كلمة صغيرة
مع تكرار الأحداث الدامية في الشيشان كانت كل صور المأساة مكررة:
المكان مكرر، والشعب المذبوح مكرر، والعدو الحاقد، القتل والتهجير والهدم
والخراب مكرر، إلا أن الشيء الوحيد الذي لم يتكرر هو انفعال المسلمين مع
الأحداث، وهو ما يثير التساؤل: لماذا لم نتفاعل مع الأحداث الجارية في
(الشيشان) بالدرجة نفسها التي تفاعلنا بها مع (الشيشان) قبل ذلك! ؟ ولماذا كان
التفاعل أكثر مع أحداث كوسوفا برغم أن جميع الأحول متطابقة على الجانبين؟
أنقول بأننا قد اعتدنا على تكرار المآسي، ومشاهد القتل والتهجير وتدمير
المدن؟ أم تبلدت أحاسيسنا فلجأنا إلى الحوقلة والاسترجاع؟
لا نبرئ أنفسنا من هذه العادة السيئة؛ فها هي ذي القضية الفلسطينية بمآسيها
المتكررة قد اعتدنا عليها، ولم نعد نتفاعل معها.
إن درجة التفاعل مع الأحداث - ويا للأسف - مرتبطة بشكل كبير بحجم
العرض الإعلامي؛ فكلما ضغط الإعلام بصوره وتقاريره، وتضخيمه للحدث كلما
كان تفاعلنا أكثر، والعكس بالعكس.
لا زلنا نذكر أن تفاعلنا مع مأساة الصومال كان إيجابياً، ثم تلاشى عندما
انتهى العرض الإعلامي، وما زالت المأساة الصومالية مستمرة مكررة بشتى
صورها وفصولها.
إننا نخشى أن يكون تفاعلنا وتأثرنا بالأحداث، كذاك الذي يشاهِدُ عرضاً
سينمائياً درامياً فيتأثر ويبكي إلى أن ينتهي العرض!
إننا نحتاج إلى إعادة النظر بشكل جاد في هذه المأساة الجديدة والمتكررة
للمسلمين، ولا نقول مأساة الشيشان أو الصومال وكشمير فحسب، وإنما مأساة
(انفعال الصورة) .