مجله البيان (صفحة 3611)

التعليم الإسلامي في إرتيريا الواقع والتحديات

المسلمون والعالم

التعليم الإسلامي في إرتيريا

الواقع والتحديات

نايب صالح

«اقرأ» كانت أول كلمة تلقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه؛

فكانت هذه الكلمة دعوة صريحة لهذه الأمة أن تبني كيانها وهويتها على العلم

والمعرفة: العلم بالله قبل كل شيء، ثم تأتي بقية العلوم تباعاً حسب أهميتها وحاجة

الناس إليها. وقد أبان الله سبحانه وتعالى أفضلية العلماء على غيرهم من الناس

بقوله: [هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ] (الزمر: 9) ، ورغَّب

الرسول صلى الله عليه وسلم في تلقي العلم فقال: «وإن الملائكة لتضع أجنحها

لطالب العلم رضاً بما يصنع» [1] وخص بالخيرية من تفقه في الدين خاصة فقال

صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» [2] .

ولا خلاف بين الناس في ضرورة العلم عامة وأهميته في نهضة الأمم، وبناء

الحضارات، وتنمية المجتمعات وتطويرها نحو مستقبل مشرق. وللتعليم الإسلامي

على وجه الخصوص مهمة عظيمة في نشر الدعوة الإسلامية وتوسيع رقعتها بشرياً

وجغرافياً، والارتقاء بها نحو الأفضل، وتعد دُور العلم «المنطلق الأول لبشائر

الطلائع الإسلامية التي تتحرك نحو مستقبل باسم وغدٍ مجيد تبني للإسلام صرحاً

عريضاً شامخاً يحقق الآمال المرجوة منه والأماني المعقودة عليه» [3] .

التعليم الإسلامي في إرتيريا قبل الاستقلال:

تمثل فترة ما قبل خروج الاحتلال الإثيوبي من إرتيريا وتولي الحكم من قِبَل

الجبهة الشعبية في إرتيريا وإعلانه الاستقلال قبل عشر سنوات تقريباً فترة زمنية

لها طابعها الخاص والمميز على وضع التعليم الإسلامي في إرتيريا.

ولما كان التعليم الإسلامي يشمل الدروس التي تلقى في المساجد، وما يتعلمه

الصبيان في الكتّاب من القرآن الكريم وبعض مبادئ الدين الإسلامي فلا بد من

القول إن هذا النوع من التعليم رافق بداية دخول الإسلام في إرتيريا، إلا أن أول

مدرسة نظامية أقيمت في إرتيريا على الإطلاق يعود تاريخها إلى عام 1283 هـ

الموافق 1870م عندما قامت الخديوية المصرية التابعة للسلطنة العثمانية بإنشاء

مدرسة طوالوت الابتدائية في مدينة مصوَّع، ويمكن اعتبار هذه المدرسة أيضاً أول

مدرسة إسلامية أقيمت على ثرى إرتيريا؛ لأنها كانت تابعة لدولة إسلامية أخرى.

وبعد ذلك تعرضت إرتيريا لمجموعة من الاحتلالات الأجنبية بدءاً بالاحتلال

الإيطالي، ومروراً بالانتداب البريطاني، وانتهاءاً بالاحتلال الإثيوبي. وقد كان

جميع هؤلاء المحتلين لا يولي التعليم الإسلامي أي رعاية أو اهتمام، بل بالعكس

من ذلك كانوا يقفون عائقاً دون استمراره ويحاولون إجهاض الجهود الرامية إلى

تطويره والنهوض به، وأسباب ذلك واضحة ولا تحتاج إلى تحليل لكون المحتل

غير مسلم.

لذلك كانت الجهود التي بذلت لبناء التعليم الإسلامي في إرتيريا جهوداً أهلية،

فردية كانت أو جماعية، ويمكن الحديث عن ثلاثة أنواع من مجالات التعليم

الإسلامي في إرتيريا:

أ - الكتاتيب:

تعرف الكتاتيب في إرتيريا باسم الخلاوي في المنخفضات، أو القرآن في

المرتفعات، وهي عبارة عن أماكن لتعليم الصبيان القرآن الكريم وبعض مبادئ

الدين الإسلامي، وقد تكون في المساجد أو في غيرها من الأماكن حسب ما هو

متوفر، وفي الحقيقة فإن الكتاتيب مظهر من مظاهر الحضارة الإسلامية لم تكن

معروفة في العصر الجاهلي، فانتشرت بصفات متشابهة [4] في كل بقعة وضع

الإسلام فيها أقدامه، وحرص المسلمون عامة وفي إرتيريا خاصة على إرسال

أبنائهم إلى هذه الكتاتيب.

وتنتشر الكتاتيب في إرتيريا في المدن والقرى، وتقوم بتعليم الفتيان والفتيات

على حد سواء، ولا يوجد تعداد رسمي يبين عددها بالضبط إلا أنها منتشرة بشكل

جيد في جميع مناطق إرتيريا، وتعتمد على الجهد الذاتي للمعلم الذي يكون في العادة

معلماً واحداً يتعاون معه الأهالي من الناحية المادية، على شكل رسوم يدفعها

المتعلمون لمعلمهم.

وبالرغم من أن ميزة الكتاتيب تكمن في بساطتها؛ حيث يمكن إقامتها في أي

موضع دون العناء في البحث عن أماكن خاصة لإقامتها حتى إن بعض المعلمين

كانوا يعلِّمون الأطفال في فناء منازلهم بوضع مظلة بسيطة تقي الصبية من حرارة

الشمس. إلا أنه أيضاً يجب التنبيه إلى أن الكتاتيب في إرتيريا لم تسجل أي تطور

يذكر سواء من ناحية كفاية المعلمين وتنظيم تمويلها والعمل على تقوية عطائها سواء

في تحفيظ القرآن أم في إعطاء جرعات مناسبة من مبادئ الدين، إلا ما كان من

مدرسة عمر بن الخطاب لتحفيظ القرآن الكريم في مدينة أسمرا التي تأسست في عام

1405هـ = 1984م؛ حيث ركزت على حفظ القرآن وتجويده وتعليم العلوم

العربية والشرعية، والعمل على تفاعل المجتمع المحلي من خلال الدروس

والمحاضرات العامة التي تلقى فيها للكبار والصغار، وقد ظهر تأثيرها الإيجابي

على سلوك طلابها وسلوك المجتمع المحلي، وقد تعرضت بسبب العقيدة السلفية

التي تبنتها للحرب من قِبَل بعض المبتدعة بحجة أنها تدرس دين الوهابية! ! إلا

أنها استطاعت أن تتجاوز هذه المحنة وواصلت مسيرتها حتى تم إغلاقها من قِبَل

نظام الجبهة الشعبية الحاكم في إرتيريا في عام 1418هـ = 1998م.

وبالرغم من اعتماد الكتاتيب في إرتيريا على الطرق البدائية وافتقادها التطوير

والتحسين إلا أنه يمكن القول إنها تمكنت مما يلي:

1 - غرس أساس العلم والإيمان القابل للنماء في أنفس النشء.

2 - تعليم الصبية قراءة الحروف العربية وكتابتها، وتحفيظهم ولو شيئاً

يسيراً من القرآن يتمكنون من خلاله أداء صلواتهم على الوجه المطلوب.

3 - إشعار أطفال المسلمين الذين يترددون على هذه الكتاتيب بتميزهم عن

غيرهم من أهل الأديان الأخرى.

4 - تمكين النشء في أهم مرحلة من عمره من العيش في بيئة مسلمة يتربى

فيها على الخلق الإسلامي.

ب - المعاهد الدينية:

شعر المسلمون في إرتيريا أن الخلاوي القرآنية وحدها غير كافية في حفظ

هويتهم الإسلامية التي كانت وما زالت تتعرض للمسخ والطمس، وأحسوا بضرورة

توسيع تعليم الشرع الإسلامي على نحو منظم ومفيد، ففكروا بإنشاء المعاهد الدينية،

وبدأت الفكرة الأولى بالمعهد الديني الإسلامي بمصوع في عام 1360هـ

1940م؛ حيث بدأ يؤدي دوره بشكل كامل بعد خمس سنوات من ذلك التاريخ،

ووفقاً لما جاء في قانون المعاهد الدينية رقم [5] الذي أصدرته دار الإفتاء الإرتيرية

في عام 1385هـ = 1965م فإن المعاهد الدينية في إرتيريا بدأت تنظم أعمالها في

مبانٍ خاصة وفق النظم العصرية في التعليم في عام 1363 هـ = 1944م، وذلك

لتحقيق الأهداف الآتية:

1 - حفظ الشريعة الإسلامية.

2 - فهم علوم الشريعة ونشرها بين الناشئة الجديدة.

3 - إيجاد الوعي الديني والثقافي في نفوس الناشئة.

4 - صيانة الناشئة من وباء الجهل والعلمنة والانحراف عن المبادئ

الإسلامية.

5 - إخراج فئة يسند إليها أمر الثقافة الإسلامية والعربية وتعليمها للأجيال.

وكان هذا القانون الذي وضعته دار الإفتاء الإرتيرية أول محاولة لتنظيم المعاهد

الدينية وتوحيدها في إرتيريا؛ إلا أن الظروف الأمنية والسياسية لم تساعد في

تطورها للأفضل، واستمرت الجهود الأهلية في إنشاء المعاهد بلا تنسيق، مع عدد

محدود من المعاهد التي تشرف عليها لجان الأوقاف في المدن الرئيسة، وقد بلغ

عدد المعاهد الدينية في إرتيريا كلها في فترة من الزمن ما يزيد على عشرين معهداً

يتراوح عدد الدراسين فيها بين ستمائة إلى مائتي طالب وطالبة في كل معهد،

وانتشرت هذه المعاهد في أغلب مدن إرتيريا، منها: أسمرا، ومصوع، وجندع،

وحقات، وصنعفي، ومنصورة، وأغردات، وأفعبت، وعدي قيح،

ودقمحري، وإرافلي، وطرونا، وشِعب، وزولا، ومندفرا، وعدي خوالا،

ومِكَعْليلي، وأفتي، وتعد مدينة كرن الأكثر حظاً؛ حيث كان فيها حوالي سبعة

معاهد.

وبعد سقوط نظام الإمبراطور هلاسي لاسي الصليبي الذي كان يتعامل مع هذه

المعاهد بالإهمال والتضييق عليها وجدت المعاهد الدينية في عهد الحكم الشيوعي

الإثيوبي بعض الانفراج؛ حيث عمل هذا النظام على إدخال العلوم التطبيقية التي

تدرس في المدارس الحكومية في هذه المعاهد، وتحمل نفقات المدرسين الذين

يدرسون هذه المواد، وأذن لطلاب المعاهد بالدخول في امتحانات الشهادة الابتدائية

العامة التي تعقد على مستوى الوطن، مما شجع الكثير من الأهالي على تعليم

أبنائهم في هذه المعاهد لاشتمالها على العلوم الشرعية والعلوم العصرية التي يمكن

أن يتلقوها في المدارس الحكومية.

وقد عانت هذه المعاهد الكثير من المصاعب التي تمثلت في قلة الموارد،

وضيق المباني، وضعف المدرسين، وانحصارها على المرحلة الابتدائية غالباً،

واضطراب المناهج التي تدرس فيها؛ حيث تجد أن المعهد الواحد ينتقل من المنهج

الأزهري إلى السوداني، وإلى السعودي.

ج - المدارس العربية والإسلامية:

كانت هناك مجموعة من المدارس العربية والإسلامية في إرتيريا تختلف عن

المعاهد الدينية لجمعها بين العلوم العربية والشرعية والعلوم التطبيقية، وكان مما

دعا إلى تأسيسها أن المدارس الحكومية التي كانت تدرس باللغة العربية في فترة

الانتداب البريطاني لم تكن العلوم الدينية مدرجة في مناهجها، فاضطر العرب

المقيمون في إرتيريا إلى تأسيس مدرسة خاصة باسم مدرسة الجالية العربية التي

تبنت المنهج المصري، كما أسس المسلمون الإرتيريون عدداً من المدارس

الإسلامية الأهلية في كل من أسمرا ومصوع وكرن، وأغلب هذه المدارس لم

تستطع الاستمرار في أداء مهمتها، فتم تأميم بعضها من قِبَل الحكومة الإثيوبية

وأصبحت مدارس عادية، ولم يبق من هذه المدارس العربية الإسلامية سوى مدرسة

الجالية العربية التي تم تأميمها بعد الاستقلال من قِبَل نظام الجبهة الشعبية الحاكم في

إرتيريا وتبديل اسمها إلى مدرسة الأمل، وألغيت منها المواد الشرعية! ! بينما ما

زالت مدرسة الضياء في أسمرا تؤدي دورها حتى هذا اليوم.

وبالرغم من العقبات الذاتية والخارجية التي واجهت التعليم الإسلامي في

إرتيريا إلا أنه يمكن إجمال أبرز الثمار التي أثمرها في النقاط الآتية:

1 - إيجاد نخبة من المعلمين الذين يواصلون مسيرة التعليم الإسلامي في

إرتيريا.

2 - إعداد بعض القضاة الشرعيين (في الأحوال الشخصية) .

3 - تكوين مجموعة من أئمة المساجد والخطباء والدعاة.

4 - إبراز مجموعة من الغيورين الذين يتحملون عبء الشؤون الإسلامية

العامة كلجان الأوقاف وغيرها.

5 - تهيئة أعداد جيدة من الطلاب يمكنها الالتحاق بالجامعات العربية

والإسلامية.

6 - الإسهام في حفظ الهوية الإسلامية للشعب الإرتيري المسلم.

واقع التعليم الإسلامي بعد الاستقلال:

لم يمر بالتعليم الإسلامي في إرتيريا وضع أسوأ مما يمر به الآن بعد

الاستقلال تحت حكم نظام الجبهة الشعبية الجائر؛ فقد أسفر هذا النظام عن وجهه

الصليبي من خلال تعامله مع المؤسسات الإسلامية وفي مقدمتها مؤسسات التعليم

الإسلامي، وقام بإجراءات لم يسبق أن تجرأ أي محتل على القيام بها، مما أدى

إلى تقلص عدد المعاهد والدارسين فيها إلى أدنى من الربع مما كان عليه قبل

الاستقلال، ومن أهم الخطوات التي قام بها هذا النظام لاختزال دور المعاهد الدينية

والمدارس الإسلامية ما يلي:

1 - الزج بالدعاة ومعلمي المعاهد الدينية في غياهب السجون.

2 - إغلاق بعض المعاهد بحجة عدم أهمية ما تقدمه في التنمية البشرية،

وغيرها من الحجج الواهية من أجل تجفيف منابع الصحوة الإسلامية، وإبعاد

المسلمين عن التمسك بالدين الإسلامي، وعزلهم عن الثقافة الإسلامية والعربية.

3 - سن قانون يمنع المؤسسات الإرتيرية أياً كانت من تلقي المعونات

الخارجية، إلا عبر الحكومة القائمة، وكانت المؤسسات الإغاثية والتعليمية

الإسلامية هي المستهدفة من إصدار هذا القانون.

4 - عدم الاعتراف بالشهادة التي تصدرها هذه المعاهد، أو التعاون معها بأي

شكل من الأشكال، ومعاملة الطلاب الذين يدرسون فيها معاملة العاطلين عن العمل

والدراسة، فيكونون عرضة للتجنيد الإجباري أكثر من غيرهم.

فالمعاهد القليلة المتبقية الآن تعد معاهد صورية؛ وذلك لأنه تم إفراغها من

المعلمين الأكفياء، وقلَّ عدد الطلاب الذين يدرسون فيها مقارنة بما كان عليه الحال

قبل سيطرة الجبهة الشعبية على حكم البلاد والعباد، ولعل الكتاتيب هي الوحيدة

التي لم يستهدفها النظام الحاكم مباشرة، ولكنها هي أيضاً تحت المراقبة والمتابعة

الشديدة، وقد يكون السبب في عدم تعرضها للإغلاق استهانة النظام بدورها؛ لأنها

في الغالب لا تعلِّم غير القرآن، ولا يدرك الصبي معاني كلمات القرآن التي يقرؤها،

ويبدو أن النظام يسير وفق تخطيط مرحلي وأسلوب خبيث ماكر؛ بحيث تكون

البداية المعاهد، وما هي إلا فترة زمنية محدودة ويأتي الدور على الكتاتيب أيضاً،

وهذا ما تشير إليه الدلائل في بعض مناطق إرتيريا؛ حيث عمد النظام إلى اختطاف

معلمي بعض الكتاتيب وسجنهم بحجج مختلفة حتى تبقى الخلوة بدون معلم، فتنتهي

تلقائياً دون أن يأمر النظام بغلقها مباشرة.

التعليم الإسلامي في معسكرات المهاجرين الإرتيريين بالسودان:

كان المهاجرون الإرتيريون الذين فروا بدينهم وأبدانهم من نير الاحتلال

الإثيوبي الصليبي في بداية الهجرة يلحقون أبناءهم بالكتاتيب والمدارس والمعاهد

السودانية، إلا أن أعدادهم أصبحت تزداد يوماً بعد يوم فكان لزاماً عليهم أن

يؤسسوا مؤسسات تعليمية تعنى بالعلوم الإسلامية في المناطق التي خصصت لهم،

فأسسوا كتاتيبهم ومعاهدهم ومدارسهم بجهودهم الذاتية، وكان أول معهد ديني يقام

في وسط المهاجرين في منطقة ود الحليو في عام 1396هـ = 1976م، وقد

توالت بعد ذلك في مناطق أخرى بسبب الهجرة المتزايدة يوماً بعد يوم.

وهناك نوعان من الكتاتيب في مناطق المهاجرين: أحدهما: كتاتيب عادية

تقام في وسط الأحياء يحضر إليها الصبي من منزله في الفترة الصباحية والمسائية،

وثانيهما: عبارة عن مراكز لتحفيظ القرآن تقام في وسط المعسكرات أو في مناطق

نائية، ويلتزم فيها الدارسون بالإقامة الداخلية في هذه المراكز غالباً، ويتفرغون

ليلاً ونهاراً لحفظ القرآن وتلقي بعض العلوم الشرعية، وتعتمد هذه المراكز على

تبرعات المحسنين من الداخل والخارج.

أما المعاهد الدينية فهي لا تختلف عن المعاهد التي في داخل إرتيريا القائمة

على الجهود الخاصة.

وقد أسهمت بعض المؤسسات في توسيع قاعدة التعليم الإسلامي في مناطق

المهاجرين، وذلك مثل جهاز التعليم الإرتيري الذي كان تابعاً لجبهة التحرير

الإرتيرية قوات التحرير الشعبية، حيث كان يشرف على أربعة معاهد دينية،

ويتحمل رواتب معلمي بعض الخلاوي القرآنية، بالإضافة إلى إقراره لمادة الدين

في مدارسه التي كانت تبلغ ستاً وعشرين مدرسة، وذلك قبل استسلامه للنظام

الحاكم في إرتيريا.

كما أسهمت بعض الجماعات والهيئات الخيرية في التعليم الإسلامي في تلك

المناطق كجماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان التي أسست مجموعة من المراكز

والمعاهد في كل من مدينة كسلا وبعض معسكرات اللاجئين، وقد تخرج فيها عدد

كبير من الإرتيريين تمكنوا من مواصلة دراساتهم الجامعية عبر منح دراسية في

مختلف الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي، وهناك أيضاً مؤسسة الحرمين

الخيرية في الآونة الأخيرة، وهيئة الأعمال الخيرية الإماراتية وهيئة الإغاثة

الإسلامية العالمية وغيرها من الجمعيات الأخرى، إلا أن أهم جمعية تقوم بالجهد

الكبير في هذا الصدد في الفترة الحالية هي جمعية الإحسان الخيرية.

جمعية الإحسان الخيرية:

وهي جمعية خيرية إسلامية تعمل في مجال الدعوة والتعليم والإغاثة في

أوساط المهاجرين الإرتيريين بشرق السودان وداخل إرتيريا، تأسست عام 1414

هـ ومن أهم أهدافها نشر الإسلام، وتربية النشء على تعاليم الدين عبر إنشاء

المؤسسات التعليمية المختلفة، ومن أجل تحقيق أهدافها هذه قسمت أعمالها إلى

مجموعة من الشُّعَب أهمها شعبة التعليم التي تحوي قسمين:

- قسم التعليم المنظم: ويشرف على مدرسة ثانوية، وثلاث مدارس ابتدائية

ومتوسطة أخرى، ومعهد لإعداد حفظة القرآن، وستة معاهد للبنات.

- قسم المراكز والخلاوي: ويشرف على ثلاثة وعشرين مركزاً لتحفيظ

القرآن وتعليم بعض العلوم الشرعية، وقد خرَّجت هذه المراكز حوالي سبعمائة

حافظ متقن، ولها أيضاً تسعة عشر مركزاً نسوياً بلغ عدد الحافظات اللواتي تخرجن

فيها سبعين حافظة، كما يشرف هذا القسم على عدد من الخلاوي تربو على التسعين

خلوة، ويبلغ مجموع الطلاب الذين تشرف عليهم الجمعية الآن حوالي 10280

منهم 4860 طالبة، يقوم على تعليمهم وتربيتهم مجموعة خيرة من المعلمين والدعاة

والمقرئين من خريجي الجامعات الإسلامية وغيرهم، وتكفل منهم الجمعية وحدها

حوالي 332 معلم وداعية ومقرئ.

وقد أثمرت هذه الجهود بفضل الله تعالى ثمرات عظيمة يلمسها كل من عايش

وضع المهاجرين الإرتيريين في السودان منذ بداية هجرتهم حتى هذا اليوم؛ حيث

ترسخت العقيدة الصحيحة في نفوس النشء، والشباب، وأصبحت الآثار واضحة

في سلوك أفراد المجتمع الإرتيري المسلم المهاجر في السودان ومواقفهم.

ولم تتوقف جهود الجمعية على الجانب التعليمي فقط، بل تقوم بجهود دعوية،

واجتماعية، ومشروعات خيرية متنوعة.

إلا أن هذه الجهود ما زالت معرضة للمخاطر نظراً لاعتمادها على الزكوات

والهبات والمعونات غير الثابتة التي يتبرع بها المحسنون، والمؤسسات الخيرية

التي لا تؤمّن لنفسها مصادر دخل ثابتة؛ فإنها معرضة في أي لحظة لانحصار

نشاطها أو الانهيار تماماً لا قدر الله وهذا ما يدعو المرء لدعوة الغيورين من أبناء

الأمة الإسلامية وبخاصة القادرين منهم على أن يسهموا بإسهمات كبيرة تجعل هذه

المؤسسات تعتمد على مصادر ثابتة من خلال مشاريع استثمارية أو أوقاف ثابتة

يستفاد من دخلها على المدى البعيد بشكل مستمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015