لمجلة (شعر) بأنها أعمال هابطة، وأنه

أراد (تشعير) الأفكار الصوفية في إطار عربي مفتعل [5] .

مع البياتي:

يمدح يوسف الخال عبد الوهاب البياتي مدحاً لا مثيل له، ويقول عنه:

(رائد أصيل من رواد الحركة الشعرية الحديثة، وذو عقلية مرنة ومنفتحة على الرياح الأربع) [6] ، ثم تراجع بعد ذلك عن هذا المدح وتحول البياتي عنده

إلى شخص يعض اليد التي تطعمه، والسبب هو أن البياتي وصف الخال في حوار

مع بعض الصحف بأنه (قومسنجي) الثقافة الأمريكية، فرد عليه الخال بعنف وذكره

بفضل الثقافة الأجنبية على الثقافة العربية، ثم يقرر حقيقة عن الشاعر البياتي

الماركسي ويقول له: (إنك بالذات لم تكن رائداً من رواد الشعر الحديث لولا الثقافة

الأجنبية) .

رجاء النقاش:

نعت يوسف الخال رجاء النقاش بقوله: (أحد هررة الانتلجنسيا العربية الذين

هجموا على غالي شكري ليأكلوه) [7] وسبب هذا الهجوم أن غالي شكري كتب

دراسة وصف فيها يوسف الخال بأنه شاعر معاصر له قضية مما دفع رجاء النقاش

وهو ناقد مصري إلى كتابة مقال طالب فيه بإقالة غالي شكري من سكرتارية مجلة

(الشعر) المصرية لأنه مدح عميلاً.

نزار قباني:

يمدح يوسف الخال نزار قباني لا لشيء إلا لأن نزارًا أدلى بحديث لمجلة

(مواقف) شتم فيها العرب والقضايا العربية، وقال: نحن نتيجة عصور الانحطاط،

والشاعر هو مصدر الشرعية وهو الحاكم المطلق الصلاحية.

نازك الملائكة:

شن يوسف الخال في كتابه (الحداثة في الشعر) حملة على نازك الملائكة،

يرد عليها على إثر صدور كتابها (قضايا الشعر المعاصر) ويقول:

(كانت خيبتنا مريرة حين أخذنا الكتاب وكدنا لا نعثر على قضية جوهرية من قضايا الشعر العربي المعاصر) [8] .

وهذا الهجوم سببه أن نازك الملائكة نقدت الشعر الذي ليس له قواعد منضبطة.

الحداثة عند يوسف الخال:

أصدر كتابه (الحداثة في الشعر) عام 1978 ومن خلال فصول الكتاب يمكن

التعرف على شخصية المؤلف وأهدافه، فهو يريد تبني جميع معطيات العصر

ومفاهيمه، الصالح منها والطالح حتى لا يكون عندنا قضية (إقامة مجتمع حديث

في عالم حديث) [9] ، ويهاجم اللغة العربية لأنها رمز الصعوبة بنظره، كما يهاجم

أي شيء يمت بصلة للحضارة الإسلامية وكل قديم موروث بحجة النظرة الإنسانية،

وفي هذا الخطر كله على الأمة وآدابها وفكرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015