مجله البيان (صفحة 3425)

ماذا يريدون من المرأة..؟ !

أساليب تغريب المرأة وآثارها

محمود كرم سليمان

الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على رسوله. وبعد:

فإن فساد المرأة فساد للأسرة كلها وللمجتمع بأسره لما له من أثر عميق على

الناشئة والشباب، ولعل أبرز ما نراه اليوم هو هذا التخطيط المرسوم بدقة والذي

أخذ طريقه إلى المدارس والجامعات فأدى إلى تغريب المرأة وعلمنتها وابتعادها عن

دينها.

كما أصبح الإعلام الحديث بجميع ألوانه سلاحاً يفتك بالمرأة ويغريها على

الفساد خاصة أنه قد بلغ من الإبداع والتأثير قدراً كبيراً جعل من المستحيل مقاومة

إغرائه، وقد اعتمد هذا الإعلام في معظم برامجه ومصنفاته الفنية والإعلانية

اعتماداً محورياً على مظهر المرأة ومفاتنها سواء أكان في التلفاز أو الإذاعة أو

الصحف والمجلات أو الإنترنت مؤخراً.

ولا شك أن الانحراف الخطير الذي تردت فيه المرأة قد أصبح ظاهرة واضحة

في المجتمع تشهد عليه تلك الآثار المستشرية في كافة مناحي الحياة الاجتماعية

والثقافية والاقتصادية والسياسية، فضلاً عن خروجه عن مبادئ الدين الصحيح

وتعاليمه الأخلاقية والإيمانية.

ولا يخفى على الناظر البصير أن هذه الظاهرة في معظمها هي ثمرة

لمخططات الاستعماريين والعلمانيين التي وضعت بهدف إفساد المجتمع وتفريغه من

المقومات المستمدة من دينه القويم وتراثه الخالد، وبذلك فَقَدَ قدرته على التماسك أمام

ضربات الاستعمار الغربي وأصبح لقمة سائغة له.

وقد توسلت هذه المخططات بعديد من الشعارات الزائفة البراقة التي تتخفى

تحت مبدأ مساواة المرأة بالرجل وتحرير المرأة من قيود الدين والعرف.

وإمعاناً في إتمام هذه الخطة الخبيثة تم وضع عملاء من أمثال (مرقص فهمي)

الذي أصدر كتاب (المرأة في الشرق) ، ونادى فيه المرأة إلى رفع الحجاب ...

والاختلاط بمحافل الرجال، وهاجم فيه أحكام الشريعة الإسلامية التي تحرِّم زواج

المسلمة بغير المسلم ودعا إلى التمرد على هذه الأحكام.

وفي عام 1911م تأسس في مصر (حزب بنت النيل) الذي طالب بتحرير

المرأة من الحجاب وتقييد الطلاق وكان من قياداته القديمة درية شفيق، وأمينة

السعيد وغيرهما.

وفي عام 1913م دعيت هدى شعراوي لحضور مؤتمر الاتحاد النسائي

الدولي بروما، وكان من توصياته: العمل على تعديل قوانين الطلاق لوقفه، ومنع

تعدد الزوجات، وتقرير حرية المرأة في السفور والاختلاط.

وأصدر قاسم أمين كتابه: (المرأة الجديدة) الذي نادى فيه بالاتجاه الأعمى

إلى تقليد الغرب فكرياً واجتماعياً، وعلى دربه سار سعيد عقل ولويس عوض

ولطفي السيد ونجيب محفوظ، وعديد من أعضاء المحفل الماسوني، ومن الشعراء

صادق الزهاوي، ونزار قباني وغيرهم.

ومما زاد الطين بلة قيام زعيم وطني بتمزيق النقاب من فوق وجه فتاة مسلمة

في أكبر ميدان في مصر، كما أمر زوجته بحرق الحجاب أمام الجمهور.

ومن فضل الله تعالى أن قيَّض للأمة الإسلامية في هذا الوقت علماء مجاهدين

وقفوا بكل قواهم لصد هذه المخططات ولتفنيد هذه الدعوات المشبوهة مما كان له

أثره في التخفيف من مساوئها.

الآثار التي ترتبت على إفساد المرأة:

أولاً: مؤشرات عامة تظهر عمق ما أصيبت به المرأة والمجتمع:

1- البعد عن الدين: وذلك بعدم معرفتها لعقيدته السمحة وفروضه وسنته

وشريعته العادلة وأخلاقه الرشيدة، وكذلك عدم الالتزام بأداء العبادات من صلاة

وصيام وزكاة وحج وعمرة وذكر وتلاوة وحفظ للقرآن الكريم واستغفار وحمد لله

تعالى ودعاء وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. ...

وقد تمرد بعضهن على تعاليم الدين وتنكرن لعقائده وعباداته وأحكامه مخالفات

لقول الله تعالى: [ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ويُقِيمُوا

الصَّلاةَ ويُؤْتُوا الزَّكَاةَ وذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ] [البينة: 5] .

2- اتباع الشيطان وهوى النفس: وبذلك تمرغت في أوحال الفسوق

والانحلال، وسارت خلف نوازع النفس الأمارة بالسوء، وانطبق عليها قول الله

تعالى: [ومَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ] [القصص: 50] ،

وأنكرت قوله تعالى: [فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وقُلْنَ قَوْلاً

مَّعْروفاً (32) وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى] [الأحزاب:

32، 33] وقد ورد عديد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا

الصنف من النساء نذكر منها:

عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: (إياكم وخضراءَ الدمن! قالوا: وما

خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء) [1] .

روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة استعطرت

فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية) [2] .

وروى كذلك: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال

بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) [3] .

3- التنكر للآداب الدينية: مثل الحجاب وغض البصر وعدم الاختلاط

بالرجال إلا بضوابطها الشرعية؛ فهي لا تقيم وزناً لتعاليم الدين التي تنهى المرأة

عن الخروج كاشفة لملابسها الفاضحة، أو متزينة بالجواهر والحلي البراقة، أو

متعطرة، أو متحلية بالأصباغ في وجهها خارج بيتها حتى لا تفتن الرجال، وقد

روى أبو هريرة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار: أحدهما

نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا

يجدن ريحها) [4] .

4 - تضييع الوقت فيما يضر: فالوقت هو الحياة؛ وهذا الصنف من النساء

يقتلن وقتهن في السهر في الملاهي التي تغضب الله تعالى كمشاهدة الأفلام الخليعة،

وفي قراءة الكتب والصحف والروايات التي لا تراعي الآداب والأخلاق القويمة فيما

تنشر، وفي مجالس الغيبة والنميمة والتآمر على الفضيلة وإفساد ذات البين، وغير

ذلك من الآثام.

5 - مصاحبة أقران السوء: فالصحبة الفاسدة لها أثر كبير في نشر الفساد؛

فهي كعدوى الأمراض ينتشر خطرها بالاختلاط خاصة بين النساء والرجال كما

سبق ذكره.

6 - انشغال المرأة بالعمل والاشتراك في النشاط الاجتماعي والاقتصادي

والسياسي على حساب بيتها وأبنائها؛ والإسلام أباح للمرأة أن تعمل إذا الجأتها

الضرورات الاجتماعية إلى العمل لا أن يكون هذا نظاماً عاماً، وعليها حينئذ أن

تراعي الشروط التي وضعها الإسلام لإبعاد فتنة المرأة عن الرجل وفتنة الرجل عن

المرأة.

وقد أثبتت التجربة الغربية الآثار السلبية لعمل المرأة، ونذكر منها:

في الولايات المتحدة دخل المستشفى أكثر من 5600 طفل في عام واحد

متأثرين بضرب أمهاتهم العاملات لهم، ومنهم نسبة كبيرة أصيبوا بعاهات.

في مؤتمر للأطباء عقد في ألمانيا قال الدكتور كلين رئيس أطباء مستشفى

النساء: إن الإحصاءات تبين أن من كل ثمانية نساء عاملات تعاني واحدة منهن

مرضاً في القلب وفي الجهاز الدموي، ويرجع ذلك في اعتقاده إلى الإرهاق غير

الطبيعي الذي تعاني منه المرأة العاملة كما تبين أن الأمراض النسائية التي تتسبب

في موت الجنين أو الولادة قبل الأوان قد تعود إلى الوقوف لمدة طويلة أو الجلوس

المنحني أمام منضدة العمل أو حمل الأشياء الثقيلة، بالإضافة إلى تضخم البطن

والرجلين وأمراض التشوه) .

توصلت نتائج دراسات أذاعتها وكالات أنباء غربية في 17/7/1991م إلى

أنه خلال العامين السابقين هجرت مئات من النساء العاملات في ولاية واشنطن

أعمالهن وعدن للبيت.

نشرت مؤسسة الأم التي تأسست عام 1938 م في الولايات المتحدة الأمريكية

أن أكثر من 15 ألف امرأة انضممن إلى المؤسسة لرعايتهن بعد أن تركن العمل

باختيارهن.

في استفتاء نشرته مؤسسة أبحاث السوق عام 1990م، في فرنسا أجري

على 2.5 مليون فتاة في مجلة ماري كير كانت هناك نسبة 90% منهن ترغبن العودة إلى البيت لتتجنب التوتر الدائم في العمل ولعدم استطاعتهن رؤية أزواجهن وأطفالهن إلا عند تناول طعام العشاء.

وفي الولايات المتحدة 40% من النساء العاملات، وفي السويد 60 %

منهن، وفي ألمانيا 30%، وفي الاتحاد السوفييتي (سابقاً) 28 % يعانين من التوتر والقلق وأن نسبة 76% من المهدئات تصرف للنساء العاملات.

أما في الاتحاد السوفييتي فقد ذكر الرئيس السابق (جورباتشوف) في كتابه

عن البروستريكا أن المرأة بعد أن اشتغلت في مجالات الإنتاج والخدمات والبناء

وشاركت في النشاط الإبداعي لم يعد لديها وقت للقيام بواجباتها اليومية من أعمال

المنزل وتربية الأطفال.

وأضاف قوله: (لقد اكتشفنا أن كثيراً من مشاكلنا في سلوك الأطفال والشباب

وفي معنوياتنا وثقافتنا وإنتاجنا تعود جميعاً إلى تدهور العلاقات الأسرية، وهذه

نتيجة طبيعية لرغبتنا الملحة والمسوَّغة سياسياً بضرورة مساواة المرأة بالرجل) .

وفي دول الخليج ظهرت مشكلة من لون آخر فقد زاد عدد المربيات

الأجنبيات بسبب عدم تفرغ الأم لرعاية أطفالها، ولو وضعنا في الاعتبار أن نسبة

كبيرة من هؤلاء المربيات غير مسلمات، وأن معظمهن يمارسن عباداتهن الخاصة

أمام أطفال المسلمين، وأسوأ من ذلك أنهن يزاولن علاقات جنسية مع أصدقاء في

منازل مخدوميهن بالإضافة إلى احتسائهن للخمر وتدخين السجائر بمصاحبة الأطفال ... ... ومن ذلك ندرك حجم الخطر الذي يهدد الأسرة المسلمة بسبب تحرر المرأة من

تعاليم دينها وإهمالها لواجباتها نحو أولادها وبيتها.

ثانياً: مشكلات أصابت الأبناء من الجنسين:

وهذه مشكلات تشاهد في الجيل الجديد منذ الطفولة حتى من الشباب وتشمل

مشكلات تربوية ومشكلات تعليمية وثقافية.

فالمرأة الصالحة ذات الدين إذا كانت زوجة ولها أبناء تؤدي واجبها في تربية

الأبناء ورعايتهم بما توفره للأسرة من سعادة، فينشأ الأبناء في رعايتها نشأة سليمة

بدنياً ونفسياً وثقافياً بحيث يلتزمون بالعقيدة الصحيحة ويمارسون العبادة لله الخالق

العظيم على أكمل وجه، ويتمسكون بالأخلاق الحميدة والسلوك السوي والصراط

المستقيم والبر والتقوى.

أما النساء المنحرفات فهن محضن لكل فساد، وقدوة سيئة لأبنائهن في كل

نواحي الحياة وفي كل أعمارهم منذ طفولتهم؛ فهم لا يكتسبون منهن إلا القيم الفاسدة

والعادات السيئة والصفات الذميمة، وهن يتركنهم بدون الرقابة الواجبة ولا التوجيه

الرشيد؛ حيث تربيهم الخادمات الجاهلات أو المربيات الأجنبيات فيغرسن فيهم

أسوأ الخصال وأرذل القيم؛ ولذلك آثار لا تمحى في أعماق نفوس الأبناء تلازمهم

في مستقبل حياتهم مما يكون له نتائج لا شعورية في كل سلوكهم، وقد يؤدي إلى

إخفاقهم في الدراسة والعمل بل في تكيفهم مع المجتمع.

أما دور الأم في تعليم أولادها وبناتها خاصة قبل سن التعليم فهو في غاية

الأهمية؛ فإن الطفل يخرج إلى الحياة مجرداً عن العلم بأي شيء؛ تأمل قول الله

تعالى: [واللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ

والأَبْصَارَ والأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] [النحل: 78] ، والأم هي التي تقوم بتعليم

أطفالها استخدام هذه الأجهزة الربانية في الحركة والكلام والأكل والإمساك بالأشياء

واللعب، كما يتعلمون من الأم والأب وغيرهم من المصاحبين لهم اللغة، ويعرفون

بالسماع أسماءهم التي ينادون بها، ثم يلي ذلك تعلم القراءة والكتابة البسيطة والنطق

الصحيح للألفاظ ويحفظون اسم الله تعالى ومبادئ الدين.

وهذا الدور الهام لا يمكن أن تؤديه الأم المنشغلة عن أولادها التي تقضي وقتها

خارج بيتها، كما لا تصلح له الأم الجاهلة بأمور دينها ودنياها وبواجباتها نحو

أطفالها.

وعندما يجتاز الأطفال هذه المرحلة يكون دور الأم في تحصيل أبنائها العلمي

مساعداً لدور المدرسة؛ فهي تعاونهم على أداء واجباتهم الدراسية في المنزل كما

تهيئ لهم الأجواء المناسبة في البيت للشعور بالراحة والأمان والحنان والحب مما

يكسبهم الثقة في النفس والتفاؤل والثقة في المستقبل، كما تتولى الأم الإجابة على

تساؤلات أبنائها في هذه المرحلة التي يكونون فيها دائمي السؤال عن كل ما يخطر

على بالهم؛ ويتوقف على مدى صواب إجابات الأم امتلاء عقولهم وقلوبهم بحقائق

الحياة وتعرفهم على الفرق بين الحق والباطل والخير والشر والخطأ والصواب.

وأهمية دور الأم في هذه المرحلة في تعليم أبنائها دينهم ومراقبة ممارستهم

للعبادات والتزامهم بالسلوك والأخلاق التي يحض عليها الإسلام وتعريفهم تعاليم

الدين المتعلقة بالمجتمع وآدابه في كل شيء؛ وذلك استكمالاً لمقررات الدين في

المدرسة ومراقبة تطبيقهم لهذه المعارف والآداب. وهناك أمور تحتاجها الفتاة من

الأم تختص بها دون الولد تعتمد على علم الأم بها واهتمامها بها بتبليغ بناتها بها في

الوقت المناسب وتدريبهن عليها، نذكر منها ما تحتاجه البنت من معلومات عند

البلوغ وواجباتها الخاصة في تدبير المنزل وخدمة الأسرة لتعرف حقوق الزوج

والأبناء والبيت عندما تتزوج.

وهذه الواجبات السابق ذكرها لا يمكن أن تؤديها الأم الفاسدة، أضف إلى ذلك

أن فساد عقيدة الأم يؤدي إلى دفع أولادها نحو الالتحاق بالمدارس الأجنبية ومن ثَمَّ

بالثقافة الغربية مما يكون له أثر بالغ في نشأة شخصيتهم غريبة عن مجتمعهم

ودينهم.

ثالثاً: مشكلات أصابت الرجال من أزواج وأقارب كما أصابت المجتمع كله:

1- تأثيرها على الزوج:

حيث قد يدفعه فسادها إلى ارتكاب المعاصي وإلى طريق الشيطان والبعد عن

الصراط المستقيم، كما أن عدم التزامها بالحجاب وتبرجها أمام الرجال يثير سخط

زوجها وغيرته عليها مما يكون له أثره في ارتكاب الزوج لردود أفعال لجنون

الغيرة غير محمودة العواقب.

والمرأة التي لا تحترم الحياة الزوجية تضر بالأسرة وتهدد بتحطيمها بالطلاق

أو بإهمال الرجل لبيته أو بالاتجاه إلى زوجة أخرى، أو الهروب إلى المقاهي ودور

اللهو؛ وكثيراً ما تكون سبباً في إدمانه للتدخين والمخدرات والمسكرات.

ومشكلة الطلاق في الغرب تعبر عن هذه الظاهرة في بلاد تعيب على الإسلام

إباحته للطلاق؛ فقد بلغت نسبة الطلاق إلى عدد الزيجات في السويد 60%، وفي

الولايات المتحدة الأمريكية 40%، وفي ألمانيا 30%، وفي الاتحاد

السوفييتي 28 %، وفي فنلندا 14%. ونذكر هذه الدراسة التي نشرتها مجلة شتيرن من ألمانيا أن ثلثي الراغبات في الطلاق في فرنسا يمارسن عملاً خارج البيت

وأن 22% من حالات الطلاق في ألمانيا نتيجة الخيانة الزوجية، و10% منها ... لأسباب جنسية، و 10% منها بسبب الإدمان.

أما في العالم العربي فقد وصلت مشكلة الطلاق إلى حجم غير مألوف مما

يحتاج إلى دراسة مستقلة.

ومن المشكلات الاجتماعية عزوف المرأة عن الإنجاب؛ حيث لا ترغب في

تحمل متاعب الحمل والوضع؛ وقد يدفعها ذلك إلى الإجهاض، وقد تقصر المرأة

العاصية في تلبية حاجات زوجها الجنسية مما يؤدي به إلى الزنا أو الشذوذ.

وقد يؤثر ذلك على صحة الزوج بدنياً ونفسياً، ويجعله عرضة للأمراض

الجنسية والنفسية وغيرها.

قد تدفع المرأة إلى انحراف زوجها مالياً لكي يحقق الثراء والكسب الحرام

تلبية لمطالبها من الملابس الفاخرة والمجوهرات والسهرات الماجنة والحفلات

الصاخبة.

2 - تأثيرها على الرجال من الأقارب والآخرين:

المرأة التي لا تلتزم بتعاليم دينها في الحجاب وعدم الاختلاط بالرجال لها

خطر عظيم على مجتمع الرجال، لذلك فقد حرص الإسلام على أن يباعد بين

الجنسين إلا بالزواج لما يتبع هذا الاختلاط والتبرج من ضياع للأعراض وخبث

للطوايا وفساد للنفوس وتهدم للبيوت وشقاء للأسر.

وقد لوحظ في المجتمعات المختلطة بين الجنسين طراوة في أخلاق الشباب

ولين في الرجولة إلى حد الخنوثة والرخاوة.

والمرأة التي تخالط الرجال تتفنن في إبداء زينتها ولا يرضيها إلا أن تثير في

نفوسهم الإعجاب بها؛ ولذلك أثره في الإسراف في تكاليف التبرج والزينة المؤدي

إلى الخراب والفقر.

ويترتب على ذلك انتشار الفحشاء والزنا والأمراض المصاحبة لها في الدنيا،

وفي الآخرة عذاب عظيم لمخالفة تعليم رب العالمين نذكرمنها قول الله تعالى: [قُل

لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ويَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا

يَصْنَعُونَ (30) وقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ ولا يُبْدِينَ

زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ

لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي

إخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي

الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ولا يَضْرِبْنَ

بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وتُوبُوا إلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ

تُفْلِحُونَ] [النور: 30، 31] .

وقوله تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ

عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ] [الأحزاب: 59] .

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم عن ربه عز وجل: (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها مخافتي

أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه) [5] .

وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: (إياك والخلوة بالنساء! والذي نفسي بيده! ما خلا رجل بامرأة إلا دخل الشيطان بينهما، ولأن يزحم رجل خنزيراً ملطَّخاً بالطين خير له من أن يزحم منكبيه منكب امرأة لا تحل له) [6] .

أخرج النسائي: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت

فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية) [7] .

وإثم مخالفة تعاليم الله تعالى لا تقف على النساء فقط بل على المخالفين من

الرجال؛ ولا يعذرون عند الحساب لا في الدنيا ولا في الآخرة بأنهم كانوا فريسة

لفساد النساء ولغواية الشيطان بعد أن حذرهم الله تعالى.

3 - تأثيرها على المجتمع كله:

هذه المشكلات التي تهز اليوم أركان الأسرة والمجتمع بشدة كمشكلة

الاغتصاب وخطف الفتيات والأطفال غير الشرعيين وأولاد الشوارع كلها من آثار

فساد المرأة. وقد ظهر حديثاً ظاهرة انتشار ما يسمى بالزواج العرفي الذي وضع

الأسرة أمام مشكلات جديدة تضع غطاءاً يخفي الفساد الاجتماعي الناتج عن انحراف

الفتيات ويؤثر على مستقبل الأجيال القادمة.

كما زادت نسبة جرائم الأحداث والتشرد والتسول والأطفال المعاقين وهي

نتيجة لتحطم الأسرة الفاسدة وانحراف الزوجين وإهمال الأبناء.

وأخيراً:

هناك مشكلات اقتصادية تؤثر على المجتمع ترتبت على انحراف المرأة

العاملة فضلاً عن انخفاض إنتاجيتها؛ فإنها تؤثر على إنتاجية زوجها وأولادها

العاملين وتعوق تفوقهم في العمل وتفرغهم للإنتاج؛ ولذلك أثره المدمر على

الاقتصاد الوطني.

وختاماً فإن الحمد والفضل لله تعالى الذي أنزل للإنسانية كتابه الكريم الذي فيه

شفاء لكل أمراضها وعلاج لكل مشكلاتها وهداية لها من الضلال. وقال عز وجل:

[يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ ويَعْفُو

عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ

سُبُلَ السَّلامِ ويُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإذْنِهِ ويَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ]

[المائدة: 15، 16] ، كما تكفل عز وجل بحفظه إلى يوم الدين؛ حيث قال: [إنا

نحن نزّلنا الذَكر وإنا له لحافظون] [الحجر: 9] .

وذلك يبعث الأمل في الإصلاح بالرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله

صلى الله عليه وسلم والتمسك بهما والعودة إلى المجتمع الإسلامي الفاضل.

ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان ويوفقنا إلى طاعته ذكوراً وإناثاً وبذلك

يتحقق صلاح الأمة بأسرها في الدنيا وتنال رضوان الله تعالى في الآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015